أنا متصور إن السماء ابتدا يصعب عليها المصريين، فلو شاءت إرادة ربنا إن أنا أكون في الموقع ده، إن شاء الله هيكون أمر ليه العجب.
الرئيس «السيسي» أثناء حملته الانتخابية

في الذكرى الرابعة لـ 30 يونيو/حزيران 2013، أقر مجلس الوزراء عددا من القرارات الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن المصري وتزيد من معاناته. فقد نشرت الجريدة الرسمية قرار الحكومة المصرية برفع أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي اعتبارا من صباح يوم الخميس الموافق 29 يونيو/حزيران 2017. بحيث رُفِعَت أسعار البوتاجاز وبنزين 80، و92، و95 بنسبة 100% و55%، و43%، و10% على التوالي.

هذه الزيادة في أسعار الوقود هي الثالثة من نوعها في عهد السيسي، وقد جاءت على خلفية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول عل الدفعة الثانية من القرض البالغة قيمته 12 مليار دولار، لتمويل برنامج إصلاح اقتصادي يستهدف تخفيض عجز الموازنة وتقليل معدلات الدين العام.

هذه الإجراءات الإصلاحية التي أقدم السيسي على اتخاذها، لطالما عجز سابقوه عن الإقدام عليها، سواء «السادات» الذي تراجع عن قرار رفع الأسعار إثر انتفاضة الخبز عام 1977، أو «مبارك» الذي لم يجرؤ يوما على المساس بالدعم.

طالب السيسي المصريين بالصبر لمدة عامين فقط، وسيرون من الإنجازات ما يجعلهم في حالة ذهول، ليتساءلوا كيف وصلت مصر لهذه الحال، قائلا: «سنتين كمان وهتستغربوا مصر بقت كدة إزاي»، وفي افتتاح السيسي لعدد من المشروعات في بورسعيد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، طالب المصريين بالصبر لمدة 6 شهور إضافية فقط، «والحال هيتعدل»، على حد قوله.

فهل تحققت وعود السيد الرئيس؟ وكيف أثرت قراراته الجريئة على الاقتصاد المصري وعلى حياة المصريين؟


تطور أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية

1. عجز الموازنة العامة

بلغ عجز الموازنة العامة المصرية 13.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013، ومع مضي الحكومة قدما في تطبيق سياساتها التقشفية يتوقع رئيس الحكومة شريف إسماعيل أن يتراوح عجز الموازنة العامة خلال السنة المالية الجارية، التي من المقرر أن تنتهي اليوم، بين 10.5% و 10.7% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن سجل 12.2% خلال العام المالي الماضي.

2. الدين العام

بلغت ديون مصر الداخلية والخارجية تريليونا و887 مليار جنيه عيشة عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، ومع نهاية مارس/آذار 2015 قفز الدين العام ليبلغ تريليونين و305 مليارات جنيه، وفقا لبيانات البنك المركزي.

وفي أبريل/نيسان الماضي أعلن البنك المركزي ارتفاع الدين العام ليصل إلى 3 تريليونات جنيه، ومع نهاية العام المالي الجاري من المتوقع أن يرتفع الدين العام ليصل إلى 3 تريليونات و 22 مليار جنيه مصري، مسجلا ارتفاعا قدره 22 مليار جنيه خلال ثلاثة أشهر فقط.

هذه البيانات تشير إلى ارتفاع الدين العام بنسبة 60% منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي حتى الآن. ومن الجدير بالذكر أن الدين العام يبلغ حوالي 130% من الناتج المحلي الإجمالي.

3. معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي

ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري من 2.1% خلال العام المالي 2012-2013 إلى 4.3% خلال العام المالي 2015-2016، ومن المتوقع انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4% فقط خلال العام المالي الجاري، وذلك بسبب تراجع الاستهلاك الذي يعد المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد المصري.

4. معدل التخضم

بلغ معدل التضخم 7.5% خلال عام 2012، وهو أدنى مستوى له على مدى الخمس السنوات السابقة لذلك العام، خلال عام 2013 ارتفع معدل التضخم ليصل إلى 10.3% إثر انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية خلال ذلك العام، ثم أخذ معدل التضخم في الارتفاع منذ عام 2013 حتى بلغ أعلى مستوى له منذ الثمانينيات في أبريل/نيسان الماضي بنسبة 31%.

هذا الارتفاع التاريخي في معدل التضخم في مصر جاء على خلفية تحرير سعر صرف الجنيه المصري في نوفمبر الماضي، بالإضافة إلى رفع أسعار الطاقة غير مرة، وتطبيق قانون القيمة المضافة. ومن ثم من المتوقع ارتفاع معدل التضخم ليصل إلى 35% خلال الفترة المقبلة، إثر رفع أسعار الوقود التي جرت بالأمس.

5. العملة وسعر الفائدة

في إطار الحديث عن معدلات التضخم لا يسعنا إلا الحديث عن قيمة الجنيه المصري وأسعار الفائدة، في أوائل عام 2013 بلغ سعر صرف الدولار 7 جنيهات مصرية. مرتفعا إلى 8.8 جنيه عشية تعويم سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقد فقد الجنيه المصري أكثر من 50% من قيمته بين ليلة وضحاها، ليصل سعر الدولار إلى قرابة العشرين جنيها في الأيام التالية للتعويم.

أما عن أسعار الفائدة فقد بلغت 8.75% و9.75% للإيداع والإقراض على التوالي في أغسطس/آب 2013، وقد رفعت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري سعر الفائدة ثلاث مرات خلال 2016 و2017، لتستقر أسعار الفائدة عند 16.75% و 17.75% للإيداع والإقراض على التوالي.


التنمية البشرية

1. معدل البطالة

انخفض معدل البطالة في مصر من 13.2% عام 2013 إلى 12.8% عام 2015، مواصلا الانخفاض ليسجل 12% خلال الربع الأول العام الجاري، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

لكن هذه النسب يثور حولها العديد من التساؤلات، خاصة مع صدور بعض الإحصائيات غير الرسمية التي تؤكد أن معدل البطالة في مصر يتجاوز الـ 25%.

2. الفقر

ارتفع معدل الفقر في مصر من 26.3% من إجمالي السكان خلال عام 2012-2013، إلى 27.8% عام 2015.

كما ارتفع معدل الفقر المدقع في مصر من 4.4% من السكان عام 2012 إلى 5.3% عام 2015.

ومن المتوقع أن ترتفع نسب الفقر بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، نظرا لارتفاع قيمة خط الفقر الدولي (دولاران) بعد تحرير سعر الصرف، ومن ثم نزول ملايين الأسر تحت خط الفقر، ناهيك عن تأثير معدلات التضخم على مستوى معيشة الفقراء.


مصر في المؤشرات الدولية

1. تقرير التنافسية العالمية

وهو التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والمنوط بتقييم المشهد التنافسي في 138 دولة حول العالم، يبني التقرير تقييمه على الممارسات التجارية والاستثمارية والابتكارية، وكذلك مدى الانفتاح على الاقتصاد العالمي، وكذلك درجة التنافسية داخل كل اقتصاد على حدة.

تراجع ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية عام 2016-2017 لتحل المرتبة رقم 115 عالميا، بعد أن كانت في المرتبة رقم 107 عالميا من حيث درجة التنافسية عام 2012-2013.

2. مؤشر مدركات الفساد

وهو المؤشر الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والمعني بترتيب الدول حول العالم حسب مدى تفشي الفساد فيها.

تحسن ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد كثيرا عام 2014، حيث احتلت المرتبة رقم 94 في قائمة الدول الأقل فسادا بعد أن كانت رقم 118 في 2012. أما في 2016 فقد تراجع ترتيب مصر مرة أخرى لتحتل المرتبة 108 عالميا.

3. تقرير التنمية البشرية

يصدر التقرير عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويقيس المؤشر مدى رفاهية الشعوب حول العالم، من حيث مستوى المعيشة والتعليم والصحة ومتوسط العمر.

احتلت مصر المرتبة رقم 111 عالميا في التقرير الصادر عام 2016، بينما كانت تحتل المرتبة رقم 112 عالميا عام 2013.

4. مؤشر سيادة القانون

احتلت مصر المرتبة الأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الـ 110 من 113 دولة في تقرير سيادة القانون الصادر عن مشروع العدالة العالمي عام 2016، كما احتلت مصر المركز رقم 36 عالميا من بين الدول الأكثر هشاشة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وفقا لمؤشر الدول الهشة الصادر عن صندوق السلام في 2016. هذا الترتيب يضع مصر بين الدول ذات التحذير العالي جدا، وفقا لتصنيف المؤشر.