بعد أن قدم السيد جيوفاني تراباتوني محاضرة عنيفة داخل غرفة ملابس يوفنتوس التسعينيات، والتي كانت أشبه بكواليس مسرح يضم أهم النجوم في إيطاليا، تقدم روبيرتو باجيو نحو زميله فرانشيسكو ألبرتيني في غرفة خلع الملابس، وبهدوء معتاد همس في أذنيه:

لا تقلق لن نخرج اليوم من الملعب قبل أن نذلهم إذلالًا يتوارثه أحفادهم في الجنوب، فقط مرر لي الكرة.

قبل أن تتساءل من هم أبناء الجنوب المعني بهم حديث باجيو، دعني أوضح لك أن تلك القصة السابقة هي محض خيال تام، أما إذا كنت قلقًا حيال ذاكرتك بخصوص اسم فرانشيسكو ألبرتيني؛ فدعني أطمئنك أن هذا الاسم هو مزيج من ملك روما فرانشيسكو توتي ولاعب ميلان في التسعينيات ديميتريو ألبرتيني.

لكن المميز هنا أن تلك القصة على الرغم من سطحيتها وعدم وضوح تفاصيلها فإنها من السهل أن تلقي رواجًا جيدًا بين محبي كرة القدم، والسبب ببساطة أن الجميع يحب الكواليس.

الأمر يتعدى مرحلة الفضول المنطقي نحو نجوم لهم أحباء بالملايين، لكن كرة القدم هي لعبة التفاصيل، وتلك التفاصيل قد تصنع بطل أو تطيح بآخر. لهذا يتمنى مشجعي كرة القدم دومًا أن يجدوا إجابات لأسئلة خمنوا إجاباتها طوال الوقت.

كيف يعيش اللاعبون تلك اللحظات التي تمر على المشجعين مثل دهر؟ كيف يتدخل المدرب ويعيد اللاعبين إلى صوابهم؟ وهل بالفعل هناك لحظات غيرت مصائر مباريات ولاعبين في غرف خلع الملابس؟

حسنًا دعنا نتجول في كواليس كرة القدم وننتقل من غرفة ملابس إلى أخرى دون أن نحتاج إلى أن نروي قصة مثل قصة باجيو على طريقة السيد مصطفى بكري، فقصص كرة القدم وخباياها الحقيقية ستكون كافية لضمان المتعة.

يبدو أنهم بالغوا بعض الشيء

يحمل المدربون على عاتقهم مسئولية ضخمة كما نعرف جميعًا؛ لذا يبدو جميعهم في حالة صراخ دائم، لكن أحيانًا يقرر أحدهم أن يستسلم لهذا الحماس للحد الذي يجعله خارج قواعد الآداب العامة تمامًا.

قرر مدرب ريال مايوركا السابق السيد خواكين كاباروس أن يفكر خارج الصندوق تمامًا لبث الحماس في نفوس لاعبيه، لكن على طريقته الخاصة. أظهر السيد كاباروس قبل مباراة حاسمة في الدوري الإسباني ضد أتلتيك بيلباو خلال موسم 2012/13 مقطع فيديو به صور من فيلم إباحي، ثم صاح في لاعبيه مشيرًا إلى الشاشة: «على أرض الملعب، علينا أن نلعب بقوة مثل هذا الرجل».

لم يفلح الأمر بالطبع وخسر مايوركا بهدف نظيف، ثم هبط إلى الدرجة الأدنى بعد ذلك خلال هذا الموسم.

أما المدرب الهولندي القدير لويس فان خال فقد ذهب به الحماس لأكثر من ذلك. كان فان خال قد أجرى تبديلين جريئين في المباراة السابقة خلال تدريبه لفريق بايرن ميونخ، وكان بحاجة لإخبار لاعبيه بأنه يمتلك الجرأة الكافية لاتخاذ قرارات من شأنها الإطاحة بأي لاعب؛ لأنه ببساطة يمتلك الرجولة الكافية لفعل ذلك، ولكي يثبت للاعبين أنه رجل جريء بشكل عملي قام بإسقاط سروالة تمامًا والوقوف عاريًا أمام اللاعبين.

كان أفضل تعليق على تلك القصة لمهاجم الفريق آنذاك الإيطالي لوكا توني:

لم أختبر شيئًا مثل ذلك من قبل، كان جنونًا خالصًا. أحمد الرب أنني لم أكن في الصفوف الأولى.

على الجانب الآخر هناك بعض اللقطات داخل غرف الملابس التي غيرت مصائر عدد من اللاعبين تمامًا.

فيرجسون وميدو وأشياء تتطاير

في اللحظة التي يعتقد فيها لاعب في صفوف مانشستر يونايتد أنه أكبر من المدرب عليه أن يرحل. في اللحظة التي يفقد فيها المدير سلطته لن تملك ناديًا. بل سيدير الأمور اللاعبون، ومن ثم ستكون في مأزق.
اليكس فيرجسون متحدثًا عن واقعة بيكهام

بعد أن خسر مانشستر يونايتد إحدى مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي خلال عام 2003 كان فيرجسون غاضبًا للغاية من أداء فريقه، وكان أكثر ما يغضبه هو أداء بيكهام السيئ.

كان بيكهام على بعد أمتار قليلة من فيرجسون وبينهما صف من الأحذية. اقترب فيرجسون نحو بيكهام ثم ركل أحد تلك الأحذية الذي طار بدوره ليصيب بيكهام فوق عينه. انتفض بيكهام وقام نحو فيرجسون إلا أن بقية اللاعبين منعوه من ذلك.

يؤكد فيرجسون من خلال الكتاب الذي يتناول سيرته الشخصية أنه كان على علم بمحادثات بيكهام، إلا أن ما أثاره آنذاك هو تخاذل بيكهام. ذهب بيكهام نحو مدريد بعد هذا الموسم بالفعل، وقد أعزى البعض هذا الانتقال لتلك الحادثة.

جميعنا نعرف قصة شجار ميدو وزلاتان الذي قام خلاله المهاجم المصري بإلقاء المقص الذي كان يستخدمه في نزع الضمادات عن كاحله نحو وجه إبراهيموفيتش مباشرة. لكن فقط عليك أن تتخيل شكل مسيرة ميدو لولا تلك الحادثة. كان ميدو واحدًا من المهاجمين الواعدين في العالم دون شك، لكن تلك القصة شكلت مبكرًا رحلته غير المستقرة.

أحاديث عاشت كثيرًا

لم يملك فريق تولوز من خيار سوى الفوز ضد فريق أنجيه خلال المباراة الأخيرة من الدوري الفرنسي عام 2016 لتفادي الهبوط للدرجة الأدنى. قرر مدرب الفريق باسكال دوبراز أن يبث في لاعبيه روح الانتصار والمسئولية، فقام بعرض فيديو عبارة عن رسائل دعم من أسر وأحباء اللاعبين، وحثهم لمحاولة مساعدة النادي وأنفسهم من أجل البقاء في الدوري.

انخرط معظم اللاعبين في البكاء وخلال المباراة استطاع أن يعود فريق تولوز في النتيجة مرتين ويفوز بثلاثة أهداف مقابل هدفين ويبقى في دوري الدرجة الأولى بالفعل.

شهد عام 2005 واحدة من أفضل مباريات النهائي لدوري أبطال أوروبا على الإطلاق. تقدم ميلان على حساب فريق ليفربول بثلاثة أهداف خلال الشوط الأول، ثم استطاع ليفربول العودة خلال الشوط الثاني والتعادل ثم الفوز بفضل ركلات الترجيح، وبين الشوطين كان هناك حديث ستيفن جيرارد.

انتهي رافا بينيتيز مدرب ليفربول آنذاك من حديثه ليفاجأ الجميع بأن كابتن الفريق ستيفن جيرارد يريد أن يكون رفقة اللاعبين بمفرده دون رافا نفسه. تحدث جيرارد عن ليفربول الذي تربى بداخله طفلًا ولا يقبل أن يراه مذلولًا على هذا النحو أمام الملايين. كل ما يحتاجه هذا الفريق هو التسجيل خلال الربع الساعة الأولى من الشوط الثاني ثم سيفوز ليفربول بالمباراة.

كان حديث جيرارد هو العامل الأهم في نفوس لاعبي ليفربول الذين سطروا التاريخ بالفعل خلال شوط لم ينساه أحد بعد ذلك.

اشتهرت كذلك محاضرة ألقاها مارسيلو بيلسا على لاعبي فريقه أولمبيك مارسيليا عقب هزيمتهم إزاء وجود شبهات تتعلق بأخطاء تحكيمية. تحدث بيلسا عن فكرة تقبل الظلم ومواصلة العمل الجاد مع اليقين بأن النتيجة ستقف بجوارك في النهاية. لم يفز بيلسا بالدوري، لكنه لم يسقط قط ولكي نعرف السبب سنبقى في الكواليس أيضًا.

دعنا نتسلل إلى مكتب بيب جوارديولا حيث يحتفظ الرجل بنص ينسب لمارسيلو بيلسا نفسه، والذي يلخص مدى أهمية هذا الرجل وقناعاته.

اللحظات التي تحسنت فيها في حياتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفشل، بينما اللحظات في حياتي التي تراجعت فيها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنجاح. كونك ناجحًا فإن هذا يريحك ويخدعك ويجعلك فردًا أسوأ، ويساعدك ذلك على الوقوع في حب نفسك.
أما الفشل فهو عكس ذلك تمامًا، فهو يشكلنا، ويجعلنا أكثر صلابة، ويقربنا من قناعاتنا، ويجعلنا أكثر تماسكًا.
كنت سعيدًا عندما استمتعت بكرة القدم للهواة، كنت سعيدًا عندما نضجت لأنني أحب وظيفتي. لدي حب عميق لكرة القدم. أعلم أن الفرح بعد الفوز يستمر لمدة 5 دقائق فقط، ثم هناك فراغ كبير وشعور بالوحدة يصعب وصفه.
لا تسمح أبدًا للفشل بأن يقلل احترامك لذاتك. عندما تفوز يمكن أن تكون رسائل الإعجاب التي تتلقاها مربكة، إنها تحفز حب الذات، ويمكن أن يشوهك ذلك. عندما تخسر، يحدث العكس تمامًا. المهم هو أن تكون نبيلًا مع كل الموارد التي تستخدمها.
نص منسوب لمارسيلو بيلسا ويحتفظ به جوارديولا داخل مكتبه.

حسنًا لن يسلم بيلسا رغمًا عن تلك الكلمات المؤثرة من قصصنا المثيرة داخل غرف الملابس. فمدرب ليدز الحالي أثناء تدريبه لمنتخب تشيلي وبعد خسارته لإحدى المباريات الهامة استلقى لنصف ساعة فوق طاولة تلقي العلاج عاريًا داخل غرفة الملابس الملاصقة لغرفة اللاعبين.

ألم أؤكد لك أن كواليس كرة القدم تمتلك الكثير من المشاهد العجيبة.