في تطور غير مسبوق، تعرض مطار أبو ظبي الدولي لهجوم مفاجئ صباح الإثنين أدى إلى اندلاع حريق في منطقة الإنشاءات الجديدة في المطار، ووقوع انفجار في صهاريج نقل محروقات بترولية مما تسبب في مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين بحسب ما أعلنته شرطة أبو ظبي. وأشارت التحقيقات إلى رصد أجسام طائرة صغيرة يحتمل أن تكون لطائرات بدون طيار التي شاركت في الهجوم.

بالفعل، خرجت ميليشيا الحوثي في اليمن لتعلن مسؤوليتها عن الهجمات، ونشرت وسائل إعلام مقربة من الميليشيا أن 20 طائرة مسيّرة و10 صواريخ بالستية طالت أهدافًا داخل الإمارات.

«لن يمر دون عقاب»

أدان وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، الهجوم، ونقلت وكالة أنباء الإمارات (وام)، تهديد الوزير للميليشيا بأن «هذا الاستهداف الآثم لن يمر من دون عقاب». وذكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها أن دولة الإمارات «تحتفظ بحقها في الرد»، واصفة العملية بأنها «جريمة نكراء أقدمت عليها ميليشيا الحوثي خارج القوانين الدولية والإنسانية»، داعية المجتمع الدولي إلى «إدانة هذه الأعمال الإرهابية». وقد أكد مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش في تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن «عبث الميليشيات الإرهابية باستقرار المنطقة أضعف من أن يؤثر في مسيرة الأمن والأمان» في الإمارات.

جدير بالذكر أن الحوثيين المدعومين من إيران احتجزوا مطلع الشهر الجاري سفينة الشحن الإماراتية «روابي» أثناء إبحارها قبالة السواحل اليمنية. وقال يحيى سريع، المتحدث باسم الميليشيا، إن السفينة تحمل «معدات عسكرية». في المقابل، نفى «التحالف العربي لدعم الشرعية» بقيادة الرياض هذه الاتهامات مؤكدًا أنها كانت تحمل مساعدات.

وسبق أن تحدث الحوثيون عن مهاجمة أهداف إماراتية في عامي 2017 و2018، وهددوا في 2019 بمهاجمة «عشرات الأهداف» في الإمارات تشمل مدينتي أبو ظبي ودبي، بعد أيام قليلة من مهاجمتهم لمنشآت شركة أرامكو النفطية بالسعودية، لكن لم تصل جرأة الميليشيات من قبل إلى الحد الذي وصلت إليه اليوم بمهاجمة الإمارات وإيقاع قتلى وجرحى.

وتصنف الإمارات رسميًا جماعة الحوثي على أنها منظمة إرهابية، كما أدرج مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قادة التنظيم على القوائم السوداء.

«إمارات الفزعة»

يأتي هذا الهجوم بعد هزائم تعرضت لها ميليشيا الحوثي في اليمن، إذ تم طردها من محافظة شبوة ودحرها في عدة مناطق بمحافظة مأرب التي حاولت اقتحامها لأشهر طويلة دون جدوى، وخسرت أعدادًا كبيرة من المقاتلين فضلاً عن العتاد الحربي والآليات على أطرافها.

وبيـَّن الحوثيون أن عمليتهم ضد أبو ظبي جاءت بسبب دعمها للتحالف العربي في اليمن. وبرر عضو المكتب السياسي للجماعة، محمد البخيتي، الهجوم بأنه جاء بسبب «عودة الإمارات للانخراط في العمليات العسكرية». وهدد نائب وزير الإعلام لدى الميليشيا، فهمي اليوسفي، بمواصلة استهداف كل المؤسسات الإماراتية العسكرية أولًا ثم الاقتصادية «إذا لم تنسحب الإمارات من اليمن».

 وتخوض الميليشيا معارك ضارية في محافظة مأرب ضد ألوية «العمالقة» المدعومة من الإمارات، والتي كانت الذراع الضاربة للقوات اليمنية البرية في معارك شبوة التي انتهت الأسبوع الماضي، وباتت تلك القوات رقمًا صعبًا في معادلة الحرب اليمنية، وتدخلت وحداتها عسكريًا لمواجهة الحوثيين في عدة محافظات.

ومنذ شهر، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارة لدولة الإمارات، التقى خلالها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد. أعقب الزيارة تحسن في المجهود العسكري للدولتين في الساحة اليمنية ضمن إستراتيجية جديدة لتعديل مسار الحرب و«معالجة اختلالات في الجبهة الداخلية» للتحالف العربي، حتى أن الفريق أول ركن مطلق الأزيمع الذي يقود القوات المشتركة في اليمن أطلق يوم السبت الماضي مسمى «إمارات الفزعة» مثمّنًا موقف أبو ظبي، قاصدًا أنها قدمت النجدة المطلوبة منها.

تمكن «العمالقة» الذين تشرف أبو ظبي على تدريبهم وتسليحهم، من دحر الحوثيين من محافظة شبوة بالتعاون مع ألوية الجيش اليمني، وسيطروا على المحافظة بالكامل التي تعد من أهم المحافظات النفطية بعد تحرير مديريتي عسيلان وبيحان، شمال غرب المحافظة، ضمن عملية عسكرية سُميت «إعصار الجنوب» في غضون أسبوع واحد تقريبًا، وهو وقت قياسي بالنظر إلى مجريات الحرب الممتدة منذ سبع سنوات.

أشاد التحالف بقيادة السعودية بانتصارات «العمالقة»، وأعلن إطلاق مرحلة جديدة من العمليات في اليمن تحت مسمى «حرية اليمن السعيد»، وهي مرحلة لن تقتصر على المجهود الحربي فقط بل ستشمل جهودًا لإعادة الإعمار بحسب ما أعلنه التحالف.

من هم «العمالقة»؟

بدأت ألوية «العمالقة» في التشكّل في العام 2015، من مناطق جنوب البلاد، بعد الإعلان عن تشكيل التحالف العربي المشترك وانطلاق عملية «عاصفة الحزم» لإعادة الحكومة الشرعية في اليمن، وانضم لها آلاف المقاتلين العقائديين من التيار السلفي ممن تم تهجيرهم من دماج، جنوب محافظة صعدة عام 2013، بعد حصار الحوثي للبلدة.

قاتل العمالقة في الساحل الغربي حتى كادوا يستولون على ميناء الحُديْدة الذي يعد رئة الحوثيين، عام 2018، لكن الحوثي أوقف الهجوم عبر إبرام اتفاق سلام في العاصمة السويدية ستوكهولم الذي لم يتم الوفاء بمخرجاته حتى اليوم.

مؤخرًا، نفذت القوات المشتركة التي تضم «العمالقة» انسحابًا مفاجئًا من الساحل الغربي لليمن ومن محيط مدينة الحديدة، وقام الحوثيون بالسيطرة على تلك المناطق، وأصدرت قوات العمالقة بيانًا أشارت فيه إلى أنها ترتب لخوض معارك مع الحوثيين في جبهات أخرى غير مشمولة باتفاق ستوكهولم الذي يقيد حركتها منذ سنوات، والتحمت بالقوات الحكومية في معارك شبوة ومأرب.