عندما تكون ثريًا، تعتاد على فعل كل التفاصيل بشكل مختلف. لا تحب المشي على أرضيات خالية من السجاد، ولا يعجبك بالتأكيد التنقل على سلالم كهربائية متحركة أقل لمعانًا من الذهب الخالص. الحصول على خدمة تافهة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر 1,000 رجل أو يزيد.

بهذه التفاصيل التي وصفتها الكاتبة نيها تاندون شارما بـ «الضروريات المطلقة»، لا يسع المرء إلا أن يتفق مع ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، الذي سافر رفقة 1,500 شخص، 1,764 رطلًا من الطعام، بخلاف كميات لا بأس بها من الأساس والسجاد، في أولى زياراته الخارجية إلى روسيا، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.

في تلك الزيارة، حل الضيوف السعوديون في فندقين عالميين: ريتز كارلتون وفور سيزونز، واللذين حجزتهما السعودية بالكامل، وطلبت إدارتا الفندقين من الضيوف إلغاء حجوزاتهم، حتى المقيمين الدائمين منهم.

المثير هنا أنه بعد كل هذا الاستعراض للثروة والتركيز على كل تفصيلة من الذوق، والأثاث، والطعام، والمصعد الذهبي الكبير المخصص، تعرض السلم الكهربي لخطأ ميكانيكي، ليضطر الملك بعد 30 ثانية لنزول الدرج.

ثروة التريليون ونصف

تبلغ ثروة العائلة المالكة السعودية أكثر من 1.4 تريليون دولار، بما يجعل الأسرة، التي يعود تاريخها إلى 334 عامًا، أغنى عائلة ملكية على وجه الأرض. قارنها بـ 88 مليار دولار هي إجمالي ثروة العائلة المالكة في بريطانيا لتدرك الفارق.

تأسست الدولة السعودية الأولى في 1687، على يد حاكم الدرعية، محمد بن سعود. وازدهرت المملكة في ظل التوجيه الروحي لمحمد بن عبد الوهاب. لكن شجرة العائلة على الموقع الرسمي لآل سعود تبدأ من عبد العزيز بن سعود، أول ملك في الدولة السعودية الثالثة..

وتتكون أسرة آل سعود الضخمة من 15,000 أمير، وفق بعض التقديرات تتوزع الثروة عليهم جميعًا. وإن كان حوالي 2,000 منهم فقط يشكلون النخب الحاكمة للعائلة.

مصدر دخل الأسرة الرئيسي هي شركة أرامكو، التي تملك حكومة السعودية 98.2٪ منها، والتي تتحكم في الكمية الهائلة من احتياطيات النفط في شبه الجزيرة العربية. وتقدر قيمتها حاليًا بتريليوني دولار تقريبًا، بما يجعلها الشركة الأكثر قيمة في العالم. 

ويعيش أفراد عائلة آل سعود المالكة أسلوب حياة فاخرًا للغاية؛ إذ يعيش الآلاف من الأمراء السعوديين أنماط حياة مترفة بعيدًا عن المملكة، في الريفيرا الفرنسية، وفي أماكن العطلات الخاصة في إسبانيا؛ حيث يمتلكون قصورًا في فرنسا، وحسابات بنكية سويسرية، وبعض أكبر اليخوت في العالم.

وبينما تقدر ثروة الملك سلمان الشخصية بـ 17 مليار دولار، فإنه ليس الأغنى «نظريًا» في تسلسل أثرياء العائلة المالكة. على الأقل ليس قبل الأمير الوليد بن طلال، الذي كانت ثروته بـ 28 مليار دولار، قبل «حملة الفساد» التي قادها ولي العهد محمد بن سلمان.

لستُ غاندي ولا مانديلا

 يتصدر ولي العهد المجموعة، بعدما أنفق ذات مرة 500 مليون دولار على يخت، و 300 مليون دولار على قصر فرنسي، و450 مليون دولار على لوحة ليوناردو دافنشي.

في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة على سي بي إس نيوز الأمريكية، اعتبر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن موارده المالية «مسألة خاصة»، وأنه لا يحتاج إلى الاعتذار عن أسلوب حياته المترف.

أنا شخص ثري. أنتمي للأسرة الحاكمة التي يمتد تاريخها لمئات السنين قبل تأسيس المملكة العربية السعودية. نملك مساحات شاسعة جدًا من الأراضي. لست فقيرًا. ولست غاندي أو نيلسون مانديلا
محمد بن سلمان

وقال ابن سلمان، إن جزءًا كبيرًا من ثروته يذهب إلى الأعمال الخيرية: «أنفق 51% على الأقل على الناس و49% على نفسي».

ويملك ابن سلمان ما تصفه مجلة Fortune بـ «أغلى منزل في العالم، بعدما اشترى قصر لويس الرابع عشر في فرنسا، عام 2015، بأكثر من 300 مليون دولار. يتميز المنزل بنافورته المكسوة بالذهب، وتماثيله الرخامية، ومتاهات مصممة بعناية في حديقة تتجاوز مساحتها 57 فدانًا. 

وبحسب نيويورك تايمز، اشترى الأمير الشاب القصر عبر شركات وهمية في فرنسا ولوكسمبورغ، كلها مملوكة لشركة ثمانية للاستثمار، وهي شركة سعودية يديرها مقربون للأمير محمد، ويقول مستشارو العائلة المالكة إنها تعود إلى ولي العهد نفسه.

نفس الشركة اشترت يخت الأمير محمد، البالغ طوله 440 قدمًا، من أحد أقطاب الفودكا الروسية في عام 2015. كما اشترت في 2017 عقارًا مساحته 620 فدانًا في فرنسا، ليتولى مهندسون معماريون مهمة تحويله إلى مجمع صيد.

المعلومة المثيرة هنا أن مطور العقار كان عماد خاشقجي، ابن شقيق تاجر السلاح الملياردير الراحل عدنان خاشقجي، وابن عم الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، والذي هدم قلعة تعود للقرن التاسع عشر لإفساح المجال للقصر الجديد في عام 2009. 

القصر الملكي، الذي وضع معيارًا عالميًا للرفاهية المبهرجة، يحوي الكثير من التكنولوجيا؛ إذ يمكن التحكم عن بعد في النوافير ونظام الصوت والأضواء وتكييف الهواء الصامت.

وإلى جانب المزيد من الزخارف القياسية، مثل قبو النبيذ ومسرح السينما، تتميز قاعة القصر المستديرة بلوحة جدارية رائعة على السقف، بينما يشتمل الخندق على غرفة شفافة لتربية الأسماك تحت الماء. 

هذا ليس كل شيء

في حين أن تأريخ إنفاق الأمراء السعوديين مستمر لعقود من الزمن، فإن أوراق الجنة وكذلك أوراق بنما المسربة تفاصيل جديدة؛ إذ كشفت أن ثروة ولي العهد الأمير محمد، على الرغم من كونها ضخمة، لا تمثل سوى جزء من الثروات التي تراكمت لدى فرع الملك سلمان.

فبالإضافة إلى منزلين فاخرين في لندن يتصلان بالملك سلمان، فإن ابنه الأمير تركي بن ​​سلمان مدرج كضامن لشركة «آيسل أو مان» التي باعت شقة بنتهاوس مقابل أكثر من 35 مليون دولار في عام 2014. كذلك اشترى الأمير سلطان بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد وأول رائد فضاء عربي، طائرة بوينج فاخرة تبلغ تكلفتها عادة أكثر من 100 مليون دولار، من خلال شركة صورية.

كل هذا بخلاف مجمع الملك سلمان الواسع على الساحل الجنوبي لإسبانيا، والمملوك لشركتين في بنما، تسيطر عليها شركة في لوكسمبورغ، تابعة للملك وأبنائه، وكذلك شركة قابضة مقرها إمارة ليختنشتاين، تمتلك فيلا الملك على الريفيرا الفرنسية.

وبنى الملك سلمان قصرًا فاخرًا لقضاء العطلات على الساحل المغربي.

رحلة المالديف

وفق كتاب «الدم والنفط» لكاتبيه برادلي هوب وجوستين شيك، كانت جزيرة خاصة في المالديف، التي «صُممت لتكون واحدة من أفخم الوجهات وأكثرها تكلفة في العالم» على موعد مع احتفال من نوع خاص في يونيو 2015، إذ استضاف محمد بن سلمان «بضع عشرات» من الرجال مع 150 من حسناوات البرازيل وروسيا وغيرهما.

استأجر ولي العهد الجزيرة بأكملها لنفسه ومرافقيه، بتكلفة بلغت 50 مليون دولار، بحسب الكتاب، وشملت راتبًا يتجاوز 5,000 دولار، بخلاف الإكراميات السخية، لأكثر من 300 موظف في المنتجع، يحصلون عادة على 1000 دولار إلى 1200 دولار راتبًا في الشهر، فيما يبرر الكتاب الفارق الضخم برغبة الضيوف في «الخصوصية قبل أي شيء»؛ لأن ولي العهد كان يقدر ضيق الشباب السعودي مما يقرؤونه عن بذخ أفراد العائلة المالكة؛ لذا فعل أقصى ما يمكن لضمان السرية؛ بدرجة منع التصوير، والسماح فقط بهاتف Nokia 3310 لأغراض الاتصالات. 

وشملت قائمة فقرات الترفيه جلب مطربي راب كوريين مشاهير، وعروضًا لنجوم عالميين مثل جينيفر لوبيز وشاكيرا.

لكن الأخبار تسربت، فانفض التجمع سريعًا قبل الموعد المحدد. ولهذا السبب، وفق الكتاب، اشترى ولي العهد اليخت والقصر الفرنسي.

قطع الفروع

بين أفراد العائلة المالكة، هناك اختلافات كبيرة بين الورثة المباشرين للملوك وأبناء العم على الهامش. يعيش بعض الأمراء الأصغر سنًا في منازل كبيرة حديثة، لكنها ليست فخمة، خارج الرياض. يقودون سيارات رينج روفرز ومرسيدس دفع رباعي، بدلًا من سيارات لامبورجيني أو بوجاتي الخارقة.

السبب في ذلك أن الأسرة تتزايد باستمرار؛ فأبناء الملك المؤسس أنجبوا الكثير من الأبناء. الملك سعود وحده أنجب ما يقدر بنحو 53 ابنًا. دبلوماسي أمريكي كتب في مذكرة في عام 2009: «ملعب كرة قدم فقط يكفي لاستيعاب عشيرة آل سعود الآخذة في التوسع».

وقال جوزيف كيشيشيان، الذي درس العائلة المالكة لمدة ثلاثة عقود وكتب كتابًا بعنوان «الخلافة في المملكة العربية السعودية»، إن عدد الأقارب بالآلاف.

وبينما تصل التقديرات إلى 15 ألفًا، يقول متحدث باسم الحكومة السعودية إن آل سعود لا يتجاوزون 5 آلاف فرد. هذا الاختلاف ينبع جزئيًا من مدى أو كيفية حساب الأقارب.

في مرحلة ما، يمكن أن تكبر الأسرة بحيث يتعذر إعالتها. قال غريغوري غوز، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة تكساس، إن قرارًا سيصدر في مرحلة ما بـ «قطع بعض الفروع».