جاء بخلفية متميزة بعيدة عما عرفته السينما، ليقرر أن يمنح ما شاهده خلال حياته حق الحياة والمشاهدة، بعد ما شاهد العديد من الحروب وقام بتصويرها وقرر أن يشاهدها معه الجميع.

إنه المخرج علي العربي، الذي قرر أن يكشف ما دار خلال السنوات في أحد المخيمات السورية، وكيف تاهت أحلام الشباب هناك بين نيران الحرب وقسوتها، فاز فيلم «كباتن الزعتري» بعدد من الجوائز المحلية والعالمية، ليقدم لنا مخرجاً ومنتجاً قرر أن يدخل غمار السينما بوجهة نظره الخاصة، ويكشف ما رآه على الجمهور.

أجرينا في «إضاءات» هذا الحوار الخاص مع المخرج الصاعد علي العربي للتعرف على تفاصيل تجربته في فيلم «كباتن الزعتري»، وكيف حصل على جائزة مهرجان صاندانس العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية. الفيلم الذي يحظى بعرضه الأول في الشرق الأوسط الآن من خلال فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي. والذي فاز من خلاله بجائزة أفضل فيلم وثائقي في المهرجان.

من أين أتت إليك فكرة فيلم «كباتن الزعتري»؟

كنت في البداية صحفي ومصور حروب، وفي عام 2013 قررت أتوقف عن ذلك، وأن أذهب إلى مخيمات اللاجئين، ومعرفة احتياجاتهم الأخرى غير الطعام والمأوى، بعد أن كانت القنوات الإخبارية تتناول ضحايا الحروب على أنهم أرقام ونسب، فزادت رغبتي في صناعة قصة إنسانية تتناول حياة اللاجئ، بشكل حقيقي.

وما المدة والمراحل التي استغرقها الفيلم للخروج للنور؟

استغرق الفيلم 7 سنوات تصويراً، فكنت قررت التصوير في 5 سنوات لأرى تطور الشخصيات التي أتحدث عنها بالعمل بشكل حقيقي، وهل سيعودون إلى سوريا، أم سيتم استقطابهم من جهات إرهابية، كيف سيستطيعون المقاومة والثبات على شخصياتهم.

لماذا قمت باختيار مخيم سوري تحدياً لخروج القصة منه؟

قمت بزيارة 19 مخيماً بأكثر من جنسية، ولكن مخميم الزعتري به أكثر من 80 ألف لاجئ، وحين قابلت الأبطال وجدت بهم مبتغايا، وبخاصة أنهم كان لديهم معرفة كيف يدور العالم خارج المخيم.

كيف تم مشاركتك في الإنتاج من قبل منتجين آخرين مثل أمجد أبو العلاء و آية دوارة؟

ظللت ست سنوات أنا المنتج الوحيد، وبعد أن انتهى التصوير وتم الانتهاء من البوستر الأول للفيلم، كنت بحاجة إلى اثنين مشاركين معي ليس بالأموال، ولكن لكي يخرجوا معي أفضل نسخة في المونتاج كمخرج، وقابلت حينها آية دوارة والتي كان لها الفضل بمشاركة الفيلم في العديد من المهرجانات، وبعدها التقينا أمجد، وخرج الفيلم بهذه الصورة للجمهور.

كيف انتقلت من مخرج موثق للحروب إلى مخرج سينمائي، وما السبب؟

لكي أحكي ما أريده في أفلام يمكنها أن تعيش لسنوات، وما رأيته في مخيم الزعتري كنت أرى أنه يجب أن يُحكى للجمهور، بشكل سينمائي لكي تكون مساحة مشاهدته أكبر وأعرض. وأيضاً تحولت إلى مخرج سينمائي رغبة مني في عرض الأفكار التي أرغب بها، فالشكل الفني في طرح الفكرة هو الأسرع والأبقى.

هل مشاركة الفيلم كمشروع بمهرجان الجونة في البداية أفادته؟

مهرجان الجونة يعد من البوابات التي فتحت لي الكثير من الرحلات بالفيلم حول العالم، وهو أصبح داعم بشكل كبير للأفلام، وحقق لي دعماً كبيراً بظهور الفيلم للنور.

وكيف كان شعورك حين حصد الفيلم جوائز بالجونة وتبع ذلك اختياره في مهرجان صاندانس؟

جوائز مهرجان الجونة والمهرجانات الأخرى، حققت لي دعماً قوياً جداً، وأنا في حالة من السعادة العارمة بوصول اسم مصر بفيلم «كباتن الزعتري» والفوز في مهرجان صاندانس، وهذا التصنيف فتح الباب لي في السوق الأمريكي وبدأ يتم عرض أعمال عليّ هناك.

لم يشارك في مهرجان صانداس الكثير من الأفلام المصرية، ما المعايير التي تطابقت في الفيلم مع المهرجان؟

لا أعلم المعايير تحديداً التي يتم الاختيار على أساسها، فأنا قمت بتقديم الفيلم وتمت الموافقة عليه. وأتمنى أن يكون خلال السنوات المقبلة مشاركة كبيرة للأعمال المصرية، في هذا المهرجان، فهو من المحافل السينمائية المهمة جدًا.

ما رأيك في الحالة السينمائية المصرية الحالية؟

أرى المتطلبات الحالية أكبر بكثير من الفنانين والمخرجين الموجودين على الساحة، ولكن هناك الكثير من المواهب التي يمكنها أن تُغطي هذا ولكنهم في انتظار الفرصة الحقيقية، كما أن لدينا أفلاماً تقدر على المواكبة عالمياً ولكنها تحتاج إلى أن تأخذ فرصة لكي تظهر وتنافس.

هل يمكن أن نقوم بإخراج أعمال تحتوي على قصص تشبه الثمانينيات والتسعينيات مثل «الراقصة والسياسي» وما يشابهه من الأفلام التي تحدثت عن الواقع السياسي المصري؟

بالطبع أتمنى شخصياً أن أقوم بتجسيد أعمال سينمائية تناقش الأوضاع الحالية، ولكن الأمر ليس سياسياً على قدر مناقشة واقع إنساني، وأود أن أقدم قصصاً لشخصيات بسيطة تواجه أحداثاً عظيمة، وكيف تمر عليهم هذه الأحداث من وجهة نظرهم، وهذا ما سيراه الجمهور في فيلم الأستاذ يسري نصر الله القادم، والذي أشارك فيه كمنتج، وفيلمي القادم كمخرج.

من تراه مميزاً حالياً في الإخراج بمصر؟

هناك العديد من المخرجين المهمين منهم مروان حامد، أمجد أبو العلا، أبو بكر شوقي، وعلى رأس هؤلاء يسري نصر الله بالتأكيد.

ومن المخرج الذي تأثرت به؟

بالطبع تأثرت بالعالمي يوسف شاهين، ويسري نصر الله، شادي عبد السلام. فقد تأثرت بالأول في قدرته على إيجاد تمويل لأعماله، وتفاصيل الثاني في الأعمال التي يقدمها ويتميز بها، والثالث المؤثرات البصرية التي غرد بها منفردًا في السينما.

ما الفيلم الذي يمكنك أن ترشحه للشباب لكي يستفيدوا منه عند مشاهدته؟

كباتن الزعتري، وأؤكد أن الجميع سيتفاد منه ومن التجربة التي يتم طرحها بالفيلم.

بما أنك كنت في الأساس مخرج حروب ما الحروب التي يمكنها أن تقدمها على الشاشة في المستقبل؟

أود أن أقدم الحرب التي قامت بين تنظيم داعش والأكراد، في دولة العراق.

ما الحرب التي أثرت فيك؟ وغيرت بك؟

كل الحروب كانت مثل بعضها، وبالطبع أثرت بي، فهو شيء قاس يسيطر عليه نوعان من المشاعر أحدهما الخوف والآخر هو القسوة، وأنا تعلمت أن أميز وأتعامل معهما، ويحتاج هذا إلى حديث طويل كيف يمكن الوصول إلى هذا.

وهل ترى أن هذا النوع من ا لأفلام إذا تم تنفيذه عربيًا سينجح جماهيريًا؟

نعم سينجح إذا تم التسويق له جيداً.

ما خطتك المقبلة في عالم الفن؟

فيلم «سقوط زينب ونوح» وهو من إخراج الأستاذ يسري نصر الله، وهو من إنتاجي، كما أن هناك فيلماً وثائقياً يتم تصويره منذ عام مضى في دولة الهند.

ما الرسالة التي تحب أن توجهها للشباب المصري والسوري؟

أود أن يعلم الجميع أنه لا يوجد نجاح يأتي بالصدفة، وأن السعي والكفاح هما ما يؤديان إلى النجاح.