أنا كنت زعلان في الطريق ولقيت واحدة حلوة بتبص لي، وساعتها قررت أكتب أنا وأنت وساعات السفر.
وحيد حامد

يبدأ فيلم «أنا وأنت وساعات السفر» بالكاتب «عزت» الذي يشعر بالضيق والاختناق نتيجة حبسة الكاتب أمام ورقة بيضاء حبلى بالممكنات كلها، لكنه عاجز عن استنطاقها بكلمة واحدة، يترك مكتبه ليهبط من مفاوضاته الإبداعية مع ربة الإلهام في برجه العاجي لواقع الشارع في رحلة العودة اليومية لمنزله.

يقدم «وحيد حامد» في المشاهد التالية واقعًا متوحشًا، قاهرة مزدحمة، حارة، خانقة، أصوات متشظية بين عدوانية سببها الزحام وأغاني كاسيت صاخبة لمؤدين عشوائيين لا طرب في صوتهم، لا أحد يتوقف لحظة لينظر لمن يجاوره أو يبتسم، تتعطل سيارة السرفيس وتلفظ ركابها خارجها، فيتوقف عزت أمام سيدة ريفية ترتعد على الرصيف في حالة عجز كامل عن الحركة، يسألها عن حالها، فتخبره أنها لا تعرف كيف تعبر نهر الطريق المزدحم؟ تبدو كفريسة في مدينة متوحشة قطعت عليها بمركباتها الجنونية كل مسارات الحركة والنجاة، يساعدها عزت وتخبره أنها جاءت لزيارة ابنتها المتزوجة في القاهرة، لكنها أضاعت ورقة العنوان.

يؤسس «وحيد حامد» منذ البداية لواقع غير رومانسي، ساحق لأفراده، في مدينة تشبه متاهة الفئران التي يتعرض فيها الفئران لجحيم الممرات والتيه في سبيل الجبن، الجميع في القاهرة يسعى خلف الجبن خاصته، أو طلب الرزق، ولا أحد يتوقف في المتاهة لينظر لأحد، فقدان البوصلة أو عنوان وجهتك في تلك المدينة يعني أن تبتلعك المدينة وتجبرك بمنطقها على طريق يناسب زحامها، مثلما احتجزت سيدة عجوز على إفريز مكتظ لأنها فقدت ورقة العنوان.

 يختار «عزت» تمردًا شديد الرومانسية والبساطة على ذلك الواقع اليومي، ألَّا يعود لمنزله، ألَّا يستسلم لزحام المدينة الخانق، أن يفقد بإرادته عنوان العودة ويسلم نفسه لتيار حركة لا يعرف نهايته، ولكنه تيار مرتجل لم يجبره عليه الزحام، بعد أن يوصل السيدة العجوز للقطار الذي يعود بها لبلدتها، يركب أحد القطارات بعشوائية ليجد نفسه في رحلة لم يخترها للإسكندرية.

بقدر ما تبدو البداية مرتجلة ورومانسية، تشبه هروبًا رومانسيًّا من مدينة تطبق فكها على الأحلام، إلا أنها تستمد جذورها من لحظة إحباط حقيقية مر بها المؤلف «وحيد حامد» عندما رفضت الإذاعة عملًا قدمه لها، وخلال طريق عودته من رمسيس لمنزله في مصر الجديدة، جاءت صافرة القطار لتشكل نداءً رومانسيًّا لرحلة إلى المجهول وسط سيارات أجرة تقاتل لاصطياد العائدين لروكسي، قرر «وحيد حامد» بما يليق بكاتب إبداعي أن يحول لحظة إحباط يومي لحكاية، فترك فكرة العودة لمنزله وذهب في قطار للإسكندرية.

خلال وقوفه في القطار باعتباره راكب لحظة أخيرة دون حجز أو تذكرة، قدم له الواقع شخصية روائية بامتياز، سيدة جميلة وغامضة تجلس في مقعدها بأريحية وتحجز المقعد الفارغ بجوارها دون أن تسمح لأحد بالجلوس عليه، شراء تذكرة إضافية لمقعد مجاور كانت طريقتها في شراء مساحة شخصية لها وسط الزحام، لا تعبأ بنظرات الواقفين الجائعة للكرسي الفارغ، لكنها وجدت في «وحيد حامد» شخصًا مسالمًا أو ربما لا تغلب عليه ملامح الزحام، شخصًا حالمًا لا يعرف عنوان رحلته، وبالتالي لا تبدو على وجهه ملامح نفاد الصبر، لا ينظر لساعته، لا يحتسب المسافة، تشير له بالجلوس بجوارها فيجلس وسط نظرات الواقفين المغتاظة، هنا تنتهي القصة الحقيقية لما حدث، سيسافر المؤلف ويعود (صد رد) وفي رأسه تختمر فكرة رومانسية عن فيلم يقدم قصتنا جميعًا، في مجاز رحلة كلنا نخوضها بقلوب مختلفة، بورقة عنوان نظن أننا نعرفها جيدًا، لكن للواقع والمدينة والأحلام إرادة خاصة في إيصالنا لمصير تريده، مصير قد يناسبنا لنرتضيه وقد يحطمنا بقسوته.

الحب استعادة متكررة لقصة واحدة

في الفيلم تسمح السيدة الأنيقة للكاتب «عزت» بالجلوس جوارها، يسألها لماذا اختارته هو من زحام الواقفين؟ تراوغه وتختبره، ثم يخيب أملها في النهاية لأنه لم يعرفها، يؤسس «وحيد حامد» من حادثته العابرة صدفة قدرية ستغير مصير أبطاله، صدفة لم يصنعها الامتثال لليومي إنما التمرد العابر على طرق الذهاب والعودة المعتادة، «سلمى» السيدة الثرية تكره السفر المعتاد بسيارتها المكيفة وتقرر السفر بالقطار، و«عزت» هارب في رحلة مرتجلة من زحام مدينة توشك على ابتلاعه قبل أن تعيده لمنزله كفتات منهك، يكافئ وحيد حامد التمرد الصغير لشخوصه على المنطق المعتاد بكنز الصدفة، ندرك أنه في ماضٍ قديم يبعد 11 عامًا عن لحظتهما الراهنة، كانا حبيبين في قصة رومانسية، تتحول تلك الرحلة لاستعادة رومانسية حزينة لما كانا عليه ولما صارا إليه.

لا توجد حبكة مفاجئة، بل قصة مغرقة في عاديتها تكاد تصل من فرط تكرارها لابتذال الكليشيه، الفتاة الرومانسية الفقيرة التي يكون زواجها من رجل ثري كمحظية أو زوجة ثانية هو طوق النجاة لأسرتها المعدمة، تخذل سلمى حبيبها القديم وتتزوج الرجل الثري لتؤمن حياة أفضل لأخواتها. لا جديد على سطح الحبكة، لكنها تصلح كمدخل لرؤية الحب كفلسفة في سينما وحيد حامد، ما موقع الحب من العالم؟ ما الثمن الذي دفعه شخوصه نتيجة انصياعهم لواقع قاسٍ؟ ما الذي تبقى من ذواتهما القديمة؟

الحب والحرية، جدلية وحيد حامد الأثيرة

الحب غير الجواز، ممكن قوة تجبرك ع الجواز، لكن مفيش قوة تجبرك ع الحب.

يقول «وحيد حامد» إن مشاكل المجتمع واشتباك السياسي مع المعيش سيطر على هموم كتابته وجعله يبتعد عن الكتابة الرومانسية التي يحبها، والتي لم يقدمها خالصة إلا في أفلام عابرة مثل «الإنسان يعيش لمرة واحدة»، يقدم وحيد في حكايتنا تلك رؤيته للحب بدون اشتباك مشوش مع السياسي والعام، الحب كشأن خاص جدًّا، فرداني، لكنه ببعض التعمق يشكل امتدادًا مشابهًا لرؤيته لشخوصه في الأفلام الأخرى.

يخبر البطل سلمى أن الزواج وإكراهات الحياة تجعل الفرد واقعيًّا، أما الحب واختياراته فتجعل الفرد حرًّا، المرء تحت وطأة الإكراه يصعب تفنيد ما يختاره مما هو مكره عليه، أما الحب فمغامرة لا يخوضها المرء إلا مختارًا، وتلك مكانة عزت في عالم سلمى، إنه يمثل الشيء الوحيد الذي اختارته في حياة مؤممة بالكامل لصالح وضع أسرتها الاقتصادي وإكراهات واقع قاسٍ، يمثل عزت ذاتها القديمة وحريتها المستلبة، تذكارًا قديمًا لحياة بديلة لو كان المرء حرًّا.

تلك التيمة حاضرة دومًا في كتابة وحيد حامد، شخوص أسرى واقع سياسي واقتصادي حتمياته خانقة، لكن الحب يمثل إمكانية استكشاف الحرية والذات البديلة ولو بشكل مؤقت، مثل محادثة عابرة بين عامل سكة حديد وأرستقراطية هاربة من حفل في «المنسي»، ولو بشكل فانتازي مثل موظف مطحون تؤنسه فتاة ليل، وهو يحتل معقل البيروقراطية المصرية لتكون أحلامه مسموعة ولو لساعات في «الإرهاب والكباب»، رغم الفروق الأخلاقية بين موظف شريف وفتاة آداب يجد البطل أن كليهما أسير طبقة وواقع له إكراهاته. كلاهما مستلب الإرادة ليطلق أحدهما أحكامه على الآخر، لهذا يصير شبح الحب ولو كان عابرًا مساحة لرؤية الذات في إكراهاتها، وفيما كانت لتكونه في عالم بديل. 

يشكل «أنا وأنت وساعات السفر» امتدادًا لرؤية وحيد حامد لشخوصه كأشخاص عالقين في إكراهات اجتماعية، مساحة ممارسة الحرية أو التعبير عن الذات الحقيقية محدودة وفانتازية ومؤقتة، مثل مغامرة مع الكبار تنتهي بموت البسطاء أو موظف يتحول لإرهابي في يوم، أو عامل منسي يتحول لبطل أمسية أثرياء، أو كما في قصتنا رجل وامرأة أسيرا إكراهات واقعهما يتحولان في رحلة عابرة لعاشقين مجددًا في بوح صادق هارب من كل تجميل، تخبر سلمى حبيبها:

 «إيه رأيك محدش يكدب ع التاني لمدة ساعتين ونص ولما نوصل كل واحد حر».

 لكن مثل كل قصصه، يعود الواقع مجددًا ويرد أبطاله لإكراهاتهم.

كيف تصوغ الجروح ذوات حامليها؟ 

عالم الروايات وردي، في ظل الضباب اللي إحنا عايشين فيه، وظيفة الفنان إنه يسعد الآخرين.

تشكل تضحية سلمى لأجل أسرتها طريقتها الوحيدة لتغفر لنفسها، أما عزت فلا أحد يضحي لأجله، لذا يؤسس حياته التالية كحداد أدبي ورومانسي على خسارة حبه القديم، يحيا ككاتب روائي، تدور رواياته حول الأخلاقية والرومانسية المفقودة، في بداية الفيلم تركز عدسة الكاميرا على اسم آخر كتاب له (السير واقفًا)، يمنحنا «وحيد حامد» إطلالة جذابة على حالة عزت النفسية، شخصية عالقة في تأملات رومانسية حول ما كان يجب أن تكون عليه الأمور، خضعت حبيبته لشروط واقعها لكن رفضه لهذا الواقع صار مهنة تشكل مقاومته الأخيرة، لأن قبوله لشروط الواقع يعني أن يغفر لحبيبته وهو لا يستطيع ذلك بعد، لهذا يبشر مثل نبي مهجور من قومه بعالم رومانسي أجمل يستحق أن نتمسك به، لهذا أسس وحيد حامد منذ البداية لعزلة عزت الشعورية عن الواقع التي جعلته شديد الهشاشة لزحام يوم عادي لدرجة الهروب لرحلة بلا وجهة أو كما عبر:

«الزحمة والإحباط خلوني أحط نفسي فى حاجة بتتحرك، مش مهم أسافر واقف، المهم القطر يفضل ماشي».

لا تشكل قصة الحب القديمة حادثًا عابرًا في حياة عزت، لكنها صاغت كل ما صار إليه، روائي محتجز في عالم رومانسي يود الانتماء له بشدة، لكنه عالم يفسد كل محاولة له للاندماج في الواقع المعيش، يجعله أكثر هشاشة، أكثر اختناقًا وأقل قدرة على التكيف، لهذا تلح سلمى على سؤال السعادة، هل حياته بتلك الطريقة تجعله سعيدًا؟

 يفر عزت من تذكر الماضي لأنه أسس حياته كاملة كحيلة دفاعية ضد التسليم بالواقع، لذا تشكل الرحلة تفحصًا لا يحتمل لحقيقته، تعرض عليه سلمى أن يغفر لها، أن تهجر حياتها القديمة لأجله، يشكل هذا الاختبار الأصعب للبطل، لأنه أسس حياته كاملة على الهروب الجريح لطوباوية رومانسية ترفض واقعًا يمكن فيه أن تهجره حبيبته في ليلة واحدة لزوج آخر، قبول الغفران يعني هبوط عزت الحقيقي ليس لزحام مدينة، بل لإدراك يمنح الشرعية لكل ما سبق، هل سيتصرف عزت مثل شخصية رومانسية في رواية، أم بكبرياء رجل واقعي يتخذ من الرومانسية ضمادة لجرح الحب خاصته؟

الحب كمجاز حي 

-تفتكر الحب بيموت؟ 
-الحب كائن حي بيمرض، بيصاب بالعجز والشيخوخة، عمره ما يموت بس ممكن يتكسر أو يتقتل.

على لسان «عزت» يروي «وحيد حامد» أحد أجمل مجازات الحب في السينما خاصته، يصف عزت الحب ككائن حي، جمال حي يولد في لحظة الحب ويستمر مع الحبيبين طوال قصة الحب، كائن يشبهنا له أطوار طفولة ونضج وذبول، يصاب بالعجز والجرح والتحطم.

يظهر المجاز أكثر في الشخصيات الثانوية، مثل شاب وفتاة متحابين، يقفان طوال الرحلة دون أن يشعرا بالتعب، غارقين في العشق، لا يبدو عليهما كدر ولا نفاد صبر ولا إحباط الركاب العاديين، هذا حب طفولي وليد، يقابله نموذج زوجين في منتصف العمر، تحاول الزوجة بكل الطرق خلق محادثة، بينما يفر زوجها لحالة من الخرس الزوجي يتحصن بها، هذا حب في خريفه، يشبه جسمًا يعاني من تصلب الشرايين، حب ثقيل لا يتوق لحماس بل لراحة، حب أصابه الملل بعد النشوة.

في قطار عابر يمثل مجازًا عن رحلة العمر، نجد الحب في كل أطواره، كائنًا حيًّا له طفولته وله ذروته وله ذبوله، يخبر «عزت» حبيبته أنه لم يكرهها يومًا، ولا يريد الانتقام منها لأن السيف الذي قتلهما كان واحدًا، هي ضحية مثله، لكنه لا يستطيع العودة لها، فالكائن الحي الذي ولد مع قصتهما تعرض للتحطم، للقتل، ظل ينزف على مدى أحد عشر عامًا، لم يبقَ شيء لإنقاذه، شكَّل عزت هويته على أنقاض هذا النزف، يصعب أن يفكك ما صار إليه بسبب إغراء رحلة، يصعب أن يعرض ذاته للهشاشة مجددًا لأن الجرح هذه المرة سيهلكه، يضع هنا «وحيد حامد» طابعه المميز على الرومانسية والحب، راحة في خضم معركة، هروب مؤقت وجمالي يستحق أن توثقه السينما، لكن لا يغفره الواقع، يتعطل القطار للحظات ويهبط الجميع لجمال الريف، للحظات يعوض «وحيد حامد» كادرات القاهرة الخانقة بكادرات أكثر خضرة وهدوءًا، ظلال وارفة، وثمار يانعة لا يتقاتل عليها أحد، لكنها تشكِّل كالعادة استراحة جمالية تنتهي بمجرد أن يعلن القطار صافرته ويهرول الجميع للحاق به، تشبه الرحلة استراحة جمالية لشخوص نزف حبها وهلك منذ وقت طويل. 

قصص الحب القديمة، تذكار الحرية والعجز

-مش خايف من الموت؟
 -محطة أخيرة لازم نوصلها، عايز أوصل لها في اللحظة المناسبة.
لحظة العجز، توقف العطاء، لحظة جمود الإنسان، مرض الجسد مش خايف منه، لكن خايف من مرض النفس وشيخوخة الروح.

تسأل «سلمى» حبيبها عن أشرس مخاوفه فيخبرها بتلك الكلمات، لا يصف «عزت» مخاوفه بل يصف حقيقة قلبه، فقصص الحب المجهضة ولحظات الحرية والتمرد العابرة تشكل سينما وحيد حامد، لكن للعودة للواقع ثمنها، لأنه رجوع للجمود، عندما يمر المرء بلحظة حب حقيقية يمارس فيها حريته لمنتهاها يصعب بعدها قبول العودة للواقع، لأنه عودة للجمود، يشبه هذا موت صغير للإنسان، لأنه جرب النشوة وعلم أن واقعه اليومي بعيد كل البعد عما كان يمكن أن تكون عليه الحال لو مارس القلب حريته، كل قصة حب قديمة لم تحيَ تشكل موتًا صغيرًا، ندبة عجز لا تنساها الروح.

يروي «وحيد حامد» أنه كتب قصة حب معتادة وعادية، لكن بمجرد إذاعتها انهالت عليه المكالمات الهاتفية من سيدات لا يعرفهن، ينهرنه لأنه كتب قصة حياتهن، ويسألنه كيف عرف كل تلك التفاصيل؟

 قوة قصة «وحيد حامد» ليست في فرادتها، إنما عاديتها، إنها قصتنا جميعًا، في محطة ما من محطات قطار العمر كلنا كنا إما عزت أو سلمى، كلنا خضنا موتًا صغيرًا، وكلنا نملك ندبة عجز على نسيج الروح، وكلنا اختبرنا نشوة ما نعرف بعدها أن الواقع كما هو فقير عن إرضائنا لننساها، يمثل «أنا وأنت وساعات السفر» تمظهرًا شديد الرومانسية والخصوصية والجمال لسينما وحيد حامد العامة جدًّا، يمكن أن نقول إنها التعبير الرومانسي عن هموم «وحيد حامد» الذي لم تستخرجه القصص الأخرى بالقدر الكافي لغلبة الشأن العام على حبكتها، تمثل مشاهدة الفيلم تجربة اقتراب لا تنسى من الرومانسية المنسية في عالمه، يصف «مروان حامد» الفيلم بأنه أقرب أفلام أبيه لقلبه، ويتمنى تقديمه مرة أخرى، ربما لأنه يحوي هموم أبيه العامة بأكثر أصواتها رقة وفردانية.