قديمًا كان الطريق إلى شريط فيديو جنسي محفوفًا بالمخاطر، ومشاهدته أمرًا يحتاج الكثير من التدابير، ولكن اليوم أصبحت المضامين الجنسية من صور وفيديوهات متاحة للجميع على شبكة الإنترنت مجانًا، بالإضافة إلى الخصوصية المتاحة لكل شخص على هاتفه.

مثل هذا النوع من الطفرات يطرح عدة أسئلة وعدة تخمينات، وكثير من البيانات المغلوطة التي يتخذها البعض كمقدمات تتبعها نتائج ثم أحكام عامة؛ وهنا سنعرض لكم الإجابة على سؤال:

هل العربي هو المتابع الأشرس على المواقع الجنسية ومحطم الأرقام القياسية على مواقع البورن؟
والسؤال الثاني:
هل هذا يهم؟

أكثر الدول مشاهدة للأفلام الجنسية

منذ أشهر قليلة أصدر موقع Pornhub أشهر مواقع الأفلام الجنسية عالميًا، تقريره الإحصائي السنوي الخامس، وُيعد التقرير الإحصائي لموقع Pornhub شاملًا تمامًا لما يحدث في هذا المجال، ولكننا هنا سنعتمد عليه في عرض إحصاءات قليلة، تخص الدول الأكثر مشاهدة للأفلام الجنسية.

في البيانات المعروضة تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على المركز الأول في قائمة الدول الأكثر مشاهدة للأفلام الجنسية، وذلك على مدار سنوات. وبنسبة مشاهدة تصل لثلاثة أضعاف المركز الثاني الذي استقرت فيه بريطانيا في آخر التقارير السنوية التي صدرت عن العام الماضي 2017، مع ملاحظة أن عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية يزيد عن ثلاثة أضعاف سكان بريطانيا. وتتبع بريطانيا في القائمة الهند ثم اليابان اللتان تفوقتا هذا العام على منافستهما السابقة؛ كندا.

بالنظر لقائمة أعلى 20 دولة مشاهدة للأفلام الجنسية على مستوى العالم لن نجد دولة عربية واحدة، ولا يوجد أية دولة شرق أوسطية، وتأتي أول دولة عربية بعد ذلك في المركز الـ 22، وهي ليبيا، مع ملاحظة ذكر التقرير العالمي أن مشاهدات الدول الـ20 في صدارة القائمة تساوي 80% من المشاهدات اليومية على مستوى العالم؛ ما يعني أن هناك نسبة مشاهدة يومية تصل إلى 20% مقسمة على 176 دولة متبقية، مع العلم بأنه من الصعب التحقق من استخدام السعوديين لمواقع الأفلام الجنسية بسبب استخدامهم تقنيات التشفير لتخطي الحجب.

سيكون هناك خطأ لو تم الاعتماد على عدد المشاهدات لكل دولة ومن ثم ترتيبهم كأكثر الدول مشاهدة للأفلام الجنسية، واعتبار الدول العربية خارج السباق. وللخروج بحكم سليم على الأمر نحتاج لمقارنة عدد المشاهدات بعدد السكان لكل دولة ومعرفة هل سيطرة الدول الغربية على القائمة تحقق لهم الغلبة بالفعل كأفراد.

سنقوم بمقارنة عدد سكان الـ 20 دولة المتصدرة لقائمة أعلى الدول مشاهدة للأفلام الجنسية، والتي تحقق 80% من النشاط اليومي على تلك المواقع، والـ 176 دولة المتبقية، بعد طرح الدول المتصدرة، والتي تحقق جميعها 20% فقط من المشاهدات، لنرى بعد ذلك من هو المتصدر الحقيقي والمشاهد الأكبر للمواقع الجنسية.

للقيام بحساب ذلك فإنه في اللحظة التي تتم فيها كتابة هذا التقرير يبلغ عدد سكان العالم 7.442 مليار نسمة، ويبلغ عدد سكان الدول الـ 20 في صدارة القائمة 2.798 مليار نسمة، بطرح المجموعين سيكون عدد سكان الدول المتبقية مجتمعة 4.679 نسمة؛ أي أن مجموع سكان الدول خارج قائمة الصدارة يبلغ تقريبًا ضعف الدول الـ 20، في حين أن الدول الـ 20 في القائمة تشاهد الأفلام الجنسية أكثر بأربعة أضعاف من الأخريات، وبالتأكيد على عامل عدد السكان ثانية، فإن حصة الفرد من المشاهدة في واحدة من الدول الـ20 المتصدرة لقائمة الأكثر مشاهدة للأفلام الجنسية تساوي ضعف حصة الفرد في بقية الدول.


هل يجعلنا هذا نعيش في مجتمع مثالي؟

إن العلاقة بين التعرض للأفلام الجنسية والسلوكيات المعادية للمجتمع والجنس الآخر هو سؤال قديم في العلوم الاجتماعية، فهل يمكننا القول إن الدول العربية أفضل من الدول الغربية لأنها تشاهد أفلامًا جنسية بنسبة أقل؟

الإجابة: لا، فقد كانت نسبة مشاهدة الأفلام الجنسية في الولايات المتحدة الأمريكية قد ارتفعت في السنوات العشرين الماضية بدرجة ضخمة مع انتشار الإنترنت، والمفاجأة أنه خلال الفترة نفسها انخفضت نسبة التحرش والاعتداء الجنسيكالاغتصاب حتى 45%، ومع حساب الزيادة السكانية تصل نسبة الانخفاض حتى 55%، في الوقت الذي لم يؤثر فيه نمو معدل استخدام الإنترنت على الجرائم الأخرى، حسب دراسة كريستوفر جي فيرجسون، أستاذ علم النفس والعدالة الجنائية في جامعة تكساس.

مع هذه النتائج أشارت بعض الدراسات إلى عملية الاستبدال التي حدثت بين مشاهدة الأفلام الجنسية والاعتداء الجنسي، ولكن في دراسة «الموادالإباحية، والاغتصاب، والإنترنت» لتود دي كيندال، بجامعة كليمسون الأمريكية لعام 2007، اعتبر تود أن الأفلام الجنسية مكملة للاغتصاب والتحرش والاستمناء ولا يمكنها التعويض عن تلك الأنشطة، كما أنه من الصعب قياس مثل هذه التأثيرات بشكل فعال في المعامل، ففي أفضل الأحوال يمكن قياس الإثارة الفسيولوجية والتوتر، لكن لن يمكن السماح بالتعدي الجنسي الفعلي على الجنس الآخر داخل المعمل، كما أن سوق المواد الجنسية أوسع مما نعتقد، بالإضافة إلى هامش لا نعرف عنه شيئًا وهو حوادث الاعتداء الجنسي التي لم يتم التبليغ عنها.

يقول ميلتون دياموند، مدير مركز الجنس والمجتمع في جامعة هاواي، إنه لا يوجد دليل علمي على الإطلاق على أن مشاهدة الأفلام الجنسية تؤثر بالسلب على المجتمع، فهو أمر أخلاقي افتراضي وليس واقعيًا، ولكن رصد دكتور نورماندويدج أستاذ علم الأعصاب في كتابه «The Brain That Changes Itself»، عدة أمور قد تضع هذا الرأي تحت المراجعة لأن صناعة البورنوغرافيا منذ 30 عامًا كانت تعتمد فقط على تقديم ممارسات جنسية صريحة، ولكن الآن تهيمن عليها أفكار سادية متطرفة تنطوي على دمج الجنس بالإذلال والكراهية والعنف والتحقير من أجل أن تحفظ الصناعة لنفسها مكانتها، وتظل مختلفة وسط أناس يمارسون الجنس بالشكل الذي كانت تروج له الصناعة منذ سنوات، لذا لا يمكن اعتبار سيطرة كلمات البحث عن الأفلام الجنسية أمرًا فرديًا، فهو مشكلة عامة.


ماذا يفعل العرب على المواقع الجنسية؟

أكثر 20 دولة مشاهدة للأفلام الجنسية
صورة لإحصاء أكثر 20 دولة مشاهدة للأفلام الجنسية من
تقرير Pornhub

في دولة مثل مصر تم فيها حجب المواقع الصحافية والإعلامية المستقلة، لكن لم يتم حجب مواقع الأفلام الجنسية، رغم وجود عدة مشاريع لتحقيق ذلك، يقول عادلاسكندر، أستاذ الإعلام والمحاضر بجامعة «سايمون فريزر» الكندية، بأنه من المناسب للمسئولين السماح للناس بهذه المتعة الافتراضية لتهدئة الإحباط الجنسي في المجتمع المصري، ولكن هل الشباب المصري محبط جنسيًا؟

مع عدم القدرة على قياس نسبة الشباب المصري والعربي الممارس للجنس خارج إطار الزواج، ومع وضع الضوابط القانونية التي لا تسمح بذلك في معظم البلدان العربية، فإن الكلمة الأكثر استخدامًا عند البحث لدى المصريين على المواقع الجنسية هي «عربي»، والتي تشمل عادة نساء ترتدين الحجاب وتمارسن الجنس أو تقمن بأفعال مغرية، وهي فيديوهات غير احترافية، وفي الغالب يتم التصوير دون علم المرأة، في المناطق الشعبية.

في تحقيق لموقع «فرانس 24» النسخة الإنجليزية، حكى شاب يعمل بالصحافة عن شغفه بالأفلام الجنسية التي تظهر بها نساء مصريات، يشبهن من يراهن في الشارع، يرتدين الحجاب، ولكنه لا يستطيع التحدث معهن في الواقع، بسبب المجتمع المتحفظ الذي نشأ به. كما أن الفيديوهات الغربية تبدو احترافية وغير واقعية رغم جودتها العالية، أما هو فيحب الفيديوهات الشعبية التي تشبه بيئته.

باعتبار صناعة المواد والفيديوهات الجنسية صناعة أجنبية كاملة، فإن العجز في تصنيف «عربي» يتم سده ببعض الفيديوهات المحلية المصورة في مناطق شعبية بجودة رديئة وغير متاحة دومًا، وتعتمد على الفضائح الجنسية لامرأة أو عائلة كاملة، ويقابلها فيديوهات عالمية لنساء محجبات لكنهن لاتينيات أو هنديات، ونادرًا ما تكون المرأة عربية، وهو الأمر الذي يفسر نجاح ممثلة الأفلام الجنسية، اللبنانية «ميا خليفة»، وشهرة الأفلام التي ظهرت فيها بالحجاب مقارنة ببقية أفلامها، بالإضافة إلى نجاحها في العالم الغربي بالطبع بسبب أنها كشفت عن المرأة العربية التي تدور حولها العديد من الأساطير في الغرب.