منذ منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، انخفض سعر برميل نفط البرنت بنسبة 25% من 115 دولار إلى 87 دولار في 30 اكتوبر من العام الماضي. و في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، انخفض سعر خام نفط البرنت الأوروبي إلى حدود 56.74 ثم ارتفع إلى 57.20 دولار للبرميل لاحقا[1].

و في 5 يناير/كانون الثاني من العام الجاري انخفض سعر الخام الأمريكي إلى 51.40 دولار للبرميل ثم ليرتفع قليلا إلى 51.90 دولار للبرميل لاحقا[2]. في 7 يناير/كانون الثاني هبطت الأسعار لأول مرة لأقل من خمسين دولار لتصل إلى 49.66 دولار إلا أن سعر البرميل ارتفع لاحقا إلى 51.20 دولار[3]. و أخيرا، في 13 يناير/كانون الأول الجاري، انخفض سعر خام البرنت إلى 46.32 و إنخفض الخام الأمريكي إلى 45.06 دولار[4]. و بذلك، تكون أسعار النفط في أسواق النفط العالمية قد شهدت أكبر انخفاض لها منذ ست سنوات.


تفاعل العوامل الجيوسياسية مع آليات “العرض” و “الطلب”

طفرة إنتاج النفط الأحفوري

يعزو المراقبون الإنخفاض الدراماتيكي لسعر برميل النفط منذ منتصف العام المنصرم إلى الارتفاع الكبير في حجم الإنتاج النفطي بشكل رئيسي خارج منظمة اوبك (OPEC) في الولايات المتحدة الأمريكية بفعل استخراج النفط الأحفوري (اما داخل اوبك فهناك إيران، العراق، و الأهم ليبيا).

يعزو المراقبون الإنخفاض الدراماتيكي لسعر برميل النفط منذ منتصف العام المنصرم إلى الارتفاع الكبير في حجم إنتاج النفط الأحفوري في الولايات المتحدة الأمريكية

بينما واجهت الولايات المتحدة في 2008 نموا سلبيا في إنتاجها النفطي، بدأ الوضع يتغير منذ عام 2009، إذ شهد نموا بحجم 840 ألف برميل يوميا في 2012 ثم 950 ألف برميل يوميا تقريبا في 2013. من أقل بقليل من مليون برميل نفطي أحفوري يوميا في 2010، ارتفع إنتاج النفط الأحفوري الأمريكي ليصل إلى 3.5 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام الماضي.

تتوقع المنظمة الأمريكية لمعلومات الطاقة وصول إنتاج النفط الأحفوري إلى 4.8 مليون برميل في 2021 ليحتل 50% من مجموع الإنتاج الأمريكي مقارنة بنسبة 30% في عام 2012 [5]. أصبح يشكل هذا التوسع المستمر في إنتاج النفط الأحفوري قلقا بالنسبة للرياض و كبار منتجي النفط التقليديين على الرغم من سرعة نضوب حقول النفط الأحفوري (60-70% سنويا) بالنسبة لحقول النفط التقليدي.

زيادة الإنتاج السعودي

و بينما يختزل المراقبون سلوك المملكة العربية السعودية إزاء سوق النفط في البُعد الجيوسياسي (بتسديد ضربات لاقتصادات إيران و روسيا) لرفع إنتاجها النفطي (و هو بلا شك أحد العوامل المؤثرة)، هناك عوامل سوقية تدفع الرياض إلى زيادة إنتاجها للحفاظ على حصصها السوقية المتآكله تدريجيا:

أولا: بتراجع الواردات الأمريكية من الخليج تدريحيا التي تعود – جزئيا – لصعود حجم الإنتاج المحلي، تتجه السعودية إلى الأسواق الآسيوية لتعويض تراجع حصتها الأمريكية (خاصة لصالح الصادرات الكندية المتزايدة).

ثانيا: بحدوث تراجع شديد في صادرات النفط الأفريقية (دول مثل نيجيريا، انجولا، و الجزائر) للولايات المتحدة الأمريكية، بدأت الدول الأفريقية تتجه نحو الأسواق الآسيوية، مؤثرة على حصص مصدري الخليج و على رأسهم السعودية[6]. كذلك تسعى كل من روسيا، فنزويلا، و المكسيك الابتعاد عن الأسواق الغربية لصالح الأسواق الآسيوية الواعدة، هو الأمر الذي يعتمد بشكل كبير على افتتاح قناة بنما التي ستسهل عبور الناقلات النفطية.

ترغب الرياض في تسديد ضربة إلى صناعة النفط الأحفوري، ليس في الولايات المتحدة فقط، بل في مناطق أخرى تبدو “قصة النفط الأمريكي” مرشحة للتكرار فيها

ثالثا: أصبح العراق (ثاني أكبر منتج في منظمة اوبك) مصدرا لقلق مصدري النفط في الخليج و خاصة السعودية بشكل متزايد مع تسجيل الصادرات العراقية أعلى مستوى لها منذ 1980 في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وفقا مراقبين غربيين، ربما يشكل العراق مشكلة لمجلس التعاون الخليجي أكثر من النفط الأحفوري الأمريكي لكونه منتج للنفط منخفض التكلفة و أقل استجابة لحركة الأسعار على عكس منتجي النفط الأحفوري. كذلك، يستخدم العراق استراتيجيات تسعير و تسويق تؤثر على الحصص الخليجية في آسيا.

رابعا: أخيرا، مع التوقيع على اتفاق جنيف في نهاية عام 2013، أصبحت الرياض أكثر قلقا من احتمالية عودة معدلات إنتاج و تصدير النفط الإيراني إلى مرحلة ما قبل العقوبات في الأسواق الآسيوية بعد أن ملأت الرياض الفراغ السوقي الذي تركته طهران بعد العقوبات. فمع رفع العقوبات جزئياً، باتت إيران تتبع عددا من الاستراتيجيات لتعزيز حصتها، كأستخدام حاملاتها البحرية لتوصيل خامها النفطي إلى زبائنها في آسيا و توفيرها لتخفيضات على عمليات الشحن.

ترغب الرياض في تسديد ضربة إلى صناعة النفط الأحفوري، ليس في الولايات المتحدة فقط، بل مناطق أخرى تبدو “قصة النفط الأمريكي” مرشحة للتكرار، مما يعني أن ناجحها سيعني مزيدا من الضغوط على حصص مصدري الخليج. تشير تقديرات إلى وجود ما يقرب من وجود 23 موقعا حول العالم مرشحا لوجود نفط أحفوري فيه تصل جودته إلى درجة جودة النفط الأمريكي[7]. و النقطة الهامة هنا، كلما تطورت تقنيات الاستخراج، ازدادت قدرة منتجي النفط مرتفع التكلفة (النفط الأحفوري غير التقليدي) على التنافس مع منتجي النفط منخفض التكلفة (النفط التقليدي). و لكن، تظل أيضاً مسألة تسديد ضربة لاقتصادات إيران و روسيا على خلفية الصراع الجيوسياسي في المنطقة، إحدى دوافع الإدارة السعودية لإغراق الأسواق بالمزيد من النفط.

تباطؤ معدلات الطلب العالمية

في مقابل تدفق فوائض النفط، هناك تباطؤ في الطلب على النفط بمستويات مختلفة في الصين، أوروبا، و الولايات المتحدة الأمريكية. يشير الكاتب وليد خدوري إلى دور تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي البالغ 3.2% و نمو دول منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية البالغ 1.8% العام الماضي في تراجع الطلب على النفط بعام 2014[8].

على غرار السوق الأمريكية، يستمر الطلب الأوروبي على النفط في الإنخفاض في سياق تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو

منذ اواسط العقد الماضي، بدأ الطلب الأمريكي على النفط في الإنخفاض تدريجيا بسبب توفر بدائل طاقوية. و على غرار السوق الأمريكية، يستمر الطلب الأوروبي على النفط في الإنخفاض في سياق تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو (يقف النمو الاقتصادي في فرنسا عند الصفر تقريبا).

اما بالنسبة للصين، التي يختلف وضعها عن وضع أوروبا بشكل خاص، فالنمو فيها لن يستمر بنفس معدلاته المرتفعة التي شهدها عام 2008 بفعل طفرة نمو قطاعي الاستثمار و الإنشاء. و يُشار إلى أن التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده الصين، يعود بشكل رئيسي إلى التباطؤ الذي يشهده قطاع الإسكان الذي سيحدد معدلات النمو في السنوات القليلة القادمة. تتوقع مؤسسة »ستراتفور« استمرار قوي للطلب الصيني على النفط و لكن بشكل أكثر اعتدالا من مستويات طلبها في السنوات الماضية[9].


تأثيرات متفاوتة على الاقتصادات العربية

مصر

من المتوقع أن ينعكس هبوط سعر النفط إيجابا على بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي في مصر. سيوفر هبوط سعر النفط للحكومة المصرية تقليل حجم إنفاقاتها على دعم الطاقة سواء أثناء فترة موازنة 2014-2015 الجارية أو الموازنة 2015-2016 القادمة. فمن المتوقع أن ينخفض إنفاق مصر على دعم الطاقة إلى 70 مليار جنية (9.8 مليار دولار أمريكي) في السنة المالية الجارية التي ستنتهي في 30 يونيو/حزيران 2015. كان من المقدر قبل هبوط سعر خام البرنت أن تنفق مصر 104 مليار جنية (14.5 مليار دولار أمريكي) في السنة المالية الجارية. و بذلك، سيوفر الإنخفاض 30% من الإنفاق على الدعم.

بالإضافة إلى ذلك، سيوفر هبوط سعر النفط أيضا للحكومة المصرية شراء الغاز المسال بأسعار منخفضة نسبيا نظرا لكون تسعيرته مرتبطة بأسعار النفط (Oil-indexed) في الأسواق العالمية (بذلك، ستتضرر الجزائر). و بموجب اتفاق عقد مؤخرا، ستورد الجزائر ست شحنات لمصر ليصل مجموع ما ستتلقاه القاهرة 145 ألف متر مكعب من الغاز المسال لسد الطلب المحلي الصاعد

إنخفاض سعر النفط سلاح ذو حدين بالنسبة للاقتصاد المصري المعتمد على المساعدات الخارجية

و لكن على الرغم من إنخفاض سعر النفط، بقى حجم العجز في الموازنة معتبرا. فقد أعلنت وزارة المالية المصرية أن عجز الموازنة العامة ارتفع بحجم 42 مليار جنية في الخمسة أشهر الأولى من موازنة 2014-2015 مقارنة بالعام الماضي (4.6% من الناتح المحلي الإجمالي حتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي). اما بالنسبة لعجز الموازنة في الخمسة أشهر الأولى من السنة المالية 2013-2014 السابقة، فقد بلغ 65.9 مليار جنية (3.3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2013)[10].

على مستوى آخر، هناك تساؤلات فيما يتعلق بمدى تأثير هبوط سعر النفط على الاقتصاد السعودي و الانعكاسات المترتبة بذلك على مستقبل حجم المساعدات السعودية (و الخليجية عموما) التي ستقدم إلى القاهرة في المرحلة المقبلة. و بذلك، يكون إنخفاض سعر النفط سلاح ذو حدين بالنسبة للاقتصاد المصري المعتمد على المساعدات الخارجية.

الإمارات

يشير تقرير لموقع مؤسسة »بيزنس مونيتور«، نُشر في بداية يناير/كانون الثاني الجاري، إلى أن نمو الاقتصاد الإماراتي سيتأثر قليلا بإنخفاض سعر النفط في الأسواق العالمية. بينما وصل النمو في عام 2013 إلى 5.2%، من المرجح وصوله إلى 3.9% في 2014 و من المتوقع بلوغه 4% في عام 2015. يرى التقرير أن إمارة دبي ستكون مصدر الأداء الإيجابي للنمو الإماراتي من خلال القطاعات غير النفطية (العقارات، البناء، و النقل البحري). في المقابل، سيصبح نمو إمارة أبو ظبي مقيد نسبيا بسبب تراجع العائدات النفطية[11].

تقدير مؤسسة بيزنس مونيتور المتفائل بأداء الاقتصاد الإماراتي ككل سيكون قطعا محل شك إذا انخفض سعر برميل النفط عن حدود الخمسين دولار للبرميل في الفترات القادمة

على الرغم من تراجع القطاع النفطي الإماراتي بفعل إنخفاض أسعار النفط، من المتوقع أن يظل الوضع المالي مستقرا و قويا بل تتوقع المؤسسة تحقيق دولة الإمارات لفوائض حتى عام 2019. بالنسبة لإمارة أبو ظبي، لن تتأثر موازنتها بتراجع عائداتها الريعية بشكل كبير بقدر ما سيتأثر صندوقها السيادي الذي يتلقى فوائض القطاع النفطي. و لذلك، ليس من المتوقع أن تقلص الإمارات إنفاقاتها الضخمة في مشروعات البنية التحتية في الوقت الحالي لاعتبارات سياسية و استثمارية. مع ذلك، على المديين المتوسط و البعيد، لن يستمر الإنفاق بنفس الحجم[12]. و على غرار مصر، ستستفيد الإمارات من إنخفاض أسعار النفط من ناحية كونها مستورد للغاز المسال، مما يوفر لها قدرا من الإنفاقات.

و لكن تقدير المؤسسة المذكورة لأداء الاقتصاد الإماراتي ككل سيكون قطعا محل شك إذا انخفض سعر برميل النفط عن حدود الخمسين دولار للبرميل في الفترات القادمة و لفترة طويلة.

السعودية

خلافا لدولة الإمارات، ليس لدى المملكة العربية السعودية قطاعات اقتصادية غير نفطية عريضة يمكنها أن تخفف من مشكلات تراجع الريع النفطي، إذ يعتمد الاقتصاد السعودي بنسبة 90% على الإيرادات القادمة من القطاع النفطي.

أعلنت الرياض في نهايات شهر ديسمبر/كانون الأول عن موازنتها العامة لعام 2015، و للمرة الأولى ستكون الموازنة السعودية بعجز و ذلك منذ الأزمة المالية العالمية بسبب عائدات النفط. و يزيد الإنفاق في موازنة 2015 بقليل عن موازنة عام 2014، إذ ستبلغ الإنفاقات 855 مليار ريال (227.6 مليار دولار) في حين من المنتظر وصول الإيرادات إلى 715 مليار ريال (190.7 مليار دولار). و بهبوط سعر برميل النفط، يُشار إلى أن عائدات الرياض النفطية ستتراجع بمقدار النصف مقارنة بعائداتها النفطية في 2013 التي بلغت 276 مليار دولار[13].

ليس لدى المملكة العربية السعودية قطاعات اقتصادية غير نفطية عريضة يمكنها أن تخفف من مشكلات تراجع الريع النفطي

و قد صرح وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، في اواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بأن الحكومة لم تحدد بعد الخيار الأمثل لتمويل عجز الموازنة المتوقع في 2015 و ما إذا كانت ستلجأ للسحب من صندوقها السيادي أم للاقتراض في ظل تدني أسعار الفائدة [14]. بحسب آخر تقارير صندوق النقد الدولي عن السعودية، قد تواجه المملكة عجزاً في موازنة العام القادم بنسبة 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك في مقابل تقديرات للصندوق في أبريل/نيسان الماضي تنبأت بتحقق فائض يصل إلى 4%. وكان الصندوق قد قدّر في وقت سابق أن المملكة لن تواجه عجزاً قبل العام 2018، لكنه في التقرير الأخير توقع أن يبلغ العجز 7.4% بحلول العام 2019 [15].


تأثيرات على أسواق العملات و أداء الاقتصاد العالمي

الفكرة الشائعة التي تقول أن إنخفاض سعر النفط سيئ للمنتجين و جيد للمستهلكين ليست دقيقة كما تبدو في تفسير أداء الاقتصاد الدولي، خاصة إذا كان سوق العملات يشهد حالة من عدم الاستقرار تنذر بنشوب حرب سياسات نقدية بين البنوك المركزية للدول. تنشب حروب العملات عندما تسعى العديد من الدول لتعويم عملتها للحصول على ميزة تنافسية – بحيث تصبح صادراتها تنافسية في مقابل ارتفاع تكلفة الاستيراد – فيرتفع الطلب الكلي مؤديا لارتفاع معدل النمو الاقتصادي و تراجع معدل البطالة.

بالنسبة لمستهلكي النفط، يُشار إلى أن إنخفاضا بنحو 10 دولارات سيحول 0.5% من نمو الناتج المحلي الإجمالي من اقتصادات منتجي النفط إلى اقتصادات مستهلكيه. و بذلك، سيؤثر هبوط أسعار النفط عموما على الاستهلاك العالمي. إذا اُفترض أن المستهلكين سينفقوا نصف مدخراتهم الناتجة عن تراجع أسعار النفط، سينمو الاستهلاك الكلى عالميا على السلع و الخدمات بنسبة 0.2 – 0.3% على كل إنخفاض في سعر برميل النفط بقدر عشرة دولارات[16].

كمُصدر للمنتجات غير النفطية، تجد الصين ذاتها في موقع يسمح لها بإستغلال ذلك الظرف من خلال تعويم عملتها (التدخل مصرفيا لتقليص قيمتها) لتحفيز صادراتها لتلبية النمو المتوقع للاستهلاك العالمي. و في سياق آسيوي، هناك ما يدفع الصين الآن لتعويم عملتها على إثر شروع اليابان في سياسة التيسير النقدي (Monetary Easing) ببيع الين الياباني و شراء أصول أمريكية (و من ثم خفض قيمة عملتها لتحفيز نموها).

تثير سياسة التعويم الصينية مشكلات أكثر لدى الولايات المتحدة بشكل خاص في الوقت الحالي بسبب قيمة الدولار المرتفعة. إذا اقدمت الصين على خطوات نقدية تهدد تنافسية الصادرات الأمريكية، سيقدم البنك الفدرالي الأمريكي في العام الجاري على خفض الفائدة المصرفية بصورة دراماتيكية لتقليل الطلب على الدولار الأمريكي و من ثم تثبيت سعره.

كذلك، تجد منطقة اليورو نفسها في موقف صعب بين إنخفاض سعر النفط و سياسات الصين النقدية. من المتوقع أن يزيد إنخفاض النفط من الضغوط الإنكماشية التي يحاول البنك المركزي الأوروبي التغلب عليها إذ أن ذلك الإنخفاض سيجعل مهمة البنك أصعب في الوصول لمعدل التضخم الذي يستهدفه (2%) لإخراج منطقة اليورو من حالة الركود.


سيناريوهات

الفكرة الشائعة التي تقول أن إنخفاض سعر النفط سيئ للمنتجين و جيد للمستهلكين ليست دقيقة كما تبدو في تفسير أداء الاقتصاد الدولي
تنشب حروب العملات عندما تسعى العديد من الدول لتعويم عملتها للحصول على ميزة تنافسية فيرتفع الطلب الكلي مؤديا لارتفاع معدل النمو الاقتصادي و تراجع معدل البطالة

هناك عددا من السيناريوهات المحتملة فيما يخص حركة أسعار النفط في الأسواق العالمية:

السيناريو الأول: إنخفاض الإنتاج النفطي في عام 2015 بصورة رئيسية خارج مجموعة اوبك مع استمرار نمو الطلب بصورة معتدلة سينقذ الأسعار من الهبوط المستمر. تشير ريستاد للطاقة، إلى أن إنفاق الشركات النفطية على الإنتاج النفطي انخفض في الربع الثالث من عام 2014 مقارنة بعام 2013 بنسبة 7% و من المتوقع أن يستمر التراجع في إنفاق الشركات وصولا إلى عام 2017. و تري ريستاد، أن الإنتاج النفطي قد ينخفض باعتدال في العام الجاري بنسبة 4% أو أقل قليلا [17]. و بذلك، قد يتعافى سعر النفط نسبيا عن مستوياته الحالية.

السيناريو الثاني: ازدياد حجم الإنتاج النفطي أكثر على إثر تراجع المخاطر السياسية في ليبيا و استمرار الإنتاج الخليجي و عدم تأثر منتجي النفط الأحفوري الأمريكي ماليا بشكل كبير و بالتالي استمرار إنتاجهم أيضا. في هذه الحالة ستستمر الأسعار في الهبوط ربما إلى حدود 40-20 دولار للبرميل في الأسواق العالمية لتعصف بمنتجى النفط مرتفع التكلفة مع بقاءهم في الساحة (و لكن لفترة قصيرة ما لم ترتفع الأسعار ثانية في وقت قصير للغاية).

السيناريو الثالث: حدوث أزمة مالية خلال العام الجاري لدى الكثير من الشركات المنتجة للنفط الأحفوري عالي التكلفة تدفعهم إلى الاستدانة بشكل واسع و هو الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى حدوث أزمات مصرفية حادة عالميا [18]. في هذه الحالة سيتراجع الطلب على النفط و سيتراجع إنتاج النفط عالي التكلفة بصورة معتبرة و من ثم قد تتعافى أسعار النفط تدريجيا في وضع يعزز من موقع المنتجين للنفط التقليدي في النهاية.

السيناريو الرابع: تقليص دول مجموعة اوبك لإنتاجها النفطي (و على رأسهم السعودية) لتدارك وضع مالي متأزم (بشكل محتمل) بالتنسيق مع كبار المنتجين التقليديين الذين لا ينتمون للمجموعة (مثل روسيا). و لكن، يبدو هذا الاحتمال ضعيفا للغاية إلا لو حدث تغير كبير في استراتيجيات الإدارة السعودية بالتنسيق مع العواصم الخليجية.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.

المراجع
  1. سعر النفط بأدنى مستوى في خمسة أعوام، الجزيرة.نت، 30-12-2014
  2. أسعار النفط بأدنى مستوى منذ خمس سنين، الجزيرة.نت، 5-1-2015
  3. خام البرنت يتعافى و يستقر فوق 50 دولارا، الجزيرة.نت، 7-1-2015
  4. انخفاض أسعار النفط لأدنى مستوى في ست سنوات، الجزيرة.نت، 13-1-2015
  5. Bassam Fatouh، The US Tight Oil Revolution and Its Impact on the Gulf Cooperation Council Countries: Beyond the Supply Shock، The Oxford Institute For Energy Studies، October 2014، p.2
  6. Fatouh، The US Tight Oil Revolution، p.14
  7. Fatouh، The US Tight Oil Revolution، p.11
  8. وليد خدوري، أسواق النفط في 2014، الحياة اللندنية، 22 ديسمبر/كانون الأول 2014
  9. [9] Lower Oil Prices Carry Geopolitical Consequences، Stratfor، November 3، 2014
  10. Egypt's budget deficit rises by EGP 42 billion in fiscal year's first five months، Aswat Masriya (Reuters)، January 03، 2015
  11. Weaker Oil Prices Will Not Derail Growth، Business Monitor، Jan 1، 2015
  12. Ibid
  13. السعودية تقر أول موازنة بعجز منذ ست سنوات، الجزيرة.نت، 25-12-2014
  14. العساف: السعودية قد تلجأ للاقتراض لتمويل عجز الموازنة، رويترز، 25-12-2014
  15. تامر بدوي، اقتصادات الخليج و هبوط أسعار النفط، الجزيرة.نت، 19-10-2014
  16. Matthew Philips، Oil Prices Fall، and the Global Economy Wins، Bloomberg Businessweek، October 02، 2014
  17. Rabah Arezki and Olivier Blanchard، Seven Questions About The Recent Oil Price Slump، iMF direct، December 22، 2014
  18. Euan Mearns، Oil Price Scenarios For 2015 And 2016، oilprice.com، 17، December 201