تتميز العلاقة بين النظام الحاكم في دولة الكويت وتنظيم الإخوان بكونها مستقرة، خاصة أن النظام الحاكم في الكويت يدرك أن الإخوان هم الحركة الأكبر والأكثر تنظيمًا من الناحية الاجتماعية والسياسية، كما كان حالهم في مصر بلد الأم في نشأة التنظيم. ويمكن الجزم بأن جماعة الإخوان في الكويت مرتبطة بالسلطة، حيث لم يدخل الإخوان في صراع سياسي حقيقي مع السلطة في الكويت باستثناء توقيع التنظيم على مشروع الإصلاح الوطني الذي يسعى إلى تغيير النظام السياسي إلى نظام برلماني كامل.

ولقد وصلت العلاقة بين السلطة في الكويت والإخوان في بعض الأوقات إلى إبرام الكثير من الصفقات لمواجهة التيارات العلمانية واليسارية والقومية، حيث تلاقت المصالح. فالسلطة في الكويت تسيطر بشكل كبير على الجانب السياسي، والإخوان تجد الغطاء الكافي في مواجهة خصومها من العلمانيين والليبراليين واليساريين والقوميين، لذلك سعى الإخوان إلى الحفاظ على هذا التحالف؛ بهدف الاستمرار في العمل الاجتماعي، ولذلك غاب المشروع السياسي الحقيقي للتنظيم هناك، فالتنظيم يخشى الكشف عن طموحه السياسي خوف الخسارة، خاصة بعدما تراجع التنظيم بشكل كبير في العالم العربي بعد سقوط تجربة الحكم في مصر عام 2013.


نشأة الإخوان في الكويت

في عام 1947 بدأ تأسيس أول بناء تنظيمي للإخوان المسلمين في الكويت على شكل شعبة، وفي البداية تخوف الإخوان الكويتيون من تسمية الكيان بالإخوان المسلمين لما تثيره كلمة (إخوان) في نفوسهم من الذكريات المريرة التي عاصروها عند هجوم (الإخوان الوهابيين) على الكويت عام 1921، وعدم اطمئنان الكويتيين لكلمة (حزب) وتحسسهم منها، وهذا ما دفع مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين في الكويت عبد العزيز العلي المطوع لأن يقترح على الشيخ حسن البنا أن تكون التسمية «جمعية الإرشاد الإسلامية»؛ لتكون واجهة اجتماعية لنشاط الإخوان المسلمين التنظيمي.

تم انتخاب عبد العزيز العلي المطوع مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في الكويت كأول مراقب عام لجمعية الإرشاد الإسلامي، وكانت الأهداف المعلنة لجمعية الإرشاد الإسلامي تتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وبعث روح التدين وعرض الإسلام على أنه عقيدة ونظام عالمي صالح لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

ورغم أن قانون الجمعية يدعو إلى عدم التدخل في الشؤون السياسية على أساس أنها جمعية دينية، إلا إن الجمعية هي واجهة اجتماعية ودينية يمارس من خلالها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الكويت نشاطهم السياسي، كم أنها غطاء لعملهم التنظيمي، حيث تعمدت العناصر الحركية من جماعة الإخوان المسلمين أن تغطي نشاطها الحزبي بالدين الإسلامي مثلها مثل بقية الأندية والهيئات الشعبية المشهرة من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل آنذاك. تزامن تاريخ تأسيس جمعية الإرشاد الإسلامي مع توافد أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبقية فروعه في البلاد المشرق العربي والعالم الإسلامي إلى الكويت بهدف العمل سواء في السلك التعليمي أو في المرافق الأخرى.

بعد استقلال الكويت عام 1961، اجتمع ثلاثون شخصًا من أعضاء الإخوان في الكويت وجمعية الإرشاد الإسلامي التي تم حلها ومناصريهم وقرروا تأسيس جمعية الإصلاح الاجتماعي. وتعد هذه الجمعية استمرارًا لجمعية الإرشاد الإسلامي، وقد تولى رئاسة الجمعية السيد يوسف النفيسي، وبعد ذلك أصبح السيد يوسف الحجي، وزير الأوقاف السابق ورئيس الهيئة الخيرية العالمية حاليًا، رئيسًا لها، ثم تولى رئاسة الجمعية السيد عبد الله العلي المطوع لحين وفاته عام 2006. وقد بلغ عدد الأعضاء المسجلين رسميًا في سجلات الجمعية حتى عام 1989، 1170 عضوًا، ولم تختلف الأهداف المعلنة لجمعية الإصلاح الاجتماعي كما نص عليها النظام الأساسي للجمعية الصادر في عام 1963 عن الأهداف المعلنة لجمعية الإرشاد الإسلامي.

في عام 1989، أعلن إخوان الكويت تأسيس الحركة الدستورية –حدس– ليكون ذراعها السياسي في الكويت. وفي 1991، بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، تم إعلان تأسيس الحركة الدستورية لتكون واجهة سياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت وتتبنى الخط الإسلامي السياسي، وجاءت هذه التسمية لتؤكد التزام الإخوان المسلمين بالنظام الدستوري والعمل على أسلمته.

ركز برنامج جمعية الإصلاح الاجتماعي على أهداف معينة منها:

  • المحافظة على الهوية والتقاليد الإسلامية للمجتمع الكويتي.
  • رفض القيم والعادات المستوردة التي تحمل معها أمراضًا اجتماعية تصيب المجتمع بالتفسخ.
  • إصلاح المناهج التعليمية والاسترشاد بالتوجه الإسلامي في معالجة مشاكل المجتمع.
  • الحث على الأعمال الخيرية التي تؤلف القلوب وتجمع الأفراد على مبادئ الإسلام والعمل الصالح.

ولم يقتصر دور الجمعية الخيرية داخل الكويت فقط، بل امتد نشاطها إلى خارج الكويت، ففتحت لها فروعًا في دبي والبحرين، كما قدمت الجمعية الدعم المالي للتنظيمات الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين في مصر والعالم الإسلامي. ويمكن القول إن الإخوان المسلمين في الكويت لم يقدموا أنفسهم كقوة سياسية منظمة في عقد الستينات، بل ركزوا نشاطهم على الحياة الاجتماعية، والعمل على تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المجتمع الكويتي.


علاقة جماعة الإخوان المصرية بالإخوان في الكويت

مرت العلاقة بين الإخوان المسلمين في مصر والكويت بأزمة بعد دخول الجيش العراقي إلى الكويت، فقد كان إخوان الكويت يؤيدون الاستعانة بغير المسلمين لإخراج الجيش العراقي، بينما رأى إخوان مصر التريث حتى يحاولوا تجميع حلف إسلامي ضد الجيش العراقي. فالإخوان المسلمون الكويتيون يلمحون عن انقطاع صلتهم بحركة الإخوان المصرية هو الواقع، وأن ما بين الطرفين حالة أشبه بانفصال حقيقي.

ولكن الواقع الحالي للإخوان في الكويت بعد الربيع العربي وثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر وانتخاب مرشح الإخوان الرئيس محمد مرسي، وبعد صعود الإسلاميين في تونس وليبيا، ظهرت هناك بداية قرب وعلاقات طيبة، فإخوان الكويت كانوا معجبين بالنموذج المصري وبكيفية الوصول إلى الحكم. ويمكن القول إن العلاقة بين الطرفين جيدة لكنها ليست علاقة تبعية.


العلاقة بين السلطة والإخوان في الكويت

مرَّت جماعة الإخوان المسلمين بأزمتها الأولى مع الحكومة الكويتية في الخمسينيات نتيجة التضييق الذي حدث على الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية، بما فيها جمعية الإرشاد الإسلامية. وفي بداية الستينيات، ومع توتر العلاقات بين العراق والكويت، أفسح حاكم الكويت حينها، الشيخ عبدالله السالم الصباح، الذي كان من أنصار التيار الإصلاحي، المجال للقوى السياسية التي كانت مسيطرة على الشارع الكويتي آنذاك، وسمح بمزاولة نشاطها؛ بهدف الاستعانة بها في مواجهة مطالب الحكومة العراقية التي كانت تنادي بضم الكويت لدولة العراق.

ولكن حدث خلاف بين إخوان الكويت والسلطة مع بدء تدشين حملة «نبِيها خمس» التي ضمت مختلف التيارات السياسية، وبرزت فيها ولأول مرة مجاميع شبابية بدأت الحراك السياسي، وطالبت بتغيير الدوائر الانتخابية من 25 إلى 5 دوائر على خلفية تفشي المال السياسي في شراء الأصوات للوصول للبرلمان، ونجحت في ذلك سنة 2007. كما جاء إلغاء عقد «كي – داو»مع شركة الداو كيميكال من قبل رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح في ديسمبر/كانون الأول 2008 ليقطع ثقة الإخوان المسلمين بالحكومة، حيث أصبح وزير النفط محمد العليم (أمين عام حدس حاليًا) كبش فداء الحكومة لحمايتها من التصعيد النيابي والإعلامي من قبل التكتل الشعبي.


مستقبل العلاقة بين الحكومة وإخوان الكويت

بعد أن قاطعت الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت دورتي الانتخابات العامة اللتين أقيمتا في عامي 2012 و2013 احتجاجًا على تعديل الحكومة نظام الاقتراع، أعلنت الحركة 26 مايو/أيار 2016 إنهاء مقاطعتها للانتخابات العامة في البلاد، والتي استمرت سنوات عدة، مؤكدة أن قرارها جاء استشعارًا لمسؤولياتها الوطنية.

وأكدت الحركة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن قرارها هذا جاء «استشعارًا من الحركة الدستورية الإسلامية لمسؤولياتها الوطنية تجاه التحديات الكبيرة المحلية والإقليمية الأمنية والاقتصادية، ورغبة منها في فتح مسارات أخرى للخروج من حالة الجمود السياسي والتنموي التي وصلت إليها البلاد، وسعيًا نحو المشاركة بإيجابية لتصحيح المسار».