انتهت فاعليات «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الثامنة والثلاثين، بحفل تسليم الجوائز الذي تم في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، على المسرح الرئيسي «بدار الأوبرا المصرية»، ارتبط اسم مهرجان القاهرة، منذ بضع سنوات وبالتحديد بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بالأحداث المثيرة للجدل، بداية من التعرض للإلغاء، وهذا ما حدث فعلا في الدورة 35 بقرار من وزير الثقافة آنذاك الدكتور «عماد أبوغازي»، مرورا باتهام إدارة المهرجان بسوء الإدارة الذي وصل لحد المخالفات المالية، أو تعمد إيقاع الضرر ببعض الأفلام كما حدث هذا العام مع فيلم آخر أيام المدينة، ولذلك أصبح هدف المهرجان كل عام مجرد البقاء، وليس تقديم الأفضل.


أزمة آخر أيام المدينة

بدأت الأزمات مع فيلم «آخر أيام المدينة»، وهو فيلم مصري مستقل من إخراج «تامر السعيد»، حيث أعلنت إدارة المهرجان عن عدم مشاركة الفيلم في المسابقة الرسمية الدولية، بعد أيام من إعلان دخوله، مما دفع صناع الفيلم لإصدار بيان من عشرة نقاط يردون فيه علي إدارة المهرجان، من بين تلك النقط أن الفيلم لم يخالف الاتفاق الوحيد المبرم وهو عدم مشاركة الفيلم في أي مهرجان مصري أو عربي من قبل، وأن اللجنة المنظمة حاولت التفاوض معهم لعرض الفيلم في قسم آخر أقل أهمية.

كما اتهمت أسرة الفيلم إدارة المهرجان بتعمد الضرر المادي والمعنوي، فخروج الفيلم من المسابقة تسبب في ضرر مادي بسبب أولاً حرمانه من الحصول على المكتسبات المادية المتوقعة من مهرجان القاهرة وثانيًا بسبب خسارتهم المادية بعدم مشاركتهم في مهرجانات مصرية وعربية أخرى تنفيذا لشروط مهرجان القاهرة السينمائي. وتعهدت أسرة الفيلم بعدم الاكتفاء بالشجب والإدانة ولكنها ستتخذ المسلك القانوني لما وقع عليهم من أضرار. على جانب آخر بدأ الحديث في بعض الأوساط عن خروج الفيلم من المسابقة الرسمية بسبب موقفه السياسي وتضمنه عبارة يسقط حكم العسكر أكثر من مرة.


الأزمات الأخرى

حل فيلم «البر الثاني» في المسابقة الرسمية الدولية بديلاً لفيلم «آخر أيام المدينة»، وهو من إخراج علي إدريس وتأليف زينب عزيز، وبطولة منتجه محمد علي، دخول هذا الفيلم صاحبه العديد من الجدل نظراً لوصف الكثير له بعدم الاستحقاق الفني للدخول في المسابقة، بالإضافة لكثير من الغموض حول كواليس مشاركته في المهرجان. كما أقام المنتج احتفالية خاصة للفيلم على السجادة الحمراء تم من خلالها تقديم الممثلين خارج أطر المهرجان في شكل يشبه «الزفة البلدي»، وهي الأفعال مخالفة لتقاليد مهرجان القاهرة أو أي مهرجان آخر.

أزمة أخرى ظهرت في تعامل اللجنة المنظمة مع حدث وفاة النجم «محمود عبدالعزيز»، التي اكتفت اللجنة المنظمة بإلغاء حفل العشاء، وهو ماوصفه بعض النقاد والجماهير بسوء التصرف من قبل المنظمين. بالإضافة للمشاكل التنظيمية والتسويقية مثل إ لغاء ندوة الفيلم الهندي «أحمر شفاة تحت البرقع» لعدم وجود حضور جماهيري كاف.


جوائز المسابقة الدولية

أما عن الجوائز فقد فاز فيلم «Mimosa» بجائزة «الهرم الذهبي» وهي أعلى جائزة في المهرجان، الفيلم إنتاج أسباني مغربي فرنسي مشترك، من إخراج «أوليفر تويكس» وشارك في كتابته مع «سنتياجو فويل»، لم يكن فوز هذا الفيلم مستغرب، فقد فاز الفيلم بجائزة أسبوع النقاد في «مهرجان كان السينمائي»، يحكي الفيلم قصة رجل عجوز يسافر عبر صحراء أطلس المغربية مع اثنين من المحتالين، ولم يكتفي الفيلم بهذه الجائزة بل حصد جائزة أفضل ممثل للفنان «شكيب بن عمر».

ذهب «الهرم الفضي» للفيلم البرازيلي الذي تدور أحداثه في موزامبيق «the train of salt and sugar»، وهو من إخراج «ليسينو أزيفيدو»، ويدور الفيلم في موزمبيق عام1989م، وبسبب الحرب الأهلية آنذاك تحولت المدن لأطلال، وتحول القطار الوحيد الواصل بين مدينتين لوسيلة تبادل الملح والسكر ومصدر بقائهم أحياء.

وفاز بـ«الهرم البرونزي» الفيلم المجري «kills on the wheels» وهو من إخراج «أتيلا تيل»، يحكي الفيلم عن معاقين يتحدون علتهم، بحكي قصتهم في قصص مصورة ويقومون بتحويل أنفسهم لأبطال، الفيلم مشارك في الأوسكار عن أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.

لم تخرج مصر خالية الوفاض، بل فازت الفنانة «نهاد السباعي» بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم «يوم للستات»، وهو من إخراج «كاملة أبو ذكري»، ويشاركها في البطولة نيللي كريم وعدد من النجوم المصريين.

بينما ذهبت جائزة أحسن إسهام فني لفيلم «لسنا بمفردنا» من إخراج «بيتر فاكلاف» وهو فيلم تشيكي، وجائزة «نجيب محفوظ» لأحسن سيناريو لفيلم «غرباء كليةً» إخراج باولو جينوفيزي وهو فيلم إيطالي.

من خلال هذه الجوائز نرى أن لجنة التحكيم انحازت بدرجة كبيرة لأفلام جنوب وشرق أوروبا، ومن علامات الاستفهام التي طرحتها الجوائز، عدم فوز الفيلم الصيني «someone to talk to» بأي جائزة، وهو الفيلم الذي ﻻقى استحسانا كبيرا من الجماهير والنقاد على السواء. ويذكر أن هذا الفيلم هو الفيلم الصيني الوحيد داخل المسابقة الدولية، على الرغم من أن الصين هي ضيفة شرف المهرجان.


جوائز سينما الغد وأسبوع النقاد

وفي مسابقة «سينما الغد» الدولية، وهي جائزة أقل مكانة من جوائز المسابقة الدولية، فاز الفيلم الكوري «الناحية الأخرى لنهر دومان» من إخراج «سي وونج باي» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة «يوسف شاهين» لأفضل فيلم قصير ذهبت للفيلم الكولومبي «عدن» من إخراج أنرديس راميريز بوليدوث.

وفي جوائز مسابقة «أسبوع النقاد»، فاز بجائزة شادي عبد السلام فيلم «في المنفى» إخراج دافيس سيمانيس وهو إنتاج مشترك بين لاتفيا ولتوانيا، وجائزة فتحي فرج لأفضل إسهام فني ذهبت لجهود بافل خورجيبا في تصوير الفيلم البولندي «زود» من إخراج مارتا مينوروفيتش.