محتوى مترجم
المصدر
Node Center for Curatorial Studies
التاريخ
2016/06/25
الكاتب
Lauren Reid

مقدمة

نقدم فيما يلي مجموعة مع المقابلات مع كتاب خيال علمي بشأن الدور الذي يلعبه الخيال العلمي في التنبؤ بالمستقبل.

كان هناك عدة أمثلة على تنبؤ الخيال العلمي بالمستقبل، كما في تبنؤ «جول فيرن» بالهبوط على القمر عام 1969 بمشاركة رواد فضاء منطلقين بكبسولة فضائية من الألمونيوم من موقع بـ«فلوريدا» في كتابه “من الأرض إلى القمر“، الذي صدر عام 1865.

سألت أربعة كتّاب – توبياس باكيل، جيمس كامبياس، فاندانا سين، وأحمد خالد توفيق – أربعة أسئلة هامة بشأن نواياهم بالنسبة لأعمالهم وما يشعرونه حيال أن الخيال العلمي يمكنه أن يفعله. ينبع عمل كل منهم من خلفية مختلفة، من عالم الخيال العلمي العربي إلى وجهات نظر من منطقة البحر الكاريبي. علاوة على ذلك، هم مهتمون باستكشاف مجموعة واسعة من المواضيع تشمل الكائنات الفضائية، التغير المناخي، التقدمات التكنولوجية والمزيد.

هذا المقال جزء من موضوع «نبوءات» الذي يصدره القسم الفني بمركز «Node»، حيث نستكشف كيفية تشكيل الرؤي الفنية للمستقبل لعصرنا الحالي.


توبياس باكيل

ما نوع الموضوعات التي تهتم باستكشافها في كتاباتك ولماذا؟

يعد هذا السؤال دائمًا صعبًا ليجيب عليه كاتبٌ بصراحة، بما أن الكثير من الاهتمامات الموضوعية العميقة تأتي بشكل طبيعي نتيجة لمن نكون عليه أثناء الكتابة. يجري النهر غير الواعي عميقًا، ونمثل نحن منتجًا لخبراتنا ووجهات نظرنا الأكبر. ألاحظ أنني أميل إلى العودة كثيرًا إلى موضوعات التفاوت في القوة بسبب الاستعمار، الهروب من الواقع، المغامرة، والهويات المتعلقة بالشتات عادة. لكنني أيضًا مفتون بتكنولوجيا المستقبل القريب وتأثيرها على البشر. كالعديد من كُتَّاب الخيال العلمي، يفتنني المستقبل، أريد فقط بالأساس أن أتأكد من أن الأشخاص الذين نشأت معهم والذين هم عائلتي، شعب الكاريبي، لديهم أيضًا صوتٌ في المستقبل.

ما نوع الأفكار أو الأفعال التي تريد للقراء أن يخرجوا بها بعد الانتهاء من قراءة كتاباتك؟

بشكل رئيسي، أنا أقاتل للحصول على أموال الجعة خاصتك، لذلك أحاول أن أعطيك مغامرة سريعة أدفن داخلها الكثير من افتتاني بالتكنولوجيا وتاريخ ما بعد الاستعمار الذي تعلمته طوال رحلتي. نوع رسائل البريد الإلكتروني المفضل لي هو الذي يصلني بعد أن أبقي أحدهم مستيقظًا طوال الليل يقرأ كتابًا لأنه لم يستطع تركه وهو الآن مُتعب في عمله!

هل تظن أن الخيال العلمي يمكنه أو يجب عليه التنبؤ بالمستقبل؟

أظن أنه على الخيال العلمي أن يتعامل مع المستقبل. لا يعني ذلك أن يتنبأ به، رغم أنه ذلك هو التصور السائد عادة. كما أننا نحذِّر من المستقبل. نتوسل إليكم ألا تسلكوا مسارًا محددًا. نحذر بشدة من مسارات مستقبلية محتملة. نتسائل حول ما إذا كان أحد مسارات المستقبل مثيرًا للاهتمام. نحلم بشأن مستقبل محدد. هناك طرق عديدة مختلفة للتعامل معه. رغم أنه في كثير من الأحيان يتعلق الخيال العلمي بنا اليوم، وبقولنا إنه «إن استمر هذا» فإننا ننتقد شيئًا بناءً على نقطة بدء في حاضرنا. عبر وضع افتراضات بشأن المستقبل، يمكننا الإشارة إلى العواقب وتسليط الضوء على جزءٍ أكبر من الطريق أمامنا.

ما دور الخيال العلمي في تشكيل المجتمع الحالي والمستقبل من وجهة نظرك؟

كما ذكرت أعلاه، أظن أننا نحذر، نشجع وندعم. والأهم، أظن أن الخيال العلمي يجعل الناس يفكرون بشأن المستقبل، بطريقة أو بأخرى، وهذا مهم. ليكون لنا مكانٌ في المستقبل، علينا المشاركة في التعامل معه. ويعرضنا تجاهله للخطر. أظن أنه إن لم يكن لنا صوت في تخيل تحذيرنا بشأن المسارات المستقبلية، فسوف يكتبه آخرون لنا. لذلك أحاول هنا أن أتأكد من أن صوتي مسموع مع غوصنا في المستقبل.


جيمس كامبياس

ما نوع الموضوعات التي تهتم باستكشافها في كتاباتك ولماذا؟

كنت دائمًا مفتونًا بذكاء المخلوقات الفضائية وبيولوجيتها، وكيفية تأثيرهما على بعضهما البعض، لذلك يركز الكثير من قصصي على التفاعلات بين البشر والحضارات الفضائية. كما أنني مهتم بكيفية تأثير التكنولوجيا على طريقة تفكيرنا، وكيفية تكيُّف مجتمعنا مع ذلك.

بالنسبة لسبب انجذابي إلى هذه الموضوعات … فذلك هو ما اعتبره سؤالًا جيدًا للغاية. أعتقد أن الأمر يعود جزئيًا إلى حقيقة أنني لست متدينًا، ولدي رؤية مادية جدًا للكون. ما يعني أنني أعرف كحقيقة أن الذكاء البشري – وعلى نحو محتمل أي صورة أخرى من الذكاء – هو ببساطة ظاهرة ميكانيكية. لكن بصفتي إنسانًا، أقاوم هذه الفكرة. يعد الأمر مثيرًا للقلق بشدة أن تظن أن أفكاري هي ببساطة مجموعة من ردود الأفعال الكهروكيميائية وشعوري بالهوية الشخصية هو فقط نتيجة ثانوية لعقلٍ معقد.

ما نوع الأفكار أو الأفعال التي تريد للقراء أن يخرجوا بها بعد الانتهاء من قراءة كتاباتك؟

إن كانت كتاباتي تناصر أي شيء، فأظن أنها تناصر المعرفة. فالعالم، ناهيك عن الكون، فسيح ومليء بالعجائب. أحب أن أكتب عن الأشخاص الباحثين عن المعرفة والذين يختبرون هذه العجائب. حتى عندما كتبت عن المحتالين واللصوص، كما في رواية «القرصان» (Corsair)، كانوا لصوصًا يفهمون الديناميات المدارية.

على الجانب الآخر من ذلك، وبشكل مفاجئ، بما أنني أعتقد أنه ينبغي على الجميع الاستمتاع بتعلم ومعرفة الأشياء، فأنا في الواقع متشكك تجاه الأشخاص الذين يدَّعون امتلاك معرفة خاصة أو يستخدمون ذلك لتبرير ممارسة السلطة على الآخرين. إن كان هناك نوع محدد قديم من الخيال العلمي يزعجني، فهو نوع الازدراء المتكرر للديمقراطية المجردة والولع بإعطاء السلطة ل«الخبراء». لو كان بإمكاني تشجيع القراء على الثقة بأحكامهم الخاصة لكان أفضل جدًا.

هل تظن أن الخيال العلمي يمكنه أو يجب عليه التنبؤ بالمستقبل؟

كتبت مقالًا كاملًا بذلك الصدد للمشروع الهيروغليفي (يمكنك الاطلاع عليه من هنا). ولاختصار الرد بشكل كبير: لا، ولا.

قصص الخيال العلمي التي تنجح في التنبؤ بالأحداث المستقبلية (عادة، وليس دائمًا، التكنولوجيات المستقبلية، وأحيانًا، آثارها على المجتمع) تفعل ذلك عن طريق الصدفة. قد يتبين أن العناصر المقدمة لأسبابٍ أدبية تتنبأ بأحداثٍ لاحقة، لكن فقط لأن كتاب الخيال العلمي أشخاص عاديين مطَّلعين بشكل معقول ويمكنهم قراءة المقالات المدهشة في مجلة «بوبيلار ميكانكس» كحال الجميع.

ما يمكن للخيال العلمي، ويتعين عليه، فعله هو الترويج لفكرة أننا نعيش في عالمٍ تمثل المعرفة فيه القوة. حيث المعرفة متاحة للجميع، ولا تشترط الانتساب لأي سلالةٍ مقدسة أو مكانة خاصة للاستفادة منها. وبدلًا من التبنؤ بالمستقبل يمكن للخيال العلمي تشجيع البشر على بناء المستقبل.

ما دور الخيال العلمي في تشكيل المجتمع الحالي والمستقبل من وجهة نظرك؟

تخبط الخيال العلمي وصولًا إلى موقعٍ له تأثيرٌ قوي على نحو مفاجئ. نحن نشكل توقعات الناس بشأن المستقبل وتصوراتهم عن العلم. (في الواقع، أظن أن مصممي مواقع التصوير والأزياء مؤثرين أكثر بهذا الصدد).

ولكن بما أن كتاب الخيال العلمي (كما ذكرت سابقًا) ليسوا في الواقع أفضل في التنبؤ بالمستقبل من أي شخصٍ آخر يقظ، قد يكون لذلك بعض الآثارٌ الرهيبة. على سبيل المثال، فهم معظم الناس للمشكلات المرتبطة بالقوة النووية والأسلحة النووية مبني على قصص الخيال العلمي الأبوكاليبسية الخاصة بالأعوام السبعين الماضية وليس الواقع. كم من الهستيريا الحالية بشأن الكائنات المعدلة وراثيًا يرجع إلى رواية «فرانكشتاين»؟ أعتقد أن ذلك يفرض على كُتَّاب الخيال العلمي واجب توضيح الأمور بشكل صحيح متى أمكن ذلك.


فاندانا سين

ما نوع الموضوعات التي تهتمين باستكشافها في كتاباتك ولماذا؟

أظن أن الموضوع الذي يجذبني هو العلاقة البشرية بكل ما هو غير بشري (الأنواع الأخرى، الفضائيون، الذكاء الاصطناعي، الكون المادي، وبالتأكيد هؤلاء من البشر الذين نعتبرهم آخرين). يتضافر مع كل هذا افتتاني بالعلوم كوسيلة لرؤية الأنماط وتفسير التفاعلات في الطبيعة، بالإضافة إلى اهتمامي العميق بالعدالة الاجتماعية البيئية. يتعلق حاليًا بعض عملي الأكاديمي بالتغير المناخي، وأشعر بحاجة عاجلة للكتابة بشأنه بشكل خيالي أيضًا. تعد أزمة المناخ قضية الخيال العلمي الجوهرية، ليس فقط لأنها كابوسٌ حقيقي في مرحلة الإعداد، بل أيضًا لأنها تمثل نقطة مشتركة بين العلوم، العدالة الاجتماعية، الانهيار البيئي، وفي النهاية، بالأساس، علاقة المجتمع البشري الحديث الفاسدة ببقية الطبيعة؛ جميعهم على ذات اللوحة.

ما نوع الأفكار أو الأفعال التي تريدين للقراء أن يخرجوا بها بعد الانتهاء من قراءة كتاباتك؟

لا أريد للقراء أن يخرجوا بأي شيء – لست مهتمة بالتلاعب بالقراء. أنا لا أكتب إعلانات! بل أكتب لأنني ينبغي أن أصل إلى القصة من مكان ما في الأعماق. ما يفعله أو لا يفعله القارئ بعد قراءة قصتي يعود حقًا إليه وتفاعله مع القصة.

بالطريقة التي أكتب بها، لا أضع قيودًا للقصة، ناهيك عن القارئ. ولا أفكر بالجمهور عندما أكتب، فذلك مُشتت بشدة للانتباه ويعد غير مناسبًا في تلك اللحظة. لكنني أكتب ليكون صوتي مسموعًا، لكي لا أكون وحيدة، لأكون صوتًا مسموعًا أملًا في أن أحدًا ما سوف يستمع. لقد أنقذتني كتابات أشخاصٍ آخرين، ألهمتني، وأعطتني أفكارًا وإلهامات. وآمل أن أتمكن بطريقة ما متواضعة من فعل ذات الأمر للآخرين.

هل تظنين أن الخيال العلمي يمكنه أو يجب عليه التنبؤ بالمستقبل؟

في الفن، لا تستخدم كلمة «يجب» كثيرًا، حسبما أظن. من أنا لأقول ما يجب أو لا يجب على الخيال العلمي أن يفعل؟ ومع ذلك، يمكنني أن أخبرك بما أظن أنه يفعله، بناءً على قراءاتي المحدودة. يمكن أن يتعلق الخيال العلمي بالمستقبل، لكن ذلك ليس ضروريًا. فهناك خيال علمي عن عوالم بديلة، وهناك خيالٌ علمي عن عالمنا بعد 100 عام من الآن. لكن معظم الخيال العلمي الجيد الذي قرأته، سواء أكان مُصممًا لعالمنا أو لعالمٍ آخر، سواء أكان في الحاضر أو المستقبل، هو أيضًا متعلق بنا في الحاضر. الخيال العلمي الجيد له طبقات وأجزاء كالفسيفساء، ثراء في النسيج، حيث يتشابك المجازي مع الحرفي. قصة عن المستقبل يمكنها أن تعكس الواقع الحالي في آن واحد، مع التركيز على جوانب محددة أو تضخيمها، كوسيلة للإشارة إلى خصوصياتنا كبشر.

ما دور الخيال العلمي في تشكيل المجتمع الحالي والمستقبل من وجهة نظرك؟

لا أعلم إن كان في إمكان الخيال العلمي أن يشكل المجتمع على حاله الآن، أو في المستقبل – ربما ينسب ذلك الكثير إلى الخيال العلمي. لكن يمكنه أن يساعدنا في الإدراك والتشكيك في طريقة سير الأمور، وهو ما يجعله ثوريًا. عبر تجاربه الفكرية على الترتيبات، التكنولوجيات، الأكوان الاجتماعية البديلة، يسمح لنا الخيال العلمي بتخيُّل مسارات مختلفة للأمور. لا يعني ذلك أن هذه الأحلام سوف تتحول إلى أفعالٍ أو واقع بالضرورة. لكن يمكنها أن تلهم البشر. فالمثل العليا قوية، ويعد الخيال العلمي بشكل ما أدب الأفكار. لذلك، نعم، بشكل غير مباشر، ربما يكون لدى الخيال العلمي إمكانية أن يكون عنصرًا للتغيير.


أحمد خالد توفيق

ما نوع الموضوعات التي تهتم باستكشافها في كتاباتك ولماذا؟

دائمًا ما يثير أدب المدينة الفاسدة (ديستوبيا) اهتمامي، لأنه يخبرنا عن اسوأ احتمالات مستقبلنا. في الواقع، يعد جذابًا كأي فيلم رعب، لأنه يعطيك المتنفس الكافي. علاوة على ذلك، تشعر بالارتياح لأن الأمور لم تصل إلى هذا المستوى القاتم المشؤوم بعد. فكرة استخدام «ماذا لو» أو التاريخ البديل تغريني أيضًا جدًا، لأنها تعد نوعًا من التجريب المعملي في عقلك. وأنبوب الاختبار هو خيالك.

ما نوع الأفكار أو الأفعال التي تريد للقراء أن يخرجوا بها بعد الانتهاء من قراءة كتاباتك؟

لم أكن أحاول نقل الأفكار. فذلك سوف يكون واعظيًا، وربما تكون كتابة المقال أفضل عند ذلك. بل أعبِّر فقط عن أوجه الخوف، الأمل أو الاشمئزاز خاصتي. في يوتوبيا، روايتي القصيرة، كنت خائفًا جدًا مما قد يحدث لبلدي خلال سنوات، وعبرت عن ذلك على الورق، لم أنو أبدًا أن أوصل أي رسائل باستثناء صرخة قوية. عند الكتابة، لا أحاول إثبات أن أ + ب = ج. بل أناقش أ وب وأرى ما قد يحدث لهما.

هل تظن أن الخيال العلمي يمكنه أو يجب عليه التنبؤ بالمستقبل؟

يمكنه التنبؤ بالمستقبل، وقد فعل ذلك دائمًا وعليه التنبؤ بالمستقبل. أحيانًا يخلق الخيال العلمي المستقبل. أحيانًا أظن أن برادبري، ويلز، أسيموف، كلارك، إلخ… كانوا أنبياء حقيقيين.

ما دور الخيال العلمي في تشكيل المجتمع الحالي والمستقبل من وجهة نظرك؟

ينطوي دوره على تشكيل بانوراما واسعة للعالم في ضوء العلوم. الخيال العلمي هو الحل الوسط الفعلي بين العلم والخيال، اللذان أعتقد طويلًا أنهما متناقضان. أثبت الخيال العلمي أمرًا واحدًا. لا أعتقد أن الناس، بعد روايات 1948، 451 فهرنهايت، أو آلة الزمن أو عالم جديد شجاع، يفكرون بنفس الطريقة التي اعتادوها. أصبحت رواية غريب في أرض غريبة نوعًا ما من الدين للهيبيين في السبعينيات.

هل تود أن تضيف شيئًا أو هل هناك سؤال إضافي كنت تود الإجابة عليه؟

سؤالٌ بشأن أدب الخيال العلمي في العالم العربي. مثلما يعبر الكاتب السوري زهير غانم: في العالم العربي، لدينا بعض كتاب الخيال العلمي الرائعين، لكن ليس لدينا ذلك النوع من الأدب بعد!