الجميع كان غاضبًا في غرف الملابس والبعض كان يبكي.
داني روز لاعب توتنهام عقب المباراة

حاول شحذ عزائم زملائه في السبيرز بهذا التصريح مذكرًا بزيارتهم الأخيرة لستامفورد بريدج حيث تلاشت أحلام اللقب وتوّج ليستر رسميًا بالدوري. أما تشيلسي فإن كانت عودته في تلك المباراة من أجل إحباط آمال سبيرز باللحاق بالصدارة، فمباراة اليوم أراد الفوز فيها من أجل عودته لها. والمعركة التي حصلت بين الفريقين في الدقائق الأخيرة من تلك المواجهة ما زالت حاضرة في الأذهان. اليد العليا كانت من جديد لتشيلسي.


بداية سريعة غير متوقعة

دخل توتنهام المواجهة بأسلوبه المعتاد، لكن الغريب في الأمر أن بوتشيتينو لم يرغب بجس نبض تشيلسي المضيف وصاحب الأرض، بل تابع بأسلوبه نفسه، فرغم الغيابات لم يتراجع سبيرز عن شخصيته مع الأرجنتيني ولم يظهر كفريق محطم معنويًا بعد خروجه من دوري أبطال أوروبا قبل أيام.

بدأ بنسق سريع؛ دفاع متقدم لقبل منتصف الملعب بقليل يتقدمه وانياما والبقية يتكفلون بمهام الضغط على لاعبي تشلسي في الخلف عند بناء الهجمة ما جعل مهمة لويز صعبة جدا عكس الأسابيع الماضية، ضغط سون وأيريكسن على أزبيليكويتا وكاهيل اضطر بموسيس وألونسو للعودة للخلف لخلق خيارات أكبر للتمرير وإخراج الكرة من المنطقة ما كان يستدعي ضغطًا أعلى من وسط سبيرز، والنتيجة كانت تتكرر بقطع الكرة من سبيرز وارتداد هجومي شكل خطرًا دون فرصٍ واضحة، حتى تمكن ديمبيلي من الاستفادة من خروج محوري تشلسي للضغط والتمرير لآلي الذي وجد أيريكسن والأخير بيسراه في المرمى، أخيرًا هزّ شباك تشلسي، والتفوق العددي في المنتصف أصبح تفوقًا في النتيجة.

وما كان بعد الهدف كرر ما سبقه، ضغط متواصل من توتنهام في ملعب تشلسي وخنق تام لأي مشروع هجمة سواء على الأطراف أو في العمق ما دفع ماتيتش لأكثر من تمريرة طويلة لهازارد المعزول ليلاحق الكرة وتقطع ومن ثم تعاد الكرّة. نصف ساعة مثالية لتوتنهام ولكن سبيرز يكرر أخطاءه من جديد.


ليست خطة كونتي ولا حظّ تشيلسي

كان ضغط توتنهام سيصبح أقل شدة وطاقة مع مرور الوقت وهو ما حدث ولكن رد الفعل لم يأتِ من تشلسي، فالأمر لم يتعلق في الشوط الأول بغياب هازارد وكوستا وعدم تشكيلهما لأي خطورة حقيقية بقدر ما تعلق بضعف تمويلهما بالكرات وعجز تشيلسي شبه التام عن الخروج بالكرة لثلث الملعب الأخير بسلاسة. ولكن خطأ واحدًا من دايير بمنح بيدرو المساحة مع الوقت للتفكير والتنفيذ جعل الإسباني يسجل بروعة وسحر من خارج منطقة الجزاء ليعادل النتيجة، جودة تشلسي تظهر من جديد وفي وقت قاتل على فريق بوتشيتينو مع نهاية الشوط الأول. كان من الواضح أن المباراة ستذهب في مصلحة تشلسي في ثاني الأشواط وهو ما حصل، خمس دقائق وبيدرو كان العنصر الإضافي في وسط الملعب مع ماتيتش وكانتي لقطع الكرة والارتداد الهجومي الممتاز من موسيس الذي دخل منطقة الجزاء وحيدًا مع تأخر عودة أطراف سبيرز ليمنح فريقه تقدمًا لن يتخلى عنه.


أين فاز تشلسي وأين خسر سبيرز

من غير المنصف لبوتشينيو القول بأن كونتي تفوق عليه، لكن تشلسي أظهر صفات البطل وشخصيته وتوتنهام كان عكسه تمامًا، فالديربي كان أحد أضعف عروض تشلسي منذ ديربي آرسنال، لكنه عرف كيف يعود في المباراة ويتقدم ويحافظ على النتيجة حتى النهاية، كانت مباراة جودة اللاعبين والخبرة في التعامل مع مباريات بحساسية مباريات الديربي، بينما ضاعت بداية توتنهام المثالية في غضون خمس دقائق لا غير، مع خطأ في التغطية من داير الذي شارك بدلًا من ألديرفيريلد المصاب.

توتنهام كان غير محظوظ لقسوة معاقبته على أخطائه القليلة، لكنه في الوقت ذاته ما زال يدفع ثمن الأخطاء نفسها التي أضاعت لقب العام الماضي، فسبيرز يتحكم بالمباراة وبالكرة لكنه يخسرهما في أوقات حساسة وعند نقطة التحول الأولى في المباراة تشعر بأنه تاه في إعادة لسيناريو المموسم الماضي حيث أضاع التقدم على ملعبه ضد ويست بروم وتلاه إضاعة تقدم بهدفين ضد تشلسي في الشوط الثاني ليخسر اللقب، والأمر ذاته تكرر اليوم، بداية رائعة هدف ممتاز ثم خطأ في وقت قاتل يضيع مجهود المباراة وتصبح العودة بعدها شبه مستحيلة مع خروج الفريق ذهنيا بشكل تام من المباراة، فلا يمكن القول أن ضغط سبيرز لم يعد يأتي بنتيجة أو أن بوتشيتينو أخطأ في مقاربة المباراة خصيصا مع ضعف دكته لكثرة الغيابات. ربما أخطأ بوتشيتينو في استبعاد سيسوكو بعد تصريحه بأن على سبيرز اللعب أوروبيًا على ملعبه وليس على ويمبلي. والواضح أن الفريق انهار معنويًا ما جعل ضغطه يصبح أقل فاعلية.

من أبرز المشاكل الأخرى ضعف لاعبيه في اتخاذ القرار فالسيطرة قبل الهدف وبعده كانت تفتقد لهدف ثانٍ لم يأتِ لغياب القرار السليم في الثلث الأخير وهو ما تكرر هذا الموسم بعيدًا عن تألق سون.

تحدث بوتشيتينو بعد الخروج الأوروبي من موناكو أن فريقه بحاجة لتعاقدات أقوى وجودة أعلى وهو ما يبدو صحيحًا فالفريق لم يتقدم عن الموسم الماضي كما تقدمت باقي الفرق، وبوتشيتينو في وضع صعب نسبيًا حيث لن يقدر توتنهام على مجاراة بقية الأندية في الإنفاق ما يجعل التأهل لدوري الأبطال الموسم القادم حاجة ملحة ليتمكن من جذب الأسماء المهمة.

الخريطة الحرارية لتحركات الفريقين تظهر فشل توتنهام في اجتياز منطقة الـ 18 لتشيلسي.


فاز تشلسي وتصدر ولكن على كونتي الحذر

توتتنهام - تشيلسي
توتتنهام – تشيلسي

أظهرت مواجهة اليوم بعض عيوب تشلسي، فحل المشاكل الدفاعية لم يترافق مع حل المشاكل الهجومية رغم غزارة أهداف تشلسي مؤخرا، فسبيرز قد أثبت أن دور محوري خط الوسط في صناعة اللعب أقل مما هو عليه في باقي الأندية، والضغط عليه في منطقته من فريق يعرف تماما أين ومتى وكيف يضغط؛ جعل الفوز بالمباراة لا يعتمد على منظومته كما في المواجهات الأخيرة؛ بل على قدرة لاعبيه الفردية في خلق الحلول، والأهم من ذلك أن تفكيك توتنهام لمنظومة تشلسي جعل هازارد وكوستا يغيبان تمامًا عن المباراة وإن ظهر الأخير في الهدف الثاني، غيابهما عن الفاعلية وعزلهما عن الأطراف وقطع خطوط الإمداد من الخلف جعل تشلسي يفتقد للنجاعة الهجومية في المقدمة التي شهدناها في المراحل الأخيرة.

على كونتي الحذر من الأندية التي تضغط عليه في ملعبه والبدء بالتفكير بالحلول المتاحة لمعضلة كهذه، وهو ما سندركه أكثر فأكثر مع مواجهة مانشستر سيتي السبت القادم.