لكل شخص الحق في الحصول على الأموال اللازمة لتعزيز حقوق الإنسان عبر وسائل سلمية
زيد رعد الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

قرر قاضي التحقيق بالقضية 173 لسنة 2011 المعروفة بقضية «تمويل منظمات المجتمع المدني»، التحفظ على أموال الحقوقي ورئيس «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» جمال عيد وزوجته وابنته، والصحفي ومؤسس «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» حسام بهجت في 19 مارس/آذار 2016. تعود القضية إلى ديسمبر/كانون الأول 2011، وعلى إثرها تم إغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب والتحقيق مع المحامي الحقوقي نجاد البرعي، كما تم منع 10 حقوقيين من السفر، واستدعاء مُزن حسن، مؤسسة ومديرة مركز نظرة للدراسات النسوية.

وفي 21 مارس/آذار قررت هيئة التحقيق حظر النشر إعلاميًا في القضية إلى الانتهاء من التحقيقات.


المجتمع المدني بمصر

بات وجود منظمات المجتمع المدني في مصر واقعًا لا مفر منه، مع تزايد أعداد المؤسسات والجمعيات التي تعمل في مختلف المجالات الحقوقية والثقافية والتنموية والخيرية، وتصل أعمال تلك المؤسسات والجمعيات إلى قطاع ليس بالقليل من المواطنيين.

أسس محمود عزمي أول منظمة حقوقية مصرية باسم الشعبة المصرية لحقوق الإنسان في باريس بعام 1931

وأخذ المجتمع المدني في التطور والازياد مع مرور الوقت، ففي القرن العشرين وخاصة بعد إقرار دستور 1923، تزايد عدد الجمعيات الأهلية مع إقرار الدستور لحق المصرين في التجمع وتكوين الجمعيات، وفي باريس عام 1931 نشأت أول منظمة حقوقية مصرية باسم «الشعبة المصرية لحقوق الإنسان» في باريس والتي أسسها الصحفي محمود عزمي، وتمثل تلك الشعبة أول منظمة مصرية وعربية تهتم بمجال حقوق الإنسان وكانت تابعة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

وفي فترة الثمانينيات والتسعينيات شهد المجتمع المدني المصري ظهور العديد من المؤسسات الحقوقية مثل «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان»، و«مركز هشام مبارك» الذي أسسه المحامي الراحل أحمد سيف الإسلام، و«مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان»، وغيرها من المؤسسات المهتمة بوضع حقوق الإنسان في مصر والتصدي لانتهاكات الدولة والدفاع عن ضحايا تلك الانتهاكات.

وتنتنوع مؤسسات المجتمع المدني بين مؤسسات حقوقية وأخرى تنموية أو خيرية وأهلية، فهي تشمل جميع أشكال المؤسسات التي تعمل على خدمة المجتمع والمواطنين خارج الهياكل الحكومية وباستقلالية عن الدولة.


حقوقنا الآن وليس غدًا

حقوق مدنية وسياسية وحقوق اقتصادية وحقوق المرأة، هي أبرز القضايا التي تعمل عليها مؤسسات حقوق الإنسان في مصر جنبًا إلى جنب أو بتخصص كل مؤسسة في فرع من تلك الفروع والتي تنصب جميعًا في القضية الكبري وهي كرامة الإنسان وحريته. فالعمل على حقوق الإنسان بشكل عام ودون التركيز على أحد الحقوق منفصلة، والرغبة في نشر ثقافة حقوق الإنسان، ومساعدة ودعم المنتهكة حقوقهم، أبرز سمات المؤسسات والمراكز الحقوقية في مصر.

تأسس «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» عام 1993، هو مركز إقليمي مهتم بقضايا حقوق الإنسان في الوطن العربي، وللمركز 4 برامج يعمل من خلالها وهم برنامج مصر-خارطة الطريق، البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان، برنامج التعليم، بالإضافة إلى الوحدة الإعلامية.

يعمل مركز القاهرة على مراقبة حالة حقوق الإنسان واستخدام الطرق الدولية المشروعة للضغط على الحكومات العربية لوقف الانتهاكات

يسعي المركز من خلال تلك البرامج إلى تحسين وضعية حقوق الإنسان في العالم العربي، من خلال طرح تشريعات بديلة تقوي ثقافة حقوق الإنسان واحترامها، كما يعمل المركز على مراقبة حالة تلك الحقوق واستخدام الطرق الدولية المشروعة للضغط على الحكومات العربية من أجل وقف انتهاكتها.

ويعمل المركز على نشر ثقافة حقوق الإنسان بين المواطنين من خلال برنامج تعليم حقوق الإنسان والذي يقوم من خلاله بعقد العديد من الدورات التي تهدف لنشر ثقافة حقوق الإنسان واحترام الآخر، وفي عام 2014 قرر المركز أن ينقل برامجه الإقليمية والدولية خارج مصر بسبب الحملة الشرسة التي تعرضت لها منظمات حقوق الإنسان من قبل الدولة.

أما «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» فتأسست عام 2002، وتهدف إلى حماية حقوق الإنسان الأساسية في مصر من خلال أبحاثها التي تعدها عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر ومراقبتها، إلى جانب وجود فريق من المحاميين الذي يعمل على دعم التقاضي في قضايا حقوق الإنسان، وتعمل المبادرة من خلال 4 برامج وهي الحريات المدنية، العدالة الجنائية، العدالة الاقتصادية والاجتماعية، والديمقراطية وحقوق الإنسان.

يذكر أن قاضي التحقيق قد جمد أموال الصحفي والناشط حسام بهجت مؤسس المبادرة يوم الخميس 17 مارس/آذار

تعقد المبادرة لقاءات شبهة دورية عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ويذكر أن قاضي التحقيق قد جمد أموال الصحفي والناشط حسام بهجت مؤسس المبادرة يوم الخميس 17 مارس/آذار على خلفية تحقيقات قضية التمويل الأجنبي والتي تعود إلى دسيمبر/كانون الأول 2011، ومن المنتظر أن تتم جلسة التحقيق يوم السبت 26 مارس/آذار 2016.

تأسس «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» على يد المحامي خالد علي وعدد من النشطاء المهتمين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويعمل المركز على خلق مجتع خالٍ من القهر والفقر وجميع أشكال الظلم الاجتماعي، ومن أجل أن يحقق المركز مسعاه هذا يعمل على تحقيق عدد من الأهداف منها: الموازنة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية، إلى جانب وضع عدد من الإستراتجيات لمواجهة انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما يعتمد المركز في عمله على التقاضى الإستراتيجي من أجل تحسين التشريعات المختصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وضع المركز عددًا من البرامج التي يعمل من خلالها، فيعمل المركز على برنامج السياسات الاقتصادية والذي يعمل على الموازنة والشفافية والعدالة الضريبية والديون وقضايا الفساد، إلى جانب برنامج الحقوق الاجتماعية والذي يعمل على مواضيع الصحة والسكن والتعليم والعدالة البيئية والحق في العمل والنقابات، إلى جانب برنامج مختص بالعدالة الجنائية.

النساء في المقدمة

لا ينفصل الدفاع قضايا المرأة عن الدفاع عن حقوق الإنسان بطبيعة الحال، إلا أن هناك الكثير من المنظمات الحقوقية رأت أن تتخصص في الدفاع عن قضايا المرأة، وتقديم الدعم لضحايا تلك الانتهاكات سواء دعمًا قانونيًأ أونفسيًا.

تأسست «نظرة للدرسات النسوية» انطلاقًا من إيمانها بأن القضايا النسوية هي قضايا مجتمعية وسياسية تؤثر في المجتمع وتعمل على تطويره وتحرره، ولا تركز نظرة على قضايا الانتهاكات في المجال العام وفقط مثلما تقوم باقي المؤسسات المهتمة بمجال حقوق الإنسان، فطبيعة الحال في قضايا المرأة أنها تتعرض أيضًا لانتهاكات على مستوى القطاع الخاص، مما دفع نظرة للاهتمام بالمجالين.

تسعي نظرة إلى إنتاج معرفة تتعلق بالقضايا النسوية وقضايا النوع الاجتماعي باللغة العربية إلى جانب تقديم الدعم النفسي والقانوني

تسعي نظرة إلى إنتاج معرفة تتعلق بالقضايا النسوية وقضايا النوع الاجتماعي باللغة العربية، إلى جانب اهتمامها بتقديم الدعم النفسي والقانوني، ودعم النساء في المجال السياسي من خلال تقديم عدد من ورش العمل للنساء المهتمات بالشأن السياسي في مصر فيما يخص مشاركتهن في الحملات الانتخابية والعمل الحزبي والترشح لمجلس الشعب.

بالإضافة إلى القيام بعدد من حملات التقاضي الإستراتيجي داخل مصر وخارجها من أجل تسحين التشريعات الخاصة بالمرأة، ويذكر أن نظرة للدراسات النسوية قد تم إحالة عدد من النشاطات والعاملين بها إلى التحقيق مرة أخرى في قضية التمويل الأجنبي سالفة الذكر.

بينما تأسست «مؤسسة بصمة» عام 2012، كمؤسسة تطوعية تعمل على قضايا النوع الاجتماعي وخاصة قضية التحرش الجنسي، تعمل بصمة على خلق مجتمعات تطوعية مستدامة تعمل على تلك المشاكل وحلها.

ومن خلال اهتمام بصمة بخلق مجتمعات تطوعية مستدامة تعمل على قضايا التوعية بجميع الأشكال المتنوعة، فتعمل بصمة داخل الجامعات المصرية من خلال المجموعات الطلابية من أجل إقامة تدريبات وحملات داخل تلك الجامعات عن قضايا التحرش الجنسي، إلى جانب تطبيقها لمشروع مشابه داخل ثلاثة من المناطق العشوائية في القاهرة والجيزة لخلق مدن آمنة خالية من التحرش، كما تسعي بصمة إلى التأثير في مساحات الوعي العامة من خلال استخدام المساحات الإعلانية المتاحة في محطات المترو ووضع قصص مصورة عن حكايات فتايات يتعرضن للتحرش يوميًا.

«مؤسسة المرأة والذاكرة» من أقدم المؤسسات الحقوقية بشكل عام والنسوية بشكل خاص، حيث تأسست عام 1995، وتهدف المؤسسة لتغير الصورة النمطية عن المرأة في ثقافة المجتمع، كما تسعي إلى زيادة وعي النساء بقضاياهن وكيفية الدفع عنها، من خلال إنتاج معرفي جديد خاص بقضايا المرأة العربية وأيضًا خلق محتوى معرفي باللغة العربية من خلال أبحاث المؤسسة. ومن أجل تحقيق ذلك فتركز المؤسسة عملها على الأبحاث والتقارير.


الحقوق الطلابية واستقلال الجامعة

«مؤسسة حرية الفكر والتعبير» تأسست عام 2006، من خلال مجموعة من المحامين والباحثين المهتمين بالشأن الحقوقي في مصر، كما تهتم المؤسسة بشكل كبير بكل ما يتعلق بقضايا حريات الفكر والتعبير عن الرأي، ينعكس ذلك على البرامج التي تعمل عليها المؤسسة، وهم: برنامج الحرية الأكاديمية والحريات الطلابية، برنامج حرية الإعلام، برنامج الحريات الرقمية، برنامج الحق في المعرفة، برنامج حرية الإبداع، وبرنامج الضمير والذاكرة.

تميز المؤسسة بإنشائها وحدة إعلامية لرصد قضايا الطلبة –المرصد الطلابي- والتي يقوم عليها مجموعة من المتطوعين الطلاب

كما تتميز المؤسسة بإنشائها وحدة إعلامية لرصد قضايا الطلبة –المرصد الطلابي- والتي يقوم عليها مجموعة من المتطوعين الطلاب الذين تقوم المؤسسة بتدريبهم في البداية ثم يقومون برصد جميع الانتهاكات التي تحدث للطلاب داخل الجامعات المصرية، إلى جانب معسكرها الطلابي الذي كانت تقيمه كل عام لتوعية الطلاب بحقوقهم.

كما يوجد «مركز عدالة للحقوق والحريات»، وهو مركز حديث النشأة يهتم بقضايا الحريات الأكادمية والحقوق الطلابية بشكل خاص، بالإضافة إلى اهتمامه بقضايا الحقوق والحريات للمواطنين وقضايا الاختفاء القسري، ويعتمد مركز عدالة في عمله على الأبحاث والتقارير في الشأن الطلابي بالإضافة إلى عقد عدد من ورش العمل والتدريبات للطلاب وأعضاء الاتحادات الطلابية.


فاعلون آخرون

يوجد العديد من الفاعلين الآخرين المهتمين بقضايا متنوعة عن حقوق الإنسان، فهناك «مركز أندلس لدرسات التسامح ومناهضة العنف»، وهو مركز بحثي بالأساس، ويهتم المركز بقضايا التمييز والعنصرية والعنف في مصر ومنطقة الشرق الأوسط.

وهناك مؤسسة التعبير الرقمي «أضف»، وهي مؤسسة تهدف إلى تمكين الشباب والشابات العرب من خلال توفير بيئات تعليمية مختلفة، كما تعمل على دعم الشباب رقميًا من خلال معسكرات وتدريبات عن التعبير والأمان الرقمي. هذا بالإضافة إلى مركز «هردو لدعم التعبير الرقمي»، ويعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والقضايا الحقوقية من خلال الإعلام الرقمي وتكوين منصة إعلامية وتدريبية رقمية.

وفي عام 2001 تأسس «مركز حابي للحقوق البيئية»، ويهدف المركز لمساعدة المواطنين في الحصول على حقوقهم البيئية خاصة حقهم في الحصول على الموارد البيئية والحصول على المعلومات الخاصة بتلك الموارد.

تعمل جمعية حقوقي على مناهضة جميع أشكال التمييز ضد ذوى الإحتياجات الخاصة ورصد الاتتهاكات الواقعة عليهم

وفيما يخص حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر فهناك «جمعية حقوقي»، تأسست عام 2009، وتعمل على مناهضة جميع أشكال التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاضة، ورصد الانتهاكات الواقعة عليهم. بالإضافة إلى تكوين شركات مع المؤسسات الحقوقية الأخرى من أجل تحسين التشريعات الخاصة بذوي الإعاقة، وتقديم الدعم القانوني والفني لهم.

بالإضافة إلى «مركز ابن خلدون للدرسات الانمائية» تأسس عام 1988، ويعمل كمؤسسة استشارية في العلوم الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب القيام بأنشطة مساعدة وداعمة في هذه المجالات. كما تم اختيار المركز من أفضل المراكز الفكرية في العالم حسب تصنيف جامعة بنسلفانيا لعام 2013.

هناك الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان، والعديد من المؤسسات التي تعمل على جميع قضايا حقوق الإنسان المختلفة سواء بالدفاع عنها أو من خلال التوعية بتلك الحقوق، وعلى الرغم من التضيقات والمعاكسات التي تتعرض لها المؤسسات الحقوقية من قبل الدولة إلا أنها مازالت تؤدي دورها من خلال كل السبل المتاحة لها.

المراجع
  1. هاني نسيره، محمود عزمي: رائد حقوق الإنسان في مصر. مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان، القاهرة، 2005.