«هل ستُلعب مباريات كرة قدم في عام 2020؟». إذا قررت الجمع بين كلمتي «كرة قدم» و «2020» في صندوق البحث الخاص بجوجل، سيقترح عليك المحرر بشكل تلقائي عدة أسئلة بإجاباتها،أولها هذا السؤال. أسئلة سألها من قبلك مئات الآلاف من البشر، حتى أدركت خوارزمية الموقع أنها أكثر ما يهم المتابعين بهذا الشأن.

يعطيك ذلك تصورًا جيدًا عن حال كرة القدم والرياضات المختلفة في 2020. وباء جديد، ولقاحات ينتظرها العالم على أحر من الجمر، وحظر منزلي جعلت أزحم شوارع العالم تبدو وكأنها مدن للأشباح، وبالطبع مدرجات بلا جماهير.

صار من المُتوقع أن يكون عام 2020 -نظريًا- هو عام انعدام متعة وإثارة الساحرة المستديرة، لدرجة أن السؤال الأول الذي صار جوجل يقترحه على رواده عشاق كرة القدم يسأل هل ستُلعب مباريات كرة قدم من الأساس أم لا.

لكن ما حدث على أرض الواقع كان غير ذلك تمامًا. فبالرغم من الغياب الجماهيري عن المدرجات والاستعاضة عنها بأصوات تم تسجيلها مسبقًا، وتردد اتحادات الألعاب المختلفة في تحديد مواعيد مناسباتها، إلا أن متعة كرة القدم الخالصة طغت على كل ذلك.

شهد عام 2020 العديد من المشاهد المثيرة للغاية كعادتها، بعضها حزين للغاية وبعضها وصل بفرحة الجماهير إلى مستويات غير مسبوقة من الجنون. إليك بعضها.

البلاك مامبا تصعد للسماء

في يوم 26 يناير/كانون الثاني من عام 2020، تحطمت طائرة هيلكوبتر، في كاليفورنيا الأمريكية، كان يستقلها «كوبي براينت» أسطورة الـ«NBA» مع ابنته ذات الثلاثة عشر ربيعًا. فارق كوبي الحياة وهو في العام الحادي والأربعين من عمره.

نعى البلاك مامبا أو الأفعى السامة- كما كان يحب أن يطلق على نفسه- كل الرياضيين من كافة أنحاء المستديرة وملاعبها، بخاصة لاعبو كرة القدم، تقديرًا لفضله في متابعة جيل كامل من الشباب لبطولة الـ«NBA» بشكل خاص ورياضة كرة السلة بشكل عام.

رحلة الـ30 عامًا

استعاد فريق ليفربول الإنجليزي لقب البريميرليج الغائب منذ 30 عامًا. حقق الليفر اللقب قبل سبعة أسابيع كاملة من انتهاء الدوري الأهم حول العالم، ليصبح بذلك أسرع فريق يحقق اللقب.

تخوفت جماهير ليفربول من احتمالية إلغاء الموسم بسبب تزايد الحالات المصابة بفيروس كورونا في إنجلترا. موسم كان جليًا للجميع حسمه من لاعبي يورجن كلوب مبكرًا؛ لذلك بدأ البعض يتحدث عن اللعنة المصاحبة لتلك العلاقة بين اللقب والنادي.

لكن الموسم اكتمل وكل ما فعله الفيروس مع جماهير أنفيلد هو تأجيل حسم الدوري إلى يونيو/حزيران عام 2020 بدلًا من استعاد اللقب الغائب في شهر مارس/آذار،بعد السيطرة الجزئية على الوباء في إنجلترا.

زلزال لشبونة

في يوم 14 أغسطس/ آب من عام 2020، زلزال قوي يضرب ملعب النور في مدينة لشبونة امتدت آثاره إلى إقليم كتالونيا في إسبانيا. هانز فليك المدير الفني لفريق بايرن ميونيخ ورجاله يقسون على زملاء ميسي- والذين تجاوزت أعمار 7 منهم 33 عامًا- بثمانية أهداف في هزيمة هي الأثقل للنادي الكتالوني منذ عام 1946.

لم تقتصر آثار الزلزال على رحيل إرنستو فالفيردي، ولا مطالبة الجماهير برحيل أغلب لاعبي الفريق، ولا حتى ارتفاع موجة الهجوم على رئيس النادي «جوسيب بارتوميو» وتسليط الضوء على ملفات الفساد المالي لإدارته. البرج الأعلى والأهم الذي طاله زلزال لشبونة هو ليونيل ميسي. ميسي يرغب في الرحيل عن النادي.

أصرّ بارتوميو على سلك المسلك القانوني لإثبات أحقية النادي في ميسي، وعدم قدرة ليونيل على فسخ التعاقد. خرجت مئات الجماهير للتنديد بسياسة الإدارة ومطالبة ميسي بالبقاء. في النهاية بقي ميسي.

بقى ميسي لكن الجميع يعلم أن علاقته بالنادي وصلت لأضعف مراحلها. صار الجميع يترقب يوم رحيل ميسي عن كتالونيا بعد ما كان الحديث عن ذلك من المحرمات. عام 2020 هو عام كسر الزواج الكاثوليكي بين ليونيل وبرشلونة.

رحيل مارادونا

الآن نحن في الخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020. وسائل الإعلام تعلن بشكل مفاجئ وغير متوقع رحيل لاعب كرة القدم الأهم في القرن العشرين: دييجو مارادونا.

طغى الحزن على الجميع، حزن حقيقي تخطى نمطية دقيقة الحداد التي يقفها اللاعبون قبل المباريات، صدمة عميقة ظهرت في بكاء اللاعبين في الملعب وهم يشيرون للسماء بعد وفاته بأيام، ذهول تام ليس فقط في أرجاء الأرجنتين، بل طال الجميع حول العالم باختلاف توجهاتهم.

الإجماع على حب مارادونا كان منطقيًا. فالمهارة في كرة القدم تأسر القلوب قبل العيون، فما بالك بالأمهر في تاريخ كرة القدم؟ انتصار المظلوم وانبعاث الأمل فيه من جديد يأسر الروح فما بالك بمن قاد شعبًا بأكمله وأقنعهم بإمكانية الانتصار مرة أخرى حتى لو عن طريق كرة القدم؟

رحيل مارادونا هو الحدث الرياضي الأسوأ والأكثر حزنًا في 2020 بلا شك!

القاضية ممكن

بعد رحيل دييجو بيومين فقط كان استاد القاهرة الدولي على موعد لاستقبال نهائي القرن. مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الغريمين الأهم في القارة السمراء: الأهلي والزمالك.

لست بحاجة بكل تأكيد لأذكرك بتفاصيل ذلك اليوم، فمنصات السوشيال ميديا المصرية تعيش تفاصيل ذلك اليوم وكأنه كان ليلة أمس.

فرحة جماهير الأهلي باللقب -الذي يؤمن البعض أنه الأغلى في تاريخ النادي- ما زالت في أعلى درجاتها. وحزن جماهير الزمالك لم يعالجه مرور الأيام على المباراة حتى الآن.

من المرجح أن تستمر تلك الحالة من الفرحة الهستيرية والحزن المضاد لمدة أطول في ظل انخفاض سقف الحريات في مصر بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وعدم ترك مساحات كافية للجماهير لتنفيس طاقاتها في مجالات أخرى غير كرة القدم.

أرقام قياسية فردية

أما على صعيد الأرقام الفردية، فهناك 3 أرقام قياسية يجب تسليط الضوء عليها في نهاية هذا العام.

أول هذه الأرقام هو كسر البرتغالي كريستيانو رونالدو لحاجز الـ100 هدف مع منتخب بلاده- 102 هدف- ليأتي ثانيًا بعد الإيراني علي دائي صاحب الـ109 أهداف مع منتخب بلاده. كريستيانو على موعد قريب مع التاريخ ليصبح صاحب أعلى عدد أهداف للاعب مع منتخب بلاده في تاريخ اللعبة.

ميسي هو الآخر أنهى عام 2020 بالوصول لهدفه رقم 644 مع برشلونة، ليكون بذلك صاحب أعلى عدد أهداف مع نادٍ واحد ليحطم بذلك رقم بيليه مع نادي سانتوس البرازيلي.

لا يمكننا ذكر الأرقام القياسبة في عام 2020 بالطبع دون ذكر البولندي روبرت ليفاندوفسكي. ليفا خرج فائزًا بجائزة The Best التي يقدمها الفيفا لأفضل لاعب في العالم، وأيضًا بـ55 هدفًا سجلهم مع بايرن ميونيخ الألماني في 47 مباراة هذا الموسم. موسم رائع للمهاجم البولندي!