في محاولة جادة للنهوض بالقطاع المتحفي، وتوثيق الحضارة المصرية توثيقاً علمياً وتاريخياً مدعمًا بالنماذج التراثية الأصلية الدالة على تعمق الحضارة المصرية في وادي النيل عبر العصور، منذ عصور ما قبل الأسرات القديمة وحتى الحضارة المصرية المعاصرة، تم افتتاح معرض الحرف التراثية المصرية في إطار الافتتاح الجزئي لمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة.


متحف الحضارة المصرية بالقاهرة

في حواره مع «إضاءات»،تحدث «د.السيد أبو الفضل»، أمين متحف الحضارة المصرية عن أهداف متحف الحضارة المصرية وقال:

يستهدف متحف الحضارة المصري المواطن المصري بالأساس وهو هنا عكس باقي المتاحف الموجودة في مصر، والتي تستهدف جميعها السائح الأجنبي أولاً، ويعتبر المتحف مؤسسة ثقافية ترفيهية، تعليمية، حيث تزورنا الأسرة بالكامل، فيتوجه الأب والأم لقاعات العرض، بينما يمارس الأطفال الأنشطة المتحفية في القاعات التعليمية، وبعد انتهاء الأنشطة المتحفية تستطيع الأسرة أن تتوجه للمطاعم، والسينما، أو مشاهدة العروض المسرحية والفنية، أو تستمع بالمناظر الطبيعية الجميلة على البحيرة الطبيعية (يقصد عين الصيرة)، إذًا نحن هنا أمام مشروع ترويحي تثقيفي متكامل يستهدف الأسرة المصرية وتخاطب كلاً بلغته، ليصبح المتحف مركزًا توعويًا نهضويًا في وسط القاهرة، كما يقدم المتحف من خلال قاعات العرض، بانوراما تراثية عن كل ما يتعلق بتطور الحضارة في مصر عبر العصور
ويقام المتحف على مسطح مساحته 33 فدانًا، ويشتمل على:

1- مبنى للاستقبال ويقدم مجموعة من الخدمات وهي:

– الخدمات التعليمية (قاعة محاضرات ـ قاعة مؤتمرات ـ خمسة فصول تعليمية تقدم أنشطة ودورات تدريبية متحفية ومجتمعية).

– المركز التجارى (٤٢ محلاً ومعرضًا).

– الكافتيريات والمطاعم.

– صالة الاحتفالات ودار للسينما ودار للمسرح.

2- مبنى قاعات العرض ويشمل عشر قاعات للعرض لم يفتتح منها سوى قاعة واحدة ومن المنتظر افتتاح الباقي خلال العامين المقبلين.

3- مخازن الآثار حيث يقدم المتحف حلولاً لمشكلة تكدس الآثار وتخزينهـا فـي مصر، حيث تم استغلال المساحات المتاحة في مناطق الخـدمات فـي الـدور السـفلي للمتحف لتكون مخازن للآثار حيث يتم تخزينها بأحدث الأساليب العلمية، ومـزودة بنظم التحكم في درجات الحرارة والرطوبة النسبية ونظم التأمين الإلكترونية الحديثة ونظم لمكافحة الحريق غير مؤثرة على الآثار.

4- معامل الصيانة وورش الترميم والتي تعتبر من أحدث معامل وورش الترميم في العالم حيث تضم أحدث الأجهزة والتقنيات الحديثة في مجال الصيانة والترميم لتخدم الأغراض التي من أجلها أقيم المتحف في مجال الصيانة والترميم سواء الآثار المعروضـة أو المخزنـة وليكون مركزاً للتدريب على الصـيانة والتـرميم الأثـري لمقتنيات المتاحف في مصر أو المنطقة العربية وإفريقيا والشرق الأوسط.

5- جراج يستوعب حوالى 60 أتوبيسًا سياحيًا و 500 سيارة (وهو أكبر جراج يخدم مؤسسة متحفية في مصر)


الموارد والخبرات

معرض الحرف المصرية عبر العصور
معرض الحرف المصرية عبر العصور

بلغت تكلفة إنشاء المتحف 2 مليار جنيه، تولت الحكومة المصرية تمويلها بالكامل، تمثلها وزارة الآثار، وصندوق إنقاذ النوبة، فضلاً عن إسهامات منظمة اليونسكو التي قامت – بناء على طلب الحكومة المصرية – بإطلاق حملـة عالمية لتأسيس المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة، وقدمت استشارات فنية وتقنية من خلال فريقها الضخم مـن المستشارين والفنيين متعددي التخصصات، وهذا جنبًا إلى جنب الخبراء المصريين ليشمل مجالات الآثار والعمارة وعمارة المسطحات الخضراء وعلم المتاحف وتصميم المعارض والصيانة والترميم والخدمات التعليمية والظروف البيئية والأمن والتنظيم والإدارة والتوثيق والتدريب.

يعتبر متحف الحضارة المصرية كيانًا مستقلاً يدار بواسطة مجلس أمناء مكون من شخصيات اعتبارية هامة في مصر والخارج وكلها شخصيات ذات حيثية علمية وأثرية، مصرية ودولية ويضم المجلس كلاً من وزراء الآثار والسياحة والتعاون الدولي والمالية والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، كما ستضم خبراء من الآثار المصريين والأجانب وهم؛ من مصر أستاذ علم الآثار الدكتور علي رضوان، عميد كلية الآثار الأسبق والدكتورة علا العجيزي، عميد كلية الآثار الأسبق، ومن الخبراء الأجانب سيضم رئيس قسم المصريات بجامعة لندن، ورئيس قسم الآثار والفنون الإسلامية بجامعة باريس ـ السربون- فرنسا.

ومن الشخصيات العامة المصرية سيضم مجلس الأمناء الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، والسفيرة مشيرة خطاب، والدكتور مصطفى الفقي المفكر السياسي، ومحمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس لجنه الثقافة والإعلام والآثار بمجلس الشعب، ومن الشخصيات العالمية الأجانب مدير متحف شنغهاي بالصين، ومدير عام منظمة اليونسكو، ورئيس مؤسسة جيتي، وكريم أغاخان رئيس مؤسسة الأغاخان أو من يمثلهم.


معرض الحرف المصرية عبر العصور

وبمناسبة الافتتاح المؤقت لمتحف الحضارة، تم افتتاح معرض «الحرف المصرية عبر العصور»، والذي يلقي الضوء على تطور تكنيك الحرف المصرية الأكثر عراقة وعمقًا في التاريخ المصري والإنساني وهي الفخار والنسيج والحلى وصناعة الخشب. حيث يوضح نشأتها وتطورها عبر العصور التاريخية المختلفة، وذلك عن طريق عرض 420 قطعة أثرية مختارة من مختلف عصور الحضارة المصرية، تمت استعارتها من المتحف المصري، والمتحف الإسلامي، والمتحف القبطي، ومتحف النسيج بشارع المعز ، ومتحف الأقصر، وباقي القطع من مقتنيات متحف الحضارة الخاصة، بالإضافة لقطع اشتراها المتحف خصوصاً قطع التراث مثل الحلى التراثية مثل (الكردان الفلاحي ذي الثلاثة أهلة).

الكردان ذو الثلاث أهلة - حلي تراثية من سيوة
الكردان ذو الثلاث أهلة – حلي تراثية من سيوة

كما يضم كذلك عددًا من المجسمات والجرافيك توضح شكل صانعي هذه الحرف وملابسهم وهيئاتهم وكذلك المواد المستخدمة في الحرفة الخاصة بهم، كما تم تزويد قاعة العرض بشاشات إلكترونية كبيرة، تقدم أفلامًا وثائقية عن الحرف الأربعة.

الخزف

طبق خزف مزخرف بالمينا والبريق من العصر الإسلامي، إناء من عصر ما قبل الأسرات، كسرات فخارية من عصور مختلفة
من اليمين: طبق خزف مزخرف بالمينا والبريق من العصر الإسلامي، إناء من عصر ما قبل الأسرات، كسرات فخارية من عصور مختلفة

يقدم المعرض قطعاً نادرة تعود لحضارة نقادة ولعصور ما قبل الأسرات، ويستعرض من خلال المجسمات التوضيحية طرق تشكيل الفخار عبر هذه العصور مع عرض نماذج أصلية لبعض القطع التي تنتمي للعصور القبطية والإسلامية.

الحلى

حلى من القيشانى، حلى تراثية من الفضة والاحجار الكريمة، حلى قبطية من الفضة
من اليمين: حلى من القيشانى، حلى تراثية من الفضة والاحجار الكريمة، حلى قبطية من الفضة

يقدم المعرض بانوراما فنية عن طرق التشكيل والصياغة التي عرفها المصري القديم بالإضافة لفكرة عامة عن طرق وتقنيات الصب أو الطرق والذي كان أكثر شيوعاً بمصر القديمة حيث تعد حرفة طرق الذهب مهارة يشتهر بها النوبيون حتى الآن، كما يقدم قطعاً من الحلى المطعمة بالأحجار شبه الكريمة أو القيشاني وهو من أنواع الخزف الذي كان مادة مفضلة فى العصور القديمة لتطعيم التمائم. ونرى من ضمن المعروضات قطعاً من الحلى التراثي السيناوي والسيوي فهو جزء لا يتجزأ من ثقافة وتراث مصر.

الخشب

من اليمين: كرسى من خشب الرمان المخروط بزخاارف نباتية، كرسى من مقبرة تويا ويويا، كرسى من الخشب المخروط المطعم بالصدف

يضم المعرض قطعاً خشبية من الحضارة المصرية توضح تطور الصناعات الخشبية عبر العصور، غاية في الجمال ودقة الصنعة، مثل كرسي للملكة «حتب حرس» والدة الملك خوفو، والذي يعد أول كرسي ملكي في التاريخ، وكرسي من الدولة القديمة مصنوع من خشب الرمان به 120 وحدة خشبية يوضح مهارة العمال في الصناعة وكيفية تجميع عروق الخشب، وأجزاء من مشربيات، عدد من الأبواب الخشبية عليها زخارف هندسية ونباتية بالعاج.

النسيج

كرسى من خشب الرمان المخروط بزخاارف نباتية، كرسى من مقبرة تويا ويويا،كرسى من الخشب المخروط المطعم بالصدف
كرسى من خشب الرمان المخروط بزخاارف نباتية، كرسى من مقبرة تويا ويويا،كرسى من الخشب المخروط المطعم بالصدف
قطعة نسيج أصلية من العصر الاسلامى
قطعة نسيج أصلية من العصر الإسلامي (يمين)، قميص من النسيج القباطي في العصر القبطي (يسار)، خيوط غزل الكتان ومواد صباغة ونسيج

يحتوي مسار العرض المتحفي على قطع نادرة من نسيج القباطي المصري القديم، وقطعًا من أثواب نسجية من مقبرة تويا ويويا، وبعضًا من خيوط الغزل من حضارة مصر القديمة فضلاً عن قطع نسجية من العصور الإسلامية مطرزة بعبارات الحمد والتوحيد.


وفي نهاية الجولة في متحف الحضارة المصرية ومعرض الحرف المصرية عبر العصور يستطيع الزائر اقتناء بعض من نماذج القطع المصرية الجميلة والمعروضة بأسعار معقولة جدًا في قاعة الهدايا والتذكارات، كما ننوه أن المعرض مفتوح للزيارة والتصوير الفوتوغرافى والفيديو (مجانًا) حتى نهاية شهر فبراير/ شباط الجاري من الساعة 9 صباحا إلى 5 مساء، وتذاكر المتحف ستكون متاحة للجمهور بدءًا من شهر مارس بسعر التذكرة 30جنيهًا للمواطن المصري و60 جنيهًا للسائحين.