محتوى مترجم
المصدر
Another Way of Winning
التاريخ
2012/11/15
الكاتب
Sir Alex Ferguson
غلاق
غلاف الكتاب

«في عام 2012، تم نشر كتاب طريقة أخرى للفوز الذي يحكي سيرة المدرب الإسباني بيب جوارديولا. هذه هي مقدمة الكتاب، بقلم سير أليكس فيرجسون، وقد تمت كتابتها في ربيع 2012. في تلك الفترة التي أعلن فيها جوارديولا نية الرحيل عن كتالونيا».

لقد فوَّتُ فرصة التعاقد مع بيب جوارديولا كلاعب، عندما أدرك أن مستقبله قد انتهى في برشلونة. على الرغم من عدم وجود سبب واضح يدفعه للرحيل عن ناديه، إلا أننا تحدثنا مع جوارديولا، وكنت أظن أن لدي فرصة جيدة للظفر به. ربما كان توقيتي خاطئًا، ولكن الفكرة كانت مثيرة. لقد كان لاعبًا من ذلك الطراز الذي أصبح عليه بول سكولز الآن. لقد كان كابتن، وقائدًا، ولاعب منتصف الملعب بفريق الأحلام في برشلونة، أثناء حقبة المدرب يوهان كرويف. لقد أظهر الاتزان والهدوء والسيطرة على الكرة، والقدرة على التحكم في إيقاع المباراة. كل هذا جعله واحدًا من أعظم لاعبي جيله. وكانت هذه هي الإمكانيات التي أبحث عنها. ولهذه الأسباب، انتهى بي الأمر إلى التعاقد مع خوان سباستيان فيرون.

أحيانًا تنظر إلى لاعبٍ مميز وتفكر: «تُرى كيف كان سيبدو الأمر لو أنّه كان قد أتى إلى اليونايتد؟!»، هذا هو الحال مع بيب جوارديولا.

يمكنني أن أتفهم موقف بيب كلاعب. عندما تكون فى برشلونة، فأنتَ تريد أن تصدق أن هناك مكان لك مدى الحياة. لذا عندما تواصلنا معه، أراد أن يصدق أنه ما زال لديه مستقبل مع النادي. ولكن الأمر انتهى به إلى الرحيل فى ذلك الموسم. إنه شيء مؤسف. ففي كرة القدم، لا يوجد مكان لكلمة «مدى الحياة». العمر والزمن يلحقان بك، ويأتي اليوم الذي تدرك فيه أنت والنادي أنه قد حان وقت الانفصال. في ذلك الوقت ظننت أننا كنا نقدّم الحل لبيب؛ طريق مختلف لحياته المهنيّة. ولكن الأمر لم ينجح.

ذكرني هذا بـجاري نيفيل. حظيت بـجاري فى مانشيستر يونايتد منذ أن كان في سن الثانية عشر. أصبح تقريبًا كفرد من العائلة؛ كابن، شخصًا تعتمد عليه وتثق به، جزءًا من الهيكل الأساسيّ للفريق. ولكن فى يوم ما، كل هذا يصل إلى نهايته.

في حالة بيب، لابد أنه كان من الصعب أن يدرك أن وقت النهاية قد حان. يمكنني أن أتفهم شكوكه وتأخره في الرد علينا، لكننا اضطررنا للبحث في مكان آخر، واختفت الفرصة.

مما لاحظته عن جوارديولا، وكان عاملاً ضروريًا لنجاحه الهائل كمدير فنيّ، هو تواضعه الشديد. لم يحاول قط أن يشمت، لكنه أظهر احترامه دائمًا. من الجيد أن تتسم بهذه الصفات، فتلك أمور هامة للغاية. ولم يكن مدعيًا قط طوال حياته المهنيّة. كلاعب، لم يكن من النوع الذي يظهر على الصفحات الأولى من الجرائد. لقد لعب بطريقته الخاصة، لم يكن سريعًا جدًا، ولكنه لاعب كرة قدم مذهل ومتزن. وكمدرب، فهو منضبط تمامًا في كيفية إدارة فريقه. وإن فازوا أو خسروا، فهو دائمًا نفس الشخص الكيِّس غير المدّعي. ولأكون صادقًا، فأنا أظن أنه لمن الجيد أنه هناك شخصًا كهذا في هذه المهنة.

على الرغم من ذلك، يبدو أنه قد وصل إلى نقطة في حياته كمدرب أدرك فيها دقة وضعه في برشلونة، وأدرك متطلبات هذا الوضع. أنا واثق أنه أمضى الوقت يفكّر «إلى متى سيدوم كل هذا؟، هل سأكون قادرًا على بناء فريق آخر قادر على حصد الألقاب؟، هل سأكون قادرًا على بناء فريق آخر يستطيع الفوز بالكأس الأوروبيّة؟، هل أستطيع الحفاظ على هذه الدرجة من النجاح؟».

لو كان لي أن أسدي إليه النصح، لكنت أخبرت بيب ألا يقلق حول كل هذا. فإن احتمالات الفشل في الفوز بدوري الأبطال ليست إدانة لقدراته الفنيّة، ولن تنتقص من إمكانيات فريقه. ولكنّي أتفهم الضغط. التوقعات كانت مرتفعة للغاية في كل مرة يلعب فريق جوارديولا. الجميع أراد أن يهزمهم. في الواقع، أعتقد أنه كان محظوظًا بشكلٍ ما؛ لأن الشىء الوحيد الذي كان يقلقه هو كيفيّة كسر الفرق الخصوم، ومنعهم من الفوز.

شخصيًا، أعتقد أن الأمر يتعلق بفكرة الاستمرار. لماذا نستمر؟، قد يكون من أجل إدارة اللاعبين لإيجاد تكتيكات جديدة؛ لأن الفرق الأخرى بدأت في التغلب على أسلوب البرسا في اللعب، أو ربما من أجل تحفيزهم. في خبرتى الشخصية، فالشخص «العادي» يريد إنجاز المهام بأسهل الطرق الممكنة. على سبيل المثال، أعرف بعض الأشخاص قرروا التقاعد في سن الخمسين. لا تسألنى لماذا!، الدافع عند «أغلب الناس» لا يشبه الدافع الذي يمتلكه أشخاص مثل سكولز أو جيجز أو تشافي أو ميسي أو بويول؛ فهؤلاء في رأيي شخصيات استثنائية، ومسألة الحافز لا تمثل عندهم مشكلة حقيقيّة؛ لأن كبرياءهم يأتي قبل كل شيء آخر. أنا متأكد أن فريق بيب كان مليئًا بنوعيّة من الأشخاص يمثلون قدوة لمن حولهم ومصدرًا للتشجيع، ليسوا من ذلك النوع الذي يتقاعد مبكرًا.

أعرف جيرارد بيكيه منذ أيامه هنا فى اليونايتد. أعرف نوعيّة شخصيته؛ خارج الملعب هو شخص مسترخ وسهل المعشر، أمّا في الملعب فهو من النوع الذي يلعب ليفوز. كان على هذه الحال هنا في اليونايتد، ولم نكن نريده أن يرحل. وهو على هذه الحال أيضًا هناك في برشلونة. اللاعبون الذين حصل عليهم بيب تحت قيادته احتاجوا تحفيزًا أقل من المعتاد. هل يكون ذلك قد أصابه بالشك حول قدرته من الأساس على خلق حوافز للاعبيه؟!.

يمكنك أن ترى أنه استطاع دائمًا أن يفوز مع فريق برشلونة، والأمر يتطلب موهبة خاصة كي تدفعهم للمنافسة على هذا المستوى، وبهذا المقدار من النجاح لتلك الفترة الطويلة. ولكني مقتنع أن لديه من الأسلحة ما يكفي ليفعلها مرات عديدة أخرى.

ما حققه جوارديولا في سنواته الأربعة مع الفريق الأول لبرشلونة يفوق كل ما حققه المدربون السابقون لـملعب كامب نو. مع العلم أن منهم مدربين رائعين؛ مثل: فان خال وريكارد وكرويف. لكن جوارديولا تمكّن من أخد بعض الأمور إلى مستوى جديد تمامًا، كالضغط بالكرة مثلاً. وأصبحت أخلاقيات الانضباط والجديّة في اللعب بمثابة العلامة المميزة لفريقه. بيب خلق ثقافة جديدة، وأصبح اللاعبون يعلمون أنهم إن لم يعملوا بالجد الكافي فلن يكون لهم مكان في الفريق. صدقني، هذا ليس من السهل فعله.

مهما كانت خطوة جوارديولا القادمة، وربما يقضي بعض الوقت بعيدًا عن التدريب، وسواء انتقل إلى البريميير لييج أو لا، فسوف يكون هناك الكثير من التوقعات حول مستقبله دائمًا. لقد كان في نادى كرة قدم رائع في برشلونة، ولن تصبح الظروف أفضل حوله أينما ذهب. فالرحيل إلى نادٍ آخر لن يقلل من حجم الضغوط عليه أو يُنقِص من مستوى التوقعات حوله. الحقيقه هي أنه أينما ذهب، فسوف يخوض نفس التجربة. هو مدير فنّي، وعليه أن يقرر الأفضل لفريقه، واختيار اللاعبين وإستراتيجيتهم في الأداء، الأمر بهذه البساطة. من هذا المنظور، فالأمر متماثل أينما ذهب. فمنصب المدير الفني يأتي، وتأتي معه الضغوط. لقد كنت ناجحًا مع مانشستنر يونايتد للعديد من السنوات، ولكن هذا لم يكن بدون مشاكل. فكل ساعة من كل يوم عليك التعامل مع شيء ما، فى النهاية أنتَ تتعامل مع كائنات بشرية في عالم كرة القدم. هناك العديد من الأمور التي تستدعي القلق بشأنها: العملاء، العائلات، التشكيل، الإصابات، السن، الغرور. إذا ذهب بيب إلى أيّ نادٍ آخر، فإنه سوف يضطر إلى مواجهة ذات الأسئلة التى اضطر إلى مواجهتها حتى الآن، والتوقعات ستتبعه أيضًا.

فلماذا؟، لماذا قد يقرر الرحيل؟، فقبل أن يعلن بيب قراره، قلت أن هذا سيكون سخيفًا أن لا يبقى ليكمل المهمة. إذا نظرت إلى ريال مدريد، الذين فازوا بخمسة كؤوس أوروبا بين أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، فليس هناك سبب يمنعه من تحقيق المثل مع برشلونة. بالنسبة لي، كان هذا ليصبح دافعًا، لو كان لديّ هذا الفريق. ولو كنتُ بيب، فالرحيل سيكون أصعب قرار أُضطر إليه.