نحن الآن في 2030، لا يعرف أحد كيف ستنتهي هذه الحرب اللعينة التي أشعلها العناد، فلاديمير بوتين والناتو أحرقا الكوكب بأكمله، لكن الأحط من بوتين والناتو هو ذلك الذي لم يعرف أحد هويته إلى الآن، وضغط في عام 2026 على زر النووي اللعين الذي هدد كلُّ العالم كلَّ العالم به لأكثر من نصف قرن، ولأول مرة يصدق أحد في تهديده، وضربت دفعة هائلة من السلاح النووي. تريد أن تعرف بالتأكيد من أقدم على تلك الخطوة.

الحقيقة أن المحظوظين بالبقاء أحياء بعد تلك الموجة النووية لم يتسنَّ لهم إلى الآن ونحن في 2030 معرفة من هذا الأخرق؟ سطح الأرض لم يعد صالحًا للحياة بشكل كامل بعد دقيقة واحدة من كبس الزر اللعين، واتجه من بقوا أحياء إلى الملاجئ تحت الأرض التي نقلت قارات كاملة إليها، لقد هلكت الحياة البرية بشكل كامل، لم يعد من في باطن الأرض يعلمون شيئًا عن سطحها، وبالتالي فقد انقطعت علاقة كل الناجين في الملاجئ بما على السطح للأبد.

ميسي ورونالدو تحت الأرض

4 سنوات بعد الضرب بالنووي لم تكن كافية لتأسيس شبكة الكابلات العابرة للحدود التي كانت البحار توفرها للعالم، وبالتالي انقطعت شبكة الإنترنت عن العالم كله، وعاد الإنسان سيرته الأولى، لكن أهل تحت الأرض بشكل ما وصلوا إلى تضاريس واضحة عن الظروف فوق، فمن في روسيا يدرك أنه هناك، اقتطعت المساحات وفقًا للحدود التي تشكَّلت في سنوات الحرب التي سبقت ذلك الزر اللعين.

يمكننا أن نرى في خريطة العالم الجديد كيف أن روسيا استطاعت تحت الأرض أن تضم إليها باطن أرض أوكرانيا بشكل تام، أخذت في طريقها بولندا كي تضمن أن الناتو لن يصل بحال، قوات الناتو تحاول دخول باطن أرض روسيا من أي من حدودها المترامية، لكن الدب يواصل السيطرة، لقد أخذ خطوات استباقية في طريق الحرب، ودعني أقول لك إن كرة القدم كانت واحدة من أهمها.

في ملجأ فاخر بباطن الأرض الروسية، يمكننا أن نرى آخر شخصين قد يجلسان معًا برفقة عائلتيهما في هذا العالم، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، تبدو الصداقة إجبارية بين جورجينا وأنتونيلا لكن هذا لم يعد يهم، مكوث المتنافسين الأبرز في تاريخ اللعبة في باطن الأرض الروسية لم يتم باختيارهما، لقد تم اختطاف ميسي من برشلونة حيث كان يستعد لختام مسيرته هناك وبدأت جماهير الفريق تقطع شرايينها فرحًا، بينما كان رونالدو لا يزال لاعبًا لمانشستر يونايتد يطالب زملاءه بإرسال عرضية واحدة صحيحة، الذين صار من بينهم بالمناسبة نجله كريستيانو جونيور، الذي صدق البرتغالي وعده بأنه سيختم مسيرته معه.

الروبل

2026 كان العام الذي حدد كلا النجمين أنهما سينهيان مسيرتهما فيه، لكن جاء الاختطاف الروسي وتوقيع العقود القسرية على اللعب في «البريمير ليجا» وهذا اسم الدوري الروسي بالمناسبة، براتب خرافي يصل إلى 20 مليون روبل أسبوعيًّا وبشرط جزائي مرعب سأعود لأخبرك عنه بعد قليل.

لكن مهلًا، هل قلت لك «روبل؟» بالتأكيد هو كذلك، لقد باتت العقود الأغلى في عالم كرة القدم تحت سطح الأرض يحكمها الروبل، الذي لم يعد العملة الروسية فقط، لقد أجبرت روسيا حلفاءها في العالم أجمع على توحيد الروبل، وأعلنت أن أيًّا من حلفائها إذا واصل التعامل باليورو أو الدولار، فإن هذا يعني خروجه من دائرة التحالف الروسي، والخروج من التحالف يعني قصفًا فوريًّا لسكان البلد كله بصواريخ تحت فوق، تصعد بالمقصوفين إلى سطح الأرض، وسطح الأرض بات يعني صعودًا آخر إلى رحمة الله، تداعيات الضربة النووية لا تزال قائمة.

تعرف طبعًا أن حلفاء روسيا أولئك يشملون حليفًا مهمًّا بات في 2030 من محتكري كرة القدم، الصين، تخيل أن نصف اقتصاد العالم يتعامل بالروبل، يمكنك أن تستنتج كيف صار الدوري الصيني جذابًا للغاية، لقد ضحى كيليان مبابي بسنوات مجده كلها ليلعب في جوانجزو إيفرجراند مقابل 3 مليارات روبل سنويًّا، لا يقترب منه في الدوري الصيني كله سوى محمد صلاح الذي يلعب في نادي شنجهاي مقابل مليارين ونصف المليار.

الهجرة إلى سوريا

أنت تعرف أيضًا بالتبعية أن الدوري السوري بات الأقوى في المنطقة العربية والشرق الأوسط، سوريا هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أعلنت الشراكة التامة مع روسيا، لقد أدخلت الروبل كعملة للبلاد في 2023 أصلًا، قبل أن تعترف الصين بالتحالف الروسي وتعلن الروبل عملتها، سوريا لا تمزح إذا تعلق الأمر بروسيا أبدًا.

لقد تناثر اللاعبون المصريون في كل أندية الدوري السوري، لكن السجال الأبرز هو بين عبد الله السعيد الذي وصل إلى سن الخامسة والأربعين ولا يزال يلعب كرة القدم ويقود نادي تشرين في ديربي اللاذقية، وفي الناحية الأخرى من المدينة يمكنك أن ترى طارق حامد في أوج عطائه في الثانية والأربعين يقود آمال فريق حطين الذي منحه «التقدير» الكافي لإكمال مسيرته.

لا يزال نادي الجيش في أوج العطاء أيضًا، يقود آماله رمضان صبحي الذي ترك بيراميدز «الفقير» في مصر، وضحى من أجل مجد الروبل في الدوري السوري، لقد كان يريد أن يقود الفريق السوري للقب دوري أبطال آسيا، وها هو ذا هنا، تحت إمرة مدرب خبير يعرف من أين تؤكل الكتف: حسام البدري.

الكرامة بدوره استعان بعصام الحضري مدربًا للفريق، ترك تدريب حراس المرمى ورأى أن عالمًا آخر ينتظره لا داعي لإغلاقه وهو الذي يستقبل الحياة الكروية في ربيعه السابع والخمسين ولا يزال العمر أمامه، يحاول اللحاق بالجيش في صدارة ترتيب متوجي الدوري السوري، وعلى خطاه يسير نادي الاتحاد الذي يقوده جهاز فني شاب بقيادة أحمد فتحي ومساعده شكري نجيب.

عرفتَ الرابط المشترك بين كل تلك الأسماء المصرية التي توجهت إلى سوريا بالطبع.. لا تحتاج لأن أشرح لك!

دوري أبطال العالم

الدوري الإيراني بات وجهة ساخنة أيضًا في ظل الاعتراف الإيراني الفوري بالروبل ودخولها التحالف الروسي، يعتقد على نطاق واسع أن زر النووي كُبس من هناك في 2026، اللاعبون من كل حدب وصوب يستهدفون أن يلعبوا في استقلال طهران، الذي بات قوة عظمى في دوري أبطال العالم لا تنافسها سوى القوة العظمى الأخرى، شاختار دونيتسك.

لست بحاجة لأن أخبرك أن فريق الدولة التي جلبت الحرب أصلًا خرج من الدوري الأوكراني بعد اعتراف بوتين بدولة دونيتسك، وكذلك من دوري أبطال أوروبا بضغوط من «يويفا»، وانتقامًا من تلك القرارات فتحت روسيا ميزانية مفتوحة لشاختار دونيتسك كي يكون أكبر نادٍ في العالم، وكانت أولى الخطوات خطف رومان أبراموفيتش من تشيلسي وإجباره على رئاسة شاختار دونيتسك، أبراموفيتش لم يستطع مخالفة حكومة بلده التي ساعدته بتحويل كل ثروته إلى الروبل قبل أن تعلن القطيعة مع دول اليورو والدولار، وكان أول قرار له هو جلب جوزيه مورينيو لتدريب شاختار، الذي راهن على إحياء مسيرة جاريث بيل في أواخر أيامها ليصبح النجم الأول للفريق الدونيتسكي.

الفقرة قبل الماضية حملت مصطلح «دوري أبطال العالم» نسيت أن أخبرك أن هذا هو اسم البطولة الأبرز في عالم التحالف الروسي، والذي يضم أندية باطن الأرض الروسية والصينية وكل الدول المتحالفة بما فيها سوريا وإيران، لم يعد دوري أبطال أوروبا جذابًا للغاية في ظل احتكار التحالف الروسي لميسي ورونالدو ومبابي وصلاح وغيرهم من النجوم كما أسلفنا.

الحاج عامر حسين لإنقاذ أوروبا

لا تزال الكرة الأوروبية برمتها تحت تأثير الصدمة، يمكنك أن ترى كيف أن ستوديو سكاي سبورتس ينادي كل أسبوع في تحليل البريميرليج بالتعلم من تجربة مهدي مهديفيكيا الألمعية في إدارة الاتحاد الإيراني لكرة القدم، ورغم محاولات الإنعاش الأمريكي – خليجية لكرة القدم في القارة الصفراء، إلا أن الخطوات الروسية الاستباقية كالعادة فاجأت الكل.

لقد تم الاتفاق على إرسال الحاج عامر حسين شخصيًّا لإدارة لجنة المسابقات في «يويفا».. لكن البنية التحتية المدمَّرة في باطن الأرض الأوروبية، وفرار النجوم واختطافهم بشكل أسبوعي تقريبًا يحول دون إكمال مسابقة دوري واحدة في موعدها المقرر من بداية الموسم، ناهيك عن عجز تلك الاتحادات عن إقامة دوري أبطال أوروبا منذ 2026.. لقد أتى الحاج عامر حسين كحل أخير لنقل التجربة المصري-إفريقية إلى هناك، يمكن لقارة إفريقيا أن تلعب في أي ظروف حتى لو ضُرب العالم بالنووي، ليتهم فهموا رسالة صامويل إيتو في 2022!

بمنتهى الملل يستعد ميسي ورونالدو للكلاسيكو الذي فرضت روسيا أن يكون أسبوعيًّا بين فريقيهما زينيت سان بطرسبرج وسبارتاك موسكو للاستفادة بأعلى عائد من البث التحت أرضي لتلك المباريات، بمنتهى الملل يعودان لارتداء حذاءيهما، وهما يعلمان ألا سبيل لديهما للرفض، إن الشرط الجزائي الذي لم أخبرك به هو أن يظلا في الملاعب حتى الموت أو انتهاء الحرب، أو قبول الإعدام رميًا بالرصاص.. هذا هو باطن الأرض في روسيا، لن يمكنك أن ترفض قواعده وتظل حيًّا حتى لو كنت ميسي أو رونالدو، أهلًا بك في عصر الحرب العالمية الثالثة.