رائد الإعلام الرياضي في مصر، أول من بدأ فكرة التغطيات لمباريات الدوري المصري بشكلها الجديد. من الراديو إلى القناة السادسة ثم برنامجه الذي أحدث طفرة في البرامج الرياضية على قناة دريم التي نكنّ لها كل احترام وتقدير بالطبع. معنا الليلة الكابتن أحمد شوبير.

هل تشعر وأنت تقرأ تلك الكلمات بشيء من الرتابة والملل؟ اطمئن، شعورك طبيعي. أنت سمعت تلك الكلمات من قبل مرات ومرات طيلة السنوات الماضية. ما يمكن أن يهون عليك أن قدر الملل الذي تستقبل به تلك الكلمات سيكون بالطبع أقل من الجنرال مدحت شلبي الذي عاش لسنوات يستقبل تلك الجمل عن غريمه الأول بابتسامات مصطنعة ليبدو وكأنه غير مهتم.

لنقم الآن باختبار ثانٍ صغير. حاول أن تنسب تلك المقدمة إلى إعلامي مصري بعينه، في الأغلب لن تستطيع. هي مقدمة مشتركة تتناقلها فرق الإعداد في كل البرامج التي يحل شوبير ضيفًا عليها، حين يقرر أن يتنازل عن دوره في قيادة الحوار الذي يقوم به طوال اليوم. في الصباح بالراديو، بعد الظهيرة في اتحاد كرة القدم المصري، ومساءً على شاشات الفضائيات.

شوبير شخصية بارزة بالطبع، لكن عند تسليط الضوء عليه في البرامج المصرية- وهو ضوء لا ينقطع بالطبع – يتم ذلك بشكل نمطي مكرر قد سئمناه جميعًا. فلنحاول الآن تسليط الضوء على مناطق أخرى في شخصية هذا الرجل، بشكل أقوى بعيدًا عن ذلك الضوء الخافت الذي يُسلط عليها.


متلازمة شوبير

مكالمة جنسية مع صحفية في جريدة الأهرام، ثم تزوير في انتخابات مجلس الشعب المصري قبيل ثورة 25 يناير، ثم معاداة لشباب الثورة جاءت بشكل تدريجي، ثم حرب مع الأولتراس الأهلاوي كان شوبير هو الطرف الأبرز فيها وتسبب من خلالها في القبض على العديد من قياداتهم. ما الذي يجعل شخصًا مثل هذا يحتل تلك المكانة عند جماهير الأهلي المصري سواء صرحوا بها أو تظاهروا بعدم وجودها من الأساس لأن أخلاقهم لا تستسيغ إعلان شيء مثل هذا؟

السبب هو متلازمة «الفن والرياضة» أو «متلازمة شوبير»، والتي يمكن تعريفها بالرصيد الذي تخلقه الرياضة أو الفن أو الشهرة بوجه عام عند عموم الجماهير. ذلك الرصيد الذي يسمح لصاحبه بارتكاب العديد من الفضائح دون ذبحه في الصحافة والإعلام.

وحتى لا تختلط الأمور، نحن هنا لا نتحدث عن شوبير الإعلامي المصري المدعوم من الدولة المصرية. نحن نتحدث عن شوبير «الأهلاوي» الذي يجد الدعم من جماهير النادي الأهلي نفسها لا من الدولة. هل تتذكر الأخبار التي انتشرت منذ شهور قليلة عن تشابك بالأيدي بين شوبير ومرتضى منصور في اجتماع الأندية باتحاد كرة القدم المصري؟ فرحت جماهير الأهلي حينها وتفاخرت بشوبير بشكل غريب.

كانت تلك الفرحة نكاية في مرتضى منصور ومن أطفال السوشيال ميديا؟ الحقيقة أن ذلك اختزال لجزء كبير من الحقيقة؛ لأن احتفاء جماهير الأهلي بشوبير لم يكن في ذلك الموقف فقط، بل كان حاضرًا في فترة دعم شوبير لمحمود الخطيب في انتخابات الجزيرة الأخيرة. كان حاضرًا أيضًا عند انتشار أنباء عن دعم شوبير للأهلي داخل أروقة الجبلاية في أزمة تركي آل الشيخ الأخيرة.

ترى جماهير الأهلي في شوبير «الأهلاوي المخلص» الذي وبالرغم من كل عيوبه لا يتخلى أبدًا عن الكيان. هو فاسد ومزور ويصفي حساباته الشخصية بطرق ملتوية، بل وله تاريخ أسود لا يختلف عن تاريخ مرتضى منصور في حرب الأولتراس إلا في الشياكة. ولكن كل ذلك لا يهم، فهو يحب الأهلي ويدافع عنه بدمه، هو أهلاوي بجد!


ذكي في إدارة معاركه

منذ أشهر قليلة خرج الإعلامي الزملكاوي المتحدث باسم نادي بيراميدز أحمد عفيفي، أعلم أن الوصف غريب ولكنه لا يقل غرابة عن الوضع الحالي للكرة المصرية، بفيديو يرد فيه على هجوم شوبير عليه. قال عفيفي إن رائد الإعلام الرياضي لا يستطيع الرد على تركي آل الشيخ بشكل مباشر فقرر تحويل المدفع تجاهه حتى ينال تحية من جمهور النادي الأهلي الذي يراهن عليه في هذه المرحلة.

الكلام حتى وإن خرج من خصم مباشر لشوبير في هذه المرحلة إلا أنه وبعد قليل من التفكير ستجد أنه سليم بنسبة 100%.

بعد الصلح بين شوبير ومرتضى منصور بإشراف من مؤسسة الرئاسة قرر شوبير توجيه دانة المدفع تجاه أحمد الطيب في مشهد يتذكره الجميع حين قام بضربه على الهواء في برنامج وائل الإبراشي. النزاع لم يكن بين شوبير والطيب كما بدا للجميع، النزاع كان خفيًا بين شوبير ومرتضى منصور.اتصل الأخير بالطيب بعد الهواء ليخبره وهو منفعل أنه لن يترك حقه وسيحبس أحمد شوبير.

في انتخابات النادي الأهلي الأخيرة، لم يستطع شوبير الهجوم على شخص في نفوذ وقوة محمود طاهر، لاسيما في وجود احتمالات غير قليلة لفوزه في الانتخابات، فقرر كالعادة توجيه الحرب تجاه مؤيديه مثل شادي محمد.

حربه الأخرى مع مجدي عبد الغني والتي استمرت لسنوات قرر شوبير إيقافها مؤخرًا وتوجيه دفتها تجاه العضو كرم كردي، بسبب سطوة مجدي عبد الغني داخل جدران اتحاد الكرة وحاجة شوبير الماسة له في انتخابات نائب رئيس اتحاد الكرة الداخلية. هل تتذكر فضيحة استبعاد عبد الغني من رئاسة بعثة المنتخب في المونديال ثم العودة في القرار بعد تهديده لهاني أبو ريدة بفضحه على الهواء؟

دائمًا ما يكون انقضاض شوبير على الظهير الأضعف لإرضاء «شريحة جمهور النادي الأهلي العاقلة» إن جاز وصفها كذلك، في الوقت نفسه الذي لا يخسر فيه مصالحه الشخصية.


شوبير الضعيف

رفاهية اختيار الطرف الآخر للصراع لا تكون متاحة لشوبير في كل الأوقات. ففي بعض الأحيان تكون الحرب حرب وجود إن صح التعبير، حين يكون شوبير مجبرًا على الصراع مع الجمهور نفسه، مثل حربه مع الأولتراس.

الأمر لم يكن برغبة شوبير، ولكن الأمر كان متعلقًا برغبته في سماح الدولة له باستمراريته كرائد للإعلام الرياضي في مصر ليكون بعيدًا عن أي مذبحة محتملة للرياضيين، حينها ستكون خسارة جزء من الجمهور أهون عليه بكثير من خسارة مكانته.

في هذه المواقف تظهر الشخصية الأضعف من شوبير في الكواليس حتى وإن كانت الأقوى على الشاشة، لأن الهجوم على الجمهور حينها لا يكون باختياره. هو يعلم تمامًا أن الحرب مع الجمهور بها خسارة لأشياء ليست بالقليلة، وهو ما يجبره على التزام النبرة الهادئة المستكينة عند الحديث عن هجوم البعض على نجله مصطفى شوبير واتهامه بالصعود بالواسطة.

شوبير لن يدخل تلك الحرب مع الجمهور، ليس لأنه يعلم قواعد الشفافية والمهنية وسيترك الحكم للجمهور، لكن لأن تلك الحرب إن دخلها سيخسر الكثير هو ونجله؛ لذلك لن تتغير هذه النبرة مستقبلًا وسيظل يدافع بهدوء ومهادنة للجمهور والصحفيين دون صراخ.

خلاصة الأمر أنه عند دخول الجمهور كطرف ثانٍ في الصراع مع شوبير، تظهر نسخة شوبير غير القادرة على الاختيار أو اتخاذ القرارات.


ملك اصطناع التواضع

هل شاهدت قبل ذلك لقاء لأحمد شوبير مع أحد خريجي برامجه الرياضية مثل إبراهيم فايق؟ أو حتى مع مقدمي البرامج الرياضية الذين بزغ نجمهم مؤخرًا مثل هاني حتحوت أو إبراهيم عبد الجواد؟

ما نلاحظه دائمًا هو حرص شوبير الدائم على التذكير في بداية ومنتصف ونهاية الحلقة بأن دوره هو وغيره من قامات الإعلام بتقديم الفرص للشباب حتى وإن لم يكن له دور حقيقي في ذلك. يواجه المدح بوجه غير مبتسم ونظرات للأرض، ثم يناديهم بأسمائهم ليعود سريعًا ليتظاهر وكأنه يتدارك خطأه ليناديهم بـ «أستاذ» أو «كابتن»، في مشهد متكلف من «التواضع المصطنع».

حضور شوبير نفسه إلى تلك البرامج دائمًا ما تجد حوله هالة مجهولة المصدر، تصدّر إلى المشاهد حالة الأستاذ الكبير السعيد بنجاح تلميذه النجيب، ولكن الحقيقة غير ذلك.

الحقيقة أن «رائد الإعلام الرياضي» قد شق طريقه بعلاقاته في حقبة مبارك الذي عرف كيف يتعامل معها جيدًا. صحيح وأنه تمتع بقدر من قوة الشخصية التي تجعله متحكمًا في حواراته، وقدر من الذكاء كما أشرنا من قبل.

ولكن هل يشفع له ذلك أن يكون رائد الإعلام الرياضي في أكبر دولة عربية؟ بالطبع لا؛ لأنه ليس من المعقول ألا يكون رائد الإعلام حاصلًا على أي شهادة أو دورة تدريبية في الإعلام حتى يومنا هذا! أسمعك الآن وأنت تقول: «يعني وهما اللي اتخرجوا من إعلام وخدوا دورات قدموا إيه؟» معك حق، في دولة يسيطر عليها إعلام بهذا المستوى بالطبع سيكون شوبير جديرًا أن يكون رائد الإعلام الرياضي بها.