لم يتصورْ أكثر المتشائمين من الشاميين، في أبشع كوابيسه، ما كان يحدث آنذاك في شمالي الشام بعد أكثر من 10 سنوات من نجاح الحملة الصليبية الأولى في احتلال الجزء الأكبر من الساحل الشامي وبيت المقدس. كانت إمارة أنطاكية الصليبية بزعامة أميرها المتبجِّح طنكري – كما عبَّرت المصادر التاريخية العربية اسمَه – تضغط بقوة على مدينة حلب، حاضرة الشمال الشامي الأهم، وأخطر ثغور المواجهة آنذاك أمام الصليبيين، وبدا كأن حلب قاب قوسيْن أو أدنى من سقوطٍ مُذلٍّ في قبضة الصليبيين بعدَ خضوعِها المهين لهم.

كان حاكم حلب الأمير التركي السلجوقي رضوان، والذي لعبت مؤامراته دورًا بارزًا في سقوط شمال الشام في قبضة الصليبيين، لرفضه التحالف بفاعلية مع غيره من أمراء الشام ضد العدو المشترك، لا يُشغِلُ بالَه بسوى قمع الشارع الحلبي، وتثبيت سلطانه على المدينة التي تغلي تحت السطح بأي ثمنٍ من المهادنة مع الصليبيين، ولذا فقد وافقَ على دفع جزية كبيرةٍ لملك أنطاكية الصليبي، بل خضع لما هو أقسى من أموال الجزية، فقد وافق على طلب الصليبيين أن ينصبَ صليبًا كبيرًا على جامع حلب الكبير، قبل أن يتراجع أمام غضب الحلبيين وينقل الصليب إلى الكنيسة الكبرى بحلب.

وفي تلك الأثناء، كان هناك رجلٌ واحد في حلب، بين صفوف الناس، لا يخشى رضوان أحدًا أكثر منه، هو القاضي الشيعي أبو الفضل بن الخشاب، والذي كان صاحب زعامة شعبية حقيقية في الشارع الحلبي، وكان يلتهب وأنصاره غضبًا من خيانات رضوان، واستقوائه على خصومه بحلفائه من الباطنية الحشاشين، الذين كان يستخدمهم في اغتيال من يقف في طريقه. وستثبت الأيام والسنوات التالية أن خشية رضوان من ابن الخشاب كانت في محلها.

اقرأ أيضًا: القدس مقابل دمياط .. كامب ديفيد القرن السابع الهجري

بغداد: انتفاضة غضب وخليفة غاضب 

في أحد أيام شهر فبراير/شباط 1111م الموافق لشهر رجب من عام 504هـ، وبعد أكثر من 13 عامًا على اندلاع الحملات الصليبية ضد الشرق الإسلامي، كانت بغداد عاصمة الخلافة العباسية المنكفئة على نفسها على موعدٍ مع أجواء انفعالية وحماسية حارة لا تتناسب مع برد فبراير القارس.

اقتحم الجامعَ الصغيرَ مظاهرةٌ غاضبة قوامها الرئيس من وافدين من مدينة حلب، يقودهم القاضي ابن الخشاب. لم تكتفِ المظاهرة بالتنديد بالاحتلال الصليبي للشام، وجرائمه بحق أهلها، إنما ركز المتظاهرون على تخاذل العالم الإسلامي عن نصرة الشاميين المظلومين وعلى رأس المتخاذلين قادة الأمة الخليفة العباسي وسلطان الأتراك السلاجقة. 

عطّل المتظاهرون صلاةَ الجمعة لأسبوعين وكسروا المنبر بعد أن أنزلوا الخطيب من فوقه، وانضمَّ  إليهم المئات من أهل بغداد في رثاء ما حلَّ بالشاميين على يد الصليبيين، وكان آخره احتلال الصليبيين قبل أسابيع لمدينة صيدا في لبنان الحالية، ليكون الساحل الشامي بأكمله في قبضتهم سوى مدينة صور – في لبنان – وعسقلان جنوبي فلسطين.

أما الخليفة المستظهر العباسي- ذو الصلاحيات الشرفية، بينما كانت السلطة الحقيقية لسلطان السلاجقة محمد بن ملِكشاه-  فقد أخذه الحِنقُ كلّ مأخذ، فالأجواء المشحونة التي أحدثتْها المظاهرات الغاضية، أفسدت أجواء الاستقبال الملكي لزوجة الخليفة- والتي هي أخت السلطان السلجوقي أيضًا- العائدة من أصفهان في قافلة كبيرة محتقنةٍ بالتحف والهدايا بعد غيابٍ طويل! كذلك اشتاط الخليفة غضبًا لأن المتظاهرين هتفوا بأنَّ أمراء المسلمين أضعف من الإمبراطور البيزنطي، حيث كان الأخير قد بعث برسائل إلى بغداد قبل أسابيع يحث الخلافة على التعاون معه في محاربة الصليبيين بعد أن شكَّل استفحالهم في الشرق خطرًا مشتركًا على الجميع.

 طلب الخليفة من السلطان أن يضبط الأمن ويقمع المتظاهرين، لكن رفض السلطان ذلك، خوفًا على سمعته، وقرر أن يستجيب لغضب الجماهير، وأعلن أنه سيجهز جيشًا كبيرًا لنصرة الشام، فسكنتْ نفوس الثائرين إلى حين، وعادوا إلى حلبٍ مستبشرين.. ولكن.

بالفعل اجتمع جيشٌ كبير من الأمراء السلاجقة بقيادة أمير الموصل مودود بن التوتنكين، وتوغَّل في شمال الشام، وحاصر بعض حصون الصليبيين، لكن لم يكن الأمراء على وفاقٍ، وكان كل منهم يطمع في القيادة، فلم ينجحوا في تحقيق نتيجةٍ تُذكر، وراسل بعضهم الصليبيون سرًا، وعقد اتفاقاتٍ معهم. ثم كانت الطامة الكبرى عندما رفض رضوان ملك حلب إمداد الجيش الموحَّد بالمؤن، وأعلن الأحكام العرفية داخل حلب خوفًا من أن يفتح بعض سكانها أبواب المدينة للجيش، وأوكل إلى خاصة أنصاره لا سيَّما من الباطنية الحشاشين حماية الأسوار، ومراقبة المدينة، ونفَّذت شرطته اعتقالاتٍ واسعة لكل مصادر الخطر من أهل المدينة، لا سيَّما من شاركوا في مظاهرة بغداد ومنهم القاضي ابن الخشاب.

تفرَّق الجيش الموحد بعد أن نفَّذ غاراتٍ انتقامية مؤسفة على ريف حلب، باستثناء الأمير مودود، والذي انضمَّ إليه الأتابك التركي طغتكين حاكم دمشق، وتمكَّنا معًا من إلحاق بعض الهزائم بالصليبيين، ونجحت إمداداتهما في إفشال هجوم الصليبيين على مدينة صور عام 505هـ (1112م). ثم قام الأميريْن في العام التالي 506هـ (1113م) بأعمال عسكرية مشتركة ضد الصليبيين، توِّجت بانتصار كبير على الصليبيين قرب طبرية شمالي فلسطين عام 507هـ (1114م). لكن انكسرت تلك الموجة الجهادية عندما اغتال أحد الباطنية الحشاشين الأمير مودود في مسجد دمشق.

أشارت أصابع الاتهام في ذلك العمل إلى رضوان ملك حلب، والذي للمفارقة مرض في نفس هذا العام، ومات، وخلفه ابنه ألب أرسلان ذي الـ16 عامًا، والذي كان متهورًا مضطرب العقل، فافتتح حُكمه بقتل العشرات من رجال دولة أبيه، كما فتك باثنيْن من إخوته، فخشي منه مساعده الخادم لؤلؤ، وتآمر عليه وقتله في العام التالي 508هـ (1115م)، وولَّى مكانه أحد إخوته في عمر السادسة، ليكون هو الحاكم الفعلي من ورائه، وكان لؤلؤ فاسدًا مستبدًا فكرهه العامة والخاصة على حدٍ سواء، وقُتل بعد عاميْن في 510هـ (1117م).

.. وقويَ طمعُ الفرنج في حلب لعدم النجد وضعفها، وغَدَروا ونَقَضُوا الهدنة، وأغاروا على حلب، وأخذوا مالاً لا يحصيه إلا الله ..
كمال الدين بن العديم في كتابه (زبدة الحلب في تاريخ حلب) متحدثًا عن الأوضاع المضطربة في حلب نتيجة الفراغ السياسي 

 وأصبحت حلب في وضعٍ صعب، يخشى الأمراء من اعتلاء صهوة عرشها الجامح، لا سيَّما وقد أضحت خزانتها مفلسة من جرَّاء غارات الصليبيين واستيلائهم على الكثير من حصونها وتوابعها. واضطر خليفة لؤلؤ، واسمه ياروقتاش الخادم إلى دفع المزيد من الجزية إلى ملك أنطاكية الصليبي، قبل أن يُخلَع، ويُلقى في السجن، وينتزع مكانه خادم آخر للملك الراحل رضوان. 

انقلاب ابن الخشاب 

ينحدر القاضي أبو الفضل بن الخشاب من أسرة من أعيان حلب، لعبت أدوارًا عامةً مهمة منذ عصر الدولة الحمدانية التي كانت تنتسب للمذهب الشيعي «الاثنى عشري»، وتمتَّعت هذه الأسرة بالنفوذ والغنى، والتفَّ حولَها الشيعة من أهل حلب لعقودٍ طويلة. تعرَّض ابن الخشاب كما ذكرنا للاعتقال، لكن لم يجرؤ رضوان على الفتك به خوفًا من اندلاعٍ اضطراباتٍ كبرى في حلب. 

بعد وفاة رضوان، لعب القاضي ابن الخشاب أدوارًا مهمة في قلب الأوضاع في حلب، فساند ألب أرسلان بن رضوان عندما استهدف الباطنية الحشاشين الذين حازوا نفوذًا بالغًا في دولة أبيه، وقتل العشرات منهم. ثم في عام 511هـ (1118م)، سنحت الفرصة أمام ابن الخشاب للعب دورٍ بارزٍ في مسار تاريخ حلب، عندما تفاقم الفراغ السياسي، وأصبحت حلب قاب قوسيْن من احتلال الصليبيين لها، والذين حاصروا حصن أعزاز الملاصق لها. كان ابن الخشاب آنذاك هو أبرز أعيان حلب وقياداتها الشعبية، فأقنع رموز المدينة بضرورة الاستنجاد بملكٍ محارب، ليحكم المدينة، ويدافع عنها. 

اختار ابن الخشاب الأمير التركي إيلغازي بن أرتق حاكم ماردين جنوبي تركيا الحالية، رغم أنه كان مشهورًا بإدمان الخمر، وذلك لقوة بأسه في القتال، فاستدعاه بعد أن أقنع الأمراء الحلبيين بصعوبة، وسلَّمه حلب. لكن لم يكن بحوزة إيلغازي آنذاك قوةً عسكرية كافية، فدفع الجزية إلى الصليبيين وسلَّمهم بعض حصون حلب، ثم عاد إلى قاعدته في ماردين – جنوبي تركيا – الحالية ليحشد العساكر والفرسان.

عام 513هـ (1119م) اجتمع تحت قيادة إيلغازي أكثر من 40 ألف مقاتل، فتوغل في مناطق الصليبيين، حتى وصل إلى منطقة تل عفرين قرب حلب، والتي كان الصليبيون يشيِّدون لهم حصنًا بها ليضيِّقوا على حلب، وهناك انضمَّ إليه القاضي ابن الخشاب بالمتطوعين من أهل حلب، وخطب في المقاتلين خطبةً حماسيةً ألهبت مشاعرهم، فانقضُّوا على الصليبيين، وألحقوا بهم هزيمةً موجعة، وكان ملك أنطاكية الصليبي روجيه بن طنكري بين القتلى. واحتفلت حلب بانتصارها أيامًا طويلة، وأنشدَ شاعرُها قصيدةً احتفالية، ذاع منها بيتٌ يدلُّ على مدى الاحتقان الديني الذي أحدثته الحملات الصليبية:

واستبشرَ القرآنُ حين نصرتَهُ ….. وبكى لفقدِ مُصابِهِ الإنجيلُ!

بعد الانتصار الكبير، حرّر جيش إيلغازي العديد من المناطق التابعة لحلب، لكنه وفي خطأ إستراتيجي فادح لم يتجه مباشرةً صوب أنطاكية نفسها، والتي كانت حاميتها في غاية الضعف، وتأخر تحرير أنطاكية من الاحتلال الصليبي قرنًا ونصف.

اقرأ أيضًا: يوم فُتِحَتْ أنطاكيا .. الصليبيون يودِّعون أهم إماراتهم بالشام

حاكم حلب وقائد حاميتها

.. وأقبل القاضي أبو الفضل بن الخشاب يحرضُ الناس على القتال، وهو راكبٌ، وبيده رمح، فرآه أحد العسكر فازدراه وقال: إنما جئنا من بلادنا تبعاً لهذا المعمم! فأقبل على الناس، وخطبهم القاضي خطبة بليغة استنهض فيها عزائمهم، واسترهَف هِمَمَهُم بين الصفين، فأبكى الناس وعظُم في أعينهم .. 
من كتاب «زبدة الحلب في تاريخ حلب» لكمال الدين بن العديم، يصف تحفيز ابن الخشاب للمقاتلين قبل موقعة تل عفرين ضد الصليبيين عام 513هـ

لم يقُم إيلغازي بعملٍ ذي بال بعد انتصاره في تل عفرين، بل عاد الصليبيون للإغارة على المناطق التابعة لحلب عام 515هـ (1121م) وتُوُفِّيَ إيلغازي بعد عام إثر صراعٍ مع المرض، وخلفَه عن رضًا من ابن الخشاب وأعيان حلب، ابنُ أخيه الأمير التركي بلَك، والذي نجح في نفس العام في الانتصار على الصليبيين في إحدى المعارك، وأسر جوسلين حاكم إمارة الرُّها الصليبية، فارتفعت شعبية بلَك في العالم الإسلامي. واستنجد به أهل صور في حصار الصليبيين الأخير لهم عام 518هـ (1124م) وكان آنذاك يحاصر بجيشه حصن منبج الذي تمرَّد على حكمه، لكنه قرَّر نجدة صور رغم بُعد المسافة، لكن قبل أن يتحرك من ظاهر منبج، أصابه سهمٌ طائش، وتُوفِّي متأثرًا بجراحه، ولم تلبثُ صور أن استسلمت للصليبيين بعد يأسِها من النجدة.

والذي يتولى تدبيرها وهو في مقام الرئاسة، القاضي أبو الفضل بن الخشاب وتولى حفظ المكان، وبذلَ المال والغلال ..
ابن العديم متحدثًا في «زبدة الحلب في تاريخ حلب» عن قيادة ابن الخشاب لحلب أثناء حصار عام 518هـ 

وفي عام 518هـ (1124م)، واستغلالًا للفوضى التي ضربت حلب مُجدَّدًا بعد استشهاد بَلَك، حاصر الصليبيون مدينة حلب، فقاد القاضي ابن الخشاب جهود الدفاع عن المدينة، واستبسل الحلبيون في الإغارة على العدو، وفي حماية أسوار المدينة من هجمات الصليبيين، الذين  خرَّبوا ضريحًا كان خارجها كان يعظِّمُه الشيعة لاعتقادهم بأنه يضم آثارًا تنتسب للحسين بن علي، رضي الله عنهما، ودنَّسوا المصاحف، ومثَّلوا بالأسرى المسلمين أمام أسوار حلب ليرهبوا أهلها.

قرَّر القاضي ابن الخشاب بعد مشاورة باقي الأعيان آنذاك، الرد على هذا الفعل، بقتل الأسرى الصليبيين والتمثيل بهم، وبتحويلَ ما بقي من كنائس حلب إلى مساجد، ومنها الكنيسة العظمى التي بناها الروم البيزنطيون قبل مئات السنين، ولم يترُك منها سوى كنيستيْن فحسب. وكان هذا إثباتًا جديدًا على  ما فاقمتْهُ الحملات الصليبية من تعصبٍ ديني وصراعٍ دموي.

وأمام تطاول الحصار، ورفض تمرتاش بن إيلغازي أن يأتى من ماردين لنجدة حلب، أرسل ابن الخشاب وفدًا تسلل بصعوبةٍ من الحصار الصليبي، ووصل إلى أمير الموصل التركي آق سنقر البرسقي، يدعوه إلى إنجاد حلب. وفي مفارقة درامية، كان البرسقي طريح الفراش لمرضٍ شديد أصابه، لكن أصرَّ الحلبيون على نقل رسالتهم له، فوعدهم إن شفاه الله أن ينهض معهم لنجدة حلب، فشُفيَ بعد ثلاثة أيام

جهَّز البرسقي جيشَ الموصل سريعًا، وتوجَّه فورًا إلى حلب، فانسحب الصليبيون على عجل تاركين كثيرًا من إمداداتهم غنائم لأهل حلب وجيش الموصل. ألحَّ ابن الخشاب على البرسقي أن يتتبع الصليبيينَ المنهزمين ويوقع بهم مقتلةً عُظمى، لكن خاف البرسقي أن هُزم، أن يرتدَّ الصليبيون إلى حلب ويأخذوها من دون مقاومة، ودخل حلب منتصرًا.

أصدر قراراتٍ عديدة بإسقاط الضرائب الباهظة عن أهل حلب، ومنع الجنود الأتراك من إيذائهم، فاستبشر الناس به كثيرًا. وحدثت مناوشات بينه وبين الصليبيين في مواضع عدة منها حمص، انتهت بعقد هدنةٍ مؤقتة مع الصليبيين، وعاد البرسقي إلى الموصل التي غاب عنها شهورًا. سيغير هذا التحالف القصير بين الموصل وحلب من معادلات الصراع في الحروب الصليبيية لاحقًا، إذ بعد سنواتٍ، سيتجدَّد على يد القائد الشهير عماد الدين زنكي، ويصبح نواة الدولة الزنكية القوية التي سترثُها الدولة الأيوبية الأقوى، وترث نضالَها ضد الاحتلال الصليبي.

طعنات في الظهر

لم يكد البرسقي يصل إلى الموصل، حتى اغتاله الحشاشون في صلاة الجمعة في إحدى عملياتهم الانتحارية المعروفة، والتي منحتهم لقب (الفداوية)، حيث انقضَّ عليه ثمانية منهم متنكرين في ثيابٍ صوفيةٍ زُهَّاد، ولم يحمِه درعه الحديدي إذ استبسلوا في قتله، وقتل الحرس المُباغَتين سبعة منهم، لكن بعد فوات الأوان. 

اقرأ أيضًا: الحشاشون والفاطميون .. السكاكين تمزق الجسد الشيعي.

أما القاضي ابن الخشاب الذي استدعى من استدعى لإنقاذ مدينته حلب، فقد نال فيها نفس مصير البرسقي، حيث استشهد في جامعها طعنًا عام 519هـ (1125م) من فداويةٍ متنكرين أيضًا على هيئة صوفيةٍ زهاد، ودخلت حلب في فترةٍ جديدة من الاضطراب، حتى دخلها عماد الدين زنكي، وبدأ بها طورًا جديدًا من النضال ضد الاحتلال الصليبي.