يظن الآباء أن تجاهل التربية الجنسية أمر جيد، أن الهروب من شبح المعرفة أءمن فالمعرفة عدو.. أن الغريزة يمكن إخفاؤها بالجهل.

لكن دعني أخبرك، إن لم تكن تعرف ما هو أصل الغريزة التي بداخلك وما هي مسمياتها، فهذا لن يغير مطلقًا الشعور بها والبحث عنها، لذلك الجهل لن يحمي طفلك.. المعرفة ستفعل.


كيف تحمي المعرفة طفلك؟

– المعرفة سترضي فضول طفلك، مرحلة بمرحلة، دون تعدٍ على مرحلته السنية، ردود صحيحة ومنطقية تناسب عقله وسنه. إرضاء الفضول سيجعل طفلك مطمئنًا واثقًا، لا يبحث عن الإجابة بطريقة غير صحيحة.

– المعرفة ستبني جدارًا سميكًا من الثقة بينك وبين طفلك، لأنه يعرف أنك لا تكذب/ لا تبخل بالمعلومات، لا تصرخ بأن هذه (قلة أدب)، لذلك في حالة تبرع أحدهم بأي معلومات إضافية، سواءً كانت صحيحة أو غير صحيحة، فسيلجأ إليك طفلك أولًا، وهذا ما سيمنحك فلترة جيدة لما هو صحيح وما هو غير صحيح.

– المعرفة ستحمي طفلك من استغلاله جنسيًا، لأنه يعرف المسميات الحقيقية، يعرف أن هذا ليس لعبًا، يعرف بشكل جيد أنه لا يسمح لأحد بالاقتراب بهذا الشكل، ويعرف كيف يطلب منك المساعدة (لأنه يعرف أنك لن توبخه).

– المعرفة ستسمح لطفلك في مراهقته بالفلترة الذاتية، ومعرفة الحقائق من الأكاذيب، والمرور بحياة جنسية سوية في رشده.


ماذا يحدث إذا شاهدك طفلك تمارس الجنس؟

الوقاية أولا:

التربية تقوم دائمًا على مبدأ الوقاية، الوقاية دائمًا هي الحل الأمثل والأفضل، لأن خطواتها أبسط وأقل تعقيدًا وأقل جهدًا.

1. من البديهي أن تعرف أن تواجد الطفل في الغرفة أثناء ممارستك الجنس أمر مرفوض، فالطفل يبدأ في تخزين بعض الصور في عقله مُبكرًا جدًا، وقد تصل قدرته في الشهر الـ 20 للاحتفاظ بالذكريات لعام كامل، فلن تكون مشاهدتك أو سماعك تجربة إيجابية بأي شكل من الأشكال.

2. من المهم أن تتأكد أن أطفالك منشغلين بما فيه الكفاية/ نائمين. لكن هذا لا يمنع أن تغلق باب الغرفة بالمفتاح، إغلاق باب الغرفة يمنحك دقائق لتهيئة نفسك قبل فتح الباب لطفلك، بكاؤه قليلًا أمام الباب أقل ضررًا من مشاهدته لك.

3. من المهم للأطفال الأكبر سنًا -فوق 3 سنوات- أن يتعرف ويتعلم آداب الاستئذان وتطبيقها عمليًا، وكيف يطرق الباب قبل الدخول… إلخ.

4. أثناء تربيتك الجنسية لطفلك، يمكنك التنويه بأن علاقة (ماما وبابا) بها بعض الاستثناءات، مثل علاقة الطفل بماما، وهو ما سيعيه الطفل تلقائيًا، فماما لا ترتدي نفس الملابس أثناء تواجد أحد غريب في المنزل.

5. مثلما هو مفيد للطفل أن يشاهد تصرفات حب بين والديه (كاحتضان/ ابتسامة/ تقبيل)، فمن غير المناسب أن يشاهد أكثر من ذلك سواءً بطريقة ملابس/ حديث/ مزاح، من المهم ألا نهون من عقلية الطفل ومدى استيعابه.

ماذا إذا فشلت في الوقاية؟ وشاهدك طفلك؟

– أولًا ابق هادئًا:

حاول جاهدًا المحافظة على هدوئك، الصراخ/ الارتباك. سيعطي الطفل انطباعًا أن ما يحدث هو شيء خاطئ/ يدعو للخجل، وهي انطباعات لا ترغب في أن تكون مرتبطة لدى طفلك بالجنس.

– ثانيًا انتظر حتى يعطيك هو ردة الفعل:

لا تسارع بالتبرير، لا تستبق الحدث.. انتظر حتى يتحدث هو ويسأل، قد يكون ما لاحظه أقل مما تعتقد، انتظر حتى يكون تبريرك على قدر ما شاهده.

– ثالثًا برّر:

الجنس قد يبدو فعلًا عنيفًا في نظر الطفل، لذلك قد يعتقد أنك تؤذي والدته. لذلك يمكنك أن تخترع أي مبرر مثل أن هذه لعبة/ رياضة/ دغدغة، هذا التبرير يتعلق بمن هم دون الـ4 من العمر، العمر الأكبر يمكن التبرير بهدوء وإخباره بالحقيقة حسب المعلومات التي أُعطي إياها مسبقًا عن الجنس.

– رابعًا برر لماذا أنت عارٍ:

النقطة الأهم بالنسبة لطفلك، هو مشاهدتك عاريًا، لأنك سبق أن أخبرته أنه هذا لا يصح، فهو يعرف جيدًا أننا لا يسعنا اللعب/ الجلوس دون ملابس. إذن لم أنت عارٍ الآن؟ يمكنك القول إنك في طريقك لارتداء ملابسك.

– خامسًا لا تتجاهل:

إذا كان طفلك في عمر مناسب لفهم الجنس، فسيفهم من النظرة الأولى ما يحدث وسيكون أكثر حرجًا منك، وسيهرب من الغرفة راكضًا (لكن هذا لا يعني أن تتجاهل الأمر)، انتظر حتى اليوم التالي واجلس معه بهدوء وأعطه تفسيرًا بسيطًا يتناسب مع معلوماته الجنسية السابقة/ عمره.

يمكن ملاحظة كيف أن العلاج يبدو مربكًا وأصعب، لذلك من المهم أن نحافظ على خطوات الوقاية.


ماذا أفعل إذا شاهد طفلي أحد المواقع الإباحية؟

مشاهدة المواقع الإباحية أسوأ من مشاهدة أحد الوالدين يمارسان الجنس، وأسوأ من إعطاء أحدهم بعض المعلومات الشفهية الخاطئة لطفلك، لماذا؟

الإجابة، لأنه مزيف. وهذا الزيف هو أسوأ لطفلك من المعرفة في حد ذاتها، معرفته الآن مزيفة مليئة بالأخطاء والتوقعات غير الصحيحة التي قد تربكه/ ترعبه، وأيضًا إن كان في عمر المراهقة فستعطيه انطباعًا سيئًا عن جسده يجعله غير مقبول بالنسبة له، لأنه سيظن أن الأجساد المتواجدة في هذه المواقع هي الحقيقية هي المرغوب فيها، وهو غير مرغوب فيه.

لذلك من المهم أن تحرص على حماية طفلك من تجربة مماثلة، بأساليب الوقاية بالمعرفة التي سبق أن ذكرناها/ بحمايته من استخدام الأجهزة بشكل مفتوح، يفترض أن يكون استخدام المحتوى الإنترنتي مراقبًا ومتحكمًا به في عمر ما قبل 12 عامًا.

لكن مع كل الوقاية، قد يحدث أن يشاهد، سواءً بالصدفة إن لم تؤمن الإنترنت المستخدم من قبله بشكل كافٍ، أو بدافع الفضول/ أحد الأصدقاء.

ماذا تفعل وقتها؟

في هذا الموقف سيظهر أثر جدار الثقة بينك وبين طفلك/ وتربيتك الجنسية له. لأنها ستكون هي حمايتك، سيلجأ إليك مباشرةً ليخبرك بما شاهده، وعندها عليك الهدوء والشرح المبسط. طمأنه، أخبره أنه لا بأس وأن هذا أمر وارد الحدوث، وأنه ليس سيئًا/ لن يدخل النار/ لن يعاقب من أجل هذا. وناقشه بهدوء لماذا يعتبر مشاهدة مثل هذا المحتوى مضرًا؟ لأنه غير حقيقي ومزيف وسيؤثر على معلوماتنا الحقيقية. وستضطر لشرح بعض الأجزاء التي لم تكن شرحتها من قبل، لتصحيح ما شاهده.


تذكر أنك لن تغير من واقع مشاهدته، ولن تغير من احتمالية تكرار هذا في حال مراهقته.. لكنك ستكون على ثقة أنه يعرف الآن لماذا عليه أن يتوقف، وكيف ستضّره، ومدى زيفها، وتذكر دائمًا أن الوقاية أفضل، الوقاية أهم، الوقاية أسهل.

وأن المعرفة دائمًا وأبدًا هي سلاحك الوحيد.