محتوى مترجم
المصدر
مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية
التاريخ
2016/10/27
الكاتب
إفرايم إنبار
ينبغي أن تحظى القدس بأهمية أكبر لدى الحكومة الإسرائيلية عما توليه لمسألة المستوطنات.

هكذا كانت رؤية «إفرايم إنبار»، أستاذ العلوم السياسية الإسرائيلي ومدير مركز «بيجين السادات» للدراسات الإستراتيجية.

ففي مقاله التحليلي على موقع المركز، أكّد أن الحكومة الإسرائيلية تبذل جهدًا كبيرًا للحيلولة دون هدم منازل مستوطنة عمونا وعوفرا وأماكن أخرى في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).

وعلى الرغم من المشكلات الإنسانية التي تعانيها تلك المناطق نتيجة قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية، فإن النضال من أجل القدس يُعد أكثر أهمية، وهو الأمر الذي ينبغي أن توليه الحكومة المجهود الأكبر.

ويشير إلى أنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تجعل القدس على رأس أولوياتها، فالأهمية الإستراتيجية الكبرى لها تطغى على أية مناطق أخرى على «الأراضي الإسرائيلية».

ويوضح أيضًا أنه يجب على الحكومة الإسرائيلية استغلال ما يشعر به الإسرائيليون من ارتباط قوي بالمدينة الخالدة. لافتًا إلى أن القدس هي المكان الذي سيتحدد عنده المستقبل.

ويؤكد إنبار أن الخطر الأساسي فيما يتعلق بتأمين «عاصمة موحدة لإسرائيل» هو التركيبة السكانية، فالمشكلة لا تتمثل في عدد السكان العرب مقارنة بعدد اليهود في المدينة، لكن المشكلة هي أن المدينة يسكنها عدد متزايد من اليهود المتشددين مع تناقص عدد اليهود العلمانيين.

إذا كانت ترغب إسرائيل في الحفاظ على حدودها شرقًا، ينبغي عليها تأمين محور الشرق والغرب الممتد من الساحل إلى غور الأردن عبر تأسيس «قدس موحدة»

فاليهود العلمانيين يغادرون المدينة بشكل جزئي، نظرًا لعدم شعورهم بالارتياح مع الوجود المتزايد للمتشددين، وبينما يساهم المتشددون بشكل كبير في الإبقاء على الأغلبية اليهودية داخل المدينة مع تمتعهم بامتيازات أخرى، فهم لا يتشاطرون وجهة النظر الخاصة بالصهيونية المعاصرة، ولا يبدو أيضًا أنهم يشاركون بالشكل الكافي في تحمل عبء الدفاع عن تأمين «دولة إسرائيل».

ويعتبر إنبار أن هيمنة المتشددين على التركيبة السكانية في المدينة قد تؤدي إلى تراجع الإجماع الحالي بين الإسرائيليين على إبقاء المدينة موحدة، والتمسك بجبل الهيكل (هيكل سليمان)، مضيفًا أن اعتبار القدس مدينة لليهود المتشددين والعرب، يقلل احتمالات الحصول على دعم من النطاق الأوسع للسكان الإسرائيليين لما هو قادم من صراعات.

ويرى أنه ينبغي على الحكومة استغلال الحوافز الاقتصادية لتشجيع المراهقين، الذين أنهوا خدمتهم العسكرية، على الانتقال إلى القدس، ويجب أن يصاحب تلك الجهود عملية تشييد كبيرة في جميع أنحاء المدينة بغرض استعادة الأغلبية الصهيونية المعاصرة داخلها. مع ضرورة تغيير القطاع الديني – وهو الأكثر مثالية داخل المجتمع الإسرائيلي – لأولوياته، وإيلاء القدس أسبقية على الأجزاء الأخرى من «الأراضي الإسرائيلية».

فالقدس تحظى بأهمية دينية وتاريخية لليهود، فضلًا عن أهميتها الإستراتيجية، فإحكام السيطرة عليها يؤمّن الطريق الرئيسي الوحيد من ساحل البحر المتوسط إلى غور الأردن، وهو الطريق الذي يمكن للقوات العسكرية أن تتحرك عليه دون أن تواجه تدخلًا كبيرًا من الجاليات العربية.

فإذا كانت ترغب إسرائيل في الحفاظ على حدودها شرقًا، ينبغي عليها تأمين محور الشرق والغرب الممتد من الساحل إلى غور الأردن عبر تأسيس «قدس موحدة»، على حد وصفه.

ويشدد إنبار على عدم التقليل من الأهمية العسكرية للقدس ودورها المركزي في خط الدفاع الشرقي لإسرائيل، بالنظر للاحتمالات الكبيرة لحدوث اضطرابات سياسية بغور الأردن.

المجتمع الدولي يمثل تهديدًا آخر للقدس – بحسب إنبار – حيث إن بعض الأطراف لا تزال تتلاعب بفكرة تدويل المدينة، بينما يقر آخرون بحل الدولتين وأن تصبح القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية.

عند فتح خطوط التفاوض مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، يصبح الحديث حول قضية القدس أهون بكثير من تناول مسألة المستوطنات. كما أن ثمة اتفاق بين شريحة كبيرة من اليهود الإسرائيليين على أهمية القدس وليس المستوطنات.

فالعديد من المسيحيين في شتى أنحاء العالم، لا سيما الإنجيليين، يتفهمون ويتعاطفون مع «نضال» اليهود للتمسك بالقدس، فضلًا عن أن الكثير من يهود العالم سيعرضون دعمهم لتلك المسألة.

ويُطالب إنبار «إسرائيل» بعدم قبول أية محاولة إنكار لوجود روابط يهودية بجبل الهيكل (هيكل سليمان) في القدس، وذلك على خلفية القرار «المؤسف» لليونسكو بشأن القدس، والذي يؤكد على خلفيتها الإسلامية، وعدم وجود ما يشير إلى تراثها اليهودي.

وكذلك يناشد «إسرائيل» ألا تتردد في توبيخ الدول التي امتنعت عن التصويت على قرار اليونسكو، مثل فرنسا، حيث ينبغي على تلك الدول، أن تتذكر أنه عندما كان يؤدي اليهود صلواتهم في جبل الهيكل (هيكل سليمان) بالقدس قبل ألفي عام، لم تكن بلدانهم سوى مجموعة من القبائل البربرية، على حد وصفه.

ويضيف أنه لا يمكن إجراء أي مفاوضات مع الفلسطينيين طالما استمرت تلك الحملة لإعادة كتابة التاريخ، ولا يمكن لأي أحد يتغاضى عن ذلك الأمر أن يكون شريكًا للسلام، فإنكار الأصول اليهودية للقدس يُعد وصفة لاستمرار الصراع.

ويختتم إنبار مقاله بالقول:

إنه من الضروري وضع القدس على أولويات إسرائيل، لأن الفشل في ذلك يُسهم في إضعاف إسرائيل، ويرقى لما يمكن وصفه بـ «العمى الاستراتيجي».