في مشهد شديد العدوانية، وجد سكان قطاع غزة بيوتهم هدفًا لقصف لا ينقطع من الطيران الحربي لقوات الاحتلال الصهيوني، ولا يجدون ملجأ آمنًا ليؤويهم ولا يوجد علاج كاف ليداويهم؛ إذ وصلت نسبة نقص الدواء في مشافي القطاع إلى 40% في بداية الحرب، في ظل إغلاق العدو المنافذ الحدودية ومنعه مسبقًا إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.

ويستمر العدوان الإسرائيلي اليوم في استهداف القطاع إلى جانب «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ما أدى إلى سقوط 31 شهيدًا فلسطينيًا بينهم 6 أطفال. أما على المستوى العسكري، فقد تمكن الاحتلال من اغتيال عدد من قيادات سرايا القدس آخرهم خالد منصور، قائد المنطقة الجنوبية في غزة.

كيف بدأت الأزمة؟

بدأ العدوان على غزة بعملية قصف استهدفت منزل ثاني أهم قيادي في «سرايا القدس»، تيسير الجعبري، ذي الخمسين عامًا، والذي تولى موقعه عقب اغتيال سلفه، بهاء أبو العطا، بنفس الطريقة في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقالت قوات الاحتلال إن الهجوم كان عملية استباقية ضد حركة الجهاد، متهمة إياها بأنها كانت تخطط لهجوم وشيك.

وكان الجعبري نجا من محاولتي اغتيال سابقتين في عامي 2012 و2014، وشارك في قيادة معركة سيف القدس 2021، وأشرف على قصف مدينة تل أبيب عدة مرات في تلك المعركة.

وردًا على اغتياله شنت سرايا القدس حملة قصف صاروخي على المدن والبلدات الإسرائيلية، ومن ضمنها تل أبيب، وأعلن جيش العدو أن مدفعيته هاجمت مواقع عسكرية للجهاد، الجمعة، وشنت غارات عنيفة على القطاع، واعتقلت قواته 19 عنصرًا من الحركة في الضفة الغربية، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، إن رئيس الأركان أعلن حالة الطوارئ في قواته.

وأعلنت الجهاد عدم قبولها لأي وساطات أو تفاهمات مع إسرائيل قبل إنجاز مهمتها بالانتقام لدم قائدها المغدور، وأكد محمد شلح القيادي بالحركة، إنه رغم ترحيب الجهاد بالاتصالات المصرية على وجه الخصوص، فإن الحديث عن تهدئة في هذا الموقف سابق لأوانه.

وأكدت القاهرة، الجمعة، تَواصُل جهودها المكثفة للوساطة بهدف وقف التصعيد في غزة واحتواء الموقف، وأفادت أنباء بأن مصر قررت إرسال وفد أمني إلى تل أبيب لبحث مسألة التهدئة.

وأسفرت غارات العدو في أول يومين عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، واستهدفت مناطق مأهولة يسكنها مدنيون، ولم يستطع الأهالي اللجوء إلى أماكن آمنة من القصف لعدم توفر ملاجئ وعدم تمييز أي منطقة بأنها غير معرضة للاستهداف، بينما أصيب عدد من الإسرائيليين إثر سقوط صواريخ على مستوطنات غلاف غزة التي تحيط بالقطاع.

وقال بعض سكان المنازل التي تعرضت للتدمير، إنهم تلقوا تحذيرات للإخلاء قبل دقائق من ضرب بيوتهم ففروا هاربين بما عليهم من ثياب، وتشردت العديد من العائلات الغزاوية من جراء ذلك ووجدت نفسها في العراء بعد دمار البيوت التي كانت تؤويها.

وصدرت إدانات عربية وإسلامية وتباينت المواقف الدولية من الأزمة؛ ففيما حملت وزارة الخارجية الروسية الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية عدوانه على القطاع، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا دعم ما زعموا أنه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».

خلفيات الأزمة

يأتي التصعيد الأخير في غزة بعدما اعتقلت إسرائيل، الإثنين، قبل التصعيد بأيام، القيادي في حركة الجهاد باسم السعدي، من مخيم جنين بالضفة الغربية واعتدت على أسرته، فتوعدت الحركة بالرد، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وسترد ردًا بحجم هذه الجريمة، وأبلغت الجانب المصري الذي يتوسط بينها وبين إسرائيل، بأنها تُحمّل تل أبيب المسؤولية الكاملة عن «تداعيات» الجريمة، وأعلنت سرايا القدس حالة الاستنفار، بينما بحث المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، الأربعاء، التطورات على حدود قطاع غزة، إذ خشي الاحتلال من انتقام الجهاد، فأغلق مناطق وطرقات متاخمة للسياج الأمني مع القطاع، وأغلق المعابر التجارية، ثم فاجأ الفلسطينيين بالهجوم على قطاع غزة.

ورغم إعلان العدو الإسرائيلي أن المعركة ستمتد لأسبوع فإنه في الحقيقة يبحث عن انتصار حاسم وسريع على المقاومة، ويتضرر من إطالة أمد المواجهات، فالردع سيفقد مصداقيته إن طالت فترة المواجهة وتحولت إلى حرب استنزاف للاقتصاد الإسرائيلي فضلاً عن تداعياتها بعيدة المدى مثل تخويف المهاجرين المحتملين من اليهود عن القدوم إلى إسرائيل، أو تشجيع من يفكرون بالهجرة العكسية، بخاصة وأن المقاومة الفلسطينية لم تستخدم معظم قوتها للحفاظ على أوراق تصعيد في يدها تكف بها يد الاحتلال في حال فكر في رفع سقف المواجهة، كما أن فلسطينيي الداخل قد ينتفضون ضد اليهود كما حدث خلال معركة سيف القدس العام الماضي.

كما تبدو الساحة السياسية لدولة الاحتلال منقسمة بشدة خلال المرحلة الحالية؛ إذ تشهد عملية إعادة ترتيب الصفوف، استعدادًا للانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في وقت تقوى فيه احتمالات عودة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو إلى الحكم.

وفي مرحلة الاستعداد للانتخابات تبدو استطلاعات الرأي مهمة جدًا، إذ يُنظر إليها وكأنّها نتائج أوّلية للانتخابات، وباستثناء عرب الداخل، فإنّ الرأي العام اليهودي يميل لمن يُقنع الناخبين بأنه سيحقق لهم الأمن عبر ردع فصائل المقاومة عن شن هجمات على إسرائيل، لذا يسعى رئيس وزراء الكيان العبري، يائير لابيد، للظهور بمظهر الحاكم القوي الذي يردع الفلسطينيين لاجتذاب الجمهور المتشدد، وتقوية موقفه في التنافس على مقعد رئيس الحكومة المقبلة.

وقرر لابيد، السماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام باحات المسجد الأقصى، الأحد، في ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل» لدى اليهود، في تصعيد خطير، وأكد عضو الكنيست المتطرف، ايتمار بن غفير، مشاركته في هذا الاقتحام، في خطوة تعكس حقيقة أن التنافس الانتخابي يدفع بالسياسيين ناحية اليمين، وبالتالي فإن الأمور من الواضح أنها تتجه إلى مزيد من التصعيد.

ورغم إعلان العدو الإسرائيلي أن المعركة ستمتد لأسبوع فإنه في الحقيقة يبحث عن انتصار حاسم وسريع على المقاومة، ويتضرر من إطالة أمد المواجهات، فالردع سيفقد مصداقيته إن طالت فترة المواجهة وتحولت إلى حرب استنزاف للاقتصاد الإسرائيلي فضلاً عن تداعياتها بعيدة المدى مثل تخويف المهاجرين المحتملين من اليهود عن القدوم إلى إسرائيل، أو تشجيع من يفكرون بالهجرة العكسية، بخاصة وأن المقاومة الفلسطينية لم تستخدم معظم قوتها للحفاظ على أوراق تصعيد في يدها تكف بها يد الاحتلال في حال فكر في رفع سقف المواجهة، كما أن فلسطينيي الداخل قد ينتفضون ضد اليهود كما حدث خلال معركة سيف القدس العام الماضي.

كما تبدو الساحة السياسية لدولة الاحتلال منقسمة بشدة خلال المرحلة الحالية؛ إذ تشهد عملية إعادة ترتيب الصفوف، استعدادًا للانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في وقت تقوى فيه احتمالات عودة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو إلى الحكم.

وفي مرحلة الاستعداد للانتخابات تبدو استطلاعات الرأي مهمة جدًا، إذ يُنظر إليها وكأنّها نتائج أوّلية للانتخابات، وباستثناء عرب الداخل، فإنّ الرأي العام اليهودي يميل لمن يُقنع الناخبين بأنه سيحقق لهم الأمن عبر ردع فصائل المقاومة عن شن هجمات على إسرائيل، لذا يسعى رئيس وزراء الكيان العبري، يائير لابيد، للظهور بمظهر الحاكم القوي الذي يردع الفلسطينيين لاجتذاب الجمهور المتشدد، وتقوية موقفه في التنافس على مقعد رئيس الحكومة المقبلة.

وقرر لابيد، السماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام باحات المسجد الأقصى، الأحد، في ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل» لدى اليهود، في تصعيد خطير، وأكد عضو الكنيست المتطرف، ايتمار بن غفير، مشاركته في هذا الاقتحام، في خطوة تعكس حقيقة أن التنافس الانتخابي يدفع بالسياسيين ناحية اليمين، وبالتالي فإن الأمور من الواضح أنها تتجه إلى مزيد من التصعيد.