منذ أيام، أفصح مغني البوب «جاستن بيبر» عن إصابته بمرض لايم، اقتباسًا من صفحته على إنستجرام

قبل تشخيص بيبر بمرض لايم، كانت المطربة وكاتبة الأغاني الكندية «آفريل لافين» تصارع المرض ذاته منذ تم تشخيصها في 2015، ما جعلها تختفي مدة طويلة عن الأضواء.

بينما استمر الكثيرون في قول أن جاستن بيبر يبدو بحالة مزرية بسبب مخدر الميثامفيتامين وما شابه.. فقد فشلوا في إدراك أنه قد تم تشخيصي مؤخرًا بمرض لايم، ليس هذا فحسب، بل أيضًا حالة خطيرة من العدوى الغدية المزمنة والتي أثرت على جلدي، وظيفة الدماغ، طاقتي، وصحتي العامة.
جاستن بيبر

مثلهما يصيب مرض لايم حوالي 30.000 شخص كل عام، متخفيًا في صورة أعراض الإنفلونزا، قد يبقى مرض لايم كامنًا داخل الجسد ينهك عضوًا تلو الآخر، مستنفدًا طاقة مصابيه وقدرتهم على الاستمتاع بحياتهم اليومية.

كيف ينتقل مرض لايم؟

ينتج مرض لايم Lyme disease عن الإصابة بعدوى لبكتيريا لولبية الشكل تدعى بوريليا برغدورفيري Borrelia burgdorferi، وتنتقل البكتيريا عن طريق واحد من أسوأ الكائنات تطفلاً وهي القرادة، وبالتحديد القرادة سوداء الأرجل أو قرادة الغزال. لا تستطيع القرادة التحليق أو القفز، فهي تنتظر هدفها كي يقترب منها لتتسلق على جسده وتتشبث به، ثم تخترق الجلد بأنبوب التغذية الخاص بها لتحصل على وجبتها من الدماء. خلال هذه العملية، يمكن للقرادة الحاملة للبكتيريا أن تنقل العدوى من لعابها إلى دم الضحية.

وتستطيع القرادة التعلق بأي جزء من جسم الإنسان، ولكن غالبًا ما توجد في مناطق يصعب رؤيتها مثل الفخذ والإبطين وفروة الرأس. إضافة إلى ذلك، فإن حجمها صغير جدًا وعضتها عادة ًغير مؤلمة، ما يجعل اكتشاف وجودها أمرًا صعبًا للغاية. تبقى القرادة متشبثة بعائلها لمدة 36 – 48 ساعة أو أكثر قبل انتقال بكتيريا مرض لايم. ولحسن الحظ، فإن إزالة القرادة بسرعة خلال 24 ساعة يقلل بكثير من احتمالية انتقال العدوى.

تظهر القرادة في الصورة بحجم بذور الخشخاش، فهل تستطيع إيجاد الخمس قرادات؟

تحصل القرادة على البكتيريا في الأصل من الفأر أبيض الأرجل (مصدر العدوى)، ومن ثم تنقلها إلى مجموعة واسعة من الطيور والثدييات، بما في ذلك الفئران والسنجاب والغزلان والبشر. قد يصيب القراد أيضًا الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط بمرض لايم، إلا أن التعامل مع الحيوان المصاب دون التعرض للعض من القرادة لا يعني انتقال المرض، كذلك لا يوجد دليل على إمكانية انتقاله من شخص لآخر.

ما هي أعراض المرض؟

تظهر الأعراض الأولية للمرض على هيئة حمى وقشعريرة، صداع، إرهاق وآلام في العضلات والمفاصل، وفي 70-80% من الأشخاص يظهر طفح جلدي في مكان العضة ثم يتوسع. أحيانًا ما يكون الطفح على شكل دائري حول نقطة مركزية أو ما يعرف ب «عين الثور» ، وفي المعظم يكون على هيئة احمرار نادرًا ما يسبب حكة أو ألم.

ومثلما تستطيع القرادة أن تصيبك بعضة دون أن تشعر بها، فإن الأعراض الأولية قد تظهر في أي وقت بين 3-30 يومًا من وقت العضة. وبعد عدة أسابيع أو شهور، تبدأ البكتيريا في التغلغل إلى الجهاز العصبي، والقلب والمفاصل، وتزداد الأعراض حدة، فيصاب المريض بضعف أو خدر في الذراعين والساقين وتغيرات في الرؤية وخفقان في القلب وآلام في الصدر، وتسيطر حالة من الخمول والتعب العام على المريض. ومن الشائع أيضًا الإصابة بشلل الوجه النصفي Bell’s palsy.

طفح جلدي (عين الثور)
طفح جلدي (عين الثور) في مكان عضة القرادة

وفي مرحلة متقدمة، يصاب المريض بالتهاب في المفاصل- خاصة مفصل الركبة، التهاب السحايا والدماغ -ونادرًا- قد يتسببب الأمر في التهاب عضلة القلب وفشل قلبي.

بين تشخيص مبهم وعلاج لا يشفي

بأعراض غير مميزة ومتأخرة الظهور، ومرضى لا يتذكرون حتى إن كانوا قد تعرضوا لعضة قرادة من قبل أم لا، فإنه غالبًا ما يفشل الأطباء في تشخيص مرض لايم. كذلك فإن اختبار الدم قد يعطي نتيجة سلبية بالخطأ في الأسابيع الأولى من العدوى، نتيجة لتأخر ظهور الأجسام المضادة، وعامة لا ينصح بإجراء الاختبار للمرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض. لذا قد يستغرق الأمر شهورًا أو حتى سنوات حتى يتم تشخيصهم بالمرض الصحيح، ما يعطي فرصة للمرض بالتدهور وتقل فرص المريض في التعافي بالكامل.

تحكي آفريل عن معاناتها مع المرض، نقلاً عن مجلة people: «لقد كنت طريحة الفراش لمدة 5 أشهر»، «كانت هناك أوقات لم أستطع فيها الاستحمام لمدة أسبوع كامل لأنني بالكاد أستطيع الوقوف » وتصف ضيقها حول تشخيص المرض في مقابلة مع abc news قائلة: «لقد ذهبت لرؤية كل أخصائي وحرفيًا أفضل الأطباء، كانوا ينظرون في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ويقولون «متلازمة التعب المزمن؟ » أو لماذا لا تحاولين الخروج من الفراش آفريل، فقط اذهبي لعزف البيانو».

بيبر أيضًا عانى من الأمر ذاته، فقد ظل مرضه لوقت طويل من العام غير مشخص، واستمر في تناول أدوية زادت من حالته الصحية سوءًا، حتى تم تشخيصه بلايم أخيرًا في نهاية عام 2019.

وتوضح آفريل أن هذه هي الحال مع الكثير من مرضى لايم الذين تصيبهم أعراض لا يجدون لها تفسيرًا، وفي طريقهم للبحث عن إجابة، غالبًا ما يخبرهم الأطباء بأنهم يصطنعون الأمر أو أنه مجرد هوس في تفكيرهم، كأنهم يقولون للمريض «أنت مجنون».

تُستَخدم المضادات الحيوية لفترة تتراوح بين 3-4 أسابيع في علاج مرض لايم، وقد يؤخذ العلاج عن طريق الفم أو بالحقن الوريدي حسب حالة المريض. ومع ذلك، فإن حوالي 10%-20% من المرضى لا يتعافون بالكامل وتستمر لديهم بعض الأعراض الجسدية والعصبية مثل: التعب، صعوبة النوم، آلام المفاصل والعضلات، ضعف الذاكرة، والاكتئاب. هذه الحالة تعرف بمتلازمة ما بعد مرض لايم (PLDS)، وليس لها تفسير واضح حتى الآن.

طبقًا لمعاهد الصحية الوطنية الأمريكية (NIH)، فإن الاستخدام طويل الأمد للمضادات الحيوية لا يعد علاجًا فعالاً في هذه الحالة، بل قد يعرض المريض للكثير من الأعراض الجانبية. وفي ظل الافتقار إلى أبحاث ودراسات كافية عن المتلازمة، لا يوجد علاج قاطع لها. لكن يستطيع الخبراء التخفيف من كل عَرَض على حِدة باستخدام الأدوية والمكملات الغذائية، تعديل النظام الغذائي وأسلوب الحياة، وتقديم الاستشارة النفسية.

كيف تقي نفسك من المرض؟

على الرغم من انتشار مرض لايم بشكل حصري في أمريكا الشمالية وأوروبا وشمال آسيا، إلا أن القراد يستطيع نقل العديد من الأمراض المعدية غيره، لذا من الحكمة أن تعرف كيف تحمي نفسك من عضة القراد.

توصي مراكز مكافحة الأمراض واتقائها CDC، بارتداء ملابس تغطي الجسد بالكامل واستخدام طارد للحشرات على الجلد والملابس عند الذهاب للتنزه في المناطق العشبية أو المشجرة. وبعد العودة، فَتِّش في جسدك عن أي قرادة متعلقة أو أثر للعضة، وإن وجدت واحدة قم بإزالتها على الفور بالملقاط، واذهب للطبيب إن ظهرت أعراض كالحمى أو الطفح الجلدي. كذلك تفحص ملابسك وضعها في المجفف على درجة حرارة عالية لقتل القراد، كما يُنصَح بالاستحمام في خلال ساعتين من الخروج لتقليل خطر الإصابة بالعدوى.

ولا تنسَ أيضًا تفحص حيواناتك الأليفة، وإبعادها عن الأماكن المليئة بالقراد، إلى جانب استخدام منتجات الوقاية من القراد التي يحددها الطبيب البيطري.