قبيل 13 يومًا من الذكرى الـ 39 لزيارة السادات للقدس، الحدث الأبرز والأهم في مسيرة التطبيع المصري مع «إسرائيل»، أصدرت قناة «الجزيرة» أولى حلقات برنامجها «خارج النص»، والذي دار موضوعه حول الحملة التي تعرض لها فيلم «ناجي العلي» في مصر، وتضمنت تخوين الممثل نور الشريف والمخرج عاطف الطيب والمؤلف بشير الديك.

اعتمدت الحلقة على إجراء مقابلات مع صانعي الفيلم الذين ما زالوا على قيد الحياة، بجانب عدد من الكُتّاب والنُقاد الفنيين ما بين مؤيد ومُعارض للفيلم.

قامت الحلقة بتلخيص وعرض محاور الخلاف حول فيلم «ناجي العلي»، في عدد من النقاط؛ كانأولها فلسلفة اختيار موضوع الفيلم (الذي جاء بعد أربع سنوات من استشهاد ناجي العلي) في ذلك التوقيت. دافع صناع الفيلم بأن اختيار الموضوع يعود إلى ثراء حياة الفنان الفلسطيني، وأحداثها الدرامية المفيدة لهذا العمل الفني، الذي سعى لتذكر الجمهور العربي بقضية فلسطين، والتعبير بصدق عن التغريبة الفلسطينية.

بينما رأى معارضو الفيلم أن توقيت إنتاجه وعرضه لم يكن في صالح النظام المصري أو مسئولو منظمة التحرير وقتها، وعلى رأسهم «ياسر عرفات».

ثم استعرضت الحلقة بعد ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها الصحافة المصرية على الفيلم، في محاولة لتشويه ناجي العلي؛ الفيلم والإنسان. كما تمت الإشارة إلى رغبة ياسر عرفات حينئذ بوقف عرض الفيلم؛ لما يحمله من اتهامات لمنظمة التحرير أنها كانت وراء اغتيال الفنان الفلسطيني، حتى تم منع عرض الفيلم من المهرجان القومي للسينما المصرية هذا العام.

وقد حاولت الصحافة المصرية خلال تلك الفترة استعراض أبرز كاريكاتيرات ناجي العلي؛ للدلالة على كره ناجي العلي ومعارضته لمصر؛ الأمر الذي رفضه صُنّاع الفيلم، فأكدوا أن ناجي العلي لم يكن ضد مصر، ولكنه ضد سياسات النظام المصري واتفاقية كامب ديفيد.

وكما قال نور الشريف على لسان ناجي العلي في إحدى مشاهد الفيلم:

الحرية حلوة، والله والله والله ما بترجع فلسطين من غير حرية.

ثاني النقاط الخلافية كانت إنتاج الفيلم، فضخامة إنتاج الفيلم دفعت معارضيه إلى تبني رواية أن الرئيس الليبي السابق «معمر القذافي» كان وراء إنتاج ذلك الفيلم؛ بسبب خلافاته مع نظام مبارك حينئذ، وقيامه بتمويل كل الأنشطة المعادية له حينها، وكذلك المعادية لأي نشاط تطبيعي لمصر مع إسرائيل، وهو ما نفاه تمامًا منتج الفيلم «وليد الحسيني».

الجدلالثالث الذي أثارته الحلقة، أن بوستر الفيلم حمل جملة «إشراف سياسي: وليد الحسيني»، وهو ما اعتبره البعض أنه يحمل دلالة قوية أن هذا الفيلم موجه سياسيًا لأغراض مُحددة، معتبرين إياها سابقة في تاريخ السينما المصرية.

بينما أكد صانعو الفيلم، ومن بينهم مشرفه السياسي، أن الفيلم تحدث عن وقائع غير محكية قبل ذلك، ومن بينها التهديدات التي تلقاها ناجي العلي من حركة فتح، ومن ثَمَّ صار هناك خلاف خلو بعض مقاطع السيناريو الذي أصر وليد الحسيني أن تظل كما هي، مع تحمله المسئولية كاملة، ومن هنا جاءت فكرة وضع «الإشراف السياسي» على بوستر الفيلم.

الخلافالرابع تركز حول تجاهل الفيلم لنصر أكتوبر/تشرين الأول 1973، وتركيزه على هزيمة يونيو/حزيران 1967، وواقعة تنحي جمال عبد الناصر والرفض الجماهيري لذلك، واعتبار ذلك رؤية سينمائية مختلة.

وهنا أشار صناع الفيلم إلى أن السياق الدرامي الذي ركز على فكرة «الانهيار العربي» لم يكن يقتضي تسليط الضوء على نصر أكتوبر/تشرين الأول 1973.

الخلافالخامس والأخير، كان محوره الشخصية المصرية الوحيدة في الفيلم، والتي مثّلها الفنان المصري «محمود الجندي»، وظهر كشخص سكران طوال أحداث الفيلم، يسأل ناجي العلي عن توقيت قدوم الجيوش العربية لنصرة القضية الفلسطينية.

رأى المعارضون أن وجود هذه الشخصية يهدف إلى تشويه صورة المصريين، بأنهم مُغيَبين وغير مُبالين بالقضية الفلسطينية.

بينما أشار الصُناع إلى أن هذه الشخصية كانت العمق الحقيقي للقصة؛ بأن الشخصية المصرية هي الوحيدة المهتمة بالقضية، والتي تبحث عن التضامن العربي مع فلسطين.

وكما هو الحال الآن، هاجم الإعلام المصري بشدة صناع الفيلم، وطالبوا بسحب الجنسية المصرية منهم.