سأقدم له عرضًا لا يمكن أن يرفضه.

ربما هو الاقتباس الأشهر على الإطلاق في تاريخ السينما الأمريكية. اقتباس يعود لفيلم الأب الروحي الذي يحكي قصة أحد أقوى عائلات المافيا الإيطالية في نيويورك.يُفاجأ السيد دون فيتو كورليوني الأب الروحي للعائلة بزيارة من المغني جوني فونتاني الذي ينتمي للعائلة. يطلب فونتاني مساعدة والده الروحي لتأمين دور سينمائي من شأنه أن يعزز مسيرته المهنية المضطربة. يوضح فونتاني أن المسئول عن الفيلم ومنتجه رفض إعطاءه الدور، لكن الأب الروحي يخبر جوني: «سأقدم له عرضًا لا يمكن أن يرفضه».يرفض المسئول عن الفيلم عرض السيد كورليوني في البداية مقابل خدمات مستقبلية محتملة سيقدمها السيد كورليوني. لكنه يستقبل عرضًا آخر غير مباشر، حيث يستيقظ في وقت لاحق ليصطدم برأس فرس الرهان المحببة له باهظة الثمن مذبوحة وملقاة بجواره على السرير. يحصل فونتاني على الدور السينمائي بالطبع، لقد فهم المنتج أن السيد كورليوني قادر أن يفعل أي شيء، وهذا تحديدًا العرض الذي لا يمكن لأحد أن يرفضه.تلك هي قواعد اللعبة إذن، ليس بالمال وحده تكون قوة العرض المقدم. هناك العديد من التفاصيل التي تجعل أحد العروض بمثابة عرض لا يمكن أن يرفض.وفي عالم كرة القدم في الوقت الحالي هناك نادٍ وحيد عندما يقدم عرضًا يصبح تلقائيًّا عرضًا لا يمكن لأحد أن يرفضه، أو بشكل أدق من الصعب أن يرفضه أحدهم. إنه النادي الإسباني ريال مدريد بالطبع. هل ترى الأمر نوعًا من المبالغة؟ حسنًا، إيدين هازارد وبول بوجبا لديهما الرد.


هازارد يقترب وبوجبا في الصورة

من بين أهم خمسة أسماء في الدوري الإنجليزي يبزغ اسما هازارد وبوجبا بشكل دائم. الأول هو درة تاج فريق تشيلسي اللندني ونجمهم الأهم.يتقاضى هازارد 200 ألف إسترليني أسبوعيًّا، وسينتهي تقاعده بنهاية الموسم القادم. يسعى فريق تشيلسي في تجديد التعاقد مع نجمهم الأهم، لكن إيدين هازارد يرفض التجديد حتى بعد تلقيه عرضًا بزيادة راتبه لـ 300 ألف إسترليني، والإجابة يعرفها الجميع، ريال مدريد.انتقال هازارد لريال مدريد هو الصفقة الأكثر توقعًا في صيف 2019، والسبب أن هازارد نفسه يؤكد كلما أتيحت له الفرصة أنه يريد الالتحاق بريال مدريد. دعنا نتناول بعضًا من تصريحات هازار د نفسه حول ريال مدريد.

بعد 6 سنوات رائعة في تشيلسي حان الوقت لاكتشاف شيء مختلف، والجميع يعرف ما هي وجهتي المفضلة.

صرح إيدين هازارد بهذه الكلمات بعد فوز بلجيكا على إنجلترا في مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم.لم ينتقل هازارد للريال بعد كأس العالم، لكنه فضل عدم غلق الباب أمام النادي الإسباني، وأكد في مناسبة أخرى أن الانتقال لمدريد هو حلم الطفولة بالنسبة إليه.بدأ مدريد موسمًا كارثيًّا لأسباب مختلفة، وعاد اسم هازارد كمنقذ للفريق خلال فترة الانتقالات الشتوية، وهو ما رفضه هازارد، وأكد أنه لن ينتقل خلال فترة الشتاء، ثم بعودة زيدان لتدريب ريال مدريد طُرح اسم هازارد للمرة الثالثة خلال فترة قصيرة للغاية، وهو ما صرح حياله هازارد:

لقد توقفت محادثات التجديد بيني وبين تشيلسي، ولكن ما زال في عقدي عام إضافي، الجميع يعرف أنني دومًا محب لفريق ريال مدريد حتى قبل قدوم زيدان.

خلال فترة قصيرة صرح هازارد بالعديد من التصريحات حول ارتباطه بفريق العاصمة الإسبانية، وهو ما اقترب حدوثه بالفعل. جريدة الماركا الإسبانية والمقربة من فريق العاصمة الملكي أعلنت عن اتفاق الأطراف الثلاثة بالفعل حول الانتقال.لم تكتفِ الماركا بذلك، بل أكدت أن الفرنسي بول بوجبا لاعب خط وسط مانشستر يونايتد هو المحطة القادمة في قطار انتقالات الريال القادم. أما بوجبا فقد كان حديثه يحمل الكثير من التقدير لفريق ريال مدريد، كما هي عدة كل اللاعبين.

كما قلت دائمًا، ريال مدريد هو حلم لأي شخص. إنه أحد أكبر الأندية في العالم. هناك أيضًا زيدان كمدرب وهو حلم لكل من يحب كرة القدم. الآن أنا في مانشستر، لا نعرف ما يخبئه المستقبل.

لم يخفِ زيدان مدرب مدريد إعجابه بلاعب مانشستر يونايتد أيضًا من خلال تصريحاته، حيث قال:


ماذا يقدم بيريز؟

تتفق معي الآن أن ريال مدريد يختلف عن كل أندية العالم في مسألة قوة جذبه للنجوم، رغم المستوى المتدني الذي يبدو عليه الآن، ورغم أن هؤلاء اللاعبين يحصلون بالفعل على رواتب خرافية. فهازارد عُرض عليه 300 ألف إسترليني في الأسبوع، وهو راتب أكبر من راتب أي لاعب لريال مدريد باستثناء جاريث بيل الذي يحصل على 350 ألف إسترليني والمرشح بقوة لمغادرة مدريد الموسم القادم. أما بول بوجبا فهو يحصل على مبلغ 290 ألف إسترليني بالفعل.أي إن المقابل المادي وإن زاد في مدريد فهو لن يزيد كثيرًا عما يتقاضاه النجمان في نادييهما، وفي أحد الدوريات الكبرى في العالم. لكن يبقى ريال مدريد مختلفًا.لا يقدم السيد فلورنتينو بيريز خدمات خارج القانون ولا يذبح رءوس الأحصنة، لكنه يملك ما يماثل تلك الأشياء عندما يقدم عرضًا لأحدهم. يملك التاريخ وزيدان، ويملك زخمًا إعلاميًّا حول ريال مدريد لا يحظى به أي نادٍ آخر حول العالم.


الأرقام تتحدث بالإسبانية

الدوري الإنجليزي هو الدوري الأكثر ندية على الإطلاق، يتمتع في الآونة الأخيرة بقوة شراء مهولة لأسباب تتعلق بعوائد البث التليفزيوني. أصبح قبلة مدربي العالم ليعج بأسماء من أهم مدربي كرة القدم، مثل: بيب جوارديولا، وماوريتسيو ساري، ويورجن كلوب، وأوناي إيمري، وبوتشينيو، وبيلليجريني، ورافايل بينيتيز، وجوزيه مورينهو.لكن الأندية الإسبانية لها الغلبة الدائمة عندما تقابل الأندية الإنجليزية، سواء تاريخيًّا أو حاليًّا.فاللقب الإنجليزي الأول لبطولة دوري أبطال أوروبا على سبيل المثال كان في النسخة الثالثة عشرة للبطولة على يد فريق مانشستر يونايتد، بينما كان ريال مدريد قد حقق ست بطولات بالفعل، أما عن الفترة الأخيرة، فآخر خمسة ألقاب للبطولة هي إسبانية خالصة.وقد استمر ذلك فيما بعد، فمنذ أن تغير اسم البطولة موسم 1992 / 1993 وحتى الموسم الماضي تقابلت الفرق الإسبانية ضد الفرق الإنجليزية في 133 مباراة. فازت الفرق الإسبانية بـ 50 مباراة مقابل 33 مباراة فاز بها أندية إنجلترا، وانتهت بقية المباريات بالتعادل.بينما على مستوى الأدوار الإقصائية، فمن مجموع 33 مواجهة فازت أندية إسبانيا بـ 21 مواجهة في تفوق ملحوظ. أما على مستوى الألقاب فقد استطاعت أندية ريال مدريد وبرشلونة الفوز بعشرة ألقاب خلال تلك الفترة مقابل 4 ألقاب للأندية الإنجليزية.حسنًا، الدوري الإنجليزي أكثر ندية بالفعل، لكن الدوري الإسباني يعج بالمواهب، ويزيد من تطور اللاعبين أيضًا، وله غلبة تاريخية رسخت انطباعًا قويًّا لدى الجماهير واللاعبين أنها الأكثر تميزًا.


من قال إن الدوري الإنجليزي لا يعوض؟

استطاعت إسبانيا بقطبيها ريال مدريد وبرشلونة أن تقدم لأوروبا كرة قدم بطابع لاتيني، تاريخيًّا إسبانيا لها اليد العليا في ثقافة أمريكا الجنوبية،فبوينس أيرس ومونتيفيديو عاصمة أوروغواي أُنشئتا على يد الإسبان، وبمرور الوقت صارتا أهم ميناءَين لإنجلترا في أمريكا الجنوبية، واستقبلتا السلع البريطانية والقطارات، واستقبلتا كذلك كرة القدم عن طريق أقدام البحارة الإنجليز.عرفت تلك البلاد كرة القدم من الإنجليز، لكنها ظلت تحيا بروح إسبانية، وتتحدث الإسبانية، فصارت إسبانيا هي الوجهة الأولى للاعبي أمريكا اللاتينية في الاحتراف الأوروبي.امتلك الميرينجي العبقري الأرجنتيني دي ستيفانو والمكسيكي هوجو سانشيز، وحديثًا رونالدو وكارلوس وروبينهو، بينما كان لبرشلونة النصيب الأكبر من الطابع اللاتيني بأسماء مثل مارادونا وروماريو وميسي ورونالدينهو.كان الدوري الإيطالي هو المنافس الحقيقي للدوري الإسباني على هؤلاء النجوم قديمًا وقبل الظروف الاقتصادية التي عصفت بأندية إيطاليا، بينما ابتعدت أندية إنجلترا عن الاستعانة بتلك المواهب تمامًا. مما جعل الدوري الإسباني ذا طابع مهاري في المقام الأول.كل ذلك خلق انطباعًا دائمًا عند الجميع أن الدوري الإسباني دوري يساعد أكثر على التألق، وخاصة لأصحاب المهارات، بينما سمات مثل القوة والندية هي ما تميز الدوري الإنجليزي، ولذا فلاعبين مثل بوجبا وهازارد وغيرهم يدركون تمامًا أن اللعب برفقة ريال مدريد ضد أندية تعج باللاعبين الذين يهتمون بفنيات الكرة أكثر من الركض والاصطدام سيبرز مهاراتهم بشكل أكبر.


رحيل رونالدو وعودة زيدان

يبقى أحد أهم العوامل التي تجذب لاعب ما للانضمام لأحد الأندية هو دوره المفترض مع النادي. وبرحيل رونالدو النجم الأبرز في التشكيل المدريدي لسنوات أصبحت الأمور أكثر جذبًا. فهازارد أو بوجبا أو باقي الأسماء التي تطرح على منضدة مفاوضات الريال تعي جيدًا أن جماهير الريال في حالة بحث عن أيقونة جديدة للفريق. من سيخلف رونالدو ويهتف باسمه ملايين المشجعين. اللعب بجوار رونالدو ممتع لا شك في ذلك، لكن التربع في قلوب محبي الريال بدلًا منه أمر أكثر إمتاعًارجوع زيدان أمر لا يستهان به أيضًا. الرجل معروف بقوة علاقته مع اللاعبين على المستوى الشخصي، وقدرته على استخراج القدر الأكبر مما يمتلكونه من مهارة. استطاع زيدان بثلاثة ألقاب متتالية لدوري أبطال أوروبا على التوالي أن يضمن لكل القادمين الجدد أنهم على أعتاب فريق لا يغيب عن البطولات في أي موسم.


نفوذ السيد بيريز

أنا حقًّا أحب بوجبا. إنه لاعب مختلف، هناك عدد قليل من اللاعبين يساهمون داخل الملعب بالقدر الذي يساهم به بوجبا.

يبقي العامل الأخير، وهو أمر لا نستطيع حسمه تمامًا بشكل مؤكد، ولكن دومًا هناك حديث عن نفوذ السيد فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد. ظهر ذلك في حفل توزيع جوائز الأفضل خلال العام الماضي، والتي يمنحها الفيفا أفضل اللاعبين.استحوذ عليها فريق ريال مدريد بينما فاز بجائزة الأفضل الكرواتي لوكا مودريتش، وحل ثانيًا البرتغالي رونالدو، الذي رحل عن مدريد في الموسم نفسه. مما جعل الجميع يؤكد أن لفريق ريال مدريد ورئيسه يدًا خفية في ذلك. علق إيدين هازارد على الأمر عندما وجَّه له أحد الصحفيين سؤالًا يتعلق بكونه لن يفوز بجائزة البالون دور إلا بالذهاب لريال مدريد، فكانت إجابة هازارد: «ربما لذلك أريد الذهاب».الحقيقة والشيء المؤكد أن ريال مدريد رفقة أي رئيس يمتلك زخمًا إعلاميًّا واهتمامًا لا ينكره أحد. ربما تلك المهابة تلعب دورًا خفيًا في تلك الأمور وتقديم عروض لا يمكن رفضها من اللاعبين.