فنانة قررت أن تخطو خطوات ثابتة، وتتوافق مع تفكيرها وتكوينها الوجداني، كانت بدايتها من عمّان عاصمة الأردن، قدمت أدوارًا متعددة ولكن عُرف عنها صعوبة ما تقدم من أدوار، لم تكن خطواتها في مصر سهلة بالرغم من الاحتضان الذي تم لها، في وطن تعتبره هي وطنها الثاني، واستطاعت أن تكون من خلاله اسمًا فنيًا كبيرًا.

إنها الأردنية صبا مبارك التي قدمت أعمالاً سينمائية درامية بلهجات متعددة منها المصري والتونسي والعراقي وغيرها من اللهجات التي أتقنتها، والتي اعترفت أيضًا أنها تعرضت للكثير من المحاربة والهجوم من أشخاص مختلفين، ومع تكوينها الفكري نجد اليوم صبا مبارك ممثلة ومنتجة لفيلم نسوي وهو «بنات عبد الرحمن»، ويعرض قضية 4 شقيقات يعانين من مشكلات مختلفة، ويتم عرضه في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ43.

قمنا في إضاءات بإجراء هذا الحوار الخاص مع الفنانة الأردنية صبا مبارك للتعرف على تفاصيل تجربتها وخاصة مع فيلم يدور في إطار عرض قضايا نسوية.

ما الذي دفعكِ إلى المشاركة في «بنات عبد الرحمن» كممثلة ومنتجة؟

قصة العمل هي التي دفعتني للمشاركة به كممثلة ومنتجة، فحين عرض المؤلف والمخرج الفيلم لكي يحصل على دعم المنتجين لصناعته، قررت أنا أن أكون المنتج، وكذلك شاهيناز العقاد لم تأخذ من الوقت أكثر من دقائق للموافقة على هذا المشروع.

وقصة العمل تعبر عن عدد من السيدات اللاتي يمررن بمشكلات اجتماعية ونفسية صعبة، وهو يقدم تحديًا جديدًا بالنسبة لي، وحين قرأت السيناريو كان قراري بأن هذا ما أحتاج أن أقدمه إنتاجيًا.

هل كان العمل تحديًا لكِ لابتعادك به عن كونك سيدة جميلة، كما عهدكِ الجمهور على الشاشة؟

أنا في البداية والنهاية ممثلة، فلا أقدم أدوار السيدة الجميلة ذات الكعب العالي فقط، لابد أن يكون لدي تغيير وتحديات جديدة، فأنا شخصية أصاب بالملل سريعًا، فإذا لم أجد ما أقدمه جديدًا سأعتزل الفن تمامًا، وبالتالي أبحث عما هو جديد بشكل مستمر.

ألا ترين أن هناك تحاملاً على دور الرجل في فيلم «بنات عبد الرحمن»؟

العمل هو في النهاية قصة بنات، وغير مقصود به انتقاد الرجال أو تقديم صورة سيئة عنهم، بالرغم من وجود بعض الشخصيات الرجالية سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإذا كان الأب ورجال الحي سلبيين، فهناك خطيب شقيقتي شخصية رجالية جيدة، والصبي العامل بالمكتبة، وهناك سلبي مثل زوج شقيقتي وزوجي المتزمت وغيرهم، وفي النهاية تلك الشخصيات متواجدة في المجتمع.

من المتوقع أن يواجه الفيلم انتقادًا بسبب ما فعلته المنتقبة داخل العمل.. كيف ستواجهين ذلك؟

أنا أقدم دور سيدة ترتدي النقاب، وبالفعل قامت في بعض المشاهد بشرب السجائر، وهذا بالنسبة لنا في الأردن أمر ليس فجًا، خاصة أنه في السياق الدرامي فهو ليس مقحمًا في الأحداث، كما أن جدتي كانت محجبة وتقوم بشرب السجائر، وفي نهاية الفيلم قامت بكسر علبة السجائر لأنها لم تعد في حاجة إلى شيء لتفريغ كبتها به، وإذا حدث هجوم عليّ بسبب هذا سأكون على قدر كبير لمواجهة ذلك الهجوم بالطبع.

وهل ستعتمدين على ذلك في الدعاية المضادة؟

لا أفكر في ذلك من الأساس، ولماذا نضع من الأساس احتمالية الهجوم؟ أنا لا أفكر بهذا الشكل إطلاقًا.

هل توقعتِ رد فعل الجمهور بالاحتفاء بفيلم «بنات عبد الرحمن» حين عُرض بالمهرجان؟

الحقيقة أنني كنت أتوقع بالفعل أن يُقابل الفيلم بالحفاوة، لأن هذا كان التحدي بالنسبة لي، ولكن لم يكن في توقعاتي أن يكون بهذا الشكل من تصفيق واحتفال.

ما هو العمل الذي يدفعكِ إلى إنتاجه؟ وهل ستتبنين قضايا أثناء قيامكِ بالإنتاج؟

العمل الذي أود كمشاهد أن أراه على الشاشة هو ما سأقوم بإنتاجه. ليس بالضرورة أن أقدم قضية بعينها، فالترفيه شيء أساسي أيضًا بالفن، فإذا وجدت ما يجذبني سأقوم بتقديمه على الفور.

كيف ترين دور المرأة العربية بعد الانفتاح حاليًا؟

أنا بالأساس لا أرى أن المرأة شخص ناقص يحتاج إلى أن يحصل على حقوقه المغتصبة، وأن يتساوى بالرجل في الحقوق والواجبات وما إلى ذلك، فأنا أرى أن المرأة مثلها في الأساس مثل الرجل لا فرق بينهما فكل منهما إنسان، وعند هذه الكلمة يتوقف كل شيء، فأنا لست فيمنست بالمعنى المتداول والمتعارف عليه حاليًا.

هل مررتِ بتجارب شخصية تجعلكِ تؤدين دور السيدة المقهورة؟

نحن نقدم 4 أنماط مختلفة من السيدات كل منها تعرضت لمواقف مختلفة في الحياة من المجتمع والأهالي وغيرهم، وبالتأكيد مررت بعدد من المواقف التي تعرضت لها الشخصيات.

هل ستندمين على هذا الفيلم إذا تعرضتِ للهجوم؟

بالطبع لا.. لن أندم على تقديمي لهذا العمل مُطلقًا.

ما هي أكثر المشاهد انفعالًا بالنسبة لكِ؟ وهل استعنتِ بدوبلير في أي من المشاهد؟

كان أصعب المشاهد والأكثر انفعالاً بالنسبة لي هو حين قررت الشخصية التحرر مما يضغط عليها من قيود وظهر ذلك في قيادتها للسيارة مسرعة، وصرختها في وجه الجميع. واستعنت بدوبلير في لقطة محددة أثناء قيادتي للسيارة خوفًا على حياة الحيوانات ولكي لا أصيب أيًا منهم.

أتحبين ألا تحصري نفسكِ في لهجة معينة؟ ولماذا؟

بالطبع، فقد قدمت العديد من اللهجات ومنها المصري والأردني والعراقي وغيرهم، ففي النهاية إذا كان الدور جيدًا وأحببته أقدمه خاصة وأني أستطيع أن أجيد اللهجات العربية.

كيف تحضرين نفسكِ لتجسيد دور جديد؟

كل دور يسير طبقًا لما يتطلبه، فعلى سبيل المثال، في فيلم «بنات عبد الرحمن»، قمت بزيادة وزني 15 كيلو حتى أتلاءم مع الشخصية، بالإضافة إلى الاستعداد النفسي الكبير بمعايشة الشخصية حتى أظهر بشكل صادق أمام الجمهور.

بعد تقديمكِ لعدد من الأفلام التي تحمل قضايا مثل «أميرة» و«حلب إسطنبول»، كيف وصلتِ إلى هذه الحالة من النضج الفني؟

لقد تمت مهاجمتي ومحاربتي كثيرًا، وكنت أظلم بمعنى أنه لا يُعرض عليّ أدوار تلائمني وكانت تذهب الأدوار الجيدة إلى أشخاص آخرين، ولكني بيني وبين ذاتي كنت أرى أنهم في بعض الأحيان أقل مني كفاءة، وتأتي بعض اللحظات لي التي أشعر فيها باليأس، وخاصة أن العمر يتقدم بي، وأنتظر أن أقدم عملاً أحقق به ما أريد، وحين جربت أن أقدم ما لا يشبهني فشلت، وبالتالي حين جاءت الفرصة الحقيقية استطعت أن أظهر من خلالها قدراتي، وأنا دائمًا ما أقدم أعمالاً يفتخر بها ابني وشقيقتي، وأن يأتي الجهور لي ويخبرني بأنني قد أثرت بشيء في حياته أو أني قدمت عملاً يشيد بي من خلاله، فهذا في النهاية ما أبحث أنا عنه.

كيف ترين مدرسة الـ method acting والتي يتقمص فيها الممثلون الدور حتى خارج أوقات التصوير؟

هناك بعض الأدوار التي تضع الممثل رغمًا عنه بسبب طبيعة الدور نفسه، ولن يكون الأمر اختياريًا كما يعتقد البعض.

كيف ترين ارتباطكِ بتأدية الأدوار الفلسطينية؟ وهل ترين أن فلسطين أخذت حقها من الدراما والسينما العربية؟

دولة فلسطين هي جزء مني، فأنا أمي فلسطينية، والقضية الفلسطينية هي أهم القضايا التي تبنيتها فنيًا، ومهما أقدم لها من أعمال لن يكون كافيًا لها وبحقها. لا، لم تأخذ فلسطين حقها حتى الآن في الأعمال العربية بشكل كامل.

هل من الممكن أن نراكِ قريبًا كممثلة في فيلم أوروبي أو أمريكي؟

لا مانع من ذلك بالتأكيد، إذا كان الدور مناسبًا لي ويحقق ما أبحث عنه من اختلاف ولا يتعارض مع أفكاري.

ما هو فيلمكِ المفضل في عام 2021؟ ولو كان بيدكِ اختيار فنان أو فنانة عربية لتكريمه أو تكريمها عن مجمل أعماله فمن يكون؟

لا يمكن أن أحصر الأمر في عمل واحد أو شخص وحيد، فهناك الكثير ممن يستحق ذلك.

ما هي أعمالكِ القادمة؟

أنتظر حاليًا عرض فيلم «السرب»، مع أحمد السقا وآسر ياسين وكوكبة كبيرة من النجوم، ومسلسل «عنبر 6»، عربي مشترك مع سولاف فواخرجي وأيتن عامر، وفيلم أردني يحمل اسم «عرنوس»، ومسلسل عراقي «ليلة السقوط»، والذي تدور أحداثه ما بين 2014-2017 واحتلال داعش للموصل، وما دار بأهل المدينة من مأساة.