أنا لا أريد الأمل، عندما تيأس لا تهتم، عندما لا تهتم اللامُبالاة التي تنتج عن ذلك تجعلك جذابًا، اليأس هو أملي الوحيد.
جورج كوستانزا 

تحمل الفلسفة التشاؤمية «cynicism» رؤية مخيّبة للآمال للطبيعة البشرية، فالبشر وفقًا لتلك الفلسفة يتحركون بناءً على مصالحهم الشخصية مهما ادعوا أنهم يدافعون عن فضيلة ما، ينتشي المنتمي لتلك الفلسفة بتتبع المفارقة بين ما يصدره البشر عن أنفسهم وبين حقيقتهم، ويرتاب بشدة تجاه كل القواعد المجتمعية المتفق عليها لتنظيم شئون الحياة، فكل قاعدة بريئة لا بد أنها تخفي سخفًا ما، أو مصلحة اقتصادية لطرف خفي وضع تلك القاعدة ليجبر الآخرين على اتباعها وينال هو المكاسب.

ينزعج المجتمع من الشخص الـ cynical، ويراه كثيرون ينتقد طوال الوقت دون امتلاك أي مزية تجعله أهلًا لتصدير تلك الانتقادات، فلو كان التشاؤمي مخطئًا فهو يزعجنا بصياحه، ولو كان محقًّا فهو يقدم لنا عالمًا لا نود أن نراه، فيه النفاق والمصلحة هما جوهر المجتمع، بينما التهذيب والقواعد هما طلاء كاذب لسخافتنا البشرية.

يرى «علماء النفس» أن التشاؤم بتلك الطريقة هو حيلة دفاعية يحصن بها البعض أنفسهم من فشلهم الشخصي بالسخرية من محاولات الجميع، يخيبون آمالهم بأنفسهم قبل أن يفعلها المجتمع لأجلهم، يتجرعون الخيبة لكن بطريقة حكيمة تصدرهم كفلاسفة غير مبالين لا كفاشلين مثيرين للشفقة، عندما تيأس لا تهتم، وهذا يجعلك شديد الجاذبية ومنيعًا تجاه الألم.

في السبعينيات كان «لاري ديفيد» قد جرب مهنًا شتى، مثل العمل سائقًا خاصًّا وبائعًا للحمالات النسائية، وفشل في تلك المهن فشلًا ذريعًا، لم يخرج منها إلا بمجموعة قصص ساخرة.

افتُتن لاري بعروض «الستاند أب»، أن يمسك شخص الميكروفون ليسخر من كل شيء في المجتمع، ليجرد كل شيء من منطقيته ويكسبه بعدًا كوميديًّا يظهر سخفه، بدت أسهل مهنة لفاشل يشكو طوال الوقت، يخبرنا «فرويد» أن الدعابة هي طريقة مقبولة لتفريغ الميول العدوانية تجاه الذات والعالم مع منح ملقيها تفوقًا نفسيًّا حيال موضوع الدعابة، فبدت مهنة مصممة نفسيًّا لشخص مثله.

قدَّم لاري عروضًا مروعة، كان أحيانًا يقطع عرضه لو لمح أحد الحاضرين يهز رأسه رفضًا لما يقوله، وفي مرة بمجرد صعوده على خشبة المسرح رأى وجوهًا متحفزة فلم يقدِّم عرضه من الأساس، وحينما حاول تعلم التمثيل كان ينزعج بشدة من انتظاره أن يُنهي محاوره سطور دوره ليأتي دوره للحديث، كان الانتظار المترقب في حالة هشة ليأتي دوره يقلقه ويعريه، ففشل في التمثيل كذلك.

كلما أمعن لاري في الفشل الشخصي تمسك بالتشاؤم باعتباره الآلية النفسية الوحيدة للنجاة، فكانت سخريته المستمرة ذخيرة جاهزة طوال الوقت لتعرية المجتمع من منطقيته وقواعده؛ لأنه في مجتمع منطقي يملك قواعد للنجاح والفشل لن يكون سوى رجل أربعيني فشل في كل شيء بشكل مضحك، كان التشاؤم اليائس أمله الوحيد في الحفاظ على ذهنيته من الانهيار.

في عام 1989 جاءته مكالمة من صديقه الكوميديان «جيري ساينفيلد» ليساعده في كتابة حلقة تلفزيونية لشبكة NBC، ستصير الحلقة مسلسلًا أيقونيًّا غيَّر وجه الكتابة الكوميدية للأبد.

الكنز في تدمير الرحلة

لا أحضان، لا تعليم.
لاري ديفيد

تدور أغنية مسلسل «فريندز» الشهير حول مواساة لكل شخص مفلس يعمل في وظيفة يكرهها أو يقضي عامه الأسوأ، إن هذا المسلسل وهؤلاء الأصدقاء هنا لأجله، يرى «جوناثان ميتشل» أن تلك هي وظيفة الفن والأدب ككل، أنه يقدم رحلة يمر فيها الأبطال بمتاعب وصولًا لحلها بطريقة تمنح المتلقي التسلية والتعليم والإلهام، وأنه سيصل للسعادة مثلهم.

أرسى «لاري» قاعدة واحدة لكتابة ساينفيلد؛ أن يجسد شخوصه رأيه في البشر والحياة، لا يوجد شيء لتعليمه، لا توجد رحلة يطارد فيها الأبطال هدفًا، لا توجد عواطف حميمة، والأهم لا يوجد نمو، تلك الشخصيات كالبشر الحقيقيين، لن يتحركوا خطوة خارج دوافعهم الشخصية!

في الزمن السينمائي يعمل مونتاج الحكاية على حذف كل ما لا يخدم الرحلة، فنقطع من مشهد البطل وهو يرتدي سترته لمشهد المقابلة مع الحبيبة في مطعم رومانسي، في «ساينفيلد» تمردت الكتابة على فكرة الرحلة نفسها، لا توجد رحلة لوجهة ما، وهذا جعل كل الاتجاهات جديرة بالاستكشاف، وكل الزمن الممل الذي تقتطعه السرديات السينمائية لعدم أهميته هو غابة ساحرة من اليومي، ومنجم كوميديا لم يجرؤ أحد على استكشافه بعد مثل الوقت الذي تستغرقه في ركن سيارتك أو المفاوضة على حجز طاولة في مطعم. سيدور المسلسل عن هذا الزمن المفقود.

ما الذي يمكن أن يحبه المتلقي في شخصيات ستكون (ضد البطل)، أنانية، تتحرك وفق دوافعها الشخصية، تنتقل بحمولتها النفسية تلك من يوم لآخر في نيويورك بدون وعد بتغيير يطرأ عليها، والأهم علامَ يمكن أن نتحدث بدون رحلة؟

أبطال ساينفيلد شخصيات تتمنى أن تشاهدها من مرفأ آمن، لا تتمنى أن تقابل شخصًا منهم في الحقيقة؛ لأنك ستكون ضحية ربما لعقده الشخصية أو محاولاته الأنانية لاستغلالك بطريقة ما، لكن من مرفأ آمن يمكنك أن تتشارك الخزي اللذيذ من حلقة لأخرى، حيث تهمس لنفسك بأنك تصرفت مثلهم مرة، أو أن تلك الطريقة السخيفة في معالجة الأمور ارتكبها كثيرون غيري، حد أن مسلسلًا تلفزيونيًّا قرر تسخير حلقة كاملة للحديث عنها، تجعل كتابة لاري ديفيد شخوص ساينفيلد هم أقرب لقديس كوميدي، يحمل عنا عبء استكشاف جوانب السخافة والأنانية في بشريتنا، فنراها في آخرين، فيصير الخزي، وهو العاطفة الأكثر سرية التي نتشاركها كبشر، حالة كوميدية علنية يرتكبها آخرون وتثير ضحكًا آمنًا لا يجرح الضحايا، لأنهم ضحايا حلقة تلفزيونية وهمية.

في حلقة يترك «ساينفيلد» من يواعدها لأنها تملك يدًا رجولية، ويترك أخرى لأنها تملك ضحكة سخيفة، بينما يخبر «جورج» حبيبته أن علاقتهما مشروطة بأن تقوم بعملية لتجميل أنفها الطويل. و«إيلين» تراوغ لكيلا تعترف بأنها تحب أحدهم لوسامته لا لعقله، لكنها تضطر لتركه بعد تعرضه لحادث تسلق مضحك سيفسد وسامته. 

مرة يكذب جورج ويدعي أنه معاق لينال مزايا في عمله، بينما يهب لركن سيارته في بقعة المعاقين ليأمن الزحام، بينما يغير ساينفيلد طباعه الشخصية كل مرة ليجد منفذًا لممارسة الجنس مع امرأة تعجبه.

جوار ثلاث شخصيات تُعاني من النفاق الاجتماعي والأنانية الكوميدية توجد شخصية «كرايمر»، الجار البوهيمي الذي يعبر عما يريده دون مراوغة، كرايمر فلسفيًّا هو شخصية كلبية بامتياز، يشبه فلسفة «ديوجين اليوناني» الذي عاش حياته مثل الكلاب، يجلس في برميل خشبي، يقول ما يدور برأسه ويعبر عن أسخف أفكاره دون قلق، ولا يجد أي حرج في العيش بذهنية حيوان صريح وسط مجتمع مكبل بقواعده (ديوجين هو المؤسس الأول لفلسفة cynicism).

توجد حلقات حول أسئلة أكثر سخفًا عن الطبيعة البشرية، ربما لا تجرؤ على طرحها على أصدقائك، مثل المسابقة التي أجراها الأبطال حول كم يمكنهم الصمود دون ممارسة الاستمناء؟ هل تعرف النساء حقًّا أن العضو الذكري ينكمش بشدة عقب الخروج من المسبح؟ هل يُمكن أن تترك امرأة رجلًا تواعده لأنها رأته يلعب بإصبعه في أنفه؟ 

حسنًا ربما وصلت لدرجة انزعاج الآن تجعلك تقول إنه حتى لو قدمت أشخاصًا ليسوا مثاليين، فتلك المغامرات شديدة الشطح لتحدث من الأساس، فما بالك لو قُدمت بشكل كوميدي، هذا الانزعاج هو منبع عبقرية لاري ديفيد، فأغلب شخوص المسلسل حقيقيون ومشتقون من حياته نفسها، كرايمر مشتق من جار قديم لديفيد يدعى «كيني كرايمر»، وجورج كوستانزا هو شخصية لاري نفسها دون تجميل ومغامرات، مثل مسابقة الاستمناء هي مغامرات حقيقية عاشها لاري.

يكتب لاري ديفيد عن مساحات من السخف والكوميديا حقيقية، لكنها مساحات يقصها البشر من كادر حضورهم الإنساني، ليبدوا أكثر لياقة أو امتثالًا لقواعد المجتمع.

أن يصنع اللاشيء حكاية ساخرة 

الأدب مباراة تُخاض ضد الفوضى والموت، إنه القوة المضادة للفوضى المجتمعية، القصة هي المركز الذي لا يمكن لنا التماسك بدونه.
جون غاردنر

لا تُجسد شخصيات ساينفيلد فقط خيبة أمل لاري ديفيد والتشاؤميين في الطبيعة البشرية التي تتحرك دومًا وفق دوافعها، إنما تسخر في العمق من تفاهة الوجود الإنساني واحتياج البشر الأثير للقصص لجعل الوجود الفوضوي محكومًا بقواعد، تفرض القصص التي نخترعها منطقها على العالم، وتصديقها يمنحنا طمأنة أننا يمكننا أن نصل وسط اللايقين والفوضى لما نصبو له مثل الأبطال الذين نراهم.

في ساينفيلد لا يرى «لاري» داعيًا للعب مباراة عبثية ضد الفوضى التي تكسو الوجود، بل التأمل بسخرية مستسلمة في مسارات القدر وهو يلعب وحده مضحك أكثر.

في حلقة يخطئ ساينفيلد في وضع كوبه بجواره، فيتجرع صديق إيلين بقية شرابه، تلك الغلطة البسيطة تفسد حالة تعافي الصديق من الخمور التي صمدت لسنوات وترده لعجلة الإدمان، وفي حلقة يلقي جيري دعابة تثير غضب قريبته العجوز وتموت في اليوم التالي، وفي حلقة ينسى جيري تلقي البريد فيتعرض صديقه الباكستاني للترحيل لأنه لم تصله رسالة تجديد الإقامة، وفي حلقة تموت خطيبة جورج لأنه اشترى صمغًا رخيصًا لدعوات الزفاف سمم لسانها. 

في كوميديا ساينفيلد هناك جانب سوداوي للحياة البشرية وتفاهتها التي لا تحتمل، حيث دعابة في غير موضعها أو كوب في غير موضعه أو ظرف بريدي في غير موضعه يمكن أن يقلب حيوات رأسًا على عقب.

يسخر «لاري» حتى من منطق المسلسل نفسه حين يقدم المسلسل قصته في حلقة، فيطلب من البطلين تقديم حلقة تجريبية لشبكة NBC ويحاولان بالفعل أن يشتقاها من حياتهما، مثلما فعل لاري دايفيد في الحقيقة عندما قدم مع جيري مقترح مسلسل موضوعه المفارقات اليومية التي يستعير منها الكوميديان دعاباته، في المسلسل يصير الأمر أكثر هزلية، فيخبر جورج الشبكة أنهما سيقدمان مسلسلًا عن «اللاشيء»، لا شيء يحدث حقًّا، ولا رحلة ولا صراع، إنما محادثة مملة حول كل شيء في الحياة.

تلك هي رؤية لاري دايفيد للحياة، إنها محاولات سخيفة من البشر لخلق معنى وإجبار المجتمع للجميع عليه عن طريق قواعد لا تحصى، لذا عندما يصنع cynical مسلسلًا عن الحياة سيصير مسلسلًا عن اللاشيء ومحاولات البشر المثيرة للضحك لخلق معنى من هذا اللاشيء.

ربما وصلت عند تلك النقطة للشك حقًّا، هل هذا مسلسل كوميدي بالفعل؟! يُشاركك لاري الاستغراب نفسه، فهو صرح مرارًا أن ساينفيلد مسلسل سوداوي تدور رحاه حول أشخاص يفقدون وظائفهم، ومحبين يُتركون لعيوب تافهة، وحيوات تنقلب رأسًا على عقب لأتفه الأسباب.

هنا يُمكننا أن نسأل ما الذي حول مسلسلًا بتلك السوداوية لكوميديا خالدة ما زالت تجذب المشاهدين حتى الآن؟

ربما أدب رحلة البطل هو قصص تدفعنا للنور، لكن كثرتها تجعله دفعًا ملحًّا ومنهكًا، قصص تلهمنا بشكل بديع لكنها تثير فينا شعورًا متعاظمًا بالدونية؛ لأننا نعلم قدر تواضع ذواتنا عن تلبية نداءات البطولة والرحلة طوال الوقت، كذلك تثير تلك القصص خزيًا في نفس كل متلقٍ أنه وحده يقف أمام هوة فظيعة تفصل إمكاناته المتواضعة عن البطل الشجاع الذي يواجه خوفه، هوة تجعله يخشى الرحلة ويزهدها ويجلس يتابع أبطاله وهو يتوسد أريكته.

يأتي مسلسل مثل ساينفيلد ليخبرك أولًا أنك لست وحدك، وأن كل ما تظنه سخافتك الفردية هو سخافة يتشاركها البشر جميعهم، وأن حكاياتك المخزية التي توقن أنه لو عرفها الجميع فلن ينظروا لك باحترام أبدًا، أحدهم امتلك الجرأة ليحولها لنص كوميدي يعرض للأبد، هناك رجل شارك سخافته مع العالم وجعلك تتلذذ ولو لعشرين دقيقة بالتحرر من نداءات الرحلة وتشارك العوار الإنساني الذي يميزنا جميعًا، لا تخطئ وتظن أن «لاري دايفيد» يريد منك أن تكون مثله، أو تكون أنانيًّا مثل أبطال ساينفيلد، هو أخبرنا أنه مسلسل لا يريد أن يُعلمك شيئًا وتلك جاذبيته، أنه لا يخاطب من منبر فوقي تلميذًا خجولًا يتلقى الإلهام، إنما يُشارك بكوميديا علنية الجوانب التي نخجل منها في بشريتنا والفوضى التي نخشى رؤيتها في الوجود.  

بُث «seinfeld» في التسعينيات، حيث حلقات بأكملها تدور حول عجز الأبطال عن إيجاد بعضهم بعضًا في مكان مزدحم لأن الهواتف النقالة لم توجد بعد، في حلقات كانت طريقة البطل الوحيدة لحذف حماقاته هي التسلل لمنزل الحبيبة وتغيير شريط الرد الآلي لكيلا تستمع لرسائلها، يأتي المسلسل من حقبة صارت عتيقة الآن، لكن لا يمثل هذا فارقًا؛ لأن ساينفيلد لا يراهن بالأساس على الدعابة التي تنتمي لزمنها، إنما يخاطب أفعالًا مخزية ومضحكة وسخيفة سيظل البشر يفعلونها لقرون تالية، وهذا ما يجعله أيقونيًّا ومستعادًا طوال الوقت.

محاكمة ساينفيلد

أنتم متهمون بتجاهل كل شيء لائق في القواعد التي أُسس عليها هذا المجتمع.

في نهاية المسلسل يصدر قانون جديد يعاقب من يتخاذل عن مساعدة شخص في ورطة، يرى الأصدقاء رجلًا بدينًا يتعرض للسرقة، فيمزحون بشأنه ولا يهبون لمساعدته، فيُحاكمون، ويأتي كل ضحاياهم على مدى المواسم السابقة ليشهدوا عليهم، يعاقبهم القاضي بعام من السجن لتجاهلهم كل قواعد اللياقة التي تحفظ نسيج المجتمع.

تعرض «لاري ديفيد» لانتقادات لاذعة من محبين تعلقوا بتلك الشخصيات التي حملت عنهم بخفة كوميدية عبء السخافة البشرية، والآن هم أسرى محاكمة أخلاقية، هاجمه ناقد بأنه لو هؤلاء الأبطال يستحقون المحاكمة فكل المشاهدين يستحقون المحاكمة لإعجابهم بهم.

لم يُرد «لاري» أن يفسد فلسفته بتقديم وعظ أخلاقي في النهاية، وربما الحلقة مصممة لوضع التناقض في ذروته بين مجتمع كان أسير وعي الأبطال وتصرفاتهم طوال الوقت، وهب أخيرًا ليدافع عن قواعده ضد المتمردين عليها، في إشارة خفية لكره المجتمع الذي لن يزول لمن يهزأ بقواعده، ربما كذلك الحلقة مصممة لنصل للمشهد النهائي، حيث الأبطال يتسامرون في الزنزانة دون أي محاولة لتحليل أفعالهم أخلاقيًّا، بل يعيدون محادثة تافهة عن الأزرار كانت هي نفس المحادثة التي بدأ بها أول مشهد في المسلسل، لتكتمل دائرة المسلسل كحوار عبثي سيزيفي لم يتقدم شخوصه في 180 حلقة خطوة واحدة في حسم مصير زر قميص ليحسموا مصائرهم. في النهاية صنع لاري من تشاؤمه فنًّا ذكيًّا، وكان اليأس بالفعل أمله الأثير في النجاح والتربع على عرش الكتابة الكوميدية.