فاق من إغماءة قصيرة ليتحسس الألم الذي برأسه لتعود يده ملطخة بالدماء، يجلس بإيماءة قصيرة للأمام ليدور برأسه يستكشف المكان، تقع عيناه على مسدس ملقى بجانبه، يمد يده بصعوبة ليتفحصه بعد أن حصل عليه. يتفحص رصاصاته ليجدها خمس رصاصات ورصاصة فارغة. بعين متكاسلة يمسح المكان يمينًا وشمالًا ليبحث عن ضحية هنا أو هناك، ترجع أبحاثه بأن لا شيء سواه في المكان. يحاول جاهدًا أن يستريح في جلسته، يجلس القرفصاء ليحمل المسدس على راحتي يديه كجنين خرج توًّا للحياة ناظرًا إليه ليبحث عن أجوبة لأسئلة حائرة ليس لها جواب. إنه يتذكر أن هذا السلاح خاص به، وتلك الطلقات قد أعدها بنفسه لقتل ستة أشخاص لكن هناك طلقة فارغة. يا ترى من الضحية التي بدأ بها جريمته؟، مرة أخرى يبحث عن ضحيته فلا يجد شيئًا. ألقى مسدسه أرضًا ليترك التساؤلات تسبح مع ذكرياته لعلها تعود بإجابة تريحه من هذا العذاب. ترفض الحيرة أن ترحل كما رفضت الأجوبة أن تأتي، نفد صبره، أزاحت عصبيته المسدس جانبًا في عنف صارخًا فيه أن يعلمه من كانت الضحية. حاول النهوض بصعوبة، سار بخطوات بطيئة حتى أن وصل للنافذة، فتح دلفتها مستندًا على أحد جوانبها. تنفس الهواء ليسري داخل صدره ليعطيه بعض الراحة المؤقتة. رجع برأسه للخلف مغمضًا عينيه ليستعيد جزءًا من نشاط ذاكرته. التفت برأسه من أسفل ذراعه للخلف لتقع على مسدسه ليسترجع معه الذكريات لعل وعسى يجد في الماضي إجابة لسؤاله ولعله يعثر في جولته على الحقيقة التي يخشى أن تكون صادمة له.، يخشاها فبعض الأحيان الجهل بها راحة. يبدأ الماضي القريب له في الظهور، يبدأ من يومه الذي انتهى توًّا، بدأ يومه الأخير يعرض كشريط سينما على خلفية المسدس الملقى على الأرض. صرخ فجأة عندما رأى أشخاصًا يجولون في خيال عرضه، هرول ناحية مسدسه ثم أمسكه بيده، تفحصه بعين ملأتها الدهشة الشديدة، ألقاه بعنف تجاه الحائط مردفًا: ليه؟، ليه؟، ده بالذات قتلته ليه؟.

تنطلق رصاصة في المكان مع ارتطام المسدس في الحائط، يحاول تفاديها فترتطم رأسه بالحائط، يفقد توازنه ليدور بجسده مترنحًا، تبدأ الصورة تتلاشى أمامه شيئًا فشيئًا، يلقي نظرته الأخيرة على المسدس ليسقط غائبًا عن الوعي.


رغم أناقة مكتب المدير ونظافته، إلا أن هناك ذبابة تحوم في المكان ما تلبث بين الحين والآخر أن تعبث بوجهه، يحاول جاهدًا اصطيادها إلا أن محاولاته جميعًا تبوء بالفشل. يقطع ذلك المشهد العبثي دخول وجيه، ذلك الشاب الأربعيني نحيل الجسد الذي يوصف دومًا بأنه الذراع اليمنى للمدير، بل أحيانًا يصفه الموظفون بأنه العقل الذي يفكر به، وأنه دومًا ما يستغل تلك العلاقة في الوصول لأغراضه الانتهازية، وأيضًا الثأر من خصومه بقرارات من المدير الذي نادرًا ما يرفض له طلبًا. أصبح شيئًا مُسلّمًا به بأن وجيه هو المتحكم بفرع الشركة، مستغلًّا ضعف شخصية المدير وضعف إمكانياته في اتخاذ القرار. وعلى الرغم من صفته كمدير للشركة، إلا أنه دومًا يخشى اتخاذ القرار خشية العقوبة من رؤسائه بعد أن وصل لمنصبه بقوانين سُنّت حديثًا وخدمت آماله في الوصول لذلك المنصب، واشتهر بين الموظفين (بعبده الروتين) لحرصه الدائم بالاحتفاظ بنسخة من الأوراق مُذيّلة بتوقيعهم.

يتقدم وجيه بالتحية مع انحناءة مبالغ فيها ثم يضع ورقة على المكتب لينظر إليها المدير مقطّبًا حاجبيه متسائلًا: مقدملي إيه تاني النهاردة؟.

يجلس وجيه على حافة الكرسي المستقر أمام المكتب مع فرد ظهره في وضع الاستقامة لأعلى، ممسكًا بالورقة قائلا: «ده سعادتك طلب بإسناد مهمة إدارة الشئون المالية ليّ».

يمسك المدير الورقة بيده ثم يلقيها في اتجاهه فتستقر على حافة المكتب، ثم يرجع للخلف مسندًا ظهره على الكرسي في استعلاء: «جرى إيه يا وجيه؟، كل حاجة بقت في إيديك، تقريبًا مابقاش في حاجة في الشركة ما بتشرفش عليها».

ابتسم ابتسامة خبث وأجاب: «والنتيجة إيه سيادتك؟ الفرع في عهدك أفضل فترة في تاريخ الشركة».

اعتدل في جلسته وقال: «ما هي دي المشكلة، والفرع بقى في إيديك، حتى الكفاءات بسببك شيلتهم من أماكنهم وخليتني أطبق عليهم جزاءات ومن غيرهم الشركة هتقع، حتى علاقة الموظفين ببعض ساءت بسبب توقيعك بينهم، يا أخي نفسي أعرف إيه هدفك من ده كله؟».

قام وجيه من جلسته ثم دار في الحجرة وأكمل الحديث متفاخرًا: «عشان يفضل عهدك أفضل عهد، لازم اللي بعدك ما يقدرش يعمل اللي إنت عملته. كان لازم أفرّغ لك الشركة من كفاءتها عشان اللي ييجي بعدك ما يعرفش يدير الشركة ويفضل عهدك زاهي محدش ينساه».

أشار بيده بالنفي قائلا: «لالالا، مش ده هدفك، هدفك إنك تفضل مسيطر على الشركة عشان اللي ييجي بعدي يفضل محتاجلك وتفضل إنت اللي متحكم فيها، وتوصل لغرضك وهو إدارتها لحد ما تيجي الفرصة وتمسكها. لكن أوعدك إنك هتوصل يا وجيه لأن المديرين بييجوا بحاجة من اتنين؛ يا إما بالانتخابات ودي بتجيب أسوء المديرين، يا إما بالتعيين ودي بتجيب أفسد المديرين، والنوعين دول متوفرين فيك».

استمر وجيه في الحركة حتى وصل للوحة سجل الوفاء المعلق بها صور المدراء السابقين. أعطاها ظهره والتفت حتى ظهرت رأسه في موضع المدير الحالي وأشار بكفه معترضًا: «اسمح لي أعارض سعادتك الرأي ده، وبعدين خلينا في الأهم، سيادتك كلام الموظفين كتر إن سعادتك ضعيف الشخصية وعايزين نشوف حل في الموضوع ده».

أربكته تلك العبارة فسأله في تلعثم: «دبرني يا وجيه، أعمل إيه؟».

عادت الذبابة تعبث بوجهه فتابعها وجيه بابتسامة قائلا: «نجيب حد من الموظفين وحضرتك تديه الجزا التمام، ومفيش مانع إن حضرتك تغسله الغسيل المظبوط، وتسمّع الموظفين صوت توبيخك ليه، وبعدها هتشوف النتيجة وهتدعيلي».

لم يرق له الكلام وتساءل والخوف على وجهه: «وتفتكر الموظف هيسكت؟، أخاف يرد لي الصاع صاعين وأبقى مسخرة وسط الموظفين، بلاش أفكارك الزبالة دي يا وجيه».

أمسك مضرب الذباب وتابع الذبابة وأجاب: «متقلقش من النقطة دي سعادتك».

«هاختارلك حد ميقدرش يفتح بقه بكلمة، هياخد الدش التمام وهيقوم من غير ما ينطق بكلمة، وكمان أنا اخترته خلاص. عارف اخترت مين؟».

ثم ابتسمت عيناه وأضاف: «اختارت رفيق».

ثم سكت برهة وهو يراقب الذبابة، وما إن حانت اللحظة المناسبة قتلها، ثم ابتسم ابتسامة خبث وأردف قائلا : «أستأذن سعادتك أجيب الذبابـــ..».

تنحنح مصحّحًا قوله: «أقصد أحضرلك رفيق».

انسحب خارجًا مع انحناء ظهره ناظرًا للأرض، ثم انصرف مطأطئًا رأسه وهو يلقي نظرة بجانب عينيه لسجل الوفاء، لينعكس طيفه على صور المدراء السابقين ليتبعها بابتسامة خبث ودهاء.


كقربان في دنيا النفاق قدّم على مذبح الخيانة، ليزداد ضحايا الزمن فردًا، فالسذج ليس لهم مكان في تلك الحياة، المهمشون أماكنهم على رف النسيان ووحدهم الانتهازيون في المقدمة يحكمون عصرهم باستعلاء. يرفع قدمًا في طريقها لمصيره المجهول والأخرى تتثبث بالأرض تدعوه للتراجع، يقوده سيف القدر وقد أغمضت عينيه براءة الأخلاق. تقدم وأنّى له أن يتراجع بعد أن نفذ حكم القدر. يفتح رفيق باب المدير يلقي إليه التحية فلا يلقي له بالا متعلّلًا بانشغاله بأوراق يتفحصها، يتركه للانتظار بعض الوقت. يمر الوقت بطيئًا ليوسوس له الاتنظار بأن الأمر جلل، وأن ما مضى أمر وما هو آتٍ غير ما مر. يتفقد ساعته ليستعجل الوقت بعد أن تسلل التوتر إليه. يتردد مرارًا في فتح الأمر مع مديره لكن طبيعته الساذجة تدعوه كالعادة للتراجع. يتملك الشجاعة في إحداها فيسأله عن سبب استدعائه.

يخلع المدير نظارته ويلقيها جانبًا وينظر إليه بشيء من الحدة: «فرصك انتهت معايا، تقصير في الشغل وعديته، إنجازات مش موجودة وبتغاضى عنها، استغناء عنك وأجلت أكتر من مرة على أمل إنك تتحسن في شغلك».

ثم هز رأسه ضامًّا شفتيه في تأسف، وأضاف: «لكن يبدو إن مفيش أمل!».

تلفّت رفيق يمينًا وشمالًا على أمل أن يعلم أنه ليس مقصودًا بهذا الحديث، وخصوصًا أنه بعيدٌ تمامًا عمّا وصف به.

أشار بيده إلى صدره: «تقصدني حضرتك؟».

– «أيوة يا بيه. هكون بكلم معتوة تاني غيرك؟، سيبك شوية من المكر اللي إنت فيه ولا فاكرني هنا في مكتبي مش داري باللي بيحصل في الشركة؟».

ثم قام من مجلسه ورفع صوته بعض الشيء: «خلاص جيبت آخري معاك».

شعر المدير بأن صوته لم يصل للحد المطلوب فتنحنح ثم أكمل قائلًا: «أنا مبحبش الفوضى، والشركة ما بيستمرش فيها غير الكفاءات».

تملّكت الدهشة رفيق فلم يستطع الإجابة سوى بنظرات الدهشة والاستغراب، ليستغلها المدير بعد أن أحس بشيء من النشوة والإحساس بقوة السيطرة وشيء من الثقة في النفس، ليكمل قائلًا: «استقالتك موجودة في مكتبي وأنا بعتبر نفسي قبلتها، تلم أغراضك وتفارق الشركة، اتفضل برة الشركة من غير مطرود».

يتابع وجيه الأحداث بالخارج منتظرًا اللحظة الحاسمة. ومع العبارة الأخيرة يدخل بورقة في يده كالعادة متصنّعًا الدهشة واللهفة: «مصيبة يا فندم، مصيبة».

هزت تلك العبارة المدير كعادته؛ فدومًا ما يخشى المواجهات: «جرى إيه يا وجيه؟».

– «ربع مليون يا فندم عجز في عهدة رفيق».

نهض رفيق فزعًا: «أنا؟، إزاي ده حصل؟، كل شيء متورد ومثبت في الأوراق».

متصنّعًا الاهتمام بالأمر والحياد، أجاب وجيه: «والله يا رفيق يا حبيبي لسة مستلم إدارة الماليات وبعمل جرد اكتشفت المصيبة دي».

– «بس ده محصلش».

هكذا أجاب رفيق ولا زالت الدهشة لديه تبحث عن جواب.

استغلها المدير ليكتسب شيئًا من القوة ويتحدث بشيء من حدة الصوت: «لأ وكمان حرامي، أنا شركتي ما بتتسترش على اللصوص. وجيه اتصلّي بالشئون القانونية».

– «يا فندم ملوش لزمة، أكيد فيه مخرج».

هكذا بدأت توسلات رفيق ليبتسم على إثرها وجيه بابتسامة مكتومة ليقترب من المدير مدّعيًا وقوفه بصف رفيق: «يا فندم ممكن نحل الموضوع بدون شوشرة. ممكن نسكت ع الموضوع بشرط إن رفيق يسدد العجز الموجود، ويا دار ما دخلك شر».

ثم سار في اتجاه رفيق وهمس في أذنه قائلًا: «وكفاية عليك لحد كده يا صاحبي. سدد المبلغ وورينا جمال خطوتك واستقالتك مقبولة، وإلا فالفضيحة مستنياك».

نظر إليه رفيق بعد أن فهم الحيلة التي حيكت عليه، فما كان منه سوى التزام الصمت وسار في اتجاه الباب للانصراف. فتح الباب ولكن التردد دعاه للرجوع، نظر لـ وجيه وقال: «مشكلة المغرورين أمثالك إنهم فاكرين إن الطيبين ضعاف، ميعرفوش إن صمتهم وراه قوة جبارة بيحاولوا يروّضوها، ولو جه يوم وتركوا ليها اللجام هتاكل الأخضر واليابس. أوعدك يا صاحبي إني هامنحك شرف أي حد يتمناه».

ثم صمت للحظات وأضاف: «هاوهبك شرف الشباب الأبدي».

ثم أولاه ظهره وانصرف. ويبدو أن الآخر لم يفهم مقصده، لينظر إلى المدير مبتسمًا ليبادله المدير ابتسامته بقوله: «إنت طلعت حيوان يا وجيه».

ضحك ضحكة ترددت في المكان ليقترب من أذن المدير هامسًا: «دايمًا حضرتك القدوة يا فندم».

عبثت تلك العبارة بوجه المدير لتتحول ابتسامة وجيه إلى حذر، ثم يسود بعدها الصمت في أرجاء المكان.


الدنيا رواية ونحن من نحدد أدوارنا فيها. البعض يتلذذ بدور الكومبارس والبعض لا يرضى بغير البطولة بديلًا. البعض يستسهل الأدوار الثانوية، والبعض يعشق أن يمسك ستار النهاية، لكل إنسان طائر معلق بعنقه ووحده يختار طريقه، لا تجبرنا الحياة على سلوك دروبها، لكنها تهب لنا الطرق وتترك لنا الاختيار. عندما نضلّ الاختيار نهرب من فشلنا بإلقاء اللوم والتهم على الحياة، وأنها الطاغية ونحن الضحايا بحجة أننا لا نملك من مصائرنا شيئًا. نلعب دور الضحية ونذرف دموع التماسيح لنشحذ تعاطف الآخرين. وما إن تتلاشى مشاعرهم نتوه في دائرة النسيان، داعين إيانا في سلال الإهمال بعد أن غفلنا حقيقة أن الأقوى بنفسه دائمًا يعلو، ودائمًا ما يفرض قوانينه على من دونه في مقياس القوة. وحدها المغامرة والاستغناء بالنفس ما تعلو دون عوائق.

ينطلق رفيق بعد أن صدمه الواقع، تموج التساؤلات بفكره، تارة تسحبه لبر اليقين وتارة تقذفه في أعماق الحيرة، يبحث عن تحليل لما ألمّ به فتأبى التحليلات عن تفسير ما حدث. بحث عن مخرج بعد أن شعر بأن الدنيا أمامه كثقب صغير.

جال بخاطره أن يذهب لوالده في متجره وأن يستنجد به ليدعمه بما نقص من عهدته من أموال. سار كتائه في فلاة وأمله في والده كسراب. يدرك تمامًا أنه لن ينصره، لكنه الأمل الزائف سحبه دون مقاومة. وصل والتردد المعهود عليه بطل الحوار، وما إن حانت اللحظة المناسبة كالعادة سرد له ما حدث فما كان من والده أن باغته باللوم قائلًا: «وليه مدافعتش عن حقك واتمسكت بيه؟».

– «حاولت لكن معرفتش».

– «معرفتش إزاي؟».

– «أدافع إزاي وأنا الضعيف وهما في موقف القوة بسلطتهم».

– «إنت فاكر أن الأقوى هو اللي بيكسب في المعارك؟، لأ. اللي بيكسب صاحب النفَس الأطول في تحمل الخساير. وإنت نفَسك مش موجود من أصله وسلمت من أول مواجهة».

– «أنا ماديتش خوانة، اتصرفت بحسن نية».

– «تقصد اتصرفت بسذاجة. حسن النية ملوش معنى تاني في الزمن ده».

– «تقصد إيه؟».

– «أقصد إني خلفت مسخ شايف الدنيا بأحلام الروايات وسايبها تشيله وتحطه زي ما هي عايزة».

– «يعني أنا غلطان إني بتصرف بمثالية؟».

– «يا ابني فوق من الوهم اللي إنت فيه. شوف الدنيا حواليك ماشية إزاي. إنت عايش في غابة وإنت مش داري».

– «أنا مش عايز الدنيا في شيء».

– «أنت بكده لا طايل دنيا ولا آخرة. جاي ليها وهتمشي كأنك مكنتش فيها».

– «إن كان فيه لوم، فاللوم يرجع لأصل تربيتك ليّ. كنت بتربيني بمثالية، أتاريك بتربي في العذاب اللي منتظرني. ربيت للناس شخصية سهلة، وربيتني ليهم ضحية لكل شرورهم».

– «كنت فاكر إني بحميك لما أربيك كويس، ونسيت إن الزمن اتغير. وفوقت بعد فوات الأوان».

– «المهم عايز حل لمشكلتي. هتساعدني يا حاج بالمبلغ ده؟».

– «مبلغ إيه يا روح والدك؟، وهساعدك بمناسبة إيه؟».

– «أنا ابنك ومش هتسيبني اتحبس».

– «المال مش مالي يا ابني».

– «إزاي؟».

– «كل شيء كتبته باسم أخوك».

– «وأنا نسيتني؟، أهملت وجودي؟، وفين حقي في مالك؟».

– «إنت عايزني أسيب ثروتي اللي تعبت فيها سنين عمري يورثها شخص ضعيف زيك يضيعها عند أول عاصفة تقابله؟».

– «يا حاج كدة إنت بتقتلني».

– «إنت كده كده ميت، بس إنت اللي مش حاسس».

– «يعني إيه؟».

– «يعني تتفضل تمشي من قدامي بدل ما أجيب أقل صبي عندي يرميك».

– «يا حاج مـــ…….»

ثم وكزه بعصاه فوقع أرضًا وصرخ فيه قائلًا: امشي من قدامي كل ما أشوفك بشوف فشلي متجسد فيك. امشي لداهية تمحيك من الوجود.

سحب خلفه أذيال الخيبة تذرو غبار اليأس في أيام أبت أن تحنو عليه كما أبت أن تحتويه من قبل.


القلب جنة عذراء تزينه متع الوجود. عندما يغازله الحب بثمار السعادة يهوي أرضًا لعذاب يزامنه الخلود. تتبدل العذرية بمخاض يعتريه ألم يأباه الصمود. تهجره الراحة وتختفي السعادة الموعودة وتطير الأحلام ترافقها الأوهام في سماء تواريها سحب اليأس لتخفي قمرًا اشتاقت أن تشكي له القلوب من أوجاع وآلام تلازم حبًّا سكن كمرض مزمن ليس لإحساسه غير الأنين. احتارت فيه أهو نعيم أم عذاب. تتوه في شباك لا تدري أتقاومها أم تستسلم للذاته الموهومة متحملة في سبيله كل التضحيات. تستأذن فيه العقل في بعض دروبها وبعضها تختلس سلوك دروب تدرك تمامًا أنه يأباها. تفقد بوصلتها لتستسلم للحب يأسرها، يسحبها بعيون فقدت بصيرتها ويسحر آذانها بأحلام لا تفارقها السعادة سرعان ما تتبدل بكابوس لا يفارق الجفون. تناشده اليقظة وأنّى أن يستجيب وقد سُلب الاختيار.

الصمت عنوان المكان، لا يتخلله سوى نظرات بين رفيق وزوجه، يشوبه بعض القلق على وجه الأول لتقطع هذا الصمت حركة الثانية لتفتح دولابها ليراقبها رفيق في ترقب بعد أن وجدها تضع أغراضها في حقيبة السفر. قام من مجلسه ليسألها مستفسرًا عن هذا الفعل المفاجئ، تنظر إليه للحظات في صمت ثم ما تلبث أن تكمل ما بدأته. يمسك يدها في عنف ناهرًا إياها داعيها لتبادل السؤال بالإجابة.

تلقي أحد أغرضها في الحقيبة لتنظر إليه في تحدٍّ قائلة: «عارف باعمل إيه؟ بحاول أهرب من حياتي اللي مليت منها».

صدمته عبارتها ليحاول الإفاقة، ليسألها في تلعثم: «وحبنا اللي دايمًا كنتي بتتكلمي عليه؟».

نظرت لأعلى في صبر لتسبق نظراتها حركة رأسها ثم تلتفت إليه بعد تنهيدة استرخاء: «الحب لوحده مش كفاية عشان اتنين يفضلوا عايشين مع بعض. دي سلسلة ولازم تكمل إن انفرط أحد عقودها بتضيع. وإنت كل حبالي معاك مقطوعة».

أغمض عينيه في بطء ثم سألها بنفس التلعثم: «إنتي بتقولي إيه يا حبيبتي؟».

أجابته في تحدٍّ: «بقول اللي لازم تعرفه من زمان. كان نفسي أحس معاك بالصدر القوي اللي يقدر يحميني، وأنام في أحضانه وأنا مطمنة إنه يقدر يواجه لي كل الحياة».

ثم نظرت إليه في تحقير وأضافت: «وإزاي تعمل ده وإنت مش قادر تحمي نفسك؟».

هز رأسه في عنف ليحاول أن يستوعب ما حدث ليبادلها بقوله: «بتلوميني على طيب أخلاقي ولا هدوء شخصيتي؟، إنتي بتشتاقي لشخص عنيف يحسسك برجولته ويسلبك أنوثتك».

هزت رأسها لتغلق حقيبتها في عنف وتتبع قوله: «لو في الجنة مش هاتمنى حد غيرك أعيش فيها معاه. لكن احنا في الدنيا، والدنيا مش عايزة ضعاف القلوب. اتحملت كتير إنك تتغير لكن بلا جدوى. كنت عايزة أحس براجل أقوى مني، لكن دايما كنت بشوف منك الذل والخنوع».

سحبت حقيبتها واتجهت ناحية الباب ثم وضعتها أرضًا وتلتفت إليه قائلة: «ورقتي توصلني. كفاية مع بعض لحد كده».

ثم سارت لتفتح الباب لتلتفت له مرة أخرى لتردف: «آه، نسيت أقولك، العيب في الخلفة مش منك».

ثم سكتت برهة وأضافت: «أنا اللي كنت باخد وسائل منع من وراك، لأني مكنتش حابة يكون لي أولاد من أب مش هيعرف يحميهم».

ثم أغلقت الباب خلفها في عنف لتتركه في دوامة أخرى تسحب عقله في دائرة خلف الأخرى من الحيرة يسارعها الشك والندم ليتوه بين الحقيقة والوهم، ليبحث عن مخرج بعد أن أغلقت في وجهه كل أبواب الخلاص.


قرّب وجيه كوب العصير لفمه وتناول جرعة لينظر لـ طارق قائلا: «المكان بقى فاضي ليك، وفرصتك تاخد مكان رفيق في الشغل».

راقب طارق نزول الكوب ليسأل وجيه: «وعرفت تلبس رفيق المصيبة دي إزاي؟ احنا بقالنا شهور بنفكر نلاقي حل عشان أحل مكانه وفشلنا».

وضع وجيه كوبه مع وضع إحدى رجليه على الأخرى ليجيب مع رفع رأسه لأعلى وعينيه ناظرة لكوبه: «أبدًا، الموضوع كان سهل، استغليت سذاجته ودخلت ليه وهو مع المدير بورقة فاضية».

ثم ضحك بسخرية مضيفًا: «الغبي صدقها».

ثم اعتدل في جلسته ونظر لـطارق في جدية وقال: «المهم يا صاحبي تيجي الشركة بكرة وأنا مجهزلك كل حاجة عشان تستلم مكانك».

ثم أشار بيده في تحذير: «الأهم ما تلعبش بديلك، وكل الأمور اللي تتم في الشركة عن طريقك يكون لي دراية بيها».

ثم أضاف: «اتفقنا؟».

أجابه طارق مادًّا يده إليه ليصافحه: «اتفقنا».

قام وجيه من جلسته مودعًا إياه. تاركًا الأخير هائمًا في أحلامه ليسبح مع السعادة فيما ينتظره غدًا. وضع كلتا يديه خلف رأسه ليرجع للخلف مع تنهيدة استراحة مغمضًا عينيه مستنشقًا الهواء العليل. يفتح عينيه والأحلام تتراقص داخل جفونهما ليفاجأ بصديقه رفيق.

أفزعته المفاجأة لينهض مسرعًا مرحبًا به وسط تلعثم من هول المفاجأة. تبادلا النظرات الصامتة بعض الوقت ليقرأ طارق اللوم على عيني رفيق ليباغته بالهجوم قائلا: «ما تظنش بي السوء يا صاحبي، أنا كنت بحاول أحل ليك مشكلتك بعد ما عرفت باللي حصل».

تمالك رفيق ما بقي له من تحمل ليقطع المراوغة من بدايتها: «أنا سمعت كل شيء. وده اللي عمري ما كنت أتوقعه. ليه يا صاحبي؟، ليه؟».

صمت طارق لحظات ليجيب: «دي فرصة، والدنيا فرصة يا صاحبي. وإن جالك الطوفان..، وإنت عارف».

سأله واللوم يسري مع تساؤلاته: «عارف إيه؟، المنطق بيقول اللي إنت عملته ده ملوش إلا معنى واحد؛ معنى الخسة والندالة».

ابتسم مستهزئًا: «منطق إيه؟، يا صديقي المنطق دلوقتي غير واقعي، والواقع غير منطقي. الزمن اتغير، واللي تقدر تكسبه اكسبه. والعواطف اللي إنت عايش لي بيها وأنا مستحملك بيها مش موجودة وإنت اللي مش عايز تفوق».

ثم أمسك كتفه وهزّها قائلا: «فوق من الدنيا الوهمية اللي إنت عايشها وانزل لدنيا الواقع».

لم يرد على عبارته فأولاه ظهره ومضى، ثم التفت إليه قائلا: «وانت بكده عايش؟، يا خسارة، كلكم موتى في دنيا الحياة».

ثم انصرف ليتلاشى عن ناظر صاحبه. انصرف بعد أن أغلقت كل أبواب الأمل.

تحركت أحداث اليوم أمام عينيه واحدة تلو الأخرى لتتردد في مسامعه حوارات يومه تتصارع مع بعضها كشريط فيديو.

– «أيوة يا بيه. هكون بكلم معتوه تاني غيرك؟. سيبك شوية من المكر اللي انت فيه. ولا فاكرني هنا في مكتبي مش داري باللي بيحصل في الشركة؟».

– «وكفاية عليك لحد كده يا صاحبي. سدد المبلغ وورينا جمال خطوتك واستقالتك مقبولة، وإلا فالفضيحة مستنياك».

– «خلفت مسخ شايف الدنيا بأحلام الروايات وسايبها تشيله وتحطه زي ما هي عايزة».

– «وإزاي تعمل ده وانت مش قادر تحمي نفسك؟».

– «فوق من الدنيا الوهمية اللي انت عايشها، وانزل لدنيا الواقع».

مع وصول المشهد الأخير لمخيلته لاحت له فكرة الانتقام. الانتقام وحده ما ينهي معاناته لينصب لنفسه محكمة هو قاضيها وجلادها كما كان من قبل هو الضحية.


وصل رفيق لبيته، بحث في هيستريا عن سلاحه، بعثر كل ما يواجهه من أثاث بعد أن نسي موضعه. بعد وقت طويل وصل لغايته، نظر إليه بعيون يملؤها الشر، تذكر كل مآسي يومه وعزم على قتل الجميع. أخرج خزانة مسدسه وأمسك رصاصاته ليسمي كل واحدة باسم صاحبها وهو يدسها واحدة تلو الأخرى. أدخل الأولى وذكر اسم المدير، تناول الثانية وأطلق عليها اسم وجيه، وأدخل الثالثة والرابعة والخامسة وأطلق عليهم أسماء أبيه وزوجته وصديقه. بقيت رصاصة واحدة نظر إليها في تردد، سرعان ما أطلق عليها اسمه فبعد هؤلاء ليس له وجود في الحياة.

أدخل الخزانة ببطن كفه داخل مسدسه في عنف ثم قبض بكلتا يديه على مقبضه لينظر لبعيد ليتخيل ما قد يفعله في ذلك اليوم.

أتاه صوت من داخل المكان مناديًا إياه: «كل ده ملوش داعي برصاصة واحدة تنهي كل المآسي».

لم يخرج من حيرته ليأتي صوت آخر: «لأ لأ لأ، اللي بيعمله ده مش صح».

تلفت يمينًا ويسارًا بعد أن تملكه الخوف وخصوصًا أن المكان خالٍ وليس به أحد وقد أغلق كل الأبواب في عناية.

– «متدورش بعيد، إحنا أقرب مما تتخيل، إحنا جواك، إحنا همسك، إحنا فكرك، إحنا ضميرك الحي ونفسك اللوامة. اتقابلنا كتير لكن دي المرة الأولى تشوفنا».

هكذا أجاب أحدهم على حيرته، لكنها أوجدت مع الحيرة خوفًا فحاولا تهدئته ليقترب أحدهما منه هامسًا: «أنا ضميرك الحي. سيبك من التاني وخليك ورا قلبك الأبيض، متلوثشي إيدك الطاهرة بدم نفس محرمة. حافظ على جوهرتك الغالية، متتأثرش بكل المحاولات اللي عايزة تحولك لمسخ زي باقي المجتمع».

أ=اقترب الآخر من أذنه اليسرى وهمس قائلًا: «بص لأيامك اللي مرت وشوف كم المعاناة اللي عانيتها مع الجميع. محدش قدر جوهرتك ومشوفتش غير الظلم والمعاناة، الكل استسهل أذاك ووحدك اللي عانيت. لازم تتخلى عن أداميتك وتظهر ليهم الجانب الشيطاني اللي جواك».

تحرك الضمير في مواجهته قائلا: «الإنسان في مسافة ما بين الشيطان والملاك، وإنت اللي بتختار المسافة اللي بتقربك لأي واحد فيهم، وفي النهاية بيفضل إنسان لا بيكون شيطان ولا عمره هيكون ملاك، لكن وحدك تقدر تقرب صفاتك لأي حد فيهم. بلاش تسمع لنفسك اللوامة وتقرب مسافتك من الشيطان».

دارت نفسه اللوامة في الغرفة وبعد صمت وقف بجانب ضميره وقال: «اصحى. معاناتك لازم لها حد. كفاية لحد كدة إهانة واحتقار ليك. جه الوقت إنك تسود وتحط كل شيء في محله الصحيح. لو عايز الحل السهل خده مني».

ثم صمت ردهة من الوقت وقال: «لو قتلت الخمسة وعشت هتروح في داهية، ولو قتلت نفسك بعدهم يبقى دفعت تمن إنت مش سبب فيه. بدل ما الست رصاصات يكون فيهم الموت رصاصة واحدة تكفي ويكون فيها رصاصة الحياة».

لمعت عينا رفيق وقال: «رصاصة الحياة؟».

ابتسم الآخر وقال: «نعم رصاصة الحياة. رصاصة تقتل بيها ضميرك، وبعدها هتكون شخص تاني، شخص زي كل اللي حواليك، وساعتها تقدر تتعامل معاهم، وتنهي رحلتك مع المعاناة».

بلا تردد رفع مسدسه تجاه ضميره بعد أن حاول الأخير الإشارة بيده ممانعًا لتقطع محاولاته انطلاق رصاصة يرافقها ابتسامة النفس اللوامة لتخترق الضمير فترديه قتيلاً، لتصطدم الرصاصة بعدها بالحائط فترتد فتمس جبهة رفيق فيسقط على أثرها مذعورًا لترتطم رأسه أرضًا فيغيب عن الوعي.


– «غلطة الماضي بتمشي قدامي في الحاضر ونبتتها كل يوم بتكبر وتشويهها بيكبر يوم عن يوم، كان لازم أصحح الخطأ ده وخصوصًا إنك كابن بتدفع وحدك الثمن، والعمر بيجري بيك للمجهول، وبيسحبك لغياهب بعيدة وإنت ماشي فيها زي المسحور. كان لازم أستعين بأخلص الناس ليك زوجتك وصديقك وحبهم ليك دفعهم يكملوا معايا تمثيلية ظاهرها إننا رافضين حياتنا معاك عشان تفوق وتتغير. الفكرة بدأت لما الفخ بدأ يتنصب ليك في الشغل واتفقت مع صديقك (ينظر والده لـ طارق) يمثل دور صاحب المصلحة مع وجيه عشان يكون قريب من التخطيط اللي بيتنصب ليك وينقذك في الوقت المناسب. صحيح بأمرك تتغير للأسوء لكن ده عشان مصلحتك، طالما عايش في قطيع من الذئاب ما ينفعش تعيش وسطهم حمل. الفيديو ده ببعته ليك بمساعدة زوجتك وصديقك عشان نكفر بيه عن إساءتنا الغير مقصودة ليك، ويا ريت تكون وعيت الدرس. إن كنت بتتسند علينا في الحياة فالأقدار غير مضمونة ممكن في يوم متلاقيش حد فينا. لازم تحصن نفسك وسلاحك من عصرك وخططك تناسب دربك. خلاص سكت الكلام لكن مقالب الدنيا عمرها، عمرها ما هتخلص».

مع انتهاء الجملة الأخيرة من الفيديو أغلق جهاز الكمبيوتر. ارتسمت على وجهه ابتسامة سخرية سرعان ما تحولت لدمعة روت خديه لتختلط بابتسامة مريرة موحية بأنه وصل لحالة الجنون.

مد يده لدرج مكتبه في بطء ليسحب مذكرة فارغة ويفتح صفحتها البيضاء ليبدأ فيها بالكتابة:

«لم أفكر يومًا بكتابة مذكراتي، لم أتصور يومًا بأن لحياتي قيمة تروى. لكن بعد رحيل شخصية أحببتها برصاصة أطلقوا عليها رصاصة الحياة، علمت مدى اشتياقي إليها. لكن رغمًا عني كان لا بد من توديعها ونسيانها في آبار ترتوي منها قلوب ميتة، تبحث عن أشلاء تعيش على أطلالها. لم أكن يومًا ضعيفًا يتسول تعاطف الآخرين كما يتصورون، بل كنت أراهم هم الضعفاء. ضعفاء أمام أهوائهم ونزواتهم، ضعفاء من أن يحافظوا على آدميتهم ليعيشوا أخلاق البرية في رفاهية البشر. يتلونون كالحرباء ليتخفوا خلف نزواتهم في ثياب الورع. نظراتهم كانت توحي بأنني أدنى منهم شأنًا وأقل عقلًا، نسوا أن للهدوء قلب يحتوي العالم وأن العقول الخاوية أصواتها عالية ووحدها العقول الراجحة تفكر في صمت. الجميع يطلب مني التغيير وبعد محاولات فاشلة نجحت إحداها فأطلقت من مسدسي رصاصة الحياة لتعلن ميلادي في عالم دوما ما كنت أرفضه، تلتها رصاصة الغضب لتفقدني وعيي. رأيت خلاله عالمي المحتمل أن أحياه، بعدها قررت ألا أتغير وسأظل كما أنا حمل في دنيا الذئاب كما يطلقون. لكنني سأحتفظ برصاصاتي الأربع لعلها في يوم تنجيني من ضعف نفسي أمام إلحاحات من قوى الشر تلبي أحلام البشر. سأداوي ضميري ليعود كما كان، وسأداوي آلامي على أمل أن أجد طريقي لدنيا أردتها لكنني فشلت في الوصول إليها، لكنه الأمل وحده سيدفعني للبحث من جديد لعلي أجدها أو تجدني هي، وإن ضل طريق الوصول لأي منا للآخر فسيكفيني شرف المحاولة. لكن ما أخشاه أن أضل طريقي معكم. أرجوكم احتفظوا بمبادئكم ودعوا مبادئي كما أشاء فوحدها لا تتغير طبقًا للأهواء، ولا تنسوا أن الحياة في أمس الحاجة إلى ليني وشدتكم فدعوا الاتزان يسير كما هو مشاء. فرشاة حياتي بيدي لا بأيديكم ألونها كما أشاء. كفوا سهامكم عن صدورنا، أطلقوها إلى صوركم الزائفة لعل وعسى تعود السعادة من جديد. زودوا أسلحتكم برصاصاتها فمراحل الحياة تتطلب التخلص من بعض طباعنا. احتفظوا بها فقد تحتاجون لرصاصة تحيي ولا تقتل، تقتل طباعًا بالية لتحيي آمالًا واعدة، رصاصة تتنتظرها سلبياتكم لتكون هدفًا لها، رصاصة ليست كنظيراتها، إنها رصاصة الحياة».

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.