وإذ أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوز الأخير بمقعد الدائرة رغم ما شاب العملية الانتخابية من عوار تمثل في قبول اللجنة العليا استبدال الصفة الحزبية -للعضو الفائز
لحزب المصريين الأحرار بحزب الوفد بالمخالفة لنص المادة 20 من القانون رقم 46 لسنة 2014 بإصدار قانون مجلس النواب، وخرقه ووكلائه ومندوبيه فترة الصمت الانتخابي في جولة الإعادة يومي 27 و28 أكتوبر 2015، وتقديمه رِشى انتخابية للتأثير على إرادة الناخبين مما أثر على نتيجة التصويت.

من حيثيات حكم بطلان عضوية النائب أحمد مرتضى منصور

مر أكثر من شهر على الحكم الصادر ببطلان عضوية النائب أحمد مرتضى منصور عن دائرة الدقي والعجوزة وأحقية المرشح المنافس له الدكتور عمرو الشوبكي في مقعد البرلمان، إلا أن البرلمان لم ينفذ الحكم ولم يحسم أمر النائب المُبطل عضويته.

أجريت الانتخابات البرلمانية المصرية في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأجريت على مرحلتين، بلغت نسب المشاركة في كل مرحلة منهم على التوالى 26.5% و29.83%، وافتتحت أولى جلسات المجلس في العاشر من يناير/كانون الثاني 2016، على الرغم من الجدل الكبير الذي أثير وقتها حول دستورية قانون الانتخابات وتكافؤ الفرص وتدخل الأجهزة السيادية في إعداد قوائم المرشحين.

لكن الجدل لم يتوقف عند ذلك الحد ولم يقتصر على القوانين التي يقرها المجلس أو يقترحها مثل قانون ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة على العاملين بالخارج أو رغبتهم في تعديل الدستور وتقليص صلاحيتهم لصالح الرئيس، فوصل الأمر إلى الطعن على عضويات النواب وأحقية تمثيلهم في البرلمان.


الشوبكي وأحمد مرتضى منصور

انتخابات، البرلمان، عمرو الشوبكي، أحمد مرتضي
اليوم الثاني للانتخابات البرلمانية بمحافظة الجيزة 2015

بدأ الجدل حول المقعد الفردي المخصص لدائرة الدقي والعجوزة عقب انتهاء جولة الإعادة يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2015، فتقدم «الشوبكي» بأربعة تظلمات إلى اللجنة العليا للانتخابات ضد منافسه «أحمد مرتضى»، وكانت تظلماته تلك خاصة بانتهاكات منافسه الدعائية التي قام بها أمام المقار الانتخابية في فترة الصمت الانتخابي وأثناء اقتراع جولة الإعادة، فقام «مرتضى» بتوزيع منشورات دعائية له والوقوف أمام المقار الانتخابية بسيارات تحمل صوره.

هذا إلى جانب توزيع الرشى المالية على الناخبين، إلى جانب ذلك فكشف «الشوبكي» عن وجود مخالفات كبيرة بالتجميع النهائي لفرز اللجان فيما يخص حجم الأصوات الباطلة ووجود أصوات غير محتسبة لصالح الشوبكي.

إلا أن اللجنة العليا للانتخابات لم تلتفت إلى تظلمات الشوبكي الأربعة وقررت إعلان فوز «أحمد مرتضى»، وهو الأمر الذي دفع الشوبكي إلى اتهام اللجنة العليا بعدم الحيادية، ولجوئه إلى القضاء للطعن على تلك النتائج والذي اختصم فيه كلًا من اللجنة العليا للانتخابات وأحمد مرتضى، وطالب في طعنه بوقف إعلان نتيجة مجلس النواب بالدائرة 11 الخاصة بالدقي والعجوزة.


جولة جديدة أمام محكمة النقض

http://gty.im/492800774

بدأت محكمة النقض بتلقي الطعون الانتخابية منذ شهر فبراير/شباط 2015 حيث بلغ إجمالي الطعون المقدمة 251 طعنًا يخصون 50 عضوًا، كان من بينهم النائب «أحمد مرتضى» بواقع طعنين، وكان الطعنان الخاصان بالنائب مرتضى أحد الأسباب في تخبط اللجنة التشريعية بالبرلمان لتنفيذ الحكم النهائي ببطلان عضويته، واستند محامي المرشح «عمرو الشوبكي» على الأسباب التالية في تقديمه لطعنه أمام محكمة النقض:

مخالفات شابت العملية الانتخابية: وهي تلك المخالفات التي تم استخدامها في تقديم التظلمات أمام اللجنة العليا للانتخابات، وهي بدورها مخالفات لأحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 ووفقًا للمواد من 24 وحتى 37. تغيير الصفة الحزبية للمرشح أحمد مرتضى حيث قدم النائب «أحمد مرتضى» أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب كمرشح فردي لدائرة الدقي والعجوزة كمرشح لحزب «الوفد» وقبلت أوراق ترشحه وفق تلك الصفة، إلا أنه وقبل إعلان القوائم النهائية للمرشحين تقدم بطلب لتغيير صفته الحزبية ليصبح مرشحًا عن «حزب المصريين الأحرار» وبالفعل تم إعلانه كمرشح عن الحزب الآخر، ولم تلتفت اللجنة إلى المخالفة القانونية في ذلك حيث تنص المادة 20 من قانون مجلس النواب أن التعديل أو التنازل يتم لمرشحي القوائم فقط في فترة لا تقل عن 15 يوميًا قبل موعد إعلان القوائم النهائية للمرشحين، وهو ما لاينطبق على مرشحي الفردي مما يعيب صحة ترشحهم.

تجاهل اللجنة العليا للانتخابات لتظلمات الشوبكي على الرغم من توافر الشروط التي تجيز النظر لتظلمه وعدم تجاهلها، وأنه لم يتوفر له بيئة تنافسية حيادية وفقًا للقانون، إلى جانب مخالفات العملية الانتخابية في جولتي الإعادة والتي تم ذكرها مسبقًا.

وبالفعل أخذت محكمة النقض بتلك الأسباب وبدأت في نظر طعن المرشح «عمرو الشوبكي»، فقامت بإعادة فرز أصوات اللجان الفرعية والتي بلغ عددها 178 لجنة فرعية، وقد أثبتت إعادة الفرز تلك تقدم الشوبكي عن مرتضى بـ 258 صوتًا، وتعد تلك هى المرة الأولى التي يسند فيها إلى محكمة النقض النظر في صحة عضوية مجلس النواب وفق المادة 107 من الدستور وتكون أحكامها واجبة النفاذ على الفور.


على هامش الجولات

من بيان «أحمد مرتضى منصور»

لم تكن الجولات داخل قاعات اللجنة العليا للانتخابات ومحكمة النقض، بل إنها كانت وما زالت مستمرة إعلاميًا وشخصيًا بين المرشحين ومحاميهما، فعقب تقدم الشوبكي للطعن أمام المحكمة أصدر النائب مرتضى بيانًا له بشان الطعن المقدم ضده، وقال في بيانه إن الشوبكي قد خالف القانون حين قدم طعنه مباشرة إلى محكمة النقض دون أن يسبقها تقديمه للتظلم باللجنة العليا للانتخابات، كما اتهم مرتضى الشوبكي ومحاميه بالتزوير حين قدما إيصالًا يفيد تقدمهما بتظلم، كما طالب مرتضى بتطبيق القانون على الشوبكي ومحاميه بتهمة التأثير على محكمة النقض من خلال نشر أخبار كاذبة وهو ما يعاقب عليه القانون وفق المادة 187 من قانون العقوبات.

وبدوره قام محامي الشوبكي بالرد على تلك الأمور الوارد ذكرها بالبيان، فذكر أن موكله سبق وأن تقدم بأربعة تظلمات على البريد الإلكتروني الخاص باللجنة العليا للانتخابات وفقًا لما أعلنته اللجنة، وقدم للمحكمة ما يفيد أن اللجنة قد تسلمت تلك التظلمات. وفيما يخص إشاعة تقديمهم ملفًا مزورًا ذكر أنه مستند رسمي مختوم من قبل اللجنة العليا للانتخابات، لكنه كان يخص المرحلة الأولى من الانتخابات وتم تقديمه بالخطأ وقد استبعدته المحكمة.


الكرة بملعب البرلمان

دأب د.عمرو الشوبكى الذي سقط في الانتخابات البرلمانية السابقة على ترويج شائعات في بعض الصحف والمواقع مضمونها أن محكمة النقض أوشكت على إصدار قرار ببطلان عضويتي من مجلس النواب لوجود تجاوزات صدرت مني فى العملية الانتخابية، كما زعم بالكذب هو وفقيهه الدستوري، أن محكمة النقض عند قيامها بإعادة تجميع الأصوات تبين لها تفوق الشوبكى بــ 258 صوتًا. ولما كان ما أشاعه كذبًا وكنت أود ألا أرد على هذه الأكاذيب؛ لأنني أحترم قضاء محكمتنا العليا وأتركها تفحص الطعن في هدوء للوصول إلى الحق والحقيقة، إلا أن هذا التضليل زاد عن حده.
http://gty.im/114648861
قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من اللجنة العليا للانتخابات بإعلان نتيجة الانتخابات بدائرة الدقي والعجوزة بفوز أحمد مرتضى منصور وإحلال عمرو الشوبكى بعضوية المجلس.

من نص حكم محكمة النقض ببطلان عضوية النائب «أحمد مرتضى منصور»

في يوم الأربعاء الموافق 20 يونيو/ تموز 2016 حكمت محكمة النقض ببطلان عضوية النائب أحمد مرتضى منصور وتصعيد المرشح عمرو الشوبكي بدلًا منه نائبًا عن دائرتي الدقي والعجوزة، إلا أنه قد مر أكثر من شهر على ذلك الحكم ولم ينفذه البرلمان بعد؛ مما دفع الشوبكي للتصريح بأنه يفكر باتخاذ إجراءات قانونية ضد المجلس بسبب عدم تنفيذه حكم محكمة النقض، وهو الأمر الذي أكده محاميه بأنه إذا لم ينفذ البرلمان الحكم فسوف يختصمونه أمام مجلس الدولة.

وعقب صدور الحكم تمت إحالة الأمر إلى لجنة الشئون الدستورية والقانونية بالبرلمان برئاسة المستشار «بهاء أبو شقة» للنظر في الحكمين المتعلقين ببطلان عضوية النائب «أحمد مرتضى منصور»، فبجانب الحكم الصادر للشوبكي فكان هناك طعن آخر أثناء الجولة الأولى قدمه أحد المرشحين بالدائرة ضد منصور ولكن المحكمة رفضت الطعن؛ مما جعل البعض يتساءل هل هناك تضارب بين الحكمين؟، إلا أنه قد حسم ذلك الجدل بأن الحكمين ليسا متعارضين حيث أن رفض الطعن الأول كان قبل إعلان فوز منصور بمقعد الدائرة.

شهدت جلسات اللجنة الكثير من المشاجرات خاصة عندما حضر النائب «مرتضى منصور» إلى أحد جلسات اللجنة واشتبك بالأيدي مع أحد النواب؛ مما دفع رئيس اللجنة إلى رفع قرار اللجنة إلى رئيس البرلمان المستشار «علاء عبد العال» وترك الحكم النهائي له. وكانت اللجنة قد وصلت إلى صحة الحكم وبطلان عضوية أحمد مرتضى منصور، إلا أن بعض النواب يرون أن محكمة النقض مختصة فقط بالفصل في صحة العضوية وليس لها شأن بتصعيد أحد النواب مكان الآخر.

ويرى الفقيه الدستوري «محمد نور فرحات» أن محكمة النقض مختصة بتصعيد أحد النواب مكان الآخر حيث أنها تفصل في من هو العضو الصحيح ليحل محل العضو الساقطة عضويته، ويرى أن تأخر البرلمان في حسم تلك القضية هو أمر سياسي وليس أمرًا قانونيًا، حيث أن البرلمان لا يريد وجود شخص معارض مثل الشوبكي خاصة وأن البرلمان الحالي تديره الأجهزة الخفية للدولة وفق قوله.

يبدو أن الأيام القليلة القادمة سوف تشهد تطورًا جديدًا في الجدالات التي يثيرها البرلمان، فهذه المرة يضرب المجلس بحكم قضائي وبالسلطة التشريعية؛ مما قد يحدث خللًا في توازن العلاقات بين سلطات الدولة، كما سوف يصيب مؤيدي النظام الحالي بحالة من التخبط خاصة وأن السلطتين من أكبر الداعمين للنظام الحالي.

المراجع
  1. دليلك لفهم برلمان السيسي
  2. "الشوبكى" يهدد مقعد "مرتضى"
  3. «المصرى اليوم» تنشر الطعون على عضوية 50 نائباً
  4. "برلمانى" يعيد نشر نص طعن عمرو الشوبكى على نتيجة انتخابات الدقى والعجوزة بالجيزة
  5. غدًا.. محكمة النقض تراجع فرز محاضر انتخابات عمرو الشوبكى وأحمد مرتضى بدائرة الدقى