محتوى مترجم
المصدر
psychologytoday
التاريخ
2016/07/20
الكاتب
سارة كوتريل

أصبحت المملكة المتحدة، فرنسا وأيرلندا مؤخرًا آخر دول تطالب الشركات المصنعة للسجائر باستخدام تغليف مصمت لعبوات السجائر. حيث لن يُواجَه المهتمون بشراء السجاير بشعارات الشركات، بل بتحذيرات صحية مطبوعة بخط كبير. كما ستبرز العبوات الأخرى صورًا مؤلمة لرئات قطرانية مريضة وشرايين مسدودة. وفي بعض الأماكن، سوف يشمل التغليف ما أطلق عليه «أقبح لون في العالم»، البني المائل للأخضر.

هذه خطوات محمودة، خصوصًا من حيث منع غير المدخنين من البدء بالتدخين. لكن الأبحاث النفسية تشير إلى أسباب كونها على الأرجح أقل فعالية، مقارنة باستراتيجيات أخرى، في الحد من التدخين وسط المدخنين.عادة ما نتخذ خيارات متهورة مثل تدخين السجائر، تناول الأغذية غير الصحية، وشراء أشياء تفوق قدراتنا المالية – وهي خيارات نقدم عليها مرارًا وتكرارًا، رغم علمنا بمعنى واسعٍ بعض الشيء بأنها سيئة. وبالتالي، لفهم سبب الفشل المعتاد لاستراتيجيات محاربتها، يجب أولًا أن نفكر بكيفية تداخل التهور مع التعلم وتأثيره على صنع القرار لدينا.

على سبيل المثال، نعرف أن الناس يميلون للتعلم بسرعة أكبر عندما يكون سلوكًا محددًا وعواقبه (المكافأة والعقاب) متقاربين زمنيًا. عندما يسيء الأطفال التصرف ويتم إرسالهم فورًا للعقاب، يتعلمون ربط السلوك بالنتيجة. لكن عندما تتبلور نتائج السلوكيات خلال أشهر وسنوات، كما هو الحال مع التدخين والأغذية غير الصحية، ينبغي علينا تبني فكر بعيد المدى.بالنسبة للأشخاص غير المدمنين للنيكوتين، يعد وضع العواقب بعيدة المدى (مثل الإصابة بالسرطان) في الحسبان بسيطًا إلى حد ما. لكن العملية تصبح أصعب إلى حد كبير عندما يبدأ التهور المرتبط بإدمان النيكوتين. ذلك لأننا عندما نكون متهورين يكون لدينا، حسب التعريف، مشكلات في التفكير خارج حاضرنا. والنتائج بعيدة المدى هي تحديدًا نوع الأشياء غير الفعالة في تغيير حافز الاختيارات اللحظية.

بينما يعد التدخين مؤشرًا قويًا على الإصابة بسرطان الرئة والانسداد الرئوي المزمن، فإنه لا يمثل أيٌ منهما نتيجة مضمونة.

إحدى النتائج المقلقة هنا أنه طالما تأخرت نتائج الخيارات المتهورة، نصبح غير مستشعرين بشكل ملحوظ لخطورتها الفعلية. لذلك فإن تذكير المدخنين بأن تلك العادة تقتل – حيث يمكن القول إنها النتيجة الأكثر خطورة – يعد واهيًا جدًا نفسيًا. فمقدار الضرر لا يهم إن فشلنا في وضعه بالاعتبار من البداية.حتى أن تلك العواقب تعتبر أقل فاعلية إن كان من الممكن ألا تحدث مطلقًا. فبينما التدخين يعد مؤشرًا قويًا على الإصابة بسرطان الرئة والانسداد الرئوي المزمن، لا يمثل أيٌ منهما نتيجة مضمونة. وعندما نركز على الإشباع الفوري، من غير المرجح تذكر المناشدات الأكثر منطقية المتعلقة بهذه الاحتمالية. فيعطينا هذا الشك ثغرة نفسية يمكننا عند ذلك استغلالها. (للاطلاع على حجة مشابهة في سياق ارتكاب الجرائم انظر هنا).ما نراه إذن هو أن التهور يغير المكافآت المتصورة للتدخين مقارنة بعدم التدخين. فيضخم الفوائد ويقلل التكاليف – ويتصرف الناس بناء على ذلك. وعندما تحفز هياكل المكافأة خياراتٍ غير مرغوبٍ فيها، يجب أن نتوصل إلى طريقة للتدخل وتغييرها.في هذه الحالة، قد يكون للصور المؤلمة تأثير على سلوك الشراء وسط المدخنين – لكن في الغالب بمعنى أنها تثير ردة فعل غريزية غير سارة (مثل، اعتبارها ممثلة لـضررٍ صغير)، وليس لأنها تحث على نوعٍ ما أوسع من محاسبة الذات عن الآثار الصحية بعيدة المدى. أما الاستراتيجيات الأكثر فاعلية فإنها تتدخل وتفرض تكاليف خارجية مباشرة تجعل المكافآت المباشرة للتدخين أقل من مكافآت عدم التدخين.

من الناحية العملية، كيف قد تبدو هذه الاستراتيجيات؟ على مستوى السلوك الفردي، قد نفرض عواقب مصطنعة، ونطلب من المحيطين بنا إنفاذها. على سبيل المثال، قد تقرر أنه إن دخنت، يسمح لزوجتك (أو زوجِك) بعدم غسل الصحون لهذه الليلة – وفي كل ليلة تدخن فيها. احتمالية الإصابة بمشكلاتٍ صحية بعيدة المدى قد لا يؤدي إلى إعادة فحص المكافآت المتصورة في عقولنا. لكن يقين الاضطرار لغسل الصحون خلال عشر دقائق قد يتسبب بشكل جيد جدًا في إعادة تفكيرنا بشأن خياراتنا في الحاضر. (تعمل هذه الاستراتيجية أيضًا في سياق القرارات الأخرى المتهورة، مثل، تناول الأغذية السكرية أو شراء أشياء يفوق ثمنها ميزانيتنا).

في كل مرة يختار فيها أحدهم أن يشعل سيجارة، يدفع مباشرة أموالًا زائدة، غير التكاليف الأساسية المرتبطة بالعادة.

على المستوى الحكومي، تستخدم البلاد بالفعل الضرائب في محاولة لتغيير مكافآت التدخين (أصبحت فيلادلفيا مؤخرًا أول مدينة أمريكية تطبق ضريبة على المشروبات السكرية). وحسبما يشير المتخصص بالسياسة العامة، مارك كليمان، العواقب «الأكيدة والسريعة» يصعب تطبيقها في سياق الأحكام الجنائية. لكن بالنسبة للتدخين الأمر بسيط، كأن يكون الضرر مدمجًا مع قرار التدخين. ففي كل مرة يختار فيها أحدهم أن يشعل سيجارة، يدفع مباشرة أموالًا زائدة، غير التكاليف الأساسية المرتبطة بالعادة.في الواقع، نجحت الزيادات الضريبية من حيث حمل المدخنين على الإقلاع، خصوصًا هؤلاء الأكثر احتياجًا (أي الشباب والفقراء، بما في ذلك الأقليات الفقيرة). لكن التدخين يستمر لدى جزء ما من السكان لأنه، بالنسبة لهؤلاء الأفراد، لا يزال يتعين علينا إعادة معايرة المكافآت المتصورة للقرار. تعد زيادة الضرائب الطريقة الأكثر بساطة لتحقيق ذلك – ولاحظ هنا أنه عندما تكون العواقب بالفعل مباشرة وأكيدة، سوف يستجيب الأشخاص الأكثر اندفاعًا لهذه الخطورة. (كذلك تغير الضرائب المكافآت بالنسبة لغير المدخنين، حيث تجعل مجرد قرار البدء أقل جاذبية).في المرحلة التي تفوق فيها تكلفة السيجارة المتعة المباشرة المستمدة من تدخينها لن تكون الأمور كما هي بالنسبة للجميع. وللاستراتيجية حدودها: على سبيل المثال، التدخين وسط الأثرياء (رغم أنه أقل انتشارًا بكثير في الولايات المتحدة) قد يكون أقل استجابة أمام الزيادات الضريبية. لكن ينبغي على صناع القرار البحث بشكل أكبر وتذكر أن سيكولوجيا المدخنين تختلف عن سيكولوجيا غير المدخنين. يعد التغليف المصمت خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها قد تكون أكثر فاعلية في منع التدخين أكثر من تشجيع المدخنين على الإقلاع. لكن فرض المزيد من الضرائب سيخدم الهدفين.