تميز النصف الثاني من القرن العشرين بتطورات فارقة بالنسبة للمحتوى البصري، بدأ فن الفوتوغرافيا «التصوير» يتطور بشكل ملحوظ، تجاوز فارق في حيثيات التقاط الصورة، انفتاح متزايد على العالم وإمكانية تصويره، حيث يتم التلاعب بالمسيرة الثابتة للزمان والمكان، تتوقف عند لحظة التقاط الصورة، ويصبح للمكان أو الشخص أو الحالة العامة التي يتم تصويرها مضمون وعلاقة خاصة مع كل عين بشرية تختبر الاشتباك الشعوري مع الصورة.

من ناحية أخرى، قفزت السينما قفزة جعلتها أكثر حيوية وطليعية من حيث كونها أداة فعّالة لتوثيق صورة متحركة، موجات جديدة تبشّر بأسلوب فيلمي معاصر، مخرجين أصحاب طموحات كبرى، بدؤوا محاولات في تطوير «الكاميرا» كأداة أساسية للمحتوى الفيلمي، وعلى المستوى الثقافي، تأثرت السينما بالتطور المعرفي والفلسفي، وبدأت تشارك السؤال النظري بتجربة إبداعية موازية.

لأن مثل هذه المحطات التاريخية، يكون من المتوقع أن تظهر فنون جديدة مع محاولات التجديد والتجريب واختبار أدوات تعبير تنفلت من حيثيات سلطة إظهار منتج، سواء سلطات سياسية أو إنتاجية. ظهر فن الفيديو Video Art كأداة حداثية، تحاول أن تضع الفنون الأخرى في محاولة اشتباك، تنتمي في تكوينها المرن إلى اللوحة والصورة والتمثال المنحوت، باعتبار أن الفنون السابقة لديها تاريخ طويل وقديم، ولا ينفلت فن الفيديو أيضًا من استخدام الحديث والتقني مثل الصورة المتحركة.

على المستوى المحلي، وخلال محاولة لتتبع تاريخ فن مهمّش، ليست لديه شعبية أو حضور جماهيري، فقط حضور نخبوي منزوٍ غير مرئي، لكنه مع تهميشه الناتج من طغيان المحتوى التجاري على الذوق العام، يبقى للفيديو تأثير قوي على ذاكرتنا الجماعية، بل يتبين أن الفيديو فن له شعبية كبيرة، نمارسه بصورة فردية وجماعية دون أن نعرف، نؤثر فيه، ونطوّر من أدواته، نستخدمه كأداة تقنية\ فنّية للقبض على إيقاع الزمن السريع، وتوثيق تواريخ شخصية تساعدنا على خلق ذاكرة بديلة.

فن الفيديو: النشأة والتكوين

ملصق دعائي لكاميرا بورتباك التابعة لشركة Sony
ملصق دعائي لكاميرا بورتباك التابعة لشركة Sony

دفعت الأحداث الكبرى في النصف الأول من القرن العشرين، خاصة الأحداث الحربية «الحرب العالمية الثانية» جهات الإنتاج التقني المعنيّ بأجهزة تسجيل الصوت والصورة إلى محاولة ابتكار جهاز صغير قدر الإمكان، يمكن الحركة به ويستطيع تسجيل صورة متحركة. مثلما بدأت الكاميرا السينمائية كطفرة علمية وتقنية، ثم تحولت إلى فن سابع مضاف إلى صف الفنون العالمية، اتخذ فن الفيديو نفس المسار، بدأت أول الستينيات في الولايات المتحدة الأمريكية محاولة لاستغلال الكاميرات المصنوعة للتجريب، نجحت المحاولة وظهرت نتائج أولية مقبولة، على الأقل تحمل صوت وصورة. في عام 1965، أصدرت شركة Sony الكاميرا المحمولة «بورتباك- Portapak» وهي عبارة عن جهاز مكون من ثلاث قطع، كاميرا وجهاز تسجيل وكابل لتوصيل الاثنين معًا. كانت كاميرا البورتباك حدثًا فارقًا، تم الترويج لها تسويقيًا تحت شعار «أصبحت الشوارع الآن هي الأستوديو- The Streets Now Become The Studio» (1) ، مع تزايد استخدام كاميرا البورتباك ظهرت نتائجها السلبية، وزنها يقارب 15 كيلوغرامًا، سبب كاف لاستهلاك جزء كبير من طاقة حاملها ومنعه على المدى الطويل عن التصوير لفترة طويلة.

 رغم أن فئة الكاميرا المحمولة أحدثت طفرة، وفتحت مساحة واسعة لغير المتخصصين أن يجربوا حظوظهم في خلق محتوى بصري جديد بأدوات أبسط بكثير من أدوات فيلم السينما، لكن السوق التجاري الأمريكي بادر بتجاوز أزمة الوزن والجودة، وبدأت السبعينيات شاهدة على فرص أوسع لانتشار الفيديو، بمنتجات تقنية أكثر سهولة في التعامل ومعها وأكثر خفّة في الوزن.

المحطة التالية، حاول المخرج الفرنسي جان لوك جودار، أن يضع فني السينما والفيديو في مساحة اشتباك، وبدأ في استخدام تسجيلات الفيديو التي كان يصوّرها في الشارع أثناء المظاهرات السياسية في فرنسا كمواد يمكن إدراجها في أفلامه التجريبية.

المخرج الفرنسي جان لوك جودار يصوّر مظاهرة سياسية في فرنسا
المخرج الفرنسي جان لوك جودار يصوّر مظاهرة سياسية في فرنسا

بالنسبة لمصر، ظهر فن الفيديو فيها بشكل منهجي ومؤثر، من خلال ورش صناعة فن الفيديو التي وفرّتها المؤسسة الثقافية السويسرية «بروهلفتسيا» (2) في مصر. تم استدعاء أحد صنّاع الفيديو السويسريين «هانز بيتر آمان» بعد تجارب تعليمية في دول عربية أخرى مثل سوريا.

بالتزامن مع الورش الإبداعية التي وفرّتها مؤسسة الثقافة السويسرية، أضاف قطاع الفنون التشكيلية في عام 1990 فئة فن الفيديو إلى المعرض والمسابقة السنوية لصالون الشباب الذي بدأت دورته في قصر الفنون عام 1989.

في الدورة التالية لصالون الشباب، حذفت لجنة المسابقة فئة فن الفيديو مع فئات فنّية أخرى، وعللت في مذكرة حذف هذه الفنون أن فن الفيديو لم يتقدم له في المسابقة سوى متسابق واحد.

يوضّح الكاتب أحمد حسن شوقي في كتابه «تاريخ الفيديو» أن السنة التي بدأت فيها ورش الفيديو التابعة لمؤسسة الثقافة السويسرية، هي نفس السنة التي بدأت فيها مسابقة فن الفيديو التابعة لقطاع الفنون، لذلك يبدو من الغريب، تقدّم متسابق واحد لمسابقة تابعة للقطاع العام، في ظل وجود ورشة يتخرج منها سنويًا حوالي عشرة أشخاص بمشاريع تخرج صالحة للتقديم في المسابقة. ما يبدو أكثر غرابة، أن فئة الفيديو في المسابقة التابعة لقطاع الفنون، ظلت محذوفة حتى مطلع الألفينات.

لكن الحضور الجانبي، الذي يشبه مجرد ظهور طفيف في لون السماء، لم يكن خفيًا تمامًا، كتب الناقد الراحل سمير فريد عن ظهور فن الفيديو في مصر، محاولاً تعريف الطباع الجديدة للفن الصاعد، وعن إمكانية أن يحجز لنفسه مساحة إضافية من المشهد الفنّي المعاصر.

والأهم من كل ذلك أنه مع اختراع جهاز الفيديو الصغير، وشريط الفيديو الصغير، وكاميرا الفيديو الصغيرة، أصبح فيلم السينما مثل الكتاب، وأصبح هناك فن ثامن إذا أخذنا أن الفنون سبعة أحدثها السينما، وهو فن الفيديو: أصبح هناك فيلم سينما وفيلم فيديو، أي كل ما يصور بكاميرا الفيديو. أي أفلام بلغة السينما ولكن الصورة بكاميرا الفيديو على شريط الفيديو، وليس بكاميرا السينما على شريط السينما، فضلا عن أن من الممكن نقلها على شريط سينما من شريط فيديو.
3 – جريدة الجمهورية، 25 مارس 1991

الفيديو والتليفزيون: ما بين اغتيال السادات وميلاد فطوطة

فن الفيديو: ويتمثل في استخدام الصورة المتحركة في عمل فني متكامل، يحمل رؤية تشكيلية بالاستفادة من إمكانيات هذا الوسيط.
كتاب تاريخ الفيديو

في الفصل الثاني من كتاب تاريخ الفيديو، يحاول أحمد حسن شوقي أن يتتبّع التغيرات المستترة، التي حدثت وشكلّت فارقًا في كيفية التفاعل الجمهوري مع فن الفيديو دون وعي واضح وتفسير لهذا التفاعل. يتخذ حسن شوقي فيديو اغتيال الرئيس السادات وظاهرة فوازير فطوطة كحدثين فارقين كنماذج لقراءة العلاقة بين المشاهد والفيديو قبل ظهور الفيديو كحالة فنّية لها شكل ومسار.

قبل فيديو اغتيال السادات، كانت العلاقة تجاه التليفزيون، خاصة من خلال الفيديوهات التي يتم بثّها مباشرة، هي علاقة جامدة وثابتة، تعتمد على تيمة التقرير الإخباري في أغلب المرات، كذلك تكون الصورة مجرد عامل مساعد لتعزيز الحضور الصوتي\الإخباري لضمان وصول الخبر المذكور للمشاهد.

قبل حادثة اغتيال السادات عام 1981 على شاشة التليفزيون المصري، كان السائد هو إدراك الجمهور للغة التليفزيون محلّيًا، بوصفها لغة منطقية مع سبق الإصرار والترصد، لغة تقترب من لغة العامة، الملايين من النساء والرجال والأطفال. لتحمل المعلومة والخبر ببساطة واستسهال وتلفيق، وذلك من حيث نمط اختيار زوايا الكاميرات، وثبات الكادرات في البرامج واللقاءات وخطابات الزعماء، لكي تصبح لغة متعارف عليها دوليًا، وتصنع مجتمعًا جديدا «مجتمع المشهد التلفزيوني» بهدف إجبار المشاهدين والمشاهدات من قبل صنّاع الفيديو على التركيز في المضمون، والتفاعل معه عاطفيًا، وليس النظر في جماليات الصورة ذاتها، ومحاولة تفكيكها.
كتاب تاريخ الفيديو

خلال حادثة اغتيال الرئيس السادات المفاجئة، تلاشت كل الحواجز والاحتكامات والتعليمات التي اعتاد حاملو الكاميرات أن يسيروا عليها. عند لحظة الاغتيال، تولدت عشوائية ميلاد فن الفيديو، تلاشت حواجز التقديم المباشر المعتاد للمشاهد على التليفزيون، وأصبحت للصورة عوامل فردية مشتركة تساعدها على الظهور، أولها حامل الكاميرا نفسه. التسجيلات المتاحة حاليًا التي وثّقت حادثة الاغتيال، هي الممارسات المرتجلة خلال وقت شعور بالأزمة.

لنتخيل أن أحدهم يحمل كاميرا، يتبع تعليمات صارمة، يصور ذكرى احتفال قومي بحضور رئيس وكوادر دولة، وفجأة يرى إطلاق نار على منصة الرئيس، وفي الدقائق القليلة التابعة للحدث، مطلوب من حامل الكاميرا أن يتبع حدسه في التصوير. الخبرة الخلّاقة هنا هي الفاعل المؤثر في توثيق اللحظة، التعامل التلقائي، المبدع والفريد، الذي يحرك العين واليد الحاملة للكاميرا ويوثق لحظة بعينها، بعيدًا عن المسارات المستقبلية، كيف سيبدو هذا الفيديو بعد سنوات كذاكرة بديلة لحدث سيظل له ثقله التاريخي؟

رد الفعل، والتوثيق السريع، المرتجل على غير العادة من حاملي الكاميرا في حادثة اغتيال السادات، والنتاج الواضح حاليًا، هو من حيث نشاطه العشوائي، محاولة غير متعمدة لصناعة فيديو لديه موضوع وينطلق من أزمة.

على الجانب الآخر، فوجئ المشاهد المعتاد على الرتابة والمباشرة واللغة البصرية المعتادة بحدث جديد، مفاجئ وصادم، يتبعه نشاط بصري مختلف، محاولة شديدة الشفافية لاختبار كيفية تفاعل المشاهد مع محتوى لم يشتبك معه من قبل، المحتوى الجديد لا ينتمي للغة رسمية، بل ينسلخ منها فجأة، ويتحول إلى لغة ذات خصوصية بحامل الكاميرا، باعتبار أن تتبعه الدؤوب لتصوير الحدث، يحيل الكاميرا إلى كونها امتدادًا لذراعه الذي يحملها، وبذلك تصبح عضوًا مضافًا إلى جسده.

خلق الفيديو خلال حدث مهم، لكنه صدفة، أحال الصورة التليفزيونية من مجرد وحي رائع، أو ظاهرة جامدة بلا تفسير، إلى نتاج فنّي تكوّن من تلاعب بشري بحت.

من الفيديوهات الأرشيفية لاغتيال الرئيس السادات

ظهور شخصية فطوطة في رمضان عام 1982، كان تطورًا في إمكانية خلق حالة مادية متكاملة، متجاوزة لواقعية الحضور الزمني والمكاني. في السينما، خلال السنوات السابقة لظهور فطوطة، كان «المتخيل» في الفيلم فعلاً جانبيًا، يمكن أن يحمل تيمة عمل كوميدي مثل فيلم «سر طاقية الإخفاء»، لكن التجريب الحاصل لم يخلق بديلاً ماديًا، يشتبك مع الذاكرة الجماعية، ويصبح ذاتًا بديلة وفاعلة، تترك لدى المشاهد أثرًا عاطفيًا ومساحة مع الذاكرة الشخصية.

حضور فطوطة في التليفزيون، كان كسرًا للقواعد التقليدية، بداية من خلق شخصية بصوت وحجم طفوليين، ومن ثم محاولة إعطائها مساحة حكائية، ساخرة تنطوي على جدّية مضمرة، تستطيع من خلال ثنائية السخرية الظاهرة والجدية المختبئة أن تترك أثرًا يظل لصيقًاا بمشوار الممثل الراحل سمير غانم حتى وفاته، بل تبقى من بعده كرمز لمشواره الفنّي.

الظاهر في حضور فطوطة هو خلق حالة حميمية تناسب العائلة، لكن نشاط الشخصية المتتابع في التليفزيون، أدى ولو من خلال الصدفة إلى تفكيك اللغة الرسمية لبث الفيديو في مصر، تتمثل في فطوطة ديمومة الحالة المرتجلة، ومحاولة التجريب الفعّال، التي حدثت صدفة خلال فيديو اغتيال السادات.

سمير غانم مع فطوطة

آباء مخرجون

العمالة الخارجية في الخليج وبشكل أقل في الدول الأوروبية، ساعدت الآباء المغتربين معظم شهور السنة والعائدين إجازات مؤقتة في توفير كاميرا الفيديو. عادة إحضار الأجهزة التقنية الحديثة كانت من عادات المغتربين خلال التسعينيات، كتوثيق للارتقاء الطبقي، وأيضًا تعويض غياب الأب، السلطة التي لابد أن تعود محمّلة بالمزايا وبشائر الخصوصية.

انتشار كاميرا الفيديو في المناسبات العائلية، حفلات عيد الميلاد والمصايف السنوية والأحداث المهمة وأحيانًا تسجيل فيديو لأجل اللعب مع الأبناء والبنات، وباعتبار أن الأب هو المتحكم الأكثر، والنموذج الأكثر حكمة وقدرة، لذلك يتحول إلى مصور، وبالتبعية إلى مخرج ينتج مادة بصرية متحركة بها محتوى حكائي، أو مجرد مشاهد توثق للحظة كاملة، لديها حيّزها الزمني والمكاني.

انتشار حالة التصوير والتسجيل عند العائلات في التسعينيات، خلقت أولًا آباء مخرجين بطريقة مرتجلة، حينما ينظر جيل الثمانينيات والتسعينيات الآن، إلى ذكريات عيد ميلاد له أو لأحد من عائلته، أو تسجيل لمناسبة عائلية، في ذلك الوقت يستدعي الحدث بعين الأب الذي سجّل الفيديو، وتصبح استعادة انطباع شخصي وفردي عن حدث قديم، هي مسؤولية مشتركة من مجموعة من الممثلين المرتجلين والأب المخرج لهذه اللقطة.

السير مع التطور التقني، وتحول فرصة تصوير فيديو من كاميرا محمولة إلى موبايل سهل الوجود، وكذلك ضروري، أحال تجربة الآباء المخرجين إلى جيل صاعد يمارس نشاطًا إخراجيًا بالسليقة.

أصبحت الجماليات المحيطة في الشوارع، مادة قابلة للتصوير في أي لحظة. في مدينة بورسعيد مثلاً، خلال فصل الخريف، تغيّم سماء قناة السويس الفاصلة بين مدينتي بورسعيد وبورفؤاد، وفي نفس الموسم كل عام يمتلئ سطح الماء والجو المحيط بطائر النورس العابر على المدينة أثناء هجرته. الأشخاص العابرون من خلال المعديّة، أغلبهم ينجذب إلى جمالية التكوين، تصبح لديه ذائقة إخراجية انتقائية ويبدأ في تصوير فيديو. شهدت السنتان الماضيتان، فيديوهات كثيرة تحاول التعبير بأشكال مختلفة عن جمالية المشهد اليومي المذكور سابقًا، ومن خلال أشخاص أنتجوا محتوى بصريًا وليد الارتجال والصدفة.

سينما بأدوات الفيديو

في كتاب تاريخ الفيديو، يستعين أحمد حسن شوقي في مادته البحثية بحوارات عديدة مع أشخاص مؤثرين في صناعة الفيديو في مصر، بعضهم قاموا بإعطاء ورش إبداعية، والكثير منهم كانوا أشخاصًا شاركوا في الورش المتاحة ونفذّوا مشاريع متميزة كمشاريع تخرج. كثير من الأشخاص الذين تحدثوا عن تجربتهم مع فن الفيديو، يتضح من حديث معظمهم أن الاتجاه لذلك الفن، كان بحثًا عن أداة فاعلة ومؤثرة، تستطيع أن تخرج عن سياق تحكمات الإنتاج، بداية من تكلفة استئجار المعدات وحتى الخطوات الورقية لتوثيق المنتج، من ناحية أخرى، فن الفيديو كمنتج هو فن ذو هامش واسع، ينتمي مثلما ذكرنا إلى الصورة المتلقطة والتمثال المنحوت واللوحة المرسومة، لذلك في معارض فن التشكيل التي تقام في جاليريهات القاهرة والإسكندرية منذ سنوات، يوجد لفن الفيديو مساحة حاضرة وقوية، غرف ذات إضاءة مناسبة وفيديوهات يتم عرضها بشكل دوري.

هذه الأدوات المرنة، لم تنفلت من مرونة صنّاع السينما في المناطق التي تقع تحت فقر في فرص الإنتاج، أيضًا كانت التجارب السابقة في الدمج بين الفيديو والفيلم السينمائي، أرضية مثيرة للأجيال الجديدة في محاولات اختبار إمكانية أن يشتبك الاثنان معًا.

في عام 2011، أخرج صانع الأفلام الشهير «بارك تشان-ووك» صاحب فيلم «Oldboy» فيلمًا سينمائيًا قصيرًا «Night Fishing» تم تصويره بالكامل بواسطة موبايل آيفون، عرض الفيلم في مهرجان برلين السينمائي وحصل على جائزة أفضل فيلم قصير.

الإعلان التشويقي لفيلم Night Fishing

على صعيد الأفلام التسجيلية الطويلة، تم إتمام المرحلة الأخيرة من تصوير فيلم «Searching for a Sugar Man» بكاميرا موبايل، وبشكل إجباري بسبب عجز في تمويل الفيلم، وكان نتاج هذه التجربة واحد من أفضل الأفلام التسجيلية في العقد الأخير، وحصل الفيلم في سنة ظهوره عام 2012 على جائزة الأوسكار.

في عام 2017، قام ميشيل غوندري، مخرج فيلم «Eternal Sunshine of Spotless Mind» بتصوير فيلم «Detour»، منتج دعائي قصير لشركة Apple تم تصويره بموبايل آيفون 7 Plus. فيلم يحفل بجودة في ألوان الصورة، يقوم على فكرة غرائبية، عجلة ثلاثية تبحث عن طفل يمتلكها، بينما الأخير يسافر مع عائلته في إجازة.

ميشيل غوندري يتحدث عن فيلم Detour

على المستوى المحلي، أخرج محمد الدباح فيلم «مجرد»، تم تصوير الفيلم كاملاً بالموبايل، ولم يلجأ صاحب الفيلم المشارك في مهرجانات عالمية لأفلام الموبايل في إسبانيا والبرازيل إلى أدوات سينمائية في صناعة الفيلم إلا في عملية المونتاج.

المراجع
  1. المعلومات المذكورة عن الكاميرا والشعار التسويقي من كتاب «تاريخ الفيديو»- ط دار المحروسة- ص 58
  2. https://prohelvetia.org.eg/ar/ الموقع الرسمي للمؤسسة