محتوى مترجم
المصدر
big think
التاريخ
2016/03/15
الكاتب
لوري فازكويز

اكتشف علماء أعصاب بجامعة أكسفورد كيفية تحريك دماغك للذكريات إلى الذاكرة بعيدة المدى. يطلق على أدوات تحقيق ذلك «مضادات الذكريات»، وهي مفيدة أكثر مما قد تبدو عليه.

يعتقد العلماء أن الخلايا العصبية المتقدة بشكل مفرط يمكن أن تكون السبب وراء حالات مثل الصرع، الفصام والتوحد.

تتكون الذكريات، بصورتها الأكثر بساطةً، من نبضات كهربائية. لكن ماذا يحدث إن كانت تلك النبضات مشتعلة دائمًا؟ هل تجهد دماغك بشكل مشابه لزيادة سخونة الذاكرة العشوائية لحاسبك إن شغلت الكثير من البرامج؟ الإجابة هي نعم. يعتقد العلماء أن هذه الخلايا العصبية المتقدة بشكل مفرط يمكن أن تكون السبب وراء حالات مثل الصرع، الفصام والتوحد. أما العنصر الموازن الذي يمنع حدوث ذلك فهو مضادات الذكريات.

فكر بها وكأنها إعادة تجزئة للذاكرة العشوائية (رام) للذاكرة. مضادات الذكريات هي خلايا عصبية تخفض النشاط الكهربي الذي يولده خلق الذاكرة. تعمل مضادات الذكريات مع الذكريات لمنع الدماغ من التعرض لطاقة زائدة. لا تؤثر على الذكريات؛ بل تُسكت فقط العملية التي تشغلها ليتمكن دماغك من القيام بأمور أخرى.

عندما تشكل ذكرى، يجمعها دماغك من أجزاء مختلفة من المخ، ليعيد بناءها في كل مرة من الصفر. هناك ثلاث خطوات لبناء ذكرى – تشفيرها (إيداعها عن قصد في الذاكرة)، تعزيز تماسكها (تعمل أجزاء مختلفة من الدماغ كغراءٍ يعزز تماسك الذكرى)، واسترجاعها (تذكر الذكرى). في كل مرة تسترجع فيها ذكرى، تزيد قدرة دماغك على تذكرها عبر تقوية المسار العصبي المؤدي إلى هذه الذكرى. يجعل ذلك الذكرى أقوى وأسهل على التذكر على المدى البعيد. إليك تمهيد سريع:

تعمل مضادات الذاكرة بنفس الطريقة، ولكن بالعكس. وضع العلماء طويلًا نظريات عن وجودها من نماذج ودراسات أجريت على الفئران. ولكن تمكن علماء الأعصاب بجامعة أوكسفورد أخيرًا من رصدها لدى البشر بهذه التجربة، التي نشرت نتائجها في مجلة «نيورون». وتوضح الكاتبة الرئيسية، هيلين بارون، العملية في بيان صحفي:

«لقياس هذه الروابط، أو الذكريات الترابطية، نستخدم أسلوبًا يسمى إيقاف التكرار، حيث يتسبب التعرض المتكرر لحافز – وهي الأشكال في هذه الحالة – في خفض النشاط في الجزء من المخ الذي يمثل الأشكال. عبر بحث هذه الآثار للإيقاف عبر حوافز مختلفة يمكننا استخدام هذا النهج لتحديد موقع تخزين هذه الذكريات».

تمكن الباحثون من القيام بهذا عبر ملاحظة النشاط الدماغي لدى المشاركين مع حفظهم للأشكال باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. بمرور الوقت، تدخلت الخلايا العصبية المضادة للذكريات وحجبت ذكريات الأشكال. «على مدار 24 ساعة، أصبحت ارتباطات الأشكال في الدماغ صامتة»، وفق بارون. الأمر المثير للاهتمام أنها لم تبدُ كذكريات إضافية؛ بل كغيابٍ لنشاط الدماغ. لكنها ليست كذلك – بل هي نشطة فقط بنفس المسار العصبي. تصور الأمر كأن شخصًا يتخذ نفس مسار خطواته بالعكس، هكذا:

via GIPHY

يتمنى الباحثون من توسيع نطاق البحث ليشمل العديد من الأطباء النفسيين لاستخدام النتائج في تشخيص وعلاج الأمراض العقلية

توضح بارون:

«ربما يرجع ذلك إلى إعادة التوازن إلى العقل أو قد يكون الأمر ببساطة أن الارتباطات تم نسيانها. في اليوم التالي، أجرى بعض المتطوعين اختباراتٍ إضافية للتأكيد على أن الإسكات كان نتيجةً لإعادة التوازن. إن كانت الذكريات حاضرة لكن تم إسكاتها بفعل نسخٍ مماثلة مثبطة، ظننا أنه يجب أن يكون ممكنًا أن نعيد التعبير عن الذكريات عبر إيقاف النشاط المثبط».

من أجل إعادة التعبير عن الذكريات، استخدم الباحثون التحفيز الكهربائي المباشر عبر المخ لتعريض أدمغة المتطوعين إلى تيار كهربي منخفض. عبر فعل ذلك، خفض الباحثون نشط الخلايا العصبية المضادة للذاكرة – وعادت ذكريات ارتباطات الأشكال.

«تتفق هذه النتيجة مع آلية الموازنة»، حسبما أضافت بارون، «تبدوالزيادة في الإثارة الظاهرة في التعلم وتشكيل الذاكرة، عندما تقوى الروابط المثيرة، متوازنة بفعل تعزيز الروابط المثبطة».

بينما كان حجم العينة لتلك الدراسة صغيرًا، لدى فريق البحث آمال كبيرة لنتائجهم. «لهذا النموذج احتمالية أن تتم ترجمته مباشرة لمصلحة المرضى، بما يشمل من يعانون من الفصام والتوحد»، حسبما أوضحت بارون، «نأمل أن هذا البحث يمكن الآن دفعه قدمًا بالتعاون مع أطباء نفسيين ومرضى لنتمكن من تطوير وتطبيق هذا الفهم الجديد على التشخص والعلاج للأمراض العقلية».