هل راودك يومًا ما حلم مفزع قمت على أثره من نومك؟ هل تكرر الحلم مرات عديدة أو تكررت الكوابيس المزعجة؟ قد تكون مصابًا باضطراب الكابوس أو تعاني من الكوابيس بسبب اضطراب ما بعد الصدمة الذي أصابك جراء حادث أليم شاهدته يومًا ما، ولكن الكوابيس لا تتوقف عند هذا الأمر، فقد تعني إصابتنا بأمراض نفسية عديدة في الوقت الحالي، أو إشارة لما نمر به من ضغط نفسي، وقد تشير إلى احتمال إصابتنا بالأمراض في المستقبل.

فماذا تعني الكوابيس التي نراها ليلًا؟ وما هي أسبابها؟ وكذلك هل هناك معنى نفسي للحلم الذي شاهدناه جميعًا وهو السقوط من أعلى؟

أسباب الكوابيس

لا ضرر من مشاهدة الفرد لحلم واحد مفزع على فترات متباعدة، ولكن المشكلة تكمن في تكرار الأحلام المفزعة التي نسميها بالكوابيس، حيث تسبب لنا مشاعر مختلفة من الغضب والحزن والخوف، وأحيانًا الرهبة من النوم مجددًا؛ بسبب الرعب من تكرار هذه الأحلام المزعجة.

تظهر الكوابيس في مرحلة حركة العين السريعة وهي مرحلة النوم العميق، وقد يكون تكرار الكوابيس أحيانًا دليلًا على إصابتنا بأمراض نفسية مثل:

قد نشاهد الأحلام المفزعة ليلًا لأسباب أخرى غير مرضية مثل:

  1. تناول أدوية منومة.
  2. مشاهدة أفلام مرعبة، أو قراءة كتب رعب، أو اللعب بألعاب الفيديو ليلًا.
  3. تناول أدوية محددة مثل: أدوية مضادة للاكتئاب، أو أدوية مهدئة.
  4. التعب أو المرض.
  5. المعاناة من أعراض الانسحاب من الكحول، أو إدمان المخدرات.
  6. تناول الطعام قبل النوم مباشرة.
  7. المعاناة من أعراض الانسحاب جراء تناول أدوية مهدئة أو منومة.

أما عن الأسباب المرضية لتكرار مشاهدة الكوابيس ليلًا فقد تعني إصابة الفرد ببعض الأمراض مثل:

  1. اضطراب الكابوس: حالة مرضية من اضطرابات النوم تسبب تكرار مشاهدة الأحلام المفزعة ليلًا.
  2. توقف التنفس خلال النوم: هي حالة مرضية وفيها ينقطع التنفس خلال فترة النوم.
  3. اضطراب ما بعد الصدمة: يعد من اضطرابات القلق، والذي ينشأ بعد التعرض لحادث نفسي أليم مثل: الاغتصاب، أو مشاهدة مقتل شخص عزيز.
  4. حالة الخدار: هي من اضطرابات النوم وتتميز بالنوم الشديد أثناء النهار، ويتبعه قيلولة سريعة أو نوبات نوم.

الفرق بين الكوابيس والذعر الليلي

تختلف الكوابيس عن السير في أثناء النوم وفيه يتجول الشخص وهو لا يزال نائمًا، وكذلك تختلف الكوابيس عن نوبات الذعر الليلي التي تعرف بالرعب في أثناء النوم.

يعاني الأطفال غالبًا من نوبات الذعر الليلي، وقد يعاني منها بعض البالغين أيضًا خاصة في فترات التوتر، وتتصف نوبات الذعر بما يلي:

  1. قد يميل الطفل للمشي في أثناء النوم أو التبول على السرير في أثناء نوبات الذعر الليلي.
  2. قد يستيقظ الطفل فجأة في حالة من الهلع والصراخ من الذعر الذي شاهده.
  3. يستيقظ الطفل وقد يركل، أو يتحرك بعنف، أو حتى يقفز من السرير.
  4. يعاني الطفل من التعرق وتسارع دقات القلب.
  5. لا يتذكر الطفل الأحداث في الصباح، وكذلك لا يتذكر أي شيء عند استيقاظه في الليل مع الصراخ.
  6. لا يدري الطفل مكان وجوده، أو ما الذي يحدث من حوله عند استيقاظه من نوبة الذعر الليلي.

اقرأ أيضًا: تعاني من اضطرابات النوم؟ تخلص من الضوء الأزرق

ماذا تعني كوابيس السقوط من أعلى؟

ربما واجهت أحد الأحلام الشهيرة مثل السقوط من أعلى بناية شاهقة، واستيقظت مفزوعًا من أثر هذا الحلم، وقد يشاهد الكثير من الناس هذا الحلم وغيرها من الأحلام التي تدل على أمور في حياتك ويختلف تفسيرها كثيرًا من شخص لآخر.

يرسل جسمك إشارة لك من خلال حلم السقوط من أعلى، والتي تعني أنك تحت ضغط هائل في الوقت الحالي، وقد يكون هذا الضغط في العمل أو في حياتك الأسرية، أو تدل على أنك تعاني القلق والصراعات في حياتك، وقد تعني أحيانًا الوقوع في الحب!

تعكس أحلام السقوط من أعلى مشاعر النقص لدى الفرد، أو الشعور بأن الحياة خارجة عن سيطرته، ويسهم أحيانًا التعامل مع أسباب التوتر في علاج ظهور هذه الكوابيس.

قد يحلم بعض الأشخاص بتساقط أسنانهم أو وجودهم عراة في الأماكن العامة، ويختلف سبب هذا الحلم كثيرًا بين الخوف من التحدث أو الحرج من الوجود في أماكن عامة أمام الناس، وكذلك قد يعني تساقط الأسنان القلق والتوتر لوجود تغيرات كبيرة في حياة الفرد.

ما علاقة الكوابيس والشلل الرعاش؟

أجريت دراسة مؤخرًا في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة على من يشاهدون الكوابيس ليلًا على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، ووجدوا أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون.

أجريت الدراسة على 3818 شخصًا تصل أعمارهم إلى 67 عامًا فأكثر، وقد أبلغوا عن تكرار الكوابيس وكانوا هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الشلل الرعاش حيث أصيب به 91 رجلًا منهم أي نسبة 2.4%، ولكننا ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لفهم تأثير الكوابيس على تحفيز الإصابة بمرض الشلل الرعاش.

يعاني المصابون بمرض باركنسون من مشاكل أخرى في النوم مثل:

  • صعوبة النوم.
  • صعوبة الاستمرار في النوم.
  • الركل، أو الصراخ، أو السقوط من السرير خلال الحلم.

تشخيص الكوابيس

كما تحدثنا سابقًا أن مراودة كابوس واحد على فترات متباعدة قد لا تمثل أمرًا مهمًّا على الصحة النفسية أو الجسدية، ولكن تكمن المشكلة في تكرار الحلم، خاصة إذا كانت الكوابيس تسبب خللًا في نمط نومك، وتؤثر على قدرتك على أداء مهام يومك سواء العملية أو المنزلية، لذا يجب الذهاب إلى الطبيب النفسي إذا تكرر الأمر كثيرًا خلال فترة زمنية ضئيلة، حيث تحتاج حينها إلى تشخيص حالتك.

لا يوجد اختبار محدد لتشخيص الكوابيس، ولكن يعتمد تشخيص اضطراب النوم على إجراء دراسة خلال النوم، وفيها يستخدم الطبيب أجهزة لمتابعة العلامات الوظيفية والحيوية لك خلال النوم ومنها:

  • معدل التنفس.
  • موجات المخ.
  • مستوى الأكسجين في الدم.
  • معدل ضربات القلب.
  • حركة الساقين.
  • حركات العين.
  • تشنج العضلات.

قد يجري الطبيب فحوصات أخرى إذا اعتقد أن سبب وجود الكوابيس هو معاناة المريض لاضطراب ما بعد الصدمة.

كيفية علاج اضطراب الكابوس

ينتج عن الإصابة باضطراب الكوابيس مضاعفات خطيرة تتطلب العلاج الفوري قبل حدوثها، فمن هذه المضاعفات ما يلي:

  1. وجود أفكار انتحارية لدى الفرد مع محاولات للانتحار.
  2. مشاكل في الحالة المزاجية مثل: الاكتئاب، أو القلق من الأحلام التي تستمر في مضايقته.
  3. زيادة النوم خلال فترة النهار مما يسبب صعوبات في حياة الفرد في العمل أو المدرسة مثل: التركيز، أو القدرة على القيادة، أو العمل على أداء المهام.
  4. رفض الذهاب للنوم خوفًا من عودة الكوابيس مرة أخرى.

لذا يجب اللجوء للطبيب النفسي لحل مشكلة تكرار الكوابيس المزعجة والتعرف إلى أسبابها النفسية الحقيقة لاقتلاعها من الجذور، وقد يصف الطبيب بعض الأدوية للعلاج مثل:

  1. دواء برازوسين، وهو دواء يعالج ضغط الدم، ولكن أثبتت الأبحاث أنه قد يساعد على علاج الكوابيس المتعلقة باضطراب ما بعد الصدمة.
  2. أدوية لعلاج اضطراب النوم، ولكن نادرًا ما يلجأ إليها الطبيب المعالج.

قد يصف الطبيب للمريض بعض الطرق لتقليل التوتر والقلق والمساعدة على الاسترخاء إذا كانت بعض الأمراض مثل: الاكتئاب، أو القلق، أو التوتر، والضغط النفسي سببًا في الإصابة بالكوابيس.

كيف أقلل نوبات الكوابيس؟

يحتاج من يعاني نوبات الكوابيس إلى تغيير نمط الحياة قليلًا من أجل تقليل مدى ظهور النوبات، وذلك من خلال ما يلي:

  1. تقليل كمية الكحول والكافيين التي يشربها الفرد.
  2. ممارسة التمارين الرياضية 3 مرات على الأقل أسبوعيًّا.
  3. ممارسة تمارين للمساعدة على الاسترخاء قبل الذهاب إلى النوم مثل: اليوجا والتأمل.
  4. تجنب تناول الأدوية المهدئة.
  5.  الحفاظ على نمط محددة للنوم من خلال الذهاب إلى السرير في ساعة محددة، والاستيقاظ كل يوم في نفس التوقيت كل صباح.

إذا كان طفلك من يعاني الكوابيس فحاول التحدث معه بشأن الأحلام المفزعة التي تراوده، ويجب عليك توضيح أنها مجرد أحلام لا تؤذي مع اتباع بعض العادات التالية التي قد تقلل من ظهور الكوابيس للطفل مثل:

  1. أعط طفلك دمية أو بطانية؛ لاحتضانها خلال النوم وقد توفر له الاطمئنان عندما ينام.
  2. اجعل لطفلك نمطًا محددًا للنوم من الاستيقاظ والنوم في ساعة محددة كل يوم.
  3. حاول أن تجعل طفلك يسترخي من خلال إجراء تمارين للتنفس.
  4. اجعل الطفل يكتب نهاية الكابوس الذي شاهده ويتحدث عن مواصفاته.
  5. استخدم ضوءًا خافتًا ليلًا لبث الأمان في نفس الطفل، وكذلك يمكنك ترك باب غرفة النوم مفتوحًا قليلًا خلال الليل.

اقرأ أيضًا: هل التدين يحمي من الأمراض النفسية؟

ختامًا، قد تراودنا جميعًا أحلام مفزعة لكن لا يعاني الجميع اضطرابات نفسية أو اضطرابات النوم، والأفضل لتشخيص أسباب ظهور الكوابيس المتكررة كوجود مرض نفسي من عدمه هو استشارة الطبيب النفسي المختص، وكذلك حاول تقليل التوتر الذي تعانيه في يومك من أجل نوم هادئ.