ليلة أمس كنت أشاهد مباراة ريال مدريد وبلد الوليد في الليجا الإسبانية. بلد الوليد يتقدم بهجمة مرتدة في غاية الخطورة، ينجح كاسيميرو في اللحاق بالمهاجم وإفساد الهجمة، بل والتحكم بالكرة بدلاً من تشتيتها. يبالغ المعلق «عصام الشوالي» كعادته ويصفه بأفضل لاعب رقم 6 في العالم.

يتساءل أحدهم: «لماذا يقول عليه اللاعب رقم 6 وهو يرتدي القميص رقم 14؟». تبدو منطقية السؤال واضحة تمامًا كما تبدو سطحية علاقة صديقنا هذا بكرة القدم.

لكنه بالرغم من ذلك أثار بداخلي تساؤلًا: «من الذي اخترع أرقام المراكز تلك في كرة القدم؟». كذلك سؤال آخر طرأ بداخلي: «من أول من اخترع فكرة ترقيم قمصان اللاعبين داخل الملعلب؟»

أصل الأرقام

يقول الكاتب الانجليزي جوناثان ويلسون في كتابه «الهرم المقلوب» إن أول مباراة تم توثيق رسمها التكتيكي في تاريخ كرة القدم كانت بين المنتخب الإنجليزي والمنتخب الأسكتلندي عام في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1872.

لم يكن هناك تسمية رقمية لمراكز اللاعبين في تلك المباراة. لماذا؟ لأن قمصان اللاعبين نفسها لم تكن مرقمة. والسبب الأهم أن المنتخبين قد لعبا بطريقة (1 – 2 – 7)، مدافع واحد أمام حارس المرمى، أمام لاعبين في وسط الملعب وسبعة لاعبين في خط الهجوم.

ظل الوضع كذلك حتى عام 1920، حين اقترح «هربرت شابمان» المدير الفني لفريق أرسنال الإنجليزي فكرة ترقيم قمصان اللاعبين. وبالفعل بدأ تطبيق الفكرة، لكن بدون أن يحتفظ اللاعب برقم قميصه. فمن يرتدي القميص رقم 8 هذه المباراة يمكن أن يرتدي الرقم 2 المباراة القادمة.

إذن كيف تحولت أرقام القمصان من مجرد أرقام عادية إلى مراكز، حتى أصبح هناك اللاعب رقم 6 واللاعب رقم 10 بل ووصل الأمر إلى اللاعب رقم 9.5 هذه الأيام؟

اللاعب رقم 9.5

بعد اقتراح هربرت شابمان واعتماد فكرة أرقام القمصان دوليًا، لم تكن المباريات تُنقل ببث تلفزيوني منتشر كما هو الحال الآن وكان الاعتماد الرئيسي على محطات الراديو.

كان الرسم التكتيكي المنتشر لكرة القدم في ذلك الوقت (2 – 3 – 5)، فكان يتم تقديم قوائم اللاعبين في المبارايات لفرق الاعداد بالراديو بهذا الشكل: (حارس المرمى رقم 1، والمدافعان أمامه رقمي 2 و 3 ، ولاعبو وسط الملعب أرقام 4 و 5 و 6، وخماسي خط الهجوم (7 و 8 و 9 و 10 و 11).

وبعد تطور كرة القدم واللعب ب 4 مدافعين عاد اللاعبان رقم (4 و 5) من منتصف الملعب إلى قلب الدفاع وظل اللاعب رقم 6 على الدائرة (وسط ملعب مدافع) وعاد بجانبه من خط الهجوم اللاعب رقم 8 (وسط ملعب مهاجم) وظل الباقون في أماكنهم حتى هذه اللحظة.

والآن عرفنا أصل ترقيم قمصان اللاعبين، وكذلك أصل تسمية مراكز الملعب بأرقام محددة. حان الآن الدور على التعرف على بعض الأرقام الغريبة التي اعتلت قمصان اللاعبين في الدوريات العالمية والسر وراءها.

الميلان الأشهر

تسمح أغلب الدوريات الأوروبية للاعبي الأندية بارتداء قمصان تبدأ أرقامها من 1 حتى 100، في حين تضع بعض الدوريات الأخرى قيودًا على الأمر، مثل الدوري الفرنسي الذي كان يسمح بالأرقام من 1 إلى 30 فقط، ورفعها مؤخرًا إلى 40.

الدوري الأوروبي الأبرز في هذا الصدد هو الكالشيو بكل تأكيد. وفي أغلب الظن أنك تفكر الآن في قميص رونالدو دي ليما (99) وقميص رونالدينهو جاوتشو (80) أثناء تواجدهما في الميلان الإيطالي.

ارتدى رونالدو القميص رقم 99 لأن القميص رقم 9 لم يكن متاحًا، وارتدى رونالدينهو القميص رقم 80 لأنه وُلد عام 1980. كذلك أندري شيفتشينكو ( 76 ) والحارس دوناروما (99) كل منهما اختار عام ميلاده رقمًا لقميصه.

لم تتوقف غرابة الكالشيو عند هذا الحد، لأن هناك المهاجم التشيلي إيفان زامورانو الذي ارتدى القميص رقم
(1+8) في الكالشيو!

بمبجرد وصول روبيرتو باجيو إلى إنترميلانو تنازل له الظاهرة البرازيلية رونالدو عن القميص رقم 10، فتنازل زامورانو بالتبعية عن القميص رقم 9 لرونالدو، لكن زامورانو لجأ إلى تلك الحيلة الغريبة لمعالجة الأمر.

وإن كنت ترى أن الكالشيو هو الدوري الأغرب في تلك الظاهرة، فقد يتغير رأيك تمامًا حين تعرف الوضع في المكسيك.

المكسيك: لا أحد يشبه الآخر

يقول تقرير نشرته وكالة «Oh my goal» الأمريكية، إن الوضع في الدوري المكسيكي أكثر غرابة. فالاتحاد المكسيكي لكرة القدم لا يسمح بتكرار أي رقم قميص في جميع فرق كرة القدم بمراحلها العمرية المختلفة للنادي الواحد.

كمثال بسيط، إذا ارتدى أي مهاجم في الفريق الأول القميص رقم 9 فلا يصح لأي لاعب في فرق الشباب أو الناشئين بالنادي ارتداء الرقم 9 مرة أخرى؛ لذلك يعتاد الجمهور المكسيكي على رؤية قمصان ذات 3 خانات في الدوري.

لذا لا يمثل القميص رقم (400) في المكسيك أزمة، ولن يصنع القميص رقم (121) أي تساؤلات، وقميص رونالدو رقم (99) الذي أثار استغرابك لأيام، لم يمثل شيئًا غريبًا لأي مواطن مكسيكي.