المكان: صالة حسن مصطفى بمدينة 6 أكتوبر.

الزمان: 31 مارس 2022.

الحدث: مباراة الديربي في دوري كرة اليد للمحترفين.

كعادة تلك المباريات من ديربي القاهرة لكرة اليد، يدخل ناديا الأهلي والزمالك مباراتهم، من أجل تعزيز موقع في الصدارة، أو حسم لقب دوري أو كأس، أو حتى لقب قاري، فالمنافسة باتت محصورة بينهما في السنوات الأخيرة.

من دون مقدمات، يدخل الفارس الأبيض المباراة متصدرًا للدوري برصيد 16 نقطة، فيما يأتي الشياطين الحمر ثانيًا بـ 14.5 نقطة، وبالتالي يحتاج الأول للتعادل أو الفوز من أجل حسم لقب الدوري المحلي هذا الموسم.

إذا كنت من أولئك غير المتابعين الجيدين لكرة اليد في مصر مؤخرًا، فإن تلك المعطيات تشير بلا شك إلى مباراة شديدة التنافسية بين الفريقين، ولكن ذلك لم يحدث، إذا تسيد الزمالك المباراة منذ بدايتها، واستطاع إنهاءها بـ29 مقابل 20 هدفًا.

عقدة مكررة

اللافت في تلك النتيجة أنها لا تعكس تفوقًا لحظيًا للزمالك على الأهلي، بل إن الأمر بات بالعقدة المكررة، إذ توج أبناء ميت عقبة باللقب الرابع على التوالي في الدوري، والـ19 تاريخيًا، فيما كان اللقب الأخير للمارد الأحمر في عام 2018.

وبالنظر إلى الأرقام القارية أيضًا، سيظهر التفوق الواضح للزمالك أفريقيًا، إذا أحرز لقب دوري أبطال أفريقيا 12 مرة كأكثر الأندية تتويجًا بها، وكأس أفريقيا لأبطال الكؤوس 5 مرات، والسوبر الأفريقي 5 مرات، إلى جانب 5 مشاركات في كأس العالم للأندية.

منذ فوز الأهلي بدوري 2018، لعب الفريقان 12 مباراة فاز الزمالك في 8 وتعادلا في 2 وفاز الأهلي في 2، خسر الفارس الأبيض خلال تلك الفترة لقب كأس مصر فقط أمام الأهلي، فيما توج بـ4 دوريات محلية وبطولتي للسوبر الأفريقي، وبطولة لدوري أبطال أفريقيا للأندية أبطال الدوري.
موقع مصراوي

تلك الأرقام المذكورة سلفًا، ستطرح بدورها سؤالًا منطقيًا الآن، لماذا تتفوق يد الزمالك على نظيرتها في الأهلي بهذا الشكل؟ رغم أن نتائج باقي الألعاب لا تشير إلى هذا التفوق الواضح، بل يصب أحيانًا في صالح المارد الأحمر.

الجيل الذهبي

يقول الصحفي الرياضي، محمد مندور، إن تفوق الزمالك على الأهلي ليس وليد السنوات الماضية فقط، ولكن ارتبط بظهور الجيل الذهبي للفريق، بقيادة الناشئين أحمد الأحمر وحسن يسري.

وأضاف مندور في حديثه لـ«إضاءات»: «استغل الزمالك ظهور الثنائي بشكل جيد، واستطاع بناء فريق قوي، بالتزامن مع دعم الفريق بعناصر من أندية مختلفة منذ ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى حفاظ الفريق على شكله حتى الآن».

واتفق حسام زايد، الصحفي بجريدة «الشروق»، مع حديثه مندور، إذا أكد أن الزمالك يتمتع حاليًا بخليط بين عناصر الخبرة والشباب أيضًا، والتي جلبهم النادي خلال السنوات الماضية، على عكس الأهلي التي لم يتمتع بميزة تواصل الأجيال باستثناء إبراهيم المصري وإسلام حسن فقط.

مع مرور السنوات أصبح نادي الزمالك هو منتخب مصر، وهو الأمر الذي أكسب اللاعبين ميزة نفسية، فالفوز على الأهلي لا يتطلب بالضرورة أن يكونوا في أحسن حالاتهم، كما هو الحال بالنسبة للأهلي في كرة القدم.
دينا نبيل، صحفية بموقع «كورة بلس» لـ«إضاءات»

الإخفاق الكروي

أما علاء علي، الصحفي المهتم بالألعاب الأخرى، فرأى أن كرة اليد بالنسبة لنادي الزمالك هي اللعبة الأولى، والتي تعد بديلًا لإخفاق كرة القدم، على مدار سنوات طويلة، حافظ الفريق خلالها على الفوز المستمر بالبطولات.

وأضاف في حواره لـ«إضاءات»: «لذلك أي مجلس إدارة يتولى مسؤولية النادي، عادة ما يتركز اهتمامه بشكل كبير على ملف كرة اليد، وإبرام التعاقدات ذات المستوى العالٍ، من أجل إرضاء طموحات الجماهير البيضاء في استمرار نجاح الفريق».

هناك دائمًا جانب آخر من الإخفاق الكروي، حيث ينصب اهتمام الجماهير؛ بحثًا عن لحظات من الفخر والنوستالجيا، من خلال الفوز المتتالي بالألقاب، وهو ما حدث تمامًا مع نادي الزمالك خلال السنوات الماضية.
محمد مندور في حواره لـ«إضاءات»

وبرهن علي على تلك النظرية من خلال إقالة الفارس الأبيض لمدرب الفريق السابق حسين ذكي، رغم إحراز لقب الدوري، في الوقت الذي أبقت فيه إدارة الأهلي على طارق محروس مدربًا للفريق، رغم تراجع الأداء الملحوظ والفوز بلقب الكأس فقط.

ميزانية أكبر

بالعودة إلى محمد مندور، فإنه يرى أن السياسة المالية لكرة اليد في نادي الزمالك، لعبت دورًا حيويًا فيما تشهده من نتائج، خصوصًا عند الحديث عن لعبة، تكاد تكون لا تدر أي دخل على النادي.

وأوضح مندور: «لم يتأثر نادي الزمالك برحيل عدد من نجومه إلى الاحتراف الخارجي؛ لأن سياسة الشراء لديه استمرت على نفس المنوال، في الوقت الذي قيد فيه الأهلي ميزانية ألعاب الصالات لسنوات طويلة، ولم يقبل على دعمها إلا من خلال كرة السلة مؤخرًا بجلب إيهاب أمين وعمرو الجندي».

سياسة الشراء مختلفة تمامًا بين الأهلي والزمالك، فالعام الماضي، شهد جلب الزمالك لسيف الدرع ومحمد بسيوني «مودي»، إلى جانب عودة كريم هنداوي من مقدونيا، والتعاقد مع الإسباني أوليفر روى لقيادة الفريق، في الوقت الذي ذهب فيه الأهلي للتعاقد مع المدرب المصري طارق محروس.
علاء علي لـ«إضاءات»

الأمر ذاته، أكده أحمد مرتضى منصور، المتحدث باسم نادي الزمالك، والذي قال إن النادي لديه ميزانية كبيرة لألعاب الصالات، تقترب من ميزانية كرة القدم، مشيرًا في الوقت نفسه راتب لاعب كرة اليد أو السلة كبير، وقد يتخطى بعض اللاعبين في فريق كرة القدم.

العين الخبيرة

لا شك أن ما ذكرناه سلفًا، سيرجح كفة الزمالك أمام الأهلي، إذا وقع اللاعبون في الاختيار ما بين الناديين، وربما ظهر ذلك واضحًا، حين خرج اللاعب الشاب حسن قداح في مقطع فيديو، أثناء وجوده في كأس العالم للناشئين بمقدونيا، يبدي فيه رغبته الواضحة بالانضمام إلى ميت عقبة.

وبحسب حسام زايد، فإن الأمر نفسه تكرر في صفقتي الأخوين يحيى وسيف الدرع، واللذين كانا قريبين من الأهلي، إلا أن ضعف العرض المالي في صفقة يحيى، وعدد سنوات التعاقد في صفقة سيف حال بين إتمامها.

في السياق ذاته، يقول علاء علي:«إن الأهلي يفتقد حاليًا للعين الخبيرة في التعاقدات، بعكس الزمالك الذي لديه كوادر تدير هذا الملف باحترافية شديدة، وتستطيع ترشيح مواهب تُحدث الفارق بالفعل مع الفريق».

واختتم حديثه لـ«إضاءات»، قائلًا: «غياب تلك الكوادر في الأهلي، هو الذي أسهم في رحيل كريم هنداوي سابقًا من القلعة الحمراء، وانتقاله إلى الزمالك، وتسبب أيضًا في رحيل عمر بكار، وغيرهم من اللاعبين الذين تألقوا رفقة الفارس الأبيض بعد ذلك».

ختامًا، فإن التفوق الكاسح لفريق اليد بنادي الزمالك على غريمه الأهلي خلال السنوات الماضية، لم يكن وليد الصدفة، ومع ذلك فإن استمراره لسنوات مقبلة يبقى مرهونًا بقرارات المسؤولين ليس في ميت عقبة فقط، وإنما أيضًا داخل أروقة الأهلي بالجزيرة.