لم تكن إيران وحدها المسئولة عن تغذية فكرة الصراع السني الشيعي إذ حرص قادة المملكة العربية السعودية على إبراز المملكة باعتبارها حامية حمى الإسلام السني في العالم هذا التوجه عزز من طائفيات كثيرة داخل دول الخليج وعلى مستوى العلاقات بين دول المنطقة العربية وعلى مستوى تعاملات هذه الدول مع غيرها من القوى الإقليمية.

وفي إطار الثورة السورية حرص الكثيرون وليس النظام السوري وحده على تصوير الصراع باعتباره صراعا بين النظام العلوي الشيعي وبين بقية مكونات المجتمع السوري ومن ثم، فرغم أهميته في تحليل التطورات في اليمن إلا أن مدخل الصراع السني الشيعي يغفل الكثير من الحقائق حول النفوذ الإيراني في الخليج ككل وفي بعض دوله خاصة، والآن يبدو أن تسويغ هذه المقولة في اليمن دون إدراك لطبيعة العلاقات والمصالح بين إيران والأطراف اليمنية وهذا ما يتم التعرض له في النقاط التالية:

من هم الحوثيون ؟

تأسست الحركة الحوثية “أنصار الله” عام 1992 نتيجة ما يشعرون أنه تهميش وتمييز ضدهم من الحكومة اليمنية، تنتمي قيادة وأعضاء الحركة إلى المذهب الزيدي من الإسلام، نشب الصراع بين الحوثيين وعلي عبد الله صالح وأركان نظامه وهو جزء من صراع بسبب عدم الرضا المحلي عن سياسات النظام الداخلية والخارجية، والتقاء هذا الضيق مع الشعور باستهداف متعمد للمذهب الزيدي ورموزه وتاريخه في اليمن.

كانوا يعتبرون رأس حربة المعارضة الأكثر تهديداً لعلي عبد الله صالح قبل الثورة، تحولت المواجهات المتقطعة إلى صراع مستمر بينهم وبين علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر من 2004 وحتى 2011، واشتبكوا مع قوات سعودية عام 2009 في ما عرف بنزاع صعدة. معظم القتال كان متركزاً في صعدة ولكنه انتقل إلى مناطق أخرى في محافظة عمران ومحافظة الجوف ومحافظة صنعاء فشلت الحكومة في قمعهم عسكرياً لأسباب عديدة منها أسلوب إدارة الصراع نفسه وطبيعة نظام علي عبد الله صالح بحد ذاتها، وعدم معالجة الأسباب الرئيسية التي أدت لظهورهم.

قائد الحركة حالياً هو عبد الملك الحوثي، الأخ الأصغر لمؤسس لـ”منتدى الشباب المؤمن” حسين بدر الدين الحوثي، وهناك شكوك قوية حول علاقة الحركة بكل من الرئيس السابق على عبد الله صالح والجمهورية الإسلامية الإيرانية وخاصة منذ تحركاتهم في سبتمبر 2014.

طبيعة العلاقة بين إيران الحوثيين

تمتد علاقة إيران بالحوثيين إلى نهايات الحرب الإيرانية العراقية إذ خرجت اليمن والمملكة العربية السعودية في عام 1990 عن قرار الوقوف إلى جانب العراق بعد غزو صدام حسين للكويت، فاقتنصت طهران الفرصة لإقامة علاقات جيدة، وهو ما ظهر في العلاقات اليمنية الإيرانية في الفترة من 1990حتى 1994.

وبعد اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب أصبحت هذه العلاقات وثيقة إذ وقفت بعض دول الخليج مع الحراك الجنوبي، وكان بين أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية استقبال مزيد من الطلبة اليمنيين كان من بينهم والذين عادوا إلى اليمن متشبعين برسالة طهران الثورية المناهضة للغرب ومن بين هؤلاء الطلاب كان “حسين بدر الدين الحوثي” الذي قاد “الحركة الحوثية” حتى اعتقاله ووفاته في عام 2004، واستعار الصرخة الإيرانية وجعلها شعار جماعته: (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) كانت هذه الشعارات تلقى رواجا في الداخل العربي ككل في ظل انضواء الأنظمة العربية تحت محورين أجوفين هما محور الممانعة ومحور الاعتدال.

وخلال الفترة من عام 2004 إلى عام 2010، خاض الحوثيون ست حروب مع حكومة رئيس البلاد المدعوم من السعودية “علي عبد الله صالح” واتهمت دول الخليج – التي تزايد انزعاجها من نجم طهران الصاعد إقليميا – بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، طهران بإمداد الحوثيين بالدعم المادي، وقد أعرب محللون مستقلون عن شكوكهم بخصوص ذلك فلا يقوم دليل مادي قوي على أنهم يلعبون أي دور في اليمن، لكن كل لكنهم يستفيدون بشكل كبير من تطور الأوضاع في اليمن.

ولقد وقع اليمن في شرك الصراع الطائفي بين إيران والمملكة العربية السعودية، وفي عام 2009 امتدت الحرب بين نظام على عبد الله صالح والحوثيين لفترة وجيزة في اليمن لتغطي جزءً من الأراضي السعودية، واستمرت الرياض في دعم “صالح” خوفا من سعي طهران للإطاحة به وتنصيب نظام مرتبط بها.

وبينما كانت النظم العربية تتغنى بالاستقرار كان جيل الشباب في الوطن العربي ككل قد مل النظم المحافظة على هذا الاستقرار في القاع والتي كان النظام اليمني واحدا منها، وبينما وقفت دول الخليج وبالذات المحور السعودي الإماراتي البحريني الكويتي في وجه ثورات الربيع العربي رحبت طهران برحيل صالح في عام 2012، وبدأ المسؤلون الإيرانيون دعم الحوثيين خطابيا، ولكن الحجم الحقيقي لمشاركتهم كان غير واضح، فبينما وصفت قيادات إيرانية الربيع العربي بأنه ثورة إسلامية على غرار الثورة الإيرانية.

كان هناك خلل جوهري في المبادرة الخليجية التي كانت بمثابة إخماد مقبول للثورة اليمنية من أطراف كثر داخل اليمن وخارجه، وهي على الأقل تكريس للدور الخليجي في اليمن باعتبار على عبد الله صالح جزء لا يمكن للسعودية وحلفائها الاستغناء عنه بسهولة لذا كان الحرص على خروجه خروجا آمنا، كان ذلك بداية المأزق للثورة اليمنية وبداية لتعميق الأزمة بين المكونات اليمنية، كما بين السعودية والحوثيين، إذ نظر هؤلاء أن السعودية رغم وجود ثورة في اليمن إلا أنها لا تزال تخشى صعود الحوثيين باعتبارهم البديل المسلح الأقوى عقب سقوط نظام على عبد الله صالح ومن ثم حرصت على قدوم شخص مقرب منه ومن قلب نظامه ومن المؤسسة العسكرية اليمنية التي كانت تقاتل الحوثيين مع المملكة العربية السعودية في 2008.

وهذه العلاقة تقوم على مصالح مشتركة إذ تبقى إيران مصدر الدعم المعنوي والتمويل الرئيسي بالسلاح للحركة الحوثية، ففي إطار الحروب المتكررة بين النظام السابق والحوثيين وما يبدو فيه موقفهم من عزلة محلية وإقليمية ودولية فإن السلاح الإيراني يصبح مطليا مهما للحوثيين في مقابل تأمين مصالح إيران في اليمن حال وصولهم للسلطة والتعامل معها في إطار المصالح المشتركة لا في إطار اعتبارها قوة إقليمية نفوذها يهدد الأمن القومي لليمن والمنطقة العربية كما تصدر ذلك دوما دول الخليج والنظم المتعاقبة على اليمن التي تعيش على مساعدات تلك الدول.

لماذا تتدخل إيران في اليمن ؟ وما هي أهدافها من هذا التدخل؟

يبدو من واقع التحليل للموقف الإيراني أن ثمة عمل إيراني متحسب لإمكانية أن تفقد نظام بشار الأسد نتيجة لتوافق سعودي تركي أمريكي قطري حول العمل على إسقاطه بالتزامن مع الحرب الدولية على تنظيم داعش حيث الاتفاق على تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة على أراضي السعودية وتركيا وقطر، ومن هنا يمكن تفسير النشاط المكثف لإيران في الحرب ضد داعش في العراق بدعمها لقوات الحشد الشعبي التي تلعب الدور الأكبر في إخراج داعش من تكريت وبعض القرى والبلدات على أطراف الموصل، لكي تقدم نفسها للولايات المتحدة كبديل يمكن للولايات المتحدة أن تثق به في الحرب على داعش أكثر من السعودية ولذا لا غرابة في تغير الموقف الأمريكي من إشراك إيران في الحرب ضد داعش مع الإبقاء على القلق الأمريكي من تزايد النفوذ الإيراني في الخليج برمته.

وفي ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران ومع دعم دول الخليج لانفصال الجنوب في الحرب بين الشمال والجنوب كان طبيعيا أن تتوسع العلاقات بين نظامين يكابدان ظروفا متشابهة من العزلة الإقليمية، ولذا كان التقارب الرسمي بين اليمن وإيران، وبعيد الثورة تكررت عمليات إيقاف النظام اليمني لسفن تحمل أسلحة إيرانية على مقربة من السواحل اليمنية، بخلاف ما وصل شواطيء الموانيء التي سيطر عليها الحوثيون وبالذات ميناء الحديدة الذي وصلت إليه مئات الأطنان من الأسلحة الإيراينة منذ سيطرة الحوثيين عليه ذكرت هذا قناة العربية في تقرير لها في العشرين من مارس 2015، كما تكررت عملية إيقاف شبكات استخباراتية إيرانية وشبكات تجسس لصالح إيران على الأراضي اليمنية.

وتسعى إيران من خلال توسيع نفوذها في المنطقة عقب سقوط نظام صدام حسين إلى إيجاد وسائل ضغط على القوى الدولية يمكن استغلالها في التفاوض على ملفها النووي وهو ما يفسر ربطها لأي اتفاق نووي بنفوذها السياسي إن في منطقة الخليج أو على المستوى الدولي فيما تسعى القوى الدولية لفصل الملف النووي الإيراني عن أية ملفات أخرى لما تدركه هذه القوى من امتلاك إيران لمفاتيح الحل في أكثر من قضية في الشرق الأوسط.

تأثير تدخل إيران في اليمن علي السعودية

يمكن ملاحظة أن التدخل الإيراني له تداعيات سلبية على اليمن ودول المنطقة برمتها أولها زيادة وتيرة الصراع، والشواهد على ذلك كثيرة، فالأسلحة الحديثة التي تملكها حركة أنصار الله الحوثية، وبكميات كبيرة، مصدر بعضها إيران ومصدر بعضها الآخر ما استولت عليه الحركة من اقتحام مقرات كتائب الجيش اليمني سواء التي استسلم فيها القادة بتعليمات من رئيسهم السابق على عبد الله صالح والقيادات التابعة له أو الكتائب التي دخلوها بالقوة في مناطق أخرى، وقدرة الجماعة على استخدام هذه الأسلحة بكفاءة عالية، زاد من قدرتها على تقويض سلطة الدولة، قد فرضت واقعا جديدا على الأرض مكن لهذه الجماعة من السيطرة على مؤسسات الدولة تحت تهديد السلاح في أقل من ستة أشهر منذ قيام الحوثيين بتظاهراتهم المسلحة في مدنهم واستيلائهم على بعض المدن الأخرى.

التحركات الإيرانية في اليمن وبالذات مع اتخاذها الشكل المباشر ممثلا في إفراغ طائرات مساعدات إنسانية في المطارات التابعة لمدن يسيطر عليها الحوثيون، كما أن توسعهم في السيطرة على مدن كالحديدة ثانية أكبر المدن اليمنية سكانا بعد تعز وإبرامهم اتفاقا مع إيران على فتحه أمام الملاحة الدولية يعد بمثابة تهديد جدي لمصالح السعودية إذ بذلك يصبح لديهم ولدى إيران منفذا على البحر الأحمر.

ورغم التأكيدات المصرية والسعودية على تحسن العلاقات بين البلدين عقب تردد مقولات بأن العلاقات ساءت عقب وفاة الملك عبد الله وإبعاد الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز للجناح الذي كان أساس قوة العلاقات المصرية السعودية داخل مجلس الوزراء السعودي، إلا أن ثمة اختلاف كبير في وجهات النظر حول المسألتين السورية واليمنية ولعل استقبال مصر لقيادات حوثية وإرسال الحوثي لإشارات واضحة بعدم ممانعته إقامة علاقات قوية مع مصر في الوقت الذي زار فيه الرئيس المصري الرياض يوجه رسالة مزدوجة مفادها أن مصر مالم يتم دعمها خليجيا فسوف تتجه نحو إيران، وهو ما يعني إمكانية فقدان الرياض لورقة الضغط المتمثلة بتعاون وثيق مع مصر لحفظ الأمن القومي العربي من أية تهديدات قادمة من إيران.

يعزز هذا ضعف وهشاشة الوضع الداخلي المصري وعدم احتماله تكاليف حروب مع قوى إقليمية خارج حدوده مع تأكيده المستمر أن أمن الخليج خط أحمر، وهي تصريحات محل شك خصوصا في ظل التلاسن الإعلامي المتنامي بين مصر والسعودية عقب توجه الملك سالمان نحو تعزيز العلاقات مع كلا من تركيا وقطر، وقصور إدراك النظام المصري لمثل هذه الترتيبات باعتبار أن أي تحسن لعلاقات السعودية مع تلك الدول يعني خصما من علاقة السعودية بمصر.

وكذلك قيام العديد من الوفود من الحوثيين بزيارة إيران مؤخرا وقيامهم بتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع الجانب الإيراني وتصريحات صالح الصماد رئيس المجلس السياسي لحركة أنصار الله في زيارة رسمية بأن هذه الزيارة تأتى فى إطار ترجمة ما جاء فى خطاب عبد الملك الحوثي الذي تحدث عن إمكانية فتح آفاق جديدة للعلاقات مع الدول التي تحترم إرادة الشعب اليمنى وسيادة أراضيه، وقال إن العلاقات بين اليمن وإيران كانت أخوية وإيجابية لكن ارتماء الحكومات السابقة في أحضان بعض الدول أدى إلى التأثير سلبا على العلاقات مع إيران، وذلك في إشارة صريحة للسعودية وبقية دول الخليج.

تأثير التدخل في اليمن علي إيران

في الوقت الذي تعاني فيه إيران من جراء أزمة انخفاض أسعار النفط فإن السعودية تعاني أكبر من هذا لأن اعتماد السعودية على النفط يفوق بكثير الاعتماد الإيراني عليه كما أن معظم صادرات إيران هي من الغاز الطبيعي الذي لم تتراجع أسعاره بشكل كبير، ومن ثم يمكن تفسير تعهدات إيران بتوفير النفط لليمن لمدة عام إذ تسعى لتثبيت مقولة إمكانية قيام الحوثيين بشئون السلطة في اليمن من دون الوقوع فريسة لابتزازات دول الخليج فيما يتعلق بإمدادت النفط، لكن يبقى أيضا أن إيران باقتصادها الحالي لا تقو على دعم مستمر بهذا الحجم وهذه الكثافة للحوثيين.

ومن ثم يمكن القول أن غاية الدعم الإيراني للحوثيين هو على الأقل تحسين موقفهم في أية مفاوضات يزمع انعقادها مع بقية القوى السياسية والقبلية اليمنية، خاصة مع وقوف المجتمع الدولي برمته مع سيناريو الحوار وعدم الاعتراف بالإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثي في السابع من فبراير 2015، ودعم القوى الكبرى للخطوات الخليجية.

إلا أن ثمة مستوى آخر من التفكير وهو أن بعض دول الخليج لا تريد دولة عربية موحدة قوية بحجم سكان اليمن على حدودها وهذه الدول ربما مع تعمق الصراع في اليمن وتعقده تدفع باتجاه دعم انفصال الجنوب تحت رئاسة عبد ربه منصور هادي الذي فر إلى عدن في ظروف غامضة في 21 فبراير 2015 ، وهذا يعني ضمنا بقاء الشمال تحت سيطرة الحوثيين، وهو سيناريو يصب في مصلحة إيران على المدى المتوسط والبعيد إذ سوف تجد دولة الشمال نفسها منعزلة ويسيطر عليها الحوثيين ولو نظريا ومن ثم سيتجهون لدعم علاقتهم بطهران أكثر من أي وقت مضي وتصبح مهمة إيران هي إثبات نجاح هذه الدولة سواء في مواجهة الأزمات اليومية للمواطنين أو مواجهة القاعدة أو حتى الدخول في حرب مع جنوب منهك سوف يشكل جيشه من جديد أو يستدعي بعض الوحدات التابعة له من الشمال وهو ما يعني تعريضها للخطر.

ولعل قيام حركة أنصار الله بمناورة “الفجر الجديد اليمنية” العسكرية بمحافظة صعدة على الحدود السعودية في الثاني عشر من مارس الجاري تصب في اتجاه إيصال عدة رسائل للسعودية ودول الخليج أن الحوثيون لا يخشون حربا ضدهم تدعمها السعودية وأن الموقف في اليمن يختلف عنه في البحرين ولن تفلح معه تدخلات عسكرية إن جماعية في إطار قوات درع الجزيرة أو فردية في إطار الدعم السعودي اللامتناهي للرئيس عبد ربه منصور هادي.

ومع تقديم إيران لنموذج قوي لدعم قوات الحشد الشعبي العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارا ب “داعش”، ويكفي تصريحات الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المسئول عن العمليات العسكرية في سوريا والعراق ضد تنظيم داعش بأن “القوى الإمبريالية والصهيونية اعترفت بالهزيمة على يد الجمهورية الإيرانية والمقاومة” وتصريح الجنرال محمد علي جعفري، وهو أحد كبار قادة الحرس الثوري “إن الثورة الإيرانية تتقدم بسرعة جيدة، ومثالها الأكبر كما هو دائمًا تصدير الثورة” وأن “ليس فقط فلسطين ولبنان تعترفان بالدور المؤثر للجمهورية الإيرانية، بل أهل العراق وسوريا يعترفون بفضل الأمة الإيرانية”.

هذا الدعم يعطي إيران حجية قوية لاعتراف المجتمع الدولي بدورها في الشرق الأوسط باعتبارها قوة لمكافحة الإرهاب ويجعلها بديلا عن السعودية التي تصدر أكبر عدد من المقاتلين في صفوف داعش من خارج العراق وسوريا وفقا لبعض التقديرات، كل هذا يخصم من الأهمية الإستراتيجية للسعودية.

كما أن هذه التدخلات الإيرانية قد تجلب تدخلا عسكريا عربيا جماعيا تبدو بوادره في دعوة الرئيس اليمني لتدخل عسكري عربي وسرعة استجابة دول الخليج ومصر وأطراف إقليمية أخرى لهذا الطلب بما يعرف بعملية “عاصفة الحزم” والتي حال نجاحها قد تهدد كافة المصالح الإيرانية في اليمن وقد تمتد آثارها لمصالحها في بعض دول الخليج الأخري.

خاتمة

يبدو أن صراعا سنيا شيعيا كان كامنا منذ الاحتلال الأمريكي للعراق يتم تحريكه الآن من قبل أطراف إقليمية ومحلية فاعلة ويستبدل محور الممانعة والاعتدال الذي كان مستخدما لوصف مواقف الدول العربية والإقليمية بإسرائيل، بمحور سني شيعي، بدا ذلك واضحا في التدخلات والتدخلات المضادة من قبل كلا من السعودية وإيران في الربيع العربي لتطويعه لصالح كلا منهما.

وفي هذا الإطار تبقى الحركة الإسلامية وقوى الثورة ذاتها رهن ترتيبات هذا الصراع الذي تطور لمواجهات عسكرية مفتوحة تضيع فيها مقولات الثورات لصالح مقولات الحرب على الإرهاب وحماية الأمن القومي ويخير فيها المواطنون في اليمن وغيره من دول الربيع العربي ما بين دعم أنظمة وقوى قمعية وطائفية تصل للسلطة بقوة السلاح أو دعم أنظمة منتخبة ضعيفة قد تكون متحالفة مع القاعدة وقوى أكثر يمينية لمواجهة أخطار تتهددها، وهي خيارات تقفز على مطالب التغيير والحرية والعدل والحق في العيش الكريم التي رفعتها ثورات الربيع العربي.

اقرأ المزيد

ما هي أهمية المنطقة العربية لأمريكا وكيف تعاملت معها؟ سي إن إن: لماذا تقصف السعودية اليمن؟ فيديو.. نتنياهو: إيران تسيطر على 4 عواصم عربية